احتضنت أول أمس، قاعة "سينماتك" العاصمة، العرض الأول للفيلم الروائي القصير "إِعدام" من تأليف وإخراج يوسف محساس، والذي يتناول قصة سكان قرية جزائرية صغيرة ومقاومتهم لاضطهادات وجرائم المستعمر الفرنسي، بحضور إطارات من وزارة الثقافة والفنون، والفريق التقني والفني للفيلم إضافة إلى جمهور غفير من محبي السينما. فيلم "إعدام" والمنتج في أطار الذكرى ال 60 للاستقلال عن طريق المركز الجزائري لتطوير السينما, استطاع في 26 دقيقة من الزمن، أن يترجم فنيا شجاعة سكان إحدى القرى الجزائرية ومقاومتهم لاضطهاد المستعمر الفرنسي الذي تجسد في شخص ضابط حاقد قرر أن يطبق قوانينه المعادية للإنسانية ضد الأسرى المجاهدين ويرهب السكان العزل. وفي قالب سردي تاريخي بسيط قدم يوسف محساس صورة مختصرة عن قرية صغيرة جميلة تطل على جبل ابيض تغطيه الثلوج, ومن خلالها انعكست بطولات الشعب الجزائري بأكمله الذي التحم ووحد الصفوف من أجل تحرير الوطن والدفاع عن شرف الأرض والسكان، في بيئة جبلية امازيغية زينتها المناظر الطبيعية وأهازيج النسوة وهن يحتفلن بالمولد النبوي الشريف وبأزياء وحلي تقليدية، افتتح المخرج أولى المشاهد قبل أن تتحول الصورة إلى تراجيديا حقيقية بعد أن قرر ضابط فرنسي (الممثل سيزار دومينيل) إطفاء شموع الفرحة والأمل وإدخالهم لعبة تنم عن نفسيته المريضة وذلك باستغلال 7 مجاهدين أسرى، ألقي القبض عليهم بعد محاولة الهجوم على معسكر فرنسي. و ينحدر المجاهدون من هذه القرية التي ستعيش سبعة أيام من الحزن إثر إعدام أبنائها يوميا في ساحة القرية، وتتصاعد وتيرة القلق في العمل, حيث يقرر السكان معاقبة الضابط وانقاذ ما تبقى من الأسرى, فتخطط "لويزة" ( الممثلة أميرة هيلدا دوادة) وهي زوجة مجاهد, لتضعه في نفس موقف المعدومين، حيث يحمل الفيلم تحية من المخرج لدور المرأة في الكفاح المسلح ضد المستعمر الغاشم. اجتمعت على هذا العمل السينمائي مجموعة من الوجوه الفنية المعروفة وأخرى جديدة على غرار الفنانة ليديا لعريني التي أظهرت قدرة على تقمص دور الأم المكلومة بتعابير وجهها و حضور مقنع أمام الكاميرا, وكذلك ظهر الممثل مراد ياكور في دور مساعد الضابط الفرنسي و رشيد حبيب في دور شيخ القرية إضافة إلى زين الدين أرحاب ورشيد بوسواليم وصليحة زهدة وكثير من الوجوه الثانوية من سكان قرية لجديد إواقوران بولاية البويرة حيث صور الفيلم. ويعتبر هذا العمل وقفة عند محطة هامة في تاريخ الجزائر الثوري, حيث قام الجيش الاستعماري بتدمير قرية إغزر إيواقورن القديمة يوم 6 ماي 1957 وترحيل سكانها بسبب دعمهم للثورة وتم جمعهم في محتشد كان يسمى ب"النجمة"، وأحالت بعض لقطات الفيلم الجديد إلى مشهد "العفيون والعصا" (1969) لأحمد راشدي, حيث يجتمع سكان القرية في الساحة المركزية بالقرب من مكتب الضابط ينتظرون مصير المجاهد "علي" أمام أعين زوجته وأمه الباكية وأصوات المكبرين والزغاريد وهي تقريبا نفس الأجواء التي استعادها محساس بالاستعانة بالقدرات التصويرية لمدير التصوير الشاب رامي سكندر علوي. وبالمناسبة أكد مخرج الفيلم وطاقمه الفني والتقني عقب العرض على أهمية منح الفرصة للشباب المبدع لتقديم أفلام حول الثورة الجزائرية وان برنامج الستينية سمح بذلك على أمل أن تتكرر العملية خارج إطار المناسباتية. للتذكير، فقد برمجت وزارة الثقافة والفنون عبر المركز الجزائري لتطوير السينما عرضها للجمهور بمختلف قاعات السينما في جميع ولايات الوطن، ويضم برنامج عروض أفلام الستينية إلى جانب فيلم "إعدام" ليوسف محساس و "زئير الظلام" لأحمد رياض، سلسلة من الأفلام القصيرة والوثائقية التي سيتابعها جمهور الفن السابع في قاعات السينما عبر مختلف ولايات الوطن على غرار فيلم "في أوذبان كان موعد مع الشهادة" للمخرج عبد الحميد أكتوف، فيلم الساقية للمخرج مهدي تاسبست، فيلم التحدي الكبير للمخرج وليد بوشباح، فيلم "جزائر إسمك مكتوب بدمي" إخراج رزيقة مقراني، وفيلم "همسات الفجر" للمخرج كمال رويني وذلك من خلال عروض شرفية في قاعة السينيماتيك بالجزائر العاصمة بالإضافة إلى عروض أخرى بالموازاة في مختلف ولايات الوطن حيث ستكون متبوعة بجلسات مناقشة بحضور مخرجي الأفلام و الفرق الفنية و التقنية المشاركة في العمل.