تسارعت الأحداث في الساحة الوطنية، إلى درجة أن جل النخب السياسية والإعلامية بقيت مذهولة لما يحدث: هل نحن حقيقة أمام صراع بين الرئاسة وجهاز الاستخبارات حول ترتيب المرحلة المقبلة أم أن كل ما حدث ويحدث في الأسبوعين الأخيرين هو نتاج إستراتيجية جديدة انتهجها النظام بكل مكوناته السياسية والعسكرية والأمنية تقوم على إعادة هيكلة المصالح أولا ثم الحياة السياسية ثانيا؟. بادئ ذي بدء لا بد من التأكيد أن إبعاد الجنرال عثمان طرطاق مسؤول الأمن الداخلي والجنرال عطافي مسؤول الأمن الخارجي، تدل فيما تدل على أن كل هذه التغييرات وتلك التي سبقتها بداية من إقالة مدير مركز الصحافة والنشر التابع للأمن العقيد فوزي وصولا إلى وضع المصلحة تحت تصرف قيادة الأركان وإلحاق الشرطة القضائية للأمن بالمحكمة العسكرية وتحويل رأس مديرية الأمن العسكري وأيضا تعيين قايد صالح نائبا لوزير الدفاع...كلها تغييرات لا يمكن أن تتم دون رؤية مشتركة لكل أجزاء النظام، ومن ثمة اعتقد أن الحديث عن صراع بين الجناح الرئاسي والاستخبارات مجرد تحليلات فرضها الغموض الذي يطبع تعامل النظام مع الشأن العام، ليبقى الأمر الأهم في كل هذا هو أن هذه التغييرات ستكون متبوعة بتغييرات عميقة في الحقل السياسي، لكننا إلى حد الساعة نجهل طبيعتها وأهدافها، مادامت ستجري بعيدا عن المشاركة الشعبية وبإرادة شعبية...وتلكم بيت القصيد.