وزارة العدل : برنامج تكويني هام لفائدة القضاة والإطارات    برنامج عدل 3:تحميل الملفات عبر المنصة الرقمية غير مرتبط بأجل محدد    تجمع النقدي الآلي:قفزة في عمليات الدفع الرقمية بالجزائر    وزارة الصحة تذكر..ضرورة التقيد بالإجراءات المعمول بها في عمليات ختان الأطفال    عبر البوابة الجزائرية للحج وتطبيق "ركب الحجيج"..حجز تذكرة السفر إلى البقاع المقدسة ابتداء من اليوم    الملتقى ال 17 لسلسلة الدروس المحمدية بوهران : الشيخ عبد القادر الجيلاني أحد أشهر الأئمة الأقطاب    عين تموشنت: الصناعة الجزائرية للسيارات تسير في الطريق الصحيح    الربط الرقمي البيني محور اجتماع بين وزراء العدل والمالية والرقمنة    طاقة ومناجم: عرقاب في زيارة عمل إلى ولاية بشار غدا الاثنين    رئيس الجمهورية يكرم بالوسام الذهبي للاستحقاق الأولمبي والرياضي الإفريقي الممنوح لقادة الدول    تكوين مهني: العمل على توفير عروض تكوين تتلاءم مع احتياجات سوق العمل    منع الاحتلال المغربي وفدا حقوقيا دوليا من دخول العيون المحتلة انتهاك "سافر" و"صارخ" للقوانين الدولية    مجمع "صيدال" يطمح لرفع رقم أعماله إلى 35 مليار دج في 2025    الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": مولودية الجزائر تتعثر أمام اتحاد خنشلة (2-2) وتضيع فرصة تعميق الفارق    افتتاح ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري لإحياء عيد النصر    كاراتي دو/الرابطة العالمية: الجزائرية سيليا ويكان تحرز الميدالية الذهبية    المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات: الجزائر الجديدة المنتصرة وفية لالتزاماتها بتمكين النساء وترقية حقوقهن    رابطة علماء فلسطين تدين تصاعد انتهاكات الاحتلال الصهيوني في المسجد الأقصى وتدعو لنصرته    الإذاعة الثقافية تنظم ندوة فكرية بمناسبة الذكرى ال 63 لاغتيال الأديب مولود فرعون    التلفزيون الجزائري ينقل جمعة مسجد باريس    دعوة إلى تسهيل حياة ذوي الاحتياجات الخاصة    والي العاصمة يعاين أشغال إعادة تهيئة حديقة وادي السمار    لِرمضان بدون تبذير..    2025 سنة حاسمة للجزائر    غزّة جائعة!    بنو صهيون يقتلون الصحفيين    يوسف بلايلي.. العائد الكبير    تصريح مثير عن صلاح    الملالي: أحلم بالتتويج بلقب مع المنتخب الوطني    توتنهام الانجليزي يدخل سباق ضم ريان آيت نوري    وزير المجاهدين يشرف على إجتماع لمتابعة تحسين وتحديث آليات الإتصال الإداري    ملتزمون بدعم آليات التضامن والتكفّل بذوي الهمم    شؤون دينية: تحديد قيمة زكاة الفطر لهذا العام ب150دج    مديريات لتسيير الصادرات ومرافقة المتعاملين    أهمية إرساء قيم الاخلاق التجارية الاسلامية    مساع لإنصاف فئة ذوي الهمم    حجز 6 أطنان مواد استهلاكية فاسدة    إرساء صناعة حقيقية لمركبات "شيري" في الجزائر    تعزيز التعاون الجزائري التونسي في قطاع التضامن    استحداث 5 ثانويات جهوية للرياضيات    أرشيف لأول مرة على التلفزيون الجزائري    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    باريس تغرق في شبر من ماضيها الأسود    "التاس" تصدر قرارها النهائي غير القابل للطعن    الجوية الجزائرية تذكّر بالزامية اختيار رحلة الحج    وقفة إجلال أمام عزيمة ذوي الاحتياجات الخاصة    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد : الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من اغاني المالوف    حج 2025:اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    المسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    حج 2025: اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    "حماس" تدعو للتفاعل مع تقرير لجنة التحقيق المستقلة    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    حفظ الجوارح في الصوم    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألسبرغ وأسانج وفضائح إمبراطورية الشر
نشر في الحياة العربية يوم 30 - 06 - 2024

عندما توفي الأمريكي دانيال ألّسبرغ العام الماضي عن سن تناهز الثانية والتسعين، لم تأت الصحافة العربية على ذكر الخبر. أولا لأن الاسم غير معروف في البلاد العربية. وثانيا لأن صفحة النعي الثابتة ليست من تقاليد الصحافة العربية، بينما هي سنّة راسخة في الصحافة الغربية، حيث يوجد في جميع الصحف الكبرى محرر لصفحات النعي مكلف باستكتاب الصحافيين والكتاب العارفين بسير الشخصيات ذات التأثير في السياسة والفنون والعلوم والرياضة، الخ. وبما أن الاستكتاب يتم بينما لا تزال هذه الشخصيات على قيد الحياة، فإنه ما أن يعلن خبر وفاة إحداها حتى تجد من الغد في كل الصحف الكبرى مقالا يحتل نصف صفحة، وفي بعض الحالات صفحة كاملة، يزخر بالمعلومات الشيقة عن سيرة الراحل وأهم أحداث حياته وأبرز مآثره ومنجزاته. وإذا عاد من أراد إلى أرشيف إحدى الصحف العريقة ليقرأ مثلا ما نشرته غداة وفاة أيزنهاور أو عبد الناصر أو نهرو أو إيان فلمينغ أو تي. اس. أليوت أو فرويد أو همنغواي أو سارتر أو الأم تيريزا، فإنه سيتجلّى له بفضل الصحافة كيف أن السيرة، أو «حكاية العمر» كما يقول ميخائيل نعيمة، تهَبُ صنعة التأريخ دفقا ونضارة هما ثمرة الانغماس البحثي المنقّى بمصفاة ما يصح تسميته ب«التعاطف النقدي». والرأي عندي أن المرء لو اقتصر على قراءة ما نشرته بعض الصحف الكبرى من مقالات نعي منذ فجر القرن العشرين مثلا لَصيّره ذلك خبيرا بمعظم التاريخ المعاصر. وما بالقارئ من حاجة لأن يكون على مذهب توماس كارلايل أو عباس محمود العقاد حتى يدرك أن التاريخ إنما هو أينعُ وأنبضُ بروح الحياة عندما يُروى مختلجا بأنفاس السِّيَر والتراجم وقصص الأعمار والمصائر.
كان مصير موظف وزارة الدفاع دانيال ألسبرغ أن يسجل التاريخ أنه أكبر فاضح لأسرار الدولة الأمريكية في القرن العشرين بعدما سرّب إلى النيويورك تايمز عام 1971 سبعة آلاف صفحة من الوثائق التي عرفت ب«أوراق البنتاغون» وكشفت الأكاذيب والمغالطات التي ظلت الإدارات الأمريكية تروجها أثناء حربها على الفيتنام. وقد ساهم هذا التسريب في التعجيل بإنهاء تلك الحرب العدوانية التي كان لها في تشكيل الوعي السياسي الأمريكي العام، خصوصا عند جمهور الشباب والطلاب، دور تثويري مركزي لا شك أن الحرب الأمريكية-الإسرائيلية المستمرة على غزة تحتل الآن دورا يماثله، بل وقد يفوقه في مقبل الأعوام قوة وتأثيرا. أما الذي خلف ألسبرغ في فضح أسرار «إمبراطورية الشر» الأمريكية، بدءا بأكاذيبها وجرائمها في حربها العدوانية على العراق، فهو الأسترالي جوليان أسانج الذي نشر عام 2010، على موقعه «ويكيلكس» مئات آلاف الوثائق السرية الأمريكية. وقد اشتركت صحف كبرى، مثل الغارديان ولوموند والبايس والنيويورك تايمز، مع ويكيلكس في نشر ملفات حساسة عن جرائم الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان وعن ممارساتها في معتقل غوانتانامو. كما نشر ويكيليكس 250 ألفا من برقيات السفارات الأمريكية ومراسلاتها الدبلوماسية. واكتشف العرب في هذه البرقيات معلومات حساسة عن ثروات حكامهم وصفقاتهم وارتباطاتهم وعن رأي الأمريكيين فيهم وعن الملابسات التي حفت باندلاع بعض الثورات الشعبية العربية. وقد دشن ويكيلكس مسلسل الفضائح الأمريكية ببث شريط فيديو سري يوم 5 أبريل 2010 عن غارة أمريكية على بغداد خلفت عشرة قتلى من الأبرياء كان بينهم مصور لوكالة رويترز وسائقه. ولأن أمريكا وإسرائيل في جرائم الاحتلال سيّان، فها إن مؤسسة «فوربيدن ستوريز» قد نشرت قبل أيام بالتعاون مع 13 مؤسسة، بينها لوموند والغارديان ودير شبيغل، تحقيقا يثبت أن إسرائيل قتلت منذ 7 أكتوبر 108 صحافيا على أقل تقدير.
لقد كانت محنة أسانج عسيرة لأنه دفع ثمن تفانيه في تنوير الرأي العام بقضاء حوالي 14 سنة لاجئا في مبنى سفارة الأكوادور بلندن ثم حبيسا في سجن بلمارش. ولكن الفرج أتاه فجأة قبل أيام فعاد إلى بلاده سالما بأعجوبة. والمثير أن محنته بدأت بتدبير من السويديين الأباعد! أما الأمريكيون فلم يوجهوا إليه في الأعوام الأولى أي اتهام، إذ كان يشق على أوباما أن يظهر بمظهر من يقاضي النيويورك تايمز ويهدد حرية الصحافة. والأكيد أن الرجل ليس مجرد مشاغب فوضوي، كما يزعم أعداؤه، وإنما هو صحافي شجاع يصدر في مواقفه عن ثقافة راديكالية ومبدأ أخلاقي. والشواهد ماثلة في الحوار الفكري العميق الذي عقده مع الفيلسوف المعروف بيتر سينغر.
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.