فى عمارتنا الإسلامية عرف المصلون داخل المساجد عبر العصور "دكّة المبلغ"، وهي عبارة عن منصة يردد من فوقها "المُبَلغ" -بضم الميم وفتح الباء- تكبيرات الإمام الذى يؤم المصلين، وغيرها من الأدعية ليسمعها كل من في الجامع او المسجد. وقد صنعت هذه"الدكة" إما من الحجر أو الرخام أو الخشب. المتأمل فى الواقع "الغزاوي" المرير الدامي، يجد أن هذه "الدكّة "صارت اليوم موجودة فى أحياء ومخيمات ومدن غزة، شاهدة على مجازر "هولاكو" العصر وقواته يومياً، بحق أطفالنا ونسائنا وشيوخنا، غير أن الاختلاف بين دكّة اليوم عن دكّة الأمس، أن "المبلغ" عليها تم استبداله ب"العرب وإعلامهم" الذين راحوا يرددون وينقلون من فوقها أصداء المجازر، ومشاهد الدمار والخراب، وأصوات الثكالى والأرامل، وصيحات الأطفال الأيتام واستغاثاتهم، وأنين الضحايا من الشهداء والجرحى الذين قاربوا 130 ألفاً، وأكثر من عشرة آلاف مفقود منذ السابع من أكتوبر الماضي، بدعم أمريكي، عسكري، وسياسي مفضوحين !! نعم، الدور العربي تجاه مجازر وخراب غزة صار "مختزلاً" فى الجلوس على دكة المبلغ، فلا تحرك عربي فعّال، يليق بما في أيدى أنظمة العرب من أوراق ضغط على تل أبيب، وواشنطن، وبقية عواصم الغرب المنحازة لإسرائيل، لوقف غطرسة القوة الإسرائيلية، وجبروت آلة الحرب الأمريكية. نعم للأسف، وبكل مرارة، توزعت مواقف العرب حيال ما يعيشه الأشقاء فى غزة، من مآسٍ وقتل وتشريد وتدمير، ما بين غالبية غارقة حتى آذانها فى حالة "مخزية معينة" من الصمت والعجز، "تراقب وتتفرج وتنتظر النتيجة"، والبعض الآخر "يراهن" على أداء وصمود واستمرار المقاومة، وينتظر أن تلحق بها هزيمة – لا قدر الله!! استمرار جلوس العرب على "دكة المبلغ" فى غزة، أكبر هزيمة لهم، وشهادة وفاة لأنظمتهم. ياحكّام العرب، نريدكم "أئمة" للحق، تنتصر له، وتدافع عنه، وتوقف جرائم حكام تل أبيب وعدوانهم، لا مبلغين عنها، وعن ضحاياها..! الاختلاف بين دكّة اليوم عن دكّة الأمس، أن "المبلغ" عليها تم استبداله ب"العرب وإعلامهم" الذين راحوا يرددون وينقلون من فوقها أصداء المجازر، ومشاهد الدمار والخراب، وأصوات الثكالى والأرامل، وصيحات الأطفال الأيتام. القدس الفلسطينية