بعد الضجة الشديدة التي أحدثتها تصريحات بعض اللاعبين الذين يحملون الجنسيتين الجزائرية والفرنسية عن عدم وجود أي عائق يحول بينهم وبين تقمص ألوان المنتخب الجزائري في الفترة القادمة والتي خلّفت من ورائها موجة رضا ومعارضة من طرف الكثيرين، كان من الضروري أن نأخذ رأي أحد أبرز العارفين بخبايا كرة القدم الفرنسية والجزائرية على حد سواء.. وهو المدرب الأسطوري لنادي أوكسير الفرنسي ڤي رو الذي عبّر عن رأيه في الموضوع بصراحة وشفافية عكس المدير الفني للمنتخبات الفرنسية جيرار هوليي الذي أبدى انزعاجه الشديد من الرغبة التي أبداها الشبان الجزائريون الذين تكوّنوا في فرنسا وتدرجوا في مختلف أصناف منتخب “الديكة” في الالتحاق دون مشكل بمنتخب بلدهم الأصلي ورغبته في الاحتفاظ بهم، وكانت إجابات ڤي رو واضحة حيث أكّد على أنه من الضروري ترك حرية الاختيار للاعبين قبل كل شيء وقناعاتهم الشخصية هي التي ستصنع الفارق في نهاية المطاف دون قيد أو ضغط من أي طرف. نود في البداية أن نعرف آخر أخبارك؟ منذ ابتعادي عن ميادين التدريب والأيام الرائعة التي قضيتها مع نادي أوكسير أنا منشغل بأموري الخاصة والعائلية كما أني أشغل الآن محلل مباريات البطولة في إحدى القنوات الفرنسية وهو ما يدل على أنني ما زلت في عالم كرة القدم رغم ابتعادي عن الميادين بعد كل الذي قدمته لنادي أوكسير الذي لم أعرف غيره في مسيرتي، كما أني أتأسف على عدم الرد على مكالماتكم لأني حاليا متواجد (الحوار أجري صبيحة أمس) في مطار “أورلي” لاستقبال أحد معارفي وكان من الصعب إيجاد مكان أركن فيه سيارتي بالنظر للعدد الكبير من المسافرين الذين يقصدون المطار في هذه الفترة من السنة. اتصلنا بك لمعرفة رأيك في القضية التي أثارها بعض اللاعبين الذين حملوا في فترة من الفترات ألوان المنتخب الفرنسي ورغبة روراوة في استرجاعهم على غرار بودبوز لاعب سوشو وفغولي لاعب ڤرونوبل بالإضافة إلى بلفوضيل وطافر من ليون، ما رأيك؟ أعتقد أنه لا يوجد أي مانع يحول دون ذلك بل الأكثر من ذلك يمكن القول إنه من واجب رئيس الاتحادية الجزائرية أن يقوم بمثل تلك الخطوات من أجل استرجاع اللاعبين الذين ذكرتهم سابقا وهذا أمر طبيعي لأنه يريد ضمان لاعبين في المستوى باستطاعتهم مساعدة الجزائر على التألق، صحيح أن مثل هذه الإجراءات تتطلب جهودا كبيرة من أجل إنهائها في أحسن الظروف لأنه وعلى حد علمي فإن اللاعبين الذين ذكرتهم لي آنفا سبق لهم أن لعبوا في المنتخبات الشابةلفرنسا، ويجب أن نعرف إن كان القانون يخوّل لهم اللعب للمنتخب الجزائري أو لا، كما أن السؤال الذي يجب طرحه في هذه الحالة هو هل لهم الحق في الانضمام إلى الجزائر؟ وثانيا هل هؤلاء اللاعبون موافقون على حمل قميص منتخب آخر غير المنتخب الفرنسي الذي حملوا ألوانه في الفئات الصغرى؟ هذا ما يجب التأكد منه. ظهر ما يسمى قانون الباهاماس الذي سنته “الفيفا” والذي يسمح لأي لاعب تقمّص ألوان أي منتخب في الأصناف الصغرى بالالتحاق بمنتخب بلده الأصلي إذا أراد ذلك ... في هذه الحالة وكما صرحت به في بداية حديثي معكم يجب احترام قناعة واختيار اللاعبين في هذا الشأن ولا يجب ممارسة أي شكل من أشكال الضغط الذي قد يضرهم أكثر مما ينفعهم، كما أنه من الضروري جدا أن نضع في أذهاننا أن الأمر يتعلق بمستقبلهم الكروي والوجهة التي يختارونها يجب أن لا تلقى أي اعتراض من طرفنا، وعلى هذا الأساس فإن كان اللاعبين الذين ذكرتهم سابقا يريدون اللعب للجزائر يجب أن نشجعهم أما إذا لم يقبلوا الفكرة فهذا شأنهم. هناك نقطة مهمة يجب التطرق إليها، هل تعتقد أن المسؤولين على الكرة في فرنسا سيقبلون رؤية لاعبين خسروا الكثير من أجل تكوينهم يضيعون من بين أيديهم بسهولة؟ كل هذا متوقف على قيمة اللاعب وما يمكن أن يقدمه من إضافات على الميادين، فمثلا زيدان فعلوا كل شيء من أجل الاحتفاظ به ولم يسمحوا فيه رغم علمهم بأنه جزائري والنتيجة هي مساهمته في مختلف النتائج الإيجابية لمنتخب فرنسا، وصدقوني أنه لو كان هناك لاعب يملك نفس إمكانات “زيزو” في أي ناد كان ويحمل الجنسية الفرنسية وهو جزائري فمن الصعب على الجزائريين الحصول عليه، لكن إذا كان يملك إمكانات لا بأس بها لكن لا تؤهله للعب في المنتخب الفرنسي فإنه سيلعب للجزائر أو أي منتخب آخر على غرار يبدة الذي وبالرغم من إمكاناته الكبيرة والجيدة إلا أن مستواه لم يكن يؤهله للعب في المنتخب الفرنسي. مراد مغني كان يُلقّب ب”زيزو الصغير” وكل الفرنسيين كانوا ينادونه بهذه التسمية قبل التحاقه بالمنتخب الجزائري، ما رأيك؟ ليس إلى هذا الحد! فقد سبق لي أن رأيته يلعب في الكثير من المواجهات وتيقنت أنه لاعب جيد ويملك العديد من المميزات لكنه لن يصل إلى مستوى زيدان، كما أن لكل لاعب طريقته الخاصة في اللعب ولا يمكن إجراء مقارنة بينهما. هذا يعني أنكم تعتبرون زيدان حالة استثنائية في عالم كرة القدم، أليس كذلك؟ لست الوحيد الذي يقول ذلك بل العالم بأسره يقاسمني هذه الفكرة، فزيدان ظاهرة حقيقية وسأذهب إلى أبعد نقطة ممكنة وأقول لكم إن كرة القدم العالمية عرفت زيدان واحد ولا أتوقع أنه سيكون هناك لاعب آخر بنفس مواصفاته. هل يمكن القول إن الجزائر بإمكانها التألق في المونديال بلاعبين تكوّنوا وتدرّجوا في مختلف أصناف المنتخب الفرنسي كالذين ذكرناهم آنفا؟ لم يسبق لي أن شاهدتهم كثيرا لهذا لا يمكنني الحكم على الإضافات التي يستطيع هؤلاء أن يقدموها، لكني سأتكلم عن المشاركة الجزائرية في المونديال بصفة عامة والتي أتوقع أن تكون مشرّفة بكل المقاييس ويحدث منتخب بلادكم المفاجأة بل الأكثر من ذلك يمكنه احتلال المركز الثاني في مجموعته رغم صعوبة المهمة التي تنظرها بما أن البطاقة الأولى ستكون محسومة بشكل كبير للإنجليز، لأن إرادة اللاعبين الجزائريين قادرة على صنع الفارق إلا إذا حدثت أمور قد تعكر السير الحسن للمنتخب الجزائري. البعض يرى أن المهمة ستكون صعبة لأن الإصابات التي يعاني منها بعض لاعبينا قد تؤثر على مستوى منتخبنا الوطني، ما قولك؟ ليكن في علمكم أن شبح الإصابات أصبح يطارد حتى الفرنسيين والعديد من المنتخبات الأخرى وليس المنتخب الجزائري فقط لأن الفترة الحالية التي تتزامن مع خروج فصل الشتاء ودخول فصل الربيع ثبت علميا أنها تحمل مفاجآت غير سارة للعديد من اللاعبين وهي الأصعب في الموسم بشهادة المختصين، وأي لاعب مهما كانت درجة قوته فإنه يتعرض للإصابة بمجرد تدخل بسيط مع المنافسين، وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار هذه الإصابات عادية والكل سيكون في الموعد قبل انطلاق المونديال القادم وأنا متأكد من كلامي. كلامك يحمل في طياته الكثير من التطمينات لمناصري المنتخب الجزائري ... هذا من حسن حظي، كما أريد أن أضيف أمرا مهما. تفضّل ... يجب أن يتحلى اللاعبون المصابون بقوة ذهنية كبيرة من أجل تجنب هذا الظرف الطارئ، وأرى أن عامل القوة الذهنية مهم في مثل هذه المواقف ... تقبلوا اعتذاراتي من فضلكم لأني مضطر الآن إلى قطع المكالمة بما أن الشخص الذي أنتظره وصل لتوه، لكني تحت تصرفكم كلما أردتم ذلك ويشرفني كثيرا الحديث إلى جريدتكم المحترمة.