“أرجح فرضية معاقبة شاوشي أمام سلوفينيا وانجلترا” “الإعلام انزلق إلى درجة خطيرة بسبب مباراة كرة قدم والمتسببون مرتزقة يبحثون عن الانتفاع الشخصي” “أتوقع تألق بلحاج وبوڤرة في المونديال، مجموعتكم ليست سهلة لكنكم لستم في المتناول أيضا“ “هذه نصيحتي إلى بنوزة وهذا ما أقوله للاعبي الجزائر“ صباح الخير أستاذ جمال، صحفي من جريدة “الهدّاف” الجزائرية يريد محاورتك. أهلا بإخوتنا في الجزائر وأنا تحت تصرفكم. أكيد أنك تعرف سبب اتصالنا بك، باعتبارك حكما دوليا سابقا ومحلل التحكيم بقنوات “الجزيرة” الرياضية. من الواضح أنكم تريدون الحديث عن الحكم الشاب المتألق بنوزة وأمور أخرى. نبدأ من بنوزة الذي سيكون ثالث حكم جزائري يشارك في كأس العالم، ما هي توقعاتك بخصوص مشاركته؟ بنوزة هو امتداد لجيل رائع من الحكام الجزائريين، على غرار بلعيد لكارن الذي كان حاضرا في مونديال 1982 وحنصال في 1990. بنوزة سيكون في أكبر مسابقة في العالم، وبإلقاء نظرة نجد أن عدد الحكام العرب خاصة الأفارقة تراجع في المونديال، في وقت كان منهم من أدار النهائي، ومنهم من أدار مقابلات متقدمة وحاسمة. وعن بنوزة فمن خلال متابعتي له في العديد من المباريات، وفي كأس إفريقيا، أعتقد أنه مؤهل لتقديم مستوى جيد في هذه المنافسة لأنه يمتلك الكثير من المؤشرات الإيجابية مثل الإمكانات، الأداء الفني وتقدير المخالفات، الإدارة والسيطرة، فضلا عن أنه واحد من الحكام الذين لهم فهم واستعداد لتطبيق قانون اللعبة، ولو أن الأمور لن تكون سهلة في المونديال. كيف؟ سيكون هناك الكثير من الحكام المميزين في الدورة، بالأخص من أوربا و أمريكا الجنوبية، وهم حكام معرفون من خلال المباريات التي يديرونها في المسابقات الأوربية الكبيرة، كما أن الصعوبة التي قد تطرح أمامه تتعلق بأننا نحن العرب نملك الكفاءة والموهبة لكننا نحتاج دائما إلى التعريف بأنفسنا، وهو ما يجبر بنوزة على التعامل الجيد مع المباراة الأولى حتى يضمن أفضل دخول في أول مونديال يشارك فيه. ستكون المباراة الإ فتتاحية إذن. مهمة جدا هذه المباراة، أتمنى من الله أن يوفقه، ثم يجب أن لا ينسى أن ظروف المقابلة أحيانا تساعد على الأداء الجيد، لكن المطلوب منه في كل الحالات أن يكون على استعداد نفسي وذهني عاليين فاللقاء الأول هو عنوان مهم لمشاركته في المونديال. كم هو عدد المباريات التي يمكن أن يديرها؟ في السابق كان التحكيم العربي يحظى بثقة كبيرة، لكن الأمور اختلفت قليلا. بنوزة مطالب بالتسيير الجيد للقاء الأول الذي هو المفتاح كما قلنا، حيث سيقدم من خلاله نفسه إلى مسؤولي التحكيم على مستوى الإتحاد الدولي، وفي اعتقادي سيدير مباراتين على الأقل. على كل حال يجب عليه أن لا يبحث عن العدد، ولكن عن النوعية حيث يبقى مطالبا بالتعامل الفعال والحازم مع كل 90 دقيقة تتاح أمامه، كما أني أريد أن أوجه له رسالة. تفضّل... أهم شيء وقبل المباراة الأولى، فإن بنوزة مطالب أن لا يفكر كثيرا حتى لا يقع تحت تأثير الضغط. يجب أن يفكر في كيفية إنجاح المباراة، ولكن ليس بطريقة تخلق معها ضغطا وشدا عصبيا، عليه أن يقلل من التفكير الزائد ويعطي ما لديه، وكأنه يدير مباريات البطولة الجزائرية، وأنا واثق أن هناك مباريات في الدوري الجزائري تكون أكثر صعوبة من مباريات المونديال، ربما الإختلاف يتعلق فقط بالتركيز الإعلامي والجماهيري، ليبقى مطالبا بأن يدير المباريات حسب معرفته ويؤدي ما عليه ويترك الأمور لله سبحانه وتعالى. ما هو الامتياز الذي يحصل عليه حكم يدير مباريات في منافسة مثل كأس العالم؟ الامتياز الأكبر هو أنه سيمثل بلده وقارته والعالم العربي، رفقة زميله السعودي جلال الغامدي. أعتقد أن تواجده من بين 30 أفضل حكام في العالم هو الامتياز الأكبر والإنجاز والتشريف، وحتى يكتمل كل شيء في صورة صحيحة، فعلى حكمنا العربي بنوزة الإستعداد النفسي والبدني، بالإضافة إلى متابعة الأمور التحكيمية وتفاصيلها الدقيقة من الآن. نترك موضوع بنوزة، ونتحدث عن المنتخب الجزائري. الجزائريون بكل صراحة لم يهضموا طريقة تحليلك أداء الحكم البنيني كوفي كوجيا في مباراة نصف نهائي كأس إفريقيا أمام مصر، كيف ترد؟ بداية أنقل كل التحية والتقدير إلى الشعب الجزائري، في سوريا تعلّمنا أن كل البلدان العربية شقيقة، وقد نعتبرها في المقام الأول قبل انتمائنا إلى بلدنا ربما، الأمر الآخر الذي أريد قوله هو أنني في عملي وعند كل مباراة أضع مشاعري جانبا، وأجرد نفسي من الجوانب العاطفية وأتخلى عن الكلام المعسول وأحاول أن أقدم التقييم بطريقة عادية ودون إثارة، هذا ما حدث وحللت حسب معرفتي ونقطة إلى السطر. لكن كثير من الحكام الدوليين في الجزائر وغير الجزائر اختلفوا معك في عدة نقاط، ما تفسيرك لهذا الأمر؟ وجهات النظر تبقى تقديرية، ولكن علينا احترام الاختلاف، هناك دول في حروب وتملك ثقافة احترام الآخر، في التحكيم يلزم المرونة مع ردود الفعل هذه، وقد يقول قائل إنه كانت هناك حالات أخرى في تلك المباراة لم نسلط عليها الضوء، وهذا صحيح فعلا، لكننا نلجأ إلى أهم اللقطات لضيق وقت فترة التحكيم في البرنامج، حيث تحدثنا عن 4 أو أهم 5 حالات بالتعاون مع معد البرنامج، حيث كان التركيز على أهم اللقطات التي تثير الجدل والتساؤل وعندما اختار وجهة نظر فهذه الوجهة تستند على عدة معطيات، أولا قانون كرة القدم، وثانيا الخبرة المتراكمة التي أمتلكها، فضلا عن مقارنة ذلك مع ما أتابعه في مختلف البطولات. كوفي كوجيا ليس حكما جيدا وليس سيئا، ولا أريد أن أتكلم عنه أكثر، بل أريد قول شيء للجزائريين. ما هو؟ ألومهم بشدة لأنهم لا زالوا يتحدثون عن أخطاء هذا الحكم، أتمنى أن ينسوه ويغلقوا صفحته نهائيا، ربما كان الأمر جائزا العودة إلى ما ارتكبه إن كان قد قام بأخطاء بعد 3 أو 4 أيام من اللقاء، لكن بعد 3 أشهر هذا كثير. يجب أن ينتهي الموضوع بسرعة، كما أن الإعلام العربي ككل وانتهاء بالجزائري مطالب بتوفير مناخ الإعداد النفسي والذهني المناسب قبل تحول “الخضر” إلى كأس العالم، أما مباراة مصر فهي من الماضي الآن لا أكثر ولا أقل، ولن يفيد في شيء العودة إليها. تحدثت عن انفعال اللاعبين الجزائريين، وقدمت لهم نصيحة بتفادي توتر الأعصاب الزائد الذي قد يكلف في المونديال. (يقاطع)... مضبوط 100 بالمائة، ريال مدريد على أرضية ميدانه خسر أمام غريمة برشلونة بنتيجة 6 مقابل 2 ولم نر حالات انفعال، هناك قرارات تحكيمية غيّرت مسار بطولات، وحتى مصائر أشخاص ومع هذا لم نر كل ذلك الانفعال. أريد أن أقول للاعبين الجزائريين شيئا بما أنهم متوجهون إلى المونديال. تفضّل... عليهم أن يتماسكوا أكثر، فالضغوط والمؤثرات دائما موجودة، وأي تصرف خارج نطاق اللعبة قد يكون مكلفا، وربما مباراة مصر كانت درسا ينبغي أخذه بعين الاعتبار. ألم تلاحظ أن انفعال لاعبي المنتخب الوطني كان في مباراة مصر فقط، والسبب كان التحكيم؟ قد تكون مباراة مصر مختلفة مقارنة بمباريات أخرى، فهي مباراة وراءها خلفيات كثيرة، فكل طرف له مناسبات سيئة مع الآخر، لكن لنكن صرحاء، في الجزائر أشد المتفائلين لم يتوقع التأهل إلى كأس العالم قبل بداية التصفيات التمهيدية، كما أن معظم المتتبعين لم يرشحوا الجزائر التأهّل إلى الدور الثاني في كأس إفريقيا، خاصة بعد هزيمة المباراة الأولى أمام مالاوي بثلاثية نظيفة، لكن التأهل الى المونديال والوصول إلى المرتبة الرابعة انجاز ممتاز رغم حدوث أخطاء فنية على مستوى التنسيق والإنسجام بين اللاعبين في أنغولا، وهي أخطاء يجب التركيز والاشتغال عليها ونسيان لقاء مصر بنهايته ما دامت النتيجة التي أنهى بها الفريق الجزائر مشاركته كانت جيدة، كما أتمنى أن يكف الإعلام عن الدور الذي يلعبه فهو من أجج نيران الفتنة وجعل المباراة حربا. بالحديث عن الإعلام، ما رأيك في التجاوزات الخطيرة التي قام بها الإعلام المصري قبل مباراة القاهرة وبعد لقاء السودان؟ مؤسف جدا ما قام به الإعلام ككل، إنه انزلاق خطير، الرياضة جامعة وليست مفرقة. وقد شاهدنا كيف أن الدبلوماسية الرياضية جمعت بين الصين وأمريكا اللذين لا يلتقيان في مباراة “بيك بونغ”، هذا في العالم الغربي فما بالك بنحن الذين يجمعنا دين واحد ووطن عربي واحد ونتحدث لغة واحدة، ولنا تاريخ طويل مشترك من التعاون والنضال، لهذا كان من المفترض أن تجمعنا تلك المباراة وليس أن تزيد في توتر العلاقات بين شعبين شقيقين. بصراحة، هل شاهدت شخصيا بعض تجاوزات الإعلام المصري المرئي، والقنوات الخاصة التي كانت تبث سمومها قبل وبعد المباريات الحاسمة؟ لا أريد أن انزلق إلى موضوع خطير وأصب الزيت على النار من جديد. أقول إن الإعلام مارس دورا سلبيا نأسف له، بعيدا عن الدورين المهني والوطني القومي، والدور الرياضي وهو تربية النفس. لقد صار المنتخبان العربيان عدوين، والبعض يتحدث بعد فوز مصر على الجزائر برباعية عن نتيجة ساحقة وألفاظ أخرى غير محببة. هذه كرة القدم وليست حربا لنستعمل هذه الألفاظ، وهي مجرد ساعة ونصف من التنافس، لهذا علينا أن نوقف كرة الثلج هذه. بأي طريقة يمكن فعل ذلك؟ أولا إذا كان هناك إعلام سيء لا يقابل بإعلام سيء آخر، التعقل مطلوب من قبل المسؤولين ومع احترامي لهم هم قادرون على لملمة الأمور وإيقاف المسيئين، وإبقاء القضية في إطارها الرياضي بعدم المبالغة لأن الأمر صار بمثابة مسلسل تلفزيوني طويل. سنصل إلى مرحلة نصبح معها أضحوكة أمام الأوروبيين الذين سيقللون من احترامهم لنا لأن الأمور بسبب مباراة كرة قدم وصلت إلى درجة خطيرة نحتاج معها إلى وقفة من طرف أصحاب القرار والمثقفين من الجانبين وعقلاء الإعلام الناضجين لمحاربة المرتزقة الذين يبحثون عن مكاسب وهمية، هؤلاء يجب إقصاؤهم وفضحهم لأنهم لا يبحثون عن مصلحة قومية ولكن عن فوائد شخصية بحتة. هناك ضجة بخصوص عقوبة شاوشي الذي عوقب ب 3 مباريات بعد طرده في مباراة مصر، هل سيغيب عن المونديال أم لا، مع العلم أنه غاب عن مباراة نيجيريا الترتيبية ا؟ العقوبات القارية تستنفد في المنافسات الدولية، حتى تكون رادعة ولها أهمية. لست متأكدا لأنني لم أطلع على قوانين “الكاف” بشكل كاف، ولكن اعتقد أن القرار سيطبق ويحرم من لعب لقاءين في كأس العالم، خاصة أنه لسوء حظه انتهت كل التصفيات ولم يعد بالإمكان استنفادها في منافسة أخرى. وتصفيات كأس إفريقيا للمحليين؟ ليس لدي إطلاع على هذه المنافسة، ولكن في رأيي وقد يكون خاطئا لأنني كما قلت لك بحاجة إلى إعادة مراجعة اللوائح من جديد، شاوشي سيغيب عن أول لقاءين في المونديال، وحتى وإن امتدت العقوبة إلى كأس العالم، فاللاعبون مطالبون بأن يكونوا في المستوى ويقدموا فوق طاقتهم حتى يمكنوا زميلهم شاوشي من لعب أكثر من مباراة في هذه الدورة، وهذا سيمر عبر تخطي الدور الأول كما تعرفون. على ذكر كأس العالم، ما هي تكهناتك بخصوص مشاركة الجزائر في كأس العالم القادمة؟ الأكيد أن المنتخب الجزائري ارتقى مستواه وتحسن أداؤه كثيرا خاصة مع تأهله إلى كأس العالم، ومشاركته في كأس إفريقيا الأخيرة. هذا التطور الذي اعتبره كبيرا جدا بمنتخب من العناصر الشابة يحتاج إلى انسجام أكثر بين اللاعبين مع تحضير جيد قبل التحوّل إلى جنوب إفريقيا. من تتوقع له من اللاعبين الجزائريين أن يتألق في كأس العالم؟ بلحاج وبوڤرة لاعبان مميزان، كما أن هناك مجموعة أخرى من العناصر الموهوبة القادرة على التألق هي الأخرى، الأمر الذي ألح عليه هو أن التحضير ضروري جدا، كما أنه من الواجب الاستغلال الأمثل للقاءات الودية قبل كأس العالم، ولم لا التباري أمام منتخبات أفضل مستوى وقيمة من الجزائر، فضلا عن دراسة قدرات كل فريق في المجموعة الثالثة. على ذكر هذه المجموعة، كيف تقرأ حظوظ المنتخب الجزائري فيها؟ المجموعة ليست سهلة، وحتى المنتخب الجزائري ليس سهلا، فريقكم يحتاج إلى تركيز ذهني ونفسي عاليين جدا، لأن الإعلام الرياضي في هذه الفترة مطالب بتوفير جو من الهدوء من أجل السماح للمنتخب بالتركيز. وإضافة إلى هذا، فإن هناك أمور الخطأ فيها ممنوع، مثل اختيار مكان التربص الأخير ومكان الإقامة في جنوب إفريقيا والمناخ وهي عوامل تدرس بحذر شديد، وإذا تمت تهيئة ظروف التألق من خلال الالتفاف الجيد والتركيز على هذه التفاصيل التي أتكلم عنها، فضلا عن ذلك تقديم اللاعبين للوجه الذي عوّدونا، فأنا متفائل باجتياز الدور الأول. ما هي الرسالة التي تقدمها للاعبي الجزائر؟ نحن نضع آمالا عريضة عليكم، يجب أن تضعوا في بالكم أنكم لستم وحدكم. ولأنكم المنتخب العربي الوحيد في هذه الدورة، فكل الشعوب العربية ستكون وراءكم وتدعمكم وتشجعكم من أجل تحقيق مشاركة طيبة، تكون مصدر فخر للكرة الجزائرية المتألقة والعائدة تدريجيا إلى مكانتها الطبيعية. نعرف جيدا أن الشعب السوري من أشد المناصرين للمنتخب الجزائري، هل تؤكد هذا؟ 100 بالمائة، المنتخب الجزائري له شعبية واسعة في سوريا، والسوريون يعرفون كل شيء عن التشكيلة الجزائرية وسيتابعون أداء رفقاء زياني بكل شغف، وتأكدوا أنهم سيكونون كبيرا وصغيرا وراء “الخضر” مثلما حصل في مونديالي 1982 و1986، كما أن الشعب المصري أتصوّر أنه سيناصر الجزائر لأن ما حدث رغم كل شيء يبقى مجرد سحابة عابرة. بماذا تريد أن تختم؟ أتقدم بتحياتي الخالصة إلى الحكمين الكبيرين لكارن وحنصال، وأتمنى التوفيق لبنوزة. أقول له إنني أثق في قدراتك لأنك حكم ممتاز، كما آمل أن يجتاز المنتخب الجزائري الدور الأول، وهذه ليست أمنية ولكنها قد تكون حقيقة لو يؤمن اللاعبون بقدراتهم ويقدمون مستواهم الذي شاهدناه في بعض اللقاءات.