في لفتة إنسانية كانت “الهداف” السباقة للحديث عنها ومساهمة في بعثها، قام عناصر المنتخب الوطني بمبادرة تستحقّ الإشادة من خلال زيارة مستشفى الأطفال “ابن عوف” بوسط مدينة الخرطوم حاملين معهم هدايا رمزية أدخلت الفرحة والبهجة في قلوب نزلاء المستشفى من الأطفال المرضى، وهي المبادرة التي يتمنى لاعبو “الخضر” والمدرب بن شيخة أن تعمّم في مناسبات أكثر وأهمّ في بلادنا، وهذا باستغلال شعبية اللاعبين الدوليين من أجل رعاية أعمال البرّ والخير والتضامن مع مختلف الفئات المحرومة والفقيرة في الجزائر، على غرار ما يفعل نجوم الكرة عبر مختلف أنحاء العالم، حيث يرعى هؤلاء العديد من الجمعيات الخيرية. الوجهة مستشفى “ابن عوف” للأطفال وكانت الفكرة المطروحة قبل مباراة السودان لكنها تأجّلت لما بعد المباراة، بعد أن تأجل تأهّل المنتخب الوطني للدور المقبل إلى غاية المباراة الأخيرة، وفور أن فرغ “الخضر” من الدور الأول، تمّ تحديد الزيارة ليوم أمس والوجهة كانت مستشفى “ابن عوف” الخاص بالأطفال، بعد أن كان التوجّه في البداية لزيارة إحدى دور الأيتام. هذا التفصيل لم يكن يهمّ كثيرا بقدر ما كان يهمّ القيام بعمل إنساني يكون كما قال المدرب بن شيخة أقلّ شيء يقوم به عناصر المنتخب المحلي نظير كلّ الحب الذي يلقونه يوميا من الأشقاء في السودان. ويوجد مستشفى “ابن عوف” غير بعيد عن وسط العاصمة في شارع يضمّ عديد المستشفيات والعيادة العمومية منها والخاصة، وهو مخصّص لأمراض الأطفال ويعجّ بالعشرات منهم الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي والهضمي والسكري وغيرها... لعب وهدايا ودعاوى بالشفاء للأطفال المرضى وعلى الساعة الثالثة زوالا بتوقيت السودان وصلت حافلة المنتخب الوطني للمحليين دون الرئيس محمد روراوة الذي كانت أمامه التزامات أخرى أمام مدخل المستشفى، ونزلت العناصر الوطنية حاملة معها هدايا رمزية للأطفال ضمّت دُمىً ولُعب وزّعت على الأطفال المرضى الذين كانوا مرفوقين بامهاتهم، والذين استحسنوا كثيرا هذه الالتفاتة، في وقت رقّ قلب اللاعبين لمشهد الأطفال الذين بدت على العديد منهم أثار المرض. وقد تحادث بعض اللاعبين مثل بلكالام مع الأطفال داعين لهم بالشفاء العاجل. بن شيخة طلب من اللاعبين توزيع الأموال وجاليت “حسّاس” وقد رقّ قلب المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة لمنظر الأطفال، شأنه شأن أشباله الذين لبّوا بترحاب كبير دعوته إليهم لمنح كلّ طفل مبلغ 20 جنيه، وقد سارع اللاعبون لذلك، وهناك من منح أكثر من ذلك المبلغ، في الوقت الذي أخذ البعض على غرار جابو صورا مع الأطفال بواسطته هاتفه النقال الخاص، فيما بدا مصطفى جاليت أكثر اللاعبين تأثرا بالزيارة وكان آخر واحد غادر المستشفى بعد أن وزّع الأموال التي كانت في جيبه على الأطفال المرضى، وفي طريق الخروج أخد صورا مع ممرّضات المستشفى، والتي كانت آخر مشاهد هذه الزيارة الإنسانية التي لم تمتد لأكثر من ربع ساعة. دعوة لتعميم ورعاية مبادرات مُماثلة في الجزائر وأكد عدد من لاعبي المنتخب خلال حديثنا معهم رغبتهم في المساهمة بقوة في أي عمل خيري أو تضامني في الجزائر، لكنهم يفتقدون لهيكل منظم يبعث مثل هذه المبادرات في بلادنا، في الوقت الذي أكد المدرب عبد الحق بن شيخة أنه سيشرف بنفسه على ذلك مع المنتخب الأول وسيستغل أول فرصة للقيام بمبادرات مماثلة، والتي كان المنتخب الأول في عهد سعدان قام بمثلها خلال زيارته لأطفال مرضى السرطان والطفولة المسعفة، لكن ذلك لم يعمّر طويلا واختفت تماما، لتقتصر على مساهمات فردية من بعض اللاعبين دون نتائج ملموسة، في الوقت الذي يقوم به نجوم الكرة في العالم بمبادرات أكثر قيمة وأهمية من خلال المباريات الاستعراضية وجمع التبرّعات لفائدة جمعيات إنسانية يقومون برعايتها مباشرة. بن شيخة: “لن نتأخّر في تعميم العمل الإنساني على مستوى المنتخب الأول” وفي تصريح ل “الهداف”، أكد المدرب بن شيخة أن الزيارة هذه كانت واجبا بالنسبة للمنتخب تجاه الشعب السوداني الشقيق “لم نكن نسعى للإشهار لأنفسنا من خلال هذه المبادرة، بل هو أقلّ شيء يمكن أن نقوم به تجاه إخوتنا وأشقائنا في السودان، وحتى نبيّن لهم مدى تضماننا معهم، فهم الذين أحاطونا بحبّهم واحترامهم منذ أن وصلنا هنا إلى السودان، وهذه المبادرة تجسّد شيم الشعب الجزائري، ونحن كأفراد من هذا الشعب كنا دائما نقف بجانب “الزوالية” ونحسّ دائما بهم”، يقول الناخب الوطني الذي أكد رغبته في بعث العمل الإنساني على مستوى المنتخب الوطني الأول أيضا، حيث قال: “أتمنى أن نقوم بنفس الأعمال والمبادرات مع المنتخب الأول في الجزائر، صحيح أننا نقوم من غير دعاية ولا إشهار بأعمال خيرية، لكنني أتمنى أن نقوم بأعمال أهمّ وأكثر لفائدة المحتاجين والمحرومين والمرضى من أبناء شعبنا”. لموشية: “نحن مسلمون ونحن بقلوبنا وصلواتنا مع أطفال السودان” من جهته، أكد نجم المنتخب خالد لموشية أن الزيارة هذه للأطفال المرضى في السودان هو أقلّ شيء يقوم به تجاه الأشقاء هنا، وصرّح: “هذه الزيارة سيبقى لحظة قوية بالنسبة لنا، صحيح أننا لاعبو كرة القدم محظوظون، لكن علينا التفكير في الكثير من الناس الذي يعانون الفقر أو المرض، بأن نمنحهم بعض الأمل والإرادة من خلال هذه المبادرات الإنسانية، خاصة أننا مسلمون وتعاليم ديننا الحنيف تنصّ على ذلك. أنا متأثر بما أراه وحتى إن كانت مساهمتنا رمزية، إلا أننا نريد أن نؤكد لهؤلاء حبّنا وبأننا بقلوبنا وبصلواتنا معهم، الأمر يتعلق أيضا بإخواننا السودانيين الذين تربطنا بهم علاقة حبّ ومودة كبيرتين”. “بعد المونديال طرحنا فكرة العمل الخيري وهو أقلّ شيء نقوم به” وأضاف لموشية في تصريح خاص ل “الهداف” أن العمل الخيري كان مطروحا بقوة على مستوى المنتخب الأول وتمّ الاتفاق عليه بين الطاقم الفني واللاعبين خاصة بعد تأهل “الخضر” إلى “المونديال”، لكن ولأسباب تراجع عنه خاصة بعد أن تمّ سحب اسمه من المشاركين في كأس العالم. وقال: “بعد المونديال طرحنا فكرة العمل الخيري حتى أننا قمنا ببعض الزيارات لمرافق الطفولة المسعفة، لكن بعدها وكما تعرفون انقطعت عن المنتخب ولست أدري ما حدث بعدها. لكن أؤمن أن فكرة بعث جمعية خيرية يرعاها اللاعبون الدوليون للقيام بمثل هذه الأعمال التضامنية مع مختلف فئات الشعب الجزائري. ندرك جيّدا الشعبية التي نملكها لدى الشعب وأقلّ شيء ممكن أن نقوم به هو أن نرعى مبادرات مماثلة في بلادنا، هذا واجب وأتمنى أن يتحقق ذلك قريبا”. محمد إبراهيم: (مدير مستشفى الأطفال): “زيارة المنتخب الجزائري أثلجت صدورنا” وقد عبّر مدير المركز الطبي محمد إبراهيم عن سعادته البالغة للزيارة التي خصّ بها المستشفى من قبل عناصر المنتخب الوطني، والتي أثلجت على حدّ قوله صدور كل الأطفال النزلاء وحتى العاملين في المستشفى، حيث قال: “هي زيارة أثلجت صدورنا بالفعل، وصدور كلّ العاملين في المستشفى من المدير لأبسط عامل، دون أن أنسى المعني الأول بالأمر وهم الأطفال.. كرة القدم ليس رياضة و«بسّ” لكنها تجسيد لكلّ المعاني الأخلاقية النبيلة التي وجدناها مع هذه الزيارة، ونشكر المنتخب الجزائري طويلا عليها، وهي زيارة تجسّد أيضا أواصر الأخوة والمحبّة بين الشعبين”.