النيجر: انطلاق الحفل الرسمي لتنفيذ قرارات الجلسات الوطنية لإعادة التأسيس    الإذاعة الوطنية تنظم يوم الخميس الطبعة الثالثة من مبادرة "نحن أطفال الغد" لفائدة الأطفال المصابين بالسرطان    رخروخ يستقبل نوابا من المجلس الشعبي الوطني عن ولايتي تمنراست وعين قزام    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شوال السبت القادم    عرض الفيلم التاريخي "زيغود يوسف" بأوبرا الجزائر    الجزائر وتنزانيا: شراكة متينة تعزز أواصر الصداقة والتعاون    الجزائر-الموزمبيق (5-1)- وليد صادي : "فوز المنتخب الوطني هو رسالة واضحة للمشككين"    الجزائر وضعت استراتيجية شاملة واستباقية لمكافحة الجراد    الإنجاز من شأنه "تعزيز مجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي الوطني "    طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري    نعم، لاستراتيجية فعالة تحقق أهداف تطوير كرة القدم الوطنية    الجزائر تندد    الجزائر لن تخضع لأيّ محاولات ابتزاز    تبّون يتلقى رسالة من رئيسة تنزانيا    خطوة تعكس إرادة سياسية في الدفاع عن الذاكرة الوطنية    زروقي يستقبل شايب    هذا موعد معرض الجزائر    اجتماع بخصوص الجامعية للنقل    إشادة بالرؤية الجديدة تجاه قضايا الشباب في الجزائر    مولوجي تؤكّد ضرورة تحيين المناهج    ألنفط تؤهّل مازارين    مرّاد يشيد بجهود أجهزة الأمن    مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية..ملف الجزائر تحوّل إلى ورقة دعائية في فرنسا    جبهة أخرى ضمن معركة الأمن المائي    مرافقة إثيوبيا في استكشاف المحروقات وإنتاج الكهرباء    اللحمة الوطنية درع الجزائر    استشهاد 17 فلسطينيا خلال استهداف منازل وخيام لنازحين    تعزيز التمسك بقيم التآزر والتكافل الاجتماعي    أطماع المغرب في نهب ثروات الصحراء الغربية وراء إدامة احتلالها    قالمة..تكريم 6 فتيات حافظات للقرآن الكريم بعمرة للبقاع المقدسة    دعم الموقع بتجهيزات متطورة    مفاجأة مدوية حول إصابة أنيس حاج موسى    شوارع متلألئة وموائد شاي عبقها الفن والتسوق قبل حلول العيد    ماجر: وفاة مناد صدمتني وعلاقتي به كانت قوية    ترقية التعاون والشراكة مع بلجيكا في مجال الصحة    الروائع بكل تفاصيلها وسياقات إنتاجاتها    فرسان صغار للتنافس بمساجد قسنطينة    توتنهام يصّر على استقدام آيت نوري هذا الصيف    الدعاء في ليلة القدر    المعتمرون ملزمون بالإجراءات التنظيمية    الفاف تدعو العاملين في مجال كرة القدم الى ضرورة المساهمة في القضاء على الشغب بالملاعب    برايك يتباحث مع السفير السعودي حول سبل تكثيف الجهود المشتركة خدمة للحجاج والمعتمرين الجزائريين    كرة القدم: رئيس الاتحادية يدعو جميع الفاعلين للانخراط في مشروع تطوير كرة القدم الوطنية    وزير الصحة يناقش توسيع آفاق التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50144 شهيدا و 113704 اصابة    مؤسسة بريد الجزائر تصدر طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير    القرار يعكس التزام رئيس الجمهورية بوعوده تجاه الأسرة التربوية "    غزة تُباد..    فوزوا يا رجال.. لنقترب من المونديال    الوادي : تكريم 450 فائزا في مسابقة "براعم الذكر الحكيم"    بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق.. بلال بوطبة يتوج بالجائزة الوطنية الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي    احتقان في المغرب بين محاكمات الأساتذة وغضب النّقابات    كل مشاريع الرئيس تبون تخدم المواطن    تجارب الحياة وابتسامة لا يقهرها المرض    هؤلاء حرّم الله أجسادهم على النار    تنظيم موسم حج 2025:المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    حج 2025: المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطفاء حريق غزّة أو الانفجار الكبير
نشر في الحياة العربية يوم 17 - 08 - 2024

يقول مسؤولون إيرانيون بصيغ مختلفة إنّه ليست هناك علاقةٌ بين الردّ الإيراني المُنتظَر على دولة الاحتلال ومفاوضات وقف إطلاق النار على غزّة، ثمّ يعترفون، في تصريحات أخرى، بأنّ ثمّة علاقة بين الأمرين.
على الجانب الأميركي، عبّر الرئيس جو بايدن عن قناعته بأن التوصل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار يُقلّل مخاطر ردٍّ إيراني مُتوقَّع. ويسعى كلٌّ من المسؤولين في الجانبين من خلال ذلك إلى بثّ رسائلَ إلى الطرف الآخر، وإلى من يعنيهم الأمر، وهم كثر في دول المنطقة. ومن الثابت أّنّ بُؤرَة التوتّر قد ازدادت سخونةً منذ مطلع العام الجاري، وذلك مع جنوح حكومة بنيامين نتنياهو أكثرَ فأكثرَ إلى المُضيّ في حرب التطهير العرقي، وعرقلة أيّ جهودٍ للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وهو ما يُردّده سياسيون وعسكريون إسرائيليون في حقّ الرجل المُتعطّش لسفك الدماء. ولمّا كانت واشنطن تُعاقب نتنياهو بإرسال مزيدٍ من الأسلحة إليه، وبالتغطية السياسية الدبلوماسية على الفظائع التي يرتكبها كلّ يوم، فإن من الطبيعي خلال ذلك أن يمضي الرجل في ممارسة إرهاب الدولة جهاراً نهاراً، بل بطريقة استعراضية، فيما تمتنع واشنطن عن إدانته أو مطالبته بوقف استهداف المدنيين والمرافق المدنية، وهو ما أوصل الأمور إلى نقطة الحافَّة، فقد بنت واشنطن سياستها تجاه هذه الحرب على أنّ حملة الإبادة يمكن التعايش معها، بل وقبولها، أمّا توسّع هذه الحملة حرباً إقليميةً واسعةً فهنا يكمن الخطر، إذ قد تدخل أطرافٌ عدَّة في هذه الحرب، وقد تصبح القواعد الأميركية المُنتشرة في المنطقة في عين العاصفة. وبينما تحدّث مسؤولون عرب وغيرُهم إلى الإدارة الأميركية بأنّ أنجعَ وسيلةٍ لعدم تمدّد الحرب هي وقفها في غزّة، فقد ظلَّت واشنطن تتصرَّف على أنّ الأمرَ مُوكَلٌ إلى نتنياهو، وأنّها لا تملك كثيراً كي تفعله. وبهذه الطريقة الملتوية، ضمنت واشنطن استمرار الدوَّامة الدموية في مدار عشرة أشهر، لكنَّها لم تضمن هدوءاً في جبهة لبنان وفي البحر الأحمر وفي العراق، وتواصلت السياسة الخرقاء التي تعمل على محاولة إطفاء حرائقَ جانبيةٍ، مع السماح باستمرار الحريق الكبير في غزّة، مع تواتر تصريحات ضبابية عن ضرورة وقف إطلاق النار على غزّة. وسبق لبايدن قبل أسابيع أن دعا إلى وقف الحرب "الآن"، غيرَ أنّ تصريحاته تلك لم تزد عن زفرات في الهواء، إذ لم تقترن بأيّ إجراء للدفع نحو وقف الحرب فعلاً.
كان على واشنطن أن تتصرَّف بمزيد من الرصانة والشعور بالكرامة، كي تضع مقترحات بايدن ذات المراحل الثلاث موضع التنفيذ، وأن تتعاون مع الوسيطين المصري والقطري بضغوط كي تأخذ حكومة نتنياهو وحركة حماس المُقترَحات بجدّية، وهو ما فعلته الأخيرة، التي تعاطت بإيجابية مع المقترحات خلافاً لنتنياهو، الذي يتعمَّد المماطلة والمناورة وتشتيت الأنظار. وها هي المباحثات تتجدَّد في الدوحة، ومقياس نجاحها اعتبار مقترحات بايدن، وقرار مجلس الأمن 2735 الصادر في 10 يونيو/ حزيران الماضي، مرجعيتين لهذه المباحثات، لا أن يُخاضَ في مفاوضاتٍ جديدة، وأن تكون الدول الوسيطة الثلاث ضامنةً للاتفاق المُزمَع، وهو ما من شأنه نزع فتيل التوتّر وتبريد الأجواء الساخنة في المنطقة، وذلك مع تأكيد مسؤولين إيرانيين أنّهم يمنحون وقف إطلاق النار في غزّة الأولوية، بما يضع الحقّ في الردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنيّة، في ظرف جديد لا يمكن القفز عنه، وقد بات مسؤولون إيرانيون يتحدّثون أنّ نجاح مباحثات الدوحة سوف يُرجئ ردَّهم على تلّ أبيب. فقد نقلت وكالة رويترز عن ثلاثةٍ من كبار المسؤولين الإيرانيين قولهم إنّ السبيل الوحيد الذي يمكن أن يُرجئ رد إيران الفوري على إسرائيل بسبب اغتيال الشهيد هنيّة في أراضيها هو التوصّل في المحادثات المأمولة هذا الأسبوع إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة. وقال مصدرٌ، وهو مسؤول أمني كبير في إيران، إنّ بلاده وحلفاءَ لها مثل حزب الله سيشنّون هجوماً على الفور إذا فشلت محادثات غزّة أو إذا شعرت بأنّ إسرائيل تُماطل في المفاوضات.
والراهن أنّ الجميع يحبسون أنفاسهم خشية انفجار كبير، أو أن يتواصل التوحّش على غزّة، فيما الأنظار تتّجه في هذه الأثناء إلى واشنطن وطهران والدوحة، مع الإدراك أنّ هناك سباقاً مع الزمن، فإمّا أن يغرق الجميع في مستنقع دموي كما يُخطّط نتنياهو ووزراؤه المتطرّفون، أو أن تحسم واشنطن أمرها وتضع الطرفَين أمام مسؤولية احترام مقترحات بايدن وقرار مجلس الأمن بغير تسويف أو تلاعب، ومن دون إثارة مطالب إضافية، وبما يفتح الباب عقب توقيع الاتفاق لإجراء اتّصالات غير مباشرة مع طهران لتهدئة الوضع.
وعليه، من الواضح أن مفتاحَ حلّ المأزق الإقليمي بيد البيت الأبيض، وليس في مكان آخر. فما دام هناك تطيّر شديد من نشوب حرب إقليمية خلال آخر أشهر ولاية بايدن، وأن يتعرّض الوجود الأميركي في المنطقة لمخاطر داهمة، وأن تتجدَّد المظاهر الاحتجاجية في الجامعات، بما يُهدّد فرص كامالا هاريس في الفوز بالرئاسة، فإنّه لا مفرّ من المسارعة هذه المرّة إلى إطفاء حريق غزّة، ومغادرة السياسة الانتظارية السقيمة التي اتُّبعت منذ بداية هذا العام، وحسناً أنّ جولةً جديدةً للوزير أنتوني بلينكن في المنطقة ألغيتْ، إذ ليس مطلوباً المزيد من شراء الوقت، والدوران في الحلقة المفرغة، بل التقدّم بثبات نحو إقرار اتّفاق وقف إطلاق النار وتهدئة الأجواء الملتهبة، وبما يُمثّل تكفيراً أولياً عن خطيئة البيت الأبيض بإدامة الحرب المتوحّشة على أكثر من مليوني غزّي طيلة هذه الفترة السوداء.
وبما أنّ المسألةَ تتمثّل في سباق مع الزمن، فإنّ الخوضَ في هذا الشأن يخضع لضغط الوقت، فهذا المقال كتب مع بدء مباحثات الدوحة، وليس معلوماً أيّ نتائجَ سوف تنتهي إليها المباحثات السبت 17 أوت الجاري، فقد نقل مصدرٌ لبناني عن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين أنّ مباحثات الدوحة سوف تُجرى بصورةٍ مكثفةٍ وفي مدى يومين، بينما أشاع بلينكن أجواءَ من التفاؤل بأنّ هدف المباحثات إتمام الاتفاق، وليس أقلّ من ذلك، لكنّ خبرةَ جولات التفاوض السابقة تُملي الترُّيثَ والحذرَ.
العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.