افتتح مساء أول أمس، برواق مصطفى كاتب بديدوش مراد، معرض تشكيلي لمجموعة من الفنانين يمثلون مختلف مناطق الجزائر، يحمل عنوان "الرمز"، اتفقوا على تحويل الأشياء الجامدة إلى أشياء مفعمة بالحيوية والنشاط، حيث تفننت ريشة كل مبدع تشكيلي في استخراج الجمال بلمسة ممزوجة بالدفء وروح الألوان المتجانسة. ومن الفنانين الذين وقعوا مشاركتهم في هذا المعرض الذي يبرز أهمية نذكر مجيد قمرود، الفنانة زهية قاسي، نور الدين شقران، الفنان كريم سرقوة، إلى جانب الفنان خليفي حسام، والفنان حموش نور الدين. ويعرض المشاركون أزيد من 120 لوحة تمثل مختلف المدارس الفنية والنبضات الإبداعية، التي تلامس الطبيعة والمعمار والزي التقليدي، وتقدم مزيجا من التجريد والانطباع مع ومضات رمزية تعكس رؤية الفنانين لمحيطهم الثقافي والطبيعي والبيئي والاجتماعي. ويأتي تنظيم هذا المعرض ،الذي تشرف عليه مؤسسة فنون وثقافة لولاية العاصمة، لتعريف جمهور العاصمة المهتم بالفن التشكيلي بإبداعات الفنانين التشكيليين الجزائريين على اختلاف مقارباتهم الفنية ومدارسهم التعبيرية، واطلاع المهتم بالشأن الفني الوطني والمحلي على جديد الإطار التشكيلي، الذي يعرف في السنين الأخيرة طفرة نوعية سواء على مستوى العرض أوعلى مستوى توفير البنيات التحتية الفنية. كما يهدف المعرض، الذي تميز حفل افتتاحه بحضور فعاليات فنية وطنية ومحلية مرموقة، الى إيصال رسالة الفنان ضمن قالب جمالي يبشر بالأمل والتفاؤل وتتمازج فيه الذكريات مع الألوان لتعميق النظرة الى الواقع وإبراز بعض الظواهر الاجتماعية ومميزات التراث الوطني الاصيل، ويقدم الفنان المخضرم مجيد قمرود المتخرج من المدرسة العليا للفنون الجميلة، لوحات يعتمد فيها على الأسلوب التجريدي ليوظّف الرموز الثقافية الأمازيغية المؤطرة بأشكال هندسية مختلفة الأحجام والبنى التحتية الهندسية، تحمل رموز بأبعاد مختلفة تتحوّل وفقا للأشكال التي تحويها، كما استعمل الفنان الألوان الداكنة ذات العتمة واللمسة الرومانسية لتظهر وكأنّها تعود لسنوات مضت. أما الفنانة زهية قاسي عرضت لوحات اختصرت فيها النماذج الحقيقية للحياة، مثلت ذلك في شجرة متفرعة لها جذور عميقة منتصبة فوقها رموز بالأمازيغية وحولها جمهور واسع من الناس يحملون في دواخلهم نفس الرموز كدلالة على حفظ هذه الذاكرة في الوجدان الجماعي، لوحة أخرى للفنانة تضم سيدتان جالستان فوق بساط تقليدي يحمل ذات الرموز التقليدية، وقد اشتغلت الفنان زهية قاسي في اغلب لوحاتها الرموز الثقافية التقليدية دلالة منها على أصالة الجزائر. كما يشارك في المعرض الفنان نور الدين شقران المعرف بدفاعه عن الحرية والهوية الثقافية، وتمثّلت مشاركته بلوحتين كبيرتين تحمل التحايا للأجداد، علما أنّ هذا التراث تداخل في أعماله مع التراث الإفريقي كدليل على العمق الإنساني المشترك. من جهته، استعرض الفنان كريم سرقوة "ثورة المظلومين" من خلال منحوتات للمواقع الأثرية ومعها تشكيلات من الآلات البدائية ومن الحيوانات، لتظهر الأساطير والرموز على لوحاته الخشبية وكأنّها أبواب قديمة سجّلت التاريخ. واستعمل الفنان حموش نور الدين تقنية الرسم على الزجاج وخصّصها لروائع التراث الأمازيغي في أشكال هندسية صغيرة ملوّنة تشبه إلى حدّ ما المنمنمات.