قبل خمس سنوات اعتادت كل الأندية الكبيرة في إسبانيا على انفاق أموالها في فترة الانتقالات الصيفية لشراء اللاعبين مرتفعي الثمن خاصة من خارج إسبانيا.. ولم يكن الأمر مقتصرا على برشلونة وريال مدريد، وإنما كان ممتدا لأندية عديدة مثل أتلتيكو مدريد وفالنسيا وإشبيلية وفياريال وديبورتيفو لاكورون، حيث اعتادت جميعها الإنفاق ببذخ لضم أفضل اللاعبين في العالم. ولكن الوضع لم يعد هكذا، إذ أصبح مقتصرا الآن على برشلونة والريال لأنهما فقط من يستطيعان ضم أغلى اللاعبين، وهو ما لا تستطيعه الأندية الأخرى التي أصبحت تقوم بالبيع فقط. وربما يكون أحد الأسباب البارزة وراء هذا هو التوزيع غير العادل لمقابل البث التلفزيوني لمباريات الدوري الإسباني الذي يجعل من القطبين الكبيرين برشلونة والريال أكثر الأندية ثراء واستقرارا، ويجعل من الآخرين أكثر فقرا وارتباكا. وتعاني معظم الأندية الإسبانية حاليا من الديون كما تبدو مضطرة لبيع نجومها البارزين. وعلى سبيل المثال، تعاقد نادي فالنسيا في الماضي مع لاعبين ذوي أسماء لامعة مثل روماريو وكلاوديو لوبيز وبابلو أيمار ودافيد فيا، أما الآن فقد بلغت ديون نادي "الخفافيش" نحو 500 مليون أورو ويعاني النادي حاليا من فوضى إدارية ومالية ولدرجة توقف العمل في الملعب الجديد للنادي لمدة ثلاثة أعوام. وخلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية لجأ فالنسيا لبيع مهاجمه الإسباني الدولي روبرتو سولدادو إلى توتنهام الإنجليزي وفيرناندو غاغو إلى بوكا جونيورز الأرجنتيني وتينو كوستا إلى سبارتاك موسكو الروسي ونيلسون فالديز إلى الجزيرة الإماراتي. وفي المقابل، تعاقد النادي فقط مع أورويل روميو على سبيل الإعارة من تشيلسي الإنجليزي، كما ضم البرتغالي هيلدر بوستيغا من ريال سرقسطة الإسباني. وقال ميروسلاف ديوكيتش المدير الفني الجديد ل فالنسيا قبل أيام لدى إعلان النادي عن بيع سولدادو وغاغو وكوستا: "سنبذل قصارى جهدنا لنكون قادرين على المنافسة. ولكن هذا لن يكون سهلا". وفي الأسبوع الماضي، قال فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الإسباني: "الفروق الاقتصادية (بين الأندية) أصبحت هائلة الآن لدرجة أنها انتقلت إلى أرضية الملعب". وأضاف: "الشيء المثالي هو أن يكون هناك المزيد من الفرق التي تنافس على لقب الدوري الإسباني مثلما حدث قبل عدة سنوات، عندما كانت فرق فالنسيا وديبورتيفو وأتلتيكو وإشبيلية في دائرة المنافسة. سيكون أمرا رائعا أن نرى هذا يحدث". ويمثل نادي أتلتيكو مدريد نموذجا آخر على هذا التطور في الموقف، حيث وجد النادي نفسه مضطرا لبيع نجم هجومه الكولومبي الدولي راداميل فالكاو غارسيا إلى موناكو الفرنسي، وتعاقد مع ليو بابتيستاو من رايو فايكانو الإسباني ودافيد فيا من برشلونة لتعويض رحيل "النمر الكولومبي". ودفع الأتلتيكو 5ر2 مليون أورو فقط لضم فيا الذي لم يشارك إلا نادرا على مدار الموسمين الماضيين، وبالتحديد منذ إصابته في نهاية 2011 بكسر في الساق خلال مشاركته مع برشلونة في بطولة كأس العالم للأندية. واضطر إشبيلية المتعثر ماليا إلى بيع غاري ميديل وخيسوس نافاس وألفارو نيغريدو، بينما باع أتلتيك بيلباو مهاجمه الإسباني الدولي فيرناندو يورنتي ل جوفنتوس الإيطالى. كما ترك مالاغا لاعبيه خواكين وإيسكو وجوليو بابتيستا وخافيير سافيولا وجيرمي تولالان. وكانت أكبر صفقة أبرمها أي ناد إسباني لشراء لاعب هذا الصيف سواء من ناحية المقابل المالي أو الاهتمام الإعلامي هي تعاقد برشلونة مع البرازيلي نايمار دا سيلفا من سانتوس البرازيلي. ووصل نايمار إلى النادي الكتالوني وهو يعاني من فقر الدم، ولكنه سافر مع الفريق للعب إلى جوار زميله الأرجنتيني ليونيل ميسي خلال رحلة الفريق الآسيوية استعدادا للموسم الجديد. ورغم هذا، ما زال برشلونة في مرحلة البحث عن أكثر لاعب يفتقده، وهو النجم الذي يستطيع سد الثغرة في قلب الدفاع. ويحاول الفريق شراء هذا اللاعب منذ ثلاث سنوات، ولكنه فشل في التعاقد مع تياغو سيلفا من باريس سان جرمان الفرنسي ويضع عينه حاليا على دافيد لويز نجم تشيلسي الإنجليزي ودانيال آغير لاعب ليفربول. وفي المقابل، يبدو الريال هذا العام أقل تمزقا مما كان في الأعوام الأخيرة، حيث تعاقد فقط مع اللاعبين الشبان داني كارفاخال وأسيير إياراماندي وإيسكو. ومع هذا، ما زال من الممكن أن يحطم الريال الرقم القياسي العالمي لقيمة أي صفقة انتقال لاعب في التاريخ إذا رضخ لمطالب توتنهام لضم غاريث بايل. ورغم هذا أوضحت تقارير إعلامية مؤخرا أن فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد يفكر حاليا فيما إذا كان الفريق بحاجة لجهود بايل في ظل المستوى الرائع الذي ظهر عليه الفريق في فترة الإعداد للموسم الجديد، وفي ظل المطالب المغالى فيها من نادي توتنهام الذي يؤكد أنه لن يفرط في اللاعب بأقل من 110 ملايين أورو.