من المرتقب أن تنطلق اليوم، جولة جديدة من المفاوضات بالعاصمة المصرية القاهرة، برعاية مصرية وقطرية لتهدئة الأوضاع المتفجرة في قطاع غزة، وابرام صفقة لتبادل الأسرى، على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار. يأتي الإعلان عن إطلاق هذه الجولة غداة تسليم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ردها على مقترح باريس، المصطلح على تسميته ب«اتفاق إطار" لوقف إطلاق النار، إلى كل من قطر ومصر اللتين تقودان الوساطة لإنهاء العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أشهر. قالت "حماس" في بيان لها مساء أول أمس، إن ردها جاء بعد التشاور القيادي في الحركة ومع فصائل المقاومة، مشيرة إلى أنها تعاملت مع المقترح الفرنسي ب«روح ايجابية"، بما يضمن وقف إطلاق النار الشامل والتام وإنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني، وبما يضمن الإغاثة والايواء والإعمار ورفع الحصار عن قطاع غزة وإنجاز عملية تبادل للأسرى. وبعد أن ثمّنت دور مصر وقطر وكافة الدول التي تسعى إلى وقف هذا العدوان الغاشم، جدّدت "حماس" موقفها المتوافق عليه مع كافة القوى والفصائل الفلسطينية، بالمضي قدما في الدفاع عن الشعب الفلسطيني على طريق انهاء الاحتلال وتمكينه من حقوقه الوطنية المشروعة في أرضه ومقدساته. وتضمن رد "حماس" الذي صاغته بعد المشاورات بين كافة الفصائل ومكوّنات الشعب الفلسطيني، تعديلات واضحة وصريحة على جداول زمنية وضمانات، تؤدي لوقف إطلاق النار وفق شروط محددة، تتمثل أساسا في الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من القطاع وعودة النازحين وحرية الحركة بين الشمال والجنوب وتوفير الإيواء العاجل للمواطنين وإعادة إعمار قطاع غزة، إضافة إلى السماح للجرحى بالسفر وتقديم العلاج لهم ورفع الحصار عن غزة. وأكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، محمد الهندي، في تصريحات صحافية أمس، أن الرد الذي سلمته "حماس" للوسطاء القطريين والمصريين، تم التوافق عليه بين فصائل المقاومة بعد التشاور بينها. وقال إن الرد في مجمله يحافظ على المبادئ العامة التي سبق وأن توافقت عليها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" المتمثلة في وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع والإغاثة ورفع الحصار وتبادل الأسرى، مع تعديل في بعض الصياغات التي لا تمس هذه المبادئ الأساسية. وأضاف أنه يشمل وقف اقتحامات المسجد الأقصى المبارك وعدوان المستوطنين عليه وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 2002، مشيرا إلى وجود أربع دول ضامنة وهي قطر ومصر وتركيا وروسيا، إضافة إلى الأممالمتحدة. لكنه شدّد على أن الضامن الأساسي، يبقى سلاح المقاومة وإرادة مقاتليها، "باعتبار أن هذا الاحتلال معتاد على التهرب من أي التزام". وحسب تقارير إعلامية، فقد وافقت المقاومة على إطار اتفاق للتوصل إلى هدنة تامة ومستدامة على ثلاث مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يوما وتشمل التوافق على تبادل الأسرى والجثامين وإنهاء الحصار وإعادة الأعمار. وعرضت "حماس" في مرحلة أولى إطلاق الأسرى الإسرائيليين من النساء والأطفال والمسنين والمرضى، مقابل 1500 أسير بينهم 500 من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، إضافة إلى جميع النساء والأطفال وكبار السن في سجون الاحتلال. كما اشترطت "وقفا كاملا" للعمليات العسكرية من الجانبين وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق السكنية بكافة مناطق القطاع وإدخال ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا من المساعدات والوقود إلى كافة مناطق قطاع غزة خلال المرحلة الأولى. واشتمل ردها أيضا على ضرورة الموافقة على إدخال ما لا يقل عن 60 ألف مسكن مؤقت و200 ألف خيمة إيواء إلى القطاع خلال المرحلة الأولى، إضافة إلى إقرار خطة إعمار البيوت والمنشآت الاقتصادية والمرافق العامة التي دمّرت في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. وأجمع عديد المتتبعين على أن "حماس" قدمت ردا ذكيا على المقترح الفرنسي لوقف إطلاق النار، بما يعيد "كرة النار" إلى مرمى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي كان يتوقع رفض المقاومة لأي اتفاق، ليرفعه كذريعة لمواصلة حربه القذرة على غزة. كما جاء رد حركة المقاومة الإسلامية عشية زيارة كاتب الدولة الامريكية، انطوني بلينكن، الذي حلّ، أمس، بالكيان الصهيوني لبحث سبل التوصل إلى هدنة جديدة في غزة، حيث أكد بلينكن تلقي الجانب الأمريكي رد "حماس" على الإطار المطروح للاتفاق. وقال إنه تم تسليمه للجانب الإسرائيلي وهو حاليا بصدد دراسته بجدية وعمق. مجازر على مدار الساعة في غزة وحصار خانق مع تواصل العدوان لليوم 124.. 123 شهيد و169 جريح في 16 مجزرة خلال 24 ساعة استشهد ما لا يقل عن 123 فلسطيني وأصيب العشرات الاخرين في 16 مجزرة ارتكبتها آلة التقليل الصهيونية في ظرف 24 ساعة الماضي في جميع أنحاء قطاع غزة وسط تشديد قصفها العنيف، واندلاع أحزمة نارية خاصة على مدينتي رفح وخان يونس جنوب القطاع. ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة منذ 124 يوم إلى 27 ألف و708 شهيد و169 جريح دون احتساب الضحايا المقدر عددهم بالمئات اللذين يبقون في كل مرة تحت الركام وفي الطرقات تمنع قوات الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إليهم. وشنّت طائرات ومدفعية وزوارق الاحتلال منذ صباح أمس، سلسلة غارات وأحزمة نارية عنيفة على المناطق الغربية والشرقية لمدينة رفح، حيث تحدثت مصادر صحية عن استشهاد 12 فلسطينيا في رفح في حصيلة أولية للقصف، بالإضافة إلى وجود عشرات المصابين والمفقودين. كما استشهدت أم وابنتها وأصيب آخرون بقصف صهيوني طال منزلا بحي الزهور شمال رفح، بينما أطلقت زوارق الاحتلال النار تجاه ساحل المدينة. وشنّت قوات الاحتلال قصفا مدفعيا عنيفا على منطقة البطن السمين في خان يونس استشهد جراءه ثلاثة فلسطينيين من منطقة "جورة اللوت" إلى جانب استشهاد امرأة فلسطينية برصاص قناص صهيوني عند بوابة مجمع ناصر الطبي واستشهاد فلسطيني آخر وأصيب أخرون برصاص قناصة جيش الاحتلال في منطقة الرمال جنوبي مدينة غزة. وأظهرت مقاطع فيديوهات نشرت على وسائل إعلام فلسطينية ودولية حجم الدمار في منطقة بني سهيلا شرق خان يونس وانتشار جثامين الشهداء في الطرقات وسط اصرار الاحتلال على منع الوصول إليهم لانتشالهم. وجراء الوضع بمحافظة رفح وتهديد الاحتلال باجتياحها، حذّرت منه الأممالمتحدة عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي أكد على أن أي تحرك من جانب الكيان الصهيوني لتوسيع غزوه الشامل لقطاع غزة ليشمل مدينة رفح الجنوبية المكتظة بالسكان سيوضع في خانة جرائم حرب. وفي إطار الحرب الشاملة المسلطة على غزة ، لا يزال 300 من الطواقم الطبية و450 جريح و10 آلاف نازح في دائرة الاستهداف بفعل هجوم الاحتلال وإطلاق النار بصورة مباشرة على كل من يتحرك كما هو الحال في محيط مجمع ناصر الطبي بخان يونس المستهدف بالقصف وإطلاق النيران بصورة متواصلة. الفشل في وقف الحرب سيضرب ما تبقى من مصداقية المؤسّسات الدولية والأممية تواصل كتائب القسام وسرايا القدس تصديها لقوات الاحتلال المتوغلة في غزة، حيث سجلت تنفيذ عديد عمليات الاستهداف للآليات والجنود والطائرات المروحية، مؤكدة تحقيق خسائر وإصابات في صفوفهم. وأشارت بيانات لكتائب القسام إلى تدمير عدد من الجرافات العسكرية ودبابات الميركافا وناقلات الجنود في كافة محاور التوغل شمال وجنوب قطاع غزة خاصة خان يونس التي تشهد هجوما كبيرا. وأعلنت عن استهداف مروحية من طراز أباتشي بصاروخ "سام 7" غرب مدينة غزة، إضافة إلى استهداف مركز لقيادة جيش الاحتلال بقذائف الهاون غرب تل الهوا. وبالموازاة مع عدوانه الهمجي على قطاع غزة، يواصل الاحتلال الصهيوني جرائمه بحقّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث نفذ أمس، حملة اعتقالات جديدة من مختلف أحياء مدينة طولكرم ومخيم نور شمس من بينهم معتقلون محررون. واستنادا للتقارير الواردة من المنطقة، فقد تسببت همجية الاحتلال في دمار واسع في البنية التحتية بمخيم "نور شمس" شرق مدينة طولكرم عقب اقتحامه لحوالي ست ساعات شمل تدمير الشوارع الرئيسية والأزقة بما فيها شبكات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى تدمير ممتلكات المواطنين من أسوار المنازل والمنشآت التجارية. كما أشارت مصادر محلية إلى أن الاحتلال فرض حصارا مشدّدا على مداخل مخيم "نور شمس" ودفع بمزيد من التعزيزات العسكرية إليه، في الوقت الذي قامت جرافاته بتخريب وتدمير البنية التحتية في محيط دوار الشهيد سيف أبو لبدة وشارع جبل النصر وحارتي الدمج والمسلخ.