شكّل غياب الفعالية في الهجوم والعقم التهديفي الذي برز به “الخضر“ في العام الماضي محور حديث الرأي العام الرياضي، ويبدو أن الأمر سينتقل في الفترة المقبلة للحديث عن أزمة جديدة غير مسبوقة في تاريخ الكرة الجزائرية وهي أزمة حراس المرمى.. حيث تعجز البطولة المحلية لأول مرّة عن ضمان حراس مرمى في المستوى كما دأبت منذ فجر الاستقلال ولغاية الآن، وهي الأزمة التي صارت تشغل تفكير المدرب الوطني، الذي لم يجد لحدّ الآن ستّة أسماء يعتمد عليها خلال المواعيد المقبلة شهر فيفري، باختيار ثلاثة حرّاس للمنتخب الأول تحسّبا لمواجهة تونس وثلاثة آخرين لتمثيل الجزائر في “شان” السودان في الفترة ذاتها، بسبب تردّي المستوى الجماعي لكل العناصر الدولية وغياب أسماء في المستوى قد تكون بديلة لها. شاوشي بحاجة إلى رفع مستواه وليس مُعالجة تصرّفاته فقط وهذه القناعة التي خرج بها المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة بعد متابعته لأداء فوزي شاوشي حارس الوفاق في المباراة النهائية لمسابقة كأس شمال إفريقيا للأندية المتوّجة بالكأس بين الوفاق والنصر الليبي. وقد ارتكب ابن برج منايل العديد من الهفوات الفنية، في لقطة الهدف الأول للنصر وفي العديد من خرجاته التي كانت متأخّرة وكادت تكلف ناديه الكثير. يأتي هذه ليضاف لهفوته الفادحة في لقاء الذهاب ومباريات أخرى تلقى فيها أهداف بالجملة، كما هو الحال في مباراة الخروب من دون أن يكون بريئا من المسؤولية. وعليه، فإن شاوشي الحارس السابق لشبيبة القبائل ليس مُطالبا فقط بمراجعة تصرّفاته الطائشة التي كرّرها في مباراة النصر فقط، بل مطالب أكثر برفع مستواه الفني المُتراجع جدا في الفترة الأخيرة، إذا ما كان فعلا يتطلع للعودة إلى “الخضر“. زماموش في أسوأ حالاته وسدريك يتلقّى أهدافا بالجملة كما أن محمد زماموش الحارس رقم 2 في المنتخب الوطني بعد مبولحي، بعيد هو الآخر عن “فورمة” الموسم الماضي عندما كان عنصرا هامّا في التوليفة التي وضعها المدربان “آلان ميشال“ و“براتشي“ لتتويج “العميد“ باللقب، وقد ارتكب هفوات لا تليق بقيمته كحارسٍ دولي، منها ما مرّ مرور الكرام كما هو الحال في مباراة الذهاب في ليبيا أمام الاتحاد لمّا ارتكب خطأ التدخل على المهاجم الليبي بعد قراءة خاطئة لمسار الكرة، ويدين يومها للحكم الذي اكتفى بتصفير ركلة جزاء دون إشهار الإنذار الذي كان سيؤدّي لطرده (كان يحوز على إنذار أول). وتكرّرت أخطاء زماموش في مباريات عنابة، تلمسان وغيرها..، الأمر الذي شكل خيبة كبيرة للمدرب بن شيخة الذي كان يعوّل عليه كثيرا خلال الفترة الجارية. والكلام نفسه يُقال عن سي محمد سدريك الحارس رقم 3، الذي يتلقى أهدافا بالجملة ومن كلّ الوضعيات في فريقه شبيبة بجاية، صحيح أن دفاعه السهل الاختراق لم يسهّل مأموريته، لكنه لم يكن حاسما وفعّالا كما كان عليه الحال الموسم الماضي. غانم كان مُرشّحا وبن شيخة تراجع عنه بعد مباراة بلوزداد ودفع تردّي مستوى الحرّاس الدوليين في الفترة الأخيرة المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة إلى البحث عن أسماء أخرى جديدة يوظفها كحلول لهذه المعضلة غير المسبوقة، وقد طُرحت عليه بعض الأسماء في مقدّمتها غانم حارس جمعية الشلف، وعلى هذا الأساس تحوّل المدرب الوطني إلى ملعب 20 أوت للوقوف جيّدا على مستوى الحارس السابق للقبة، وكم كانت خيبته كبيرة بعد المردود الأكثر من ضعيف ل غانم خلال تلك المباراة لمّا كان مسؤولا بشكل مباشر عن هدفي سليماني وبورڨبة، بدليل أن المدرب إيغيل لم يعتمد عليه في المباريات الموالية ومنح الفرصة للبديل قوادري قبل أن يقرّر إعادته مؤخرا. ليسقط اسم غانم من حسابات المدرب الوطني بعد أن فوّت فرصة العمر للوصول إلى النخبة الوطنية أمام بلوزداد. عبدوني وواضح غير مُنتظمين، وعسلة صار بديلا وكانت أسماء أخرى بجانب غانم مطروحة بالنسبة للمدرب الوطني من أجل تدعيم النخبة وحظيت بمتابعة خاصة منه أو من طرف مدرب الحراس عبد النور كاوة، لكنها لم تقنع بأدائه المتذبذب جيدا. ف عسلة الذي كان معوّلا عليه وكان أحد آمال القفاز الجزائري تراجع كثيرا حتى أنه ضيّع مكانته في شبيبة القبائل لبديله برفان، وكان من نتائج ذلك هو إقصاؤه من المنتخب المحلي الذي كان دائما حاضرا في مختلف معسكراته. كما أن حارس عنابة واضح هو الآخر في تراجع مستمرّ وغير منتظم الأداء، حتى أن بديله حوامد افتك مكانته في عدّة جولات قبل أن يعود مؤخرا، وبقي بعيدا عن المستوى الجيّد الذي أبان عنه لمّا كان يحمل ألوان سعيدة، وهو الذي يعاني من مشكل في الوزن حسب كاوة يأبى التخلّص منه، شأنه شأن مروان عبدوني الذي فكّر بن شيخة في بعث مشواره لكنه تراجع بعد أن لاحظ أنه غير منتظم مع فريقه، وأن أداءه يترنح بين الحسن تارة والمتواضع تارة أخرى. حرّاس المنتخب الأولمبي في المقاعد الخلفية لأنديتهم وعلى غرار ما يحدث بالنسبة للمدرّبين في البطولة الوطنية حيث دائما نجد الأسماء نفسها التي تشرف على أندية النخبة مع تبادل للأدوار والأندية، نجد أن الأسماء نفسها تتداول على حراسة مختلف الأندية خلال السنوات الماضية دون بروز أسماء جديدة، وهي الظاهرة التي تتجسّد من خلال وضعية حراس المنتخب الوطني الأولمبي العائدين مؤخرا من المغرب بلقب دورة شمال إفريقيا. فحرّاسنا الدوليون كلهم لم يحصلوا على فرصتهم في أنديتهم وكلهم في المقاعد الخلفية وفي الترتيب الثالث، كما هو الحال مع معزوزي أو دحمان في اتحاد العاصمة وبلوزداد على التوالي، أو حتى الرابع مع حارس بجاية حوحة. وهي ضعية لن تسمح للكرة الجزائرية باكتشاف أسماء جديدة في منصب حسّاس كحارس المرمى، من شأنها أن تحلّ هذه الأزمة الفتيّة. دريد: “لا نملك مدرّبي حراس في المستوى، الموجودون حاليا يقومون بإحماء حرّاسهم فقط” وطرحنا هذا الإشكال على واحد من الحرّاس الذي كان مبعث أمان واطمئنان للجماهير الجزائرية قبل زملائه عندما كان يحرس مرمى المنتخب الوطني، ويتعلق الأمر ب نصر الدين دريد، الذي أكد في حديثه مع “الهداف“ وجود أزمة حقيقية لحرّاس المرمى في الجزائر، وهذا لأسباب متعدّدة لخصها في البداية في غياب مؤطرين في المستوى من مدرّبي الحراس بإمكانهم رفع مستوى حرّاسنا “لا نملك مدرّبي حراس في المستوى، المتواجدون حاليا يجيدون فقط عملية إحماء الحراس لا غير، ولا يملكون المعرفة والقدرة على رفع مستوى حرّاسنا”، قال دريد الذي أضاف عاملا ثانيا يقف وراء هذه الأزمة، وهي ذهنية وتفكير الحراس على غرار بقية اللاعبين الذين يفتقدون للطموح ولا همّ لهم سوى ملء أرصدتهم بالأموال بأقلّ جُهد مُمكن. “دوخة هو الأفضل حاليا وتواجد حنيشاد وراءه قد يكون السرّ في ذلك” وفي سؤال حول الأسماء التي يرشّحها لحلّ إشكال تواضع مستوى حراس النخبة في الفترة الحالية، أكد دريد أن الخيارات ضئيلة جدا، فمن كلّ الأسماء الموجودة لا يوجد حارس فرض نفسه بشكل قوي وكان أداؤه ثابتا ومستقرّا، واستثنى واحدا من هؤلاء وهو حارس الحراش عز الدين دوخة “مستوى حرّاسنا متذبذب جدا، والأفضل حاليا برأيي هو حارس الحراش دوخة الذي لفت انتباهي أمام سعيدة وبلوزداد، هو حارس جيّد بالفعل هذا إذا بقى أداؤه منتظما”، صرّح محدثنا الذي لم يتعجّب لوصول دوخة الحارس السابق للشلف إلى هذا المستوى، بعد أن أعلمناه أن الحارس الدولي حنيشاد هو مدرّبه بنفس الدرجة لمّا علم أن مدرب شاوشي في الوفاق هو عباسن، الذي شدّد محدثنا أنه لم يسبق أن سمع عنه.