لا تزال أحداث حرق سوق مدينة تبسة في 4 مارس 1956 التي تحيي هذه الولاية الحدودية هذه السنة ذكراها ال 69 تذكر بأبشع صور همجية ووحشية جيش الاحتلال الفرنسي الذي انتقم من جزائريين أبرياء باعتدائه على السوق المركزي وحرقه بالكامل وملاحقتهم عبر شوارع المدينة. فقد تقرر في ذلك اليوم قتل الجزائريين وذلك ردا على عمل فدائي نفذه المجاهد الراحل بوزيان سماعيلي المدعو بوزيد الذي أطلق النار على عسكريين فرنسيين. وكان ذلك الرد الانتقامي وحشيا وهمجيا مما أسفر عن استشهاد العديد من الجزائريين الأبرياء العزل الذين قتلوا عن قرب باستعمال سكاكين أحيانا على يد قوات الاحتلال الفرنسي، حسب ما ورد في بعض الشهادات عن تلك الأحداث. وعاش سكان مدينة تبسة لحظات جد صعبة في ذلك اليوم الذي كان مرعبا ومخيفا عندما أضرمت قوات الاحتلال النار في السوق لتأتي ألسنة اللهب عليه كاملا قبل أن تمتد وتنتشر إلى المنازل المجاورة التي احترقت هي الأخرى. في ذلك اليوم، نفذ المجاهد الراحل بوزيد سماعيلي عملا بطوليا بعد أن حضر له مطولا حيث استهدف مجموعة من عساكر العدومعروفين بارتكابهم طيلة شهور العديد من الانتهاكات في أوساط سكان مدينة تبسة. واستنادا لشهادات ووثائق تاريخية بحوزة جمعية الأبحاث والدراسات التاريخية لولاية تبسة، ففي يوم 4 مارس 1956 في حدود الساعة الثانية بعد الزوال وبعد توقفه لوقت قصير بمقهى بوسط المدينة تتبع متسترا وهو يرتدي قشابية مجموعة من العساكر الفرنسيين. وبمجرد أن شعر بأن اللحظة المناسبة قد حانت، اقترب من أحدهم وقتله ثم لاذ بالفرار. وبعد سماع طلقات الرصاص بوسط المدينة، تحول الوضع إلى جحيم وأصيب الجزائريون العزل بالذعر وبدأوا يركضون في جميع الاتجاهات في الوقت الذي كان فيه جنود العدويطلقون النار بشكل عشوائي على المارة مما أسفر عن استشهاد العديد منهم دون أدنى رحمة، حسب ما ورد في شهادة الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين محمد الشريف ضوايفية. واستنادا لذات المتحدث، فإن سلطات الاحتلال التي أصيبت بالجنون جراء الفعل الفدائي الذي قام به بوزيد سماعيلي قررت إحراق سوق المدينة الذي كانت تعتبره المخبأ الرئيسي لمجاهدي جيش التحرير الوطني ومكانا لاجتماعهم وأطلقت العنان لوحشيتها. وبعد أن وصف الرد الانتقامي بأنه مجزرة حقيقية، ذكر السيد ضوايفية بأن ألسنة النيران التي أضرمها عساكر اللفيف الأجنبي قد أتت على كل مربعات السوق قبل أن تنتشر إلى غاية منازل الأحياء المجاورة ما جعل لون السماء أحمرا. وبالإضافة إلى إتلاف السوق، مصدر الرزق الوحيد لعديد العائلات، فإن الرد الانتقامي الفرنسي تسبب كذلك في استشهاد 8 أطفال من أبناء تبسة وهم لزهاري بخديم وأحمد شعبور وأحمد زواي بن الطيب ومحفوظ بوزنادة والهادي لزرلي والطاهر عوايشية ومحمد راشدي وعبد الكريم مضوي. كن رد الفعل الانتقامي الوحشي الفرنسي زاد من إصرار وعزيمة سكان مدينة تبسة على المقاومة والكفاح وتحدي جيش الاحتلال من أجل أن تسترجع الجزائر سيادتها، يضيف الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين الذي ذكر في شهادته بأن عددا كبيرا من شباب المدينة التحقوا بعد تلك المجزرة الرهيبة بصفوف جيش التحرير الوطني وخاضوا معارك ومواجهات ضد جيش الاحتلال الفرنسي.