تَدُورُ السنةُ دورتها، وَتمضِي الأَيامُ بسرعتها، ليحلَّ علينا من جديد، شهرُ اللهِ المحرَّمٍ، ويحلُّ معهُ ذكرى يومِ عاشوراء، يومٌ عظيمٌ مجيدٌ، من أيام اللهِ المباركة الخالدة، يومٌ أغرّ، ظهرَ فيه الحقُّ عزيزاً، وزهقَ الباطلُ ذليلاً.. يومٌ انتقمَ اللهُ فيه من الظالمين، وانتصرَ للمظلومين، إنه اليومُ الذي نجى اللهُ فيه موسى عليه السلامُ ومن معهُ من المؤمنين، وأهلكَ الطاغيةَ فرعونَ ومن معهُ من العتاة الظالمين.. وإنَّ في قصةِ موسى وفرعونَ لموعظةً وذكرى، ودروساً كُبرى، فلقد تكرَّر اسمُ مُوسى في كتابِ اللهِ تعالى أكثرَ من مائةٍ وثلاثين مرة، وتكرَّرت قِصتهُ أكثرَ من عشرينَ مرةً..كُلُّ ذلك ليستَلهِم مِنها المؤمنونَ العبرَ البليغة، والدُّروس القيمة، فهيَ قِصةٌ جمعت بين أحوالِ الطُغاةِ الظَلمةِ المفسِدِينَ، وبينَ أحوالِ المؤمنينَ الصالِحينَ المضطَهدِينَ، وبينت مآلَ كُلِّ طرفٍ من الطرفين، تأملوا: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص:4].. إنها قِصةٌ عظِيمةٌ، تحدَّثت عن الصراع بين الإيمانِ والكفرِ, وعن اليُسرِ بعد العُسرِ، وعن الظلم ونهايتهِ الوخيمة، وعن الصبر وعاقبتهِ الحميدة.. قِصةٌ مَليئةٌ بالفَوائِدِ والعِبرِ، والدروس والعِظاتِ والدُّررِ.. فمن فَوائِدِ هذه القِصةِ العَظِيمةِ: أنَّ آياتِ اللهِ تعالى في القُرآنِ، وآياتِه في الكونِ، وآياتِه في تَسيِّيرِ أمور الناس.. يَنبغِي للمُسلمِ أنَّ يتأملها وأن يتدبَّرها، وأنَّ يعتبِر ويتَّعِظَ بها، قال تعالى: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود:120].. وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون ﴾ [الأعراف:52].. ومِنْ أَقوى دُرُوسِ وفوائدِ هذه القصةِ العظيمة: تَحريمُ الظُّلْمِ بكلِّ صُورهِ وأشكالِهِ، وبيانِ شُؤمِهِ وسُوءِ عاقبتهِ ومآلِهِ.. ففي صحيح مُسلمٌ حديثٌ قدسيٌ مهيب، قال الله َتَعَالَى: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا).. ومن فوائدِ هذه القصةِ العظيمة: أنَّ الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئًا, هيأ لهُ أسبابًا عجيبةً لطيفة، مُقدماتُها لا تُوحي بنتائِجها.. فهذا فرعونُ قد تجبَّرَ وطَغى، وأفسد فساداً عظيماً وبَغى.. ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾[القصص:39]، وما زال في غيِّه يتمادا حتى قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات:24]، بل وأمرهم بعبادته قائلاً: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص:38]، كُلُّ هذا وربُنا العظيمُ الحليم يُملي له ويُمهِلُه، ويُهيئُ لهُ أسبابَ هلاكِهِ ويستدرجُه، في الحديثِ الصحيح: "إن الله ليُملي للظالم، حتى إذا أخذهُ لم يُفلتهُ"، وقد أملى اللهُ لهذا الطاغيةِ أربعينَ سنة، وزُيِّنَ لهُ سُوءُ عملهِ وصُدَّ عن السَّبِيلِ، حتى إذا وصلَ طُغيانهُ مداهُ، ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف:51]، جاءهُ بَأْسُ اللهُ الذي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ [النازعات:25].. أخذه اللهُ وجنودَهُ أَخْذًا وَبِيلًا شديداً، قال تعالى: ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ [الذاريات:40]، أغرقهُ اللهُ وجنودهُ في البحر وهو ما زالَ على كفره وظلمهِ مُقيم، وجعلهُ هو وجنودهُ عبرةً للعالمين، ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس:39]، وصدق الله: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [ابراهيم:42].. ومن فوائد هذه القِصةِ العظِيمة، أنها تُعلمُنا أن نتفاءلَ ونستبشر، وأنّ لا نيأسَ ولا نبأس، فما من ضيقٍ إلا ويعقبهُ فرج، وما من بلاءٍ إلا وبعدهُ عافية، وإنّ مع العُسر يسراً، إنَّ مع العسر يسراً.. تأمل قوله جلَّ وعلا: ﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف:110]، فمهما تمدَّدَ الباطلُ وانتفش، ومهما علا الطغيانُ وبطش، فالحقُّ أعلا وأقوى، والعاقبةُ دوماً للتقوى، قال جلّ وعلا: ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم:47].. وفي الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: (ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر).. وكم في التاريخ من دروسٍ وعِبر، والتاريخ يعيدُ نفسه، فحين ضاقت مكةُ بخير البشر صلى الله عليه وسلم، جعل اللهُ له في المدينةِ عزاً ونصرا.. ولما انقلبت قبائل العرب على أبي بكرٍ الصديق مرتدة، وظن الكثيرون أنَّ الإسلام انتهي، إذا به يعود ويتمددُ ليعمَّ الأرضَ كلها.. وعندما هجمَ التتارُ والمغولُ على أمّة الإسلام هجومهم الكاسح، وأبادوا حاضرتها وأغرقوا كتبها، وقتلوا مليونيَ مسلمٍ في بغداد وحدها، حتى قيل: لا قيامَ للإسلام بعدها.. أبادَ اللهُ المغولَ في معركة عين جالوت وأعادَ للأمة مجدها.. ولما جاء الصليبيون بجيوشهم الجرارة، وحملاتهم المسعورة، واحتلوا بلداناً كثيرة، بما فيها القدس وفلسطين.. وظلوا فيها عشرات السنين، وامتد زمان الهوان، حتى استيأس ضعيفُ الإيمان، فأعادَ الله القدس إلى أهلِها، ودحرَ الجيوش الصليبية بصلاح الدين وأذلها.. وحين سيطر الفاطميون الروافض على مصر وبغداد، ونشروا فيها الكفر والفساد، حتى كُتبت مسبةٌ الصحابة على المحاريب.. رحم الله الأمة بالسلاجقة السنة، فزالت الغمة، وعاد وجه السنة يضحك من جديد.. وحين جاءت جيوش الاستعمار لتجتاح بلاد الإسلام من شرقها إلى غربها، وغابت حضارة المسلمين، واستحكمت غربةُ الدّين، وطال ليل الظالمين، فعل الله بهم كما فعل بغيرهم، فكانوا كسحابٍ استدبرته الريح.. فلا يأس إذن ولا قنوط.. فكم لهذِه الأمّة من وثباتٍ بعد كبَوَات، وإفاقاتٍ بعد غَفَوات، ونهوضٍ بعد وقوع.. كيف لا وهي الأمّة المرحومةُ، الموعودة بالنصر والتمكين: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور:55].. فكم في طيات هذهِ القصةِ العظِيمِة من دروسٍ وعِبرٍ، لو وعتها الأمَّةُ واستلهَمتها الأجيالُ, لصلُحت بإذن اللهِ الأحوال.. فالقوةُ للهِ جميعاً، والعزةُ للهِ ولرسولهِ وللمؤمنين حقاً ويقيناً، والعاقبة للمتقين، ونصر الله قادمٌ ولو بعد حين، هذا وعدُ الله، وإنَّ الله لا يُخلفُ الميعاد: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة:21]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر:51].. وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف:21].. إن صورُ الظُلمِ كثيرةٌ ومُتنوعة، ولكثرتها قد يتساهلُ البعضُ فيها، وهي والله ليست كذلك، فاحذروا الظلم يا عباد الله، فشؤمهُ وبيلٌ، وعاقبتهُ في الدنيا والآخرةِ أليمةٌ وخيمةٌ، وكلُّ من ظَلَمَ غيرَهُ ثم لم يتب ولم يُصلِح، فواللهِ لنْ يفلِحَ.. كيفَ واللهُ عزّ وجلّ يقولُ: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام:21]، ويقول جلَّ وعلا: ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه:111]، ومن شؤم الظلم أنَّ هداية اللهِ تعالى أبعدَ ما تكونُ عن الظالم، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة:19]، وقد تكرّر هذا في عشرِ آياتٍ مختلفاتٍ من كتابِ اللهِ، كما أنَّ الآياتِ التي تُبينُ خطورةَ الظُلمِ وسُوءَ عاقِبتهِ كَثيرةٌ جداً، مِنها قولهُ تعالى: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود:18]، ﴿ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران:151]، ﴿ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود:44]، ﴿ وإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الشورى:21]، ﴿ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ ﴾ [الشورى:45]، ﴿ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [الحج:53]، ﴿ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ﴾ [الإسراء:82 ]، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [غافر:52]، ﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِين ﴾[يونس:39].. وغيرها من الآيات كثيرٌ.. وفي الحديث المُتَّفَقٌ عَلَيهِ قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حتَّى إذا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود:102]، فمصير الظلَمةِ أسود، وعاقبتُهم شنيعةٌ فضيعة، ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف:41]، ومن سنةِ اللهِ الثابتةِ أنه ينصُرَ المظلومِ، في الحديث القدسي: (وعزتي وجلالي لأنصرنَّكَ ولو بعد حين).. فلا تظلمنَّ إذا ما كنَّتَ مُقتدراً.. فالظلمُ آخِرهُ يُفضِي إلى النَّدمِ.. تنامُ عيناكَ والمظلومُ مُنتبِهٌ.. يدعو عليكَ وعينُ اللهُ لم تنمِ.. ألا فليتَذكَر كلُّ من ولَّاهُ اللهُ تعالى رعيةً أو حمَّلةُ مسئُوليةً، ليتذكر حديثَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "اللهمَّ من وليَ من أمرِ أُمتي شيئًا فرفِقَ بهم فارفق به، اللهمَّ من وليَ من أمرِ أُمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقُق عليه"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته..". ثم اعلموا أنه يستحبُ استحباباً شديداً صيامُ يومِ عاشوراء ويوماً قبلهُ أو بعدهُ، ففي صحيحِ مُسلمٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: صامَ يومَ عاشوراء، وأمرَ بصيامه، ولما قيلَ له يا رسول الله: إنه يومٌ تعظمهُ اليهود والنصارى، قال: (فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع).. فصوموا يا عباد الله يومَ عاشوراء, واعلموا أنَّ لهُ فضلاً عظيمًا, وأجراً كبيراً.. ففي الحديث الصحيحِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "صيامُ يومِ عاشوراءَ، إنِّي أحتَسِبُ على اللَّهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ الَّتي قبلَهُ".. فهي فرصةٌ عظيمةٌ من فُرصِ الخيرِ, فأحسنوا استغلالها.. ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ [الأنبياء:94].. و﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل:97].. ﴿ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر:40]..