برمج الناخب الوطني وحيد حليلوزيتش صبيحة أمس في مركز تحضير المنتخبات الوطنية حصة فيديو للاعبين، دامت وقتا طويلا واستمرت إلى غاية موعد وجبة الغداء.. وخصص زمنها لإعادة شريط مباراة تانزانيا الأخيرة في دار السلام، حيث توقف عند العديد من اللقطات، وكذلك بعض الهفوات التي قام بها اللاعبون، وأكثر من ذلك فقد جلب المدرب السابق لنادي "ليل" الفرنسي شريطا لمباراة "البارصا" وحلّل أداء هذا الفريق الذي حيّر الجميع، حيث طلب من لاعبيه تقليد طريقة لعب الكتلان في بعض التفاصيل الصغيرة. ساعة ونصف وقت المشاهدة وانتقادات شديدة للمدافعين عودة إلى مباراة تانزانيا الأخيرة التي توقف عندها الناخب الوطني مطولا، فقد أوقف الصور في العديد والعديد من المرات، لكن أبرز ملاحظة كانت انتقاده الشديد لخط الدفاع الذي يرى أنه لم يقم بدوره، حيث حلّل الأخطاء التي قام بها المدافعون، خاصة تأخرهم في الخروج من منطقتهم ولعبهم متأخرين (انتقد أيضا أداء العيفاوي)، كما منح توصيات للاعبي المحور لتفادي الهفوات التي ارتكبها بوزيد ومصباح اللذان كانا يلعبان بعيدا عن بعضهما أحيانا، ولام أيضا لاعبي الاسترجاع وحتى المهاجمين لأنهم لم يبذلوا مجهودا كبيرا في استرجاع الكرة. حليلوزيتش: "لم نفعل شيئا ما دمنا لا نعمل كلنا على استرجاع الكرات" توقف حليلوزيتش عند نقطة مهمة تتعلق بالاسترجاع، حيث رأى أن هذا الدور يخص كل الفريق وليس مقتصرا على لاعب أو اثنين يلعبان دور المسترجع الكلاسيكي في خطة اللعب، وأوقف بعض الصور التي أظهرت أن هناك لاعبين خاصة من الوسط الهجومي والمهاجمين عندما تضيع الكرة يتوقفون كلية، ولا يتحركون وهنا قال للاعبين: "في هذه الحال (كان قد أوقف الصور) كأننا لم نفعل شيئا عندما ينشغل لاعبون بالدفاع وآخرون يتفرجون، لا أريد أن يتكرر هذا الأمر مجددا، أريد 10 يهاجمون و10 يدافعون". "أريد أن ننزلق على الميدان كلنا ككتلة واحدة مثل البارصا" أعاد حليلوزيتش خلال حصة الفيديو أمس ما قاله للاعبين قبل انطلاق الحصة التدريبية أول أمس في 5 جويلية، لما أكد أنه يريد رؤية الفريق ككتلة واحدة في الهجوم وفي الدفاع، بل وطالب اللاعبين بتقليد طريقة لعب البارصا حيث يتحرك اللاعبون مع بعض، أحيانا في شكل مثلثات وأحيانا ينزلق كل الفريق بوتيرة واحدة، فيصعد المدافعون كثيرا، متمنيا رؤية هذا الانتشار يوم الأحد أمام إفريقيا الوسطى فضلا عن تطبيق ما قام به معهم في التدريبات خاصة الجمل التكتيكية. "لا أريد أن تلعبوا مثلهم، شاهدوا فقط انتشارهم وكيف يتحركون" لم يتوقف الأمر هنا، ولم يكتف بالتالي المدرب الوطني بمباراة تانزانيا، حيث جلب شريطا لإحدى مباريات "البارصا"، قام على مستواه ب "مونتاج" لأهم لقطات هذا الفريق، حيث ظهر أن اللاعبين يتحركون كلهم كرجل واحد، ويعودون مع بعض، وفي حال الدفاع الكل يدافع من أول مهاجم إلى آخر مدافع، كما قال للاعبين: "لا أريدكم أن تلعبوا مثل البارصا لكن هناك أمورا أريد أن تتعلموها، انظروا كيف ينتشرون، وشاهدوا كيف يتحركون... هذا فقط ما أريده منكم". --------------------- بعد وصفه هذا المركز بالتحفة حليلوزيتش يفرض صرامته ويطالب روراوة بميدان معشوشب في سيدي موسى كشف المدرب حليلوزيتش عقب الندوة الصحفية الأخيرة إعجابه بالمركز الذي يتربص فيه "الخضر"، حيث وصفه بالتحفة وأكد أنه من بين الأمور الإيجابية القليلة التي وجدها في الجزائر، وقد قرر بذلك البوسني أن يصبح هذا المركز "قاعدة للعمل" في كل تربصات "الخضر" مستقبلا، حيث وجد في سيدي موسى كل ظروف العمل والراحة إذ لا يقل حسبه عن المراكز العالمية للتحضير. وقد تحول مركز سيدي موسى إلى مقر تجمعات كل المنتخبات الوطنية بمن في ذلك المنتخب الأولمبي الذي يحضر تحت إشراف المدرب آيت جودي للدورة النهائية المؤهلة للألعاب الأولمبية. أفضل مرفق لتركيز اللاعبين إعجاب حليلوزيتش بهذا المرفق الرياضي الذي وضع تحت تصرف المنتخبات الوطنية لا يقتصر فقط على ظروف الإقامة الطيبة التي يوفرها منذ تهيئته في شهر أوت الفارط، وإنما زاد إعجاب الناخب بهذا المرفق بسبب توفيره الهدوء والسكون وهو موصد في وجوه الغرباء، حيث ساعدت هذه الظروف في تركيز اللاعبين وفرض الانضباط داخل المجموعة وذلك بشهادة بعض اللاعبين المحترفين الذين اعتبروا مركز سيدي موسى الإطار المناسب لتحضير المواعيد الرسمية. حتى الزيارات ممنوعة الذي ميز تربص "الخضر" الإعدادي لمباراة إفريقيا الوسطى، أن الفوضى التي كانت تميز التربصات في مركز الجيش ببني مسوس غابت، ولم نسجل أي زيارة أو دخول لعائلات اللاعبين أو الغرباء كما كان عليه الحال في عهد المدربين السابقين بأمر من حليلوزيتش الذي استطاع إنهاء بعض التقاليد السيئة التي كانت تميز حياة "الخضر" في السابق، حين كان يتمكن مناصرون من الوصول إلى غرف اللاعبين في فندق الجيش ببني مسوس. احترام المواعيد أصبح ميزة المجموعة كشفت مصادر مقربة أن البوسني استطاع فرض الانضباط داخل المجموعة مقارنة بالتربصات الفارطة، حيث أصبح اللاعبون بمن فيهم الركائز يحترمون مواعيد الأكل والنوم وحتى التدرب، كما يرفض البوسني تخلف أي لاعب عن موعد الإقلاع نحو ميادين التدرب بالمركب الأولمبي لأنه يعتبر احترام المواعيد هو احترام للمجموعة وللمهنة التي يقوم بها اللاعبون. حليلوزيتش يطالب بميدان معشوشب وقد تقدم حليلوزيتش بطلب لرئيس الاتحادية من أجل وضع ميدان معشوشب طبيعيا في مركز سيدي موسى الذي يتوفر فقط على ميادين من العشب الاصطناعي، وهو ما جعله ينقل التدريبات إلى المركب الأولمبي، ما يتطلب التنقل يوميا عشرات الكيلومترات من سيدي موسى إلى المركب. ويسعى المدرب الوطني من خلال طلبه المشروع أن يستقر في مركز سيدي موسى الذي سيتحول إلى مقر لإقامة "الخضر" والتحضير بعدما يلبي روراوة طلبه بتخصيص ميدان من العشب الطبيعي. --------------------- بعد أن جعل بوڤرة يتدرب مع بونجاح ووازى بين الكل... حليلوزيتش يعيد المحترفين إلى مكانهم الطبيعي ويضع يده على الجرح نجح المدرب الوطني وحيد حليلوزيتش في وضع اللاعبين المحترفين في مكانهم الطبيعي عندما أكد أنهم محترفو درجة ثانية، ويجب عدم انتظار الكثير منهم، وقد بدا أنه ليس على يقين بأنه سينجح بهؤلاء اللاعبين في مهمته في تأهيل "الخضر" إلى كأسي إفريقيا والعالم 2013 و2014 على التوالي، وكان بالتالي المدرب الأول الذي يضع يده على الجرح ويسمي الأمور بمسمياتها، خاصة أن هؤلاء اللاعبين وصلوا في مرحلة ما إلى حد اعتقاد أنفسهم قد جلبوا لنا كأس العالم، بدليل تصرفاتهم ورفضهم حتى الرد على المكالمات التي تأتيهم من الجزائر على كثرتها، رغم أن الجزائريين هم الذين رفعوا شأنهم إلى هذا المستوى. فعلا "قيمناهم بزاف" وحتى هو احتار في رد الفعل بعد إبعاد زياني الحقيقة التي يتفق عليها الجميع أن الجزائريين لعبوا دورا كبيرا في رفع شأن هؤلاء اللاعبين، حيث تصورنا في مرحلة ما أنه يمكننا الفوز بكأس إفريقيا والوصول إلى مراتب متقدمة في كأس العالم، رغم أن مستواهم عادي ولا نملك في أوربا ما يملكه على الأقل المنتخب الجار المغربي حتى لا نتحدث عن الكاميرون ونيجيريا، وحتى هذا الاعتقاد لم يتغيّر إلا مؤخرا عندما توالت النتائج بشكل أفقد اللاعبين الثقة في أنفسهم قبل أن نفقدها منهم، ما فاجأ حليلوزيتش الذي سأل الإعلاميين عن سر الضجة التي حصلت بعد قراره تخليه عن زياني في مباراة تانزانيا، رغم أنه مجرد لاعب مثل كل اللاعبين وهي الحقيقة التي لم يقلها أي مدرب ولم يطبقها إلا حليلوزيتش لأن لاعب الجيش القطري كان اللاعب الذي يحضر دائما وفي كل القوائم مهما كانت لياقته. مستوى المحترفين في بعض اللقاءات أقل من بونجاح وبن عمارة حقيقة أخرى لا بد من العودة إليها في هذا المقام، تتعلق بمستوى هؤلاء المحترفين، حيث لم يقدموا شيئا منذ التأهل إلى كأس العالم، وحتى لو اعتبرنا المشوار في كأس إفريقيا مقبولا (رغم كارثتي مبارتي ملاوي ومصر) وحتى إن قدّرنا أيضا أن المستوى في كأس العالم "يجوز" بصرف النظر عن الحصيلة وعدم تسجيل أي هدف فإنه منذ ذلك لم يقدم اللاعبون المحترفون مباراة محترمة، وتوالت الهزائم بطريقة غريبة ووسط انهيار رهيب للاعبين الذين كانوا يفاجئون الجميع أكثر ببرودهم الشديد، في وقت أن مستوى بونجاح الحالي في الحراش أو حتى لاعب شباب باتنة بن عمارة كان سيكون أفضل منهم على الأقل من ناحية الإرادة والاندفاع. في مباراة الذهاب أمام إفريقيا الوسطى أي فريق جزائري لا يخسر بتلك الطريقة وبما أن مباراة بعد غد ستكون ثأرية، فإن ما اغتاظ منه الجزائريون قبل نحو من الآن في "بانڤي" هو طريقة الهزيمة أمام إفريقيا الوسطى وليست الخسارة في حد ذاتها، حيث انهار "الخضر" بعد أن صمدوا وتلقوا هدفين و"منعو" من أهداف أخرى وأدوا عموما مباراة كارثية أمام منتخب منحناه على حسابنا فرصة حصوله على أول انتصار في التاريخ، وقبل أشهر قليلة من تلك المباراة كان مولودية قسنطينة قد تعادل أمام هذا المنتخب في مباراة ودية في تونس مع تحيّز التحكيم التونسي، وربما ما كان لأي فريق جزائري من الدرجة الأولى أن يخسر بتلك الطريقة في "بانڤي"، لأن ما فاجأ الجميع كان البرودة التي استمرت في مباريات أخرى لاسيما أمام المغرب. حليلوزيتش الوحيد الذي تجرأ، غيرّ وسمّى الأمور بمسمياتها يبقى أن حليلوزيتش مدرب يملك القدرة على الابتكار والاختراع والتجريب، ففي أول مباراة أمام تانزانيا غيّر الخطة ونسق اللعب، وهذه المرة من الأكيد أنه سيغيّر أمورا أخرى لأنه فعلا يبحث عن حلول تفيده وتفيد المنتخب، وقد كان أول من يتجرأ على التخلي عن بعض اللاعبين ممن يسمون كوادر على غرار زياني، وأول من يقول إن منتخبنا منتخب درجة ثانية ولاعبوه عاديون جدا، ومستواه بعيد جدا عما يجب أن يكون عليه، وأنه لا يعرف إن كان سينجح وأول من يعتبر بطولتنا ضعيفة وفيها الشد العضلي (كرومب) أكثر من الأهداف، وهي الحقيقة التي كان يجب أن تقال من قبل لأن الأصل أن معرفة الداء هي أصل الدواء. اليوم هم لاعبون عاديون في مستوى بونجاح إلا إذا أرادوا إثبات العكس حليلوزيتش الذي لا يعترف بأحد أعجب ببونجاح ولا يهمه إن كان هذا اللاعب لعب الموسم الماضي في رائد غرب وهران، فقط لأن مستواه جيد، وأعجب ببن عمارة رغم أن لا أحد يعرفه من المدربين الذين سألهم المدرب الفرانكو - بوسني، واليوم يتدرب لاعب الحراش ابن 19 سنة مع بوڤرة ويبدة وعنتر يحيى وغيرهم من اللاعبين الذين كانوا يبدون له أبطالا عندما أهلوا "الخضر" إلى كأس العالم، هو اليوم في مستواهم ما دام معهم في فريق واحد، إلا إذا أراد هؤلاء المحترفون أن يردوا الاعتبار لأنفسهم ويؤكدوا أنهم لم ينتهوا وقادرون على العودة بقوة خاصة بعد مراجعة الذات، صحوة نتمناها قريبة وإن لم تكن فإن "البركة" في لاعبين آخرين محترفين شبان وبعض المحليين الذين يملكون على الأقل الرغبة والحرارة في الدفاع عن ألوان المنتخب.