لولا الأمل الذي عاش لحظاته ورأى مستقبله ، النبي يونس وهو في ظلمات بطن الحوت وقاع البحر والليالي المظلمة ، يدعو ويبتهل ويستغفر ... موقناً أن من كتب عليه هذا الواقع ، سيكتب له واقعاً آخر ، ما استمر في التسبيح والتهليل والاستغفار ، ولكان قد استسلم لليأس وجلس ينتظر مصيره أو الموت .. بوضوح واختصار ، لا حياة لمن لا يعيش على أمل ، أي أمل ، وإن كانت ضئيلة النسبة .. لا حياة لمن لا أمل له ، أو هكذا يمكن أن نفهم قوة الأمل في النفس . هذا يدفعنا إلى التساؤل بالقول : هل هناك إنسان يعيش دون أمل ؟ قد أجيب على الفور فأقول : بالطبع لا . لماذا ؟ لأن بالأمل نتزود لحياتنا والسير في طرقاتها ودروبها ودهاليزها ، وبدون هذه الطاقة لن نقدر على السير .. هكذا أفهم قوة الأمل الجبارة .. يقال بأن الأمل هو أن تتوقع نتائج ايجابية لما تقوم به ، بل يقال بأنه ليس فقط توقعك للنتائج الإيجابية القادمة ، أو أن تحلم بها فحسب ، بل الشعور بالثقة التامة والتأكيد على إن تلك النتائج في متناول يديك وتصل إليها عما قريب . هذا ما يعرفه المتفائلون .. يضيف أولئك المتفائلون وأصحاب الآمال الكبيرة في تعريفاتهم لهذا الشعور أو الأمل الذي نتحدث عنه ، فيقولون بأن الأمل هو القول بأنك تستطيع القيام بعمل ما وإنجازه دون تردد . وهو في الوقت نفسه دعوة لتحسين العمل وتجويده ، وأنك ستصل إلى الأفضل عبر المزيد من التدريب على ذلك العمل . من هنا يتبين لنا بأن الأمل ليس يعني الانتظار هكذا إلى أن يأتي الفرج .. إنه النظر باستمتاع وتفاؤل إلى البعيد أو إلى المستقبل القادم ، وعندك توقعات ايجابية لما يمكن أن يحدث بعد حين من الدهر قليل . هذه هي حقيقة الأمل التي هي بمعنى آخر مختصر ، الإدراك بأن الحياة مستمرة إلى حين وأنها متينة قوية ، وأن المعجزات تحدث يومياً. الأمل إذن هو صوت داخلي وجذوة متقدة بالنفس ، تدفعك إلى عدم اليأس والركون إلى الأوهام والارتماء في أحضان الفشل والفاشلين أو اليأس واليائسين ، حتى لو كانت حياتك مليئة بالأحزان والهموم والغموم ، وحتى لو كنت تمر بأوقات عصيبة صعبة . الأمل هو هدية ونعمة لا تقدر بثمن ، منّها الله علينا . هدية لها مفعول السحر في النفوس ، تجعلنا نستمر في المحاولة تلو الأخرى في أعمالنا يوم أن نفشل فيها ، وتجعلنا نستمر في التعلم واكتساب خبرات هذه الحياة ، ونستمر في الحب والعطاء وكيفية التكيف مع متغيرات هذه الحياة المتقلبة .. فهكذا نفهم الأمل ، فكيف تفهمه أنت ؟