يعتقد الكثيرون ممن لم يتنقلوا بعد إلى مدينة مراكش أن الأجواء هادئة ولا وجود للحركة بالنظر إلى درجة الحرارة المرتفعة التي بلغت أمس 37 درجة، لكن ما وقفنا عليه مختلف تماما من خلال جولتنا في أكبر شوارع المدينة نهاية الأسبوع إلى "شارع الأمراء" الذي يشهد إقبالا كبيرًا من السياح يوميا بالإضافة إلى ساحة جامع "الفنا" الشهيرة هنا ب مراكش إلى جانب مسجد الكتبية، حيث أننا تنقلنا إلى هناك قصد إنجاز روبورتاج يتعلق بجس نبض الشارع المغربي قبل أسبوع عن موعد الداربي الكبير بين منتخبنا الوطني ونظيره المغربي يوم 4 جوان القادم. (19.00) الوجهة شارع الأمراء كانت الساعة تشير إلى تمام السابعة حين أخذنا سيارة أجرة من قلب المدينة فيما كانت الوجهة شارع الأمراء الشهير هنا أيضا في مراكش، وهو الذي يعرف توافد الآلاف من السياح يوميا وتجد فيه مختلف الجنسيات العالمية، ونحن على سبيل المثال التقيا بسياح من فرنسا، البرازيل، النرويج، والولايات المتحدةالأمريكية، لبنان، السنغال، وغيرهم من السياح الذين يفضّلون مدينة مراكش السياحية لقضاء العطلة السنوية، وما وقفنا عليه هنا في هذا الشارع أن الجميع سواسية فليس هناك أي فرق في المعاملة بين من هو مغربي، جزائري، إفريقي أو أوروبي والجميع يعمل بشعار واحد هو "مراكش مدينة عالمية ومرحبا بالجميع فيها من دون استثناء". (20.00) بعض المغاربة تعرفوا علينا في ساحة "جامع الفنا" قضينا ما يقارب ساعة ونحن نتجوّل في شارع الأمراء ثم إلى ساحة جامع الفنا الشهيرة هي الأخرى من أجل إنجاز الروبورتاج لكننا كدنا نعود خائبين لأن الأجواء كانت ميتة بعض الشيء على عكس ما كنا نتوقعه، لكن عند مرورنا على أحد المحلات الكبيرة الموجودة على الطريق وفور إلقائنا السلام على البائع هناك تعرف علينا ونادانا لأجل التأكد من أننا حقا جزائريين، فسألناه كيف تعرفت علينا فأجاب "لا أدري لقد لمحتكم تمرون من هنا أكثر من مرة ولا تتحدثان كثيرا، وهي من صفات الجزائريين حسب معرفتي بهم"، ومن هذا الحديث المصغر انطلقنا في العمل حيث نادى بعض أصدقائه الذين جلبوا معهم رايات مغربية وهم الذين يحضّرون للتنقل بقوة يوم 4 جوان إلى الملعب لمناصرة رفاق الشماخ. استفزونا بالفوز علينا بنتيجة عريضة وبعدما تعرف علينا رفاق بائع المحل استفزونا كثيرا براياتهم وبأنهم سيلحقون بنا هزيمة نكراء يوم 4 جوان لأنهم الأحسن والأقوى، وهو أمر طبيعي لمّا يصدر هذا الكلام من مناصر مغربي وفيّ لمنتخب بلاده، فتفاعلنا معهم واستفززناهم بدورنا بأننا سنعود إلى الجزائر بالنقاط الثلاث ونتركهم خائبين مثلما كان عليه الحال في لقاء الذهاب، فدخلنا في نقاشات كروية لكنها لم تتجاوز الحدود لأن الأجواء كانت حميمية وأخوية إلى أبعد الحدود. بعد دقائق التحاق مفاجئ لثلاثة مناصرين جزائريين بعد مكوثنا أمام المحل لبضع دقائق لمحنا شخصين يتجهان إلى المحل، ولم يكن الغرض من وراء ذلك اقتناءهم للملابس بل لأجل الدخول في النقاشات، ومن الوهلة الأولى تعرفنا عليهما بالنظر إلى اللهجة التي يتحدثان بها، فهما مناصران جزائريان قدما من مدينة مستغانم لأجل قضاء بعض أيام للراحة هنا في مراكش ويستغلان الفرصة أيضا لحضور اللقاء يوم 4 جوان، وقد فرحا كثيرا لمّا وجدا بأننا أيضا جزائريون وصار عددنا أربعة (صحفيا الهدّاف ومناصران من مستغانم فريد ونبيل)، وبعد إخراجهما للرايات الوطنية فجأة التحق مناصر جزائري آخر يدعى جمال وهو تاجر من غرداية. ردّوا على المغاربة بإخراجهم الرايات الوطنية وكما أشرنا إليه من قبل فقد أخرج المناصرون الجزائريون راياتهم الوطنية وردوا على نظرائهم المغاربة ليكون بذلك صحفيا الهدّاف السبب وراء إطلاق أول شعلة للحماس، واشتعال داربي المغرب مع الجزائر، فالتف العشرات من المغاربة وصنعوا أجواء بهيجة توحي بأن كل شيء يسير على أحسن ما يرام، ومن دون أن تحدث أي تجاوزات. وللأمانة فقط فإن المغاربة الذين التقينا بهم من خلال إجرائنا الروبورتاج رحبوا بنا بطريقة رائعة وأشعرونا بالأمان في بلدهم وليس هناك أي سبب للتخوّف من حدوث تجاوزات. مناصر مغربي تردّد في حمل الراية الجزائرية اجتمع ما يفوق العشرين شخصًا أمام المحل المتواجد في شارع الأمراء الذي تحدثنا عنه من قبل فإذا بأحد المناصرين المغاربة قد لفت انتباهنا، بحيث كنا نأخذ صورا لأنصار المنتخبين معا وكان الجزائريون يرفعون الراية المغربية ونفس الشيء بالنسبة للمغاربة الذين رفعوا الراية الوطنية، ولكننا لمحنا ذلك المناصر الذي رفض في البداية رفع الراية الجزائرية، حيث كان مترددا، ولما استفسرناه عن سبب تردّده أكد لنا بأنه لم يسبق له أن رفع أي راية بلد غير بلده المغرب فتقدمنا نحوه ورفعنا الراية المغربية والجزائرية معا، وأكدنا له بأنه ليس في الأمر أي مشكلة لمّا يتعلق ببلدين مسلمين عربيين، فاقتنع بسرعة وحمل الراية الوطنية وغمرته فرحة كبيرة. ارتفاع درجة الحرارة لم يعكّر صفو الأجواء صحيح أن درجة الحرارة مرتفعة هنا في مراكش، فبعدما انخفضت يومي الثلاثاء والأربعاء فإنها ارتفعت مجددا نهاية هذا الأسبوع وتراوحت ما بين 36 و40 درجة مئوية، إلا أن ذلك لم يعكّر من صوف أجواء الاحتفالات لأن سكان مراكش تعودوا على مثل هذا الطقس الحار فيما تفاعلنا معهم بحكم تلك الاحتفالات والفرحة التي غمرتنا بعد الاستقبال الحار الذي خصنا به إخواننا هنا بالمغرب ولم نشعر إطلاقا بحرارة الطقس. الاحتفالات انطلقت أسبوعا قبل اللقاء في مراكش انطلقت الاحتفالات هنا في مراكش أسبوعا قبل اللقاء وربما كان مبعوثا "الهدّاف" سببا في ذلك، لكن مع مرور الأيام واقتراب موعد اللقاء أصبحنا نشعر أكثر بارتفاع حمى "الداربي"، وهو ما يوحي بأن الحركة في الأيام المقبلة ستكون أكبر خاصة مع التحاق الجماهير الجزائرية والمنتظرة بأعداد تتراوح ما بين 2000 و3000 آلاف مناصر من أرض الوطن فيما بدأ وصول البعض من الجالية الجزائرية، فقد التقينا بالفندق الذي نقيم فيه هنا بمراكش "أڤدال" بعائلة جزائرية جاءت خصيصا من كندا لأجل حضور اللقاء. الراية الجزائرية مع المغربية الأفراح عمّت حقا شارع الأمراء وساحة جامع الفنا هنا بمراكش، حيث ارتفع عدد الحضور، وحتى بعض الأجانب أبوا إلا أن يشاركونا فرحتنا وهم الذين أثارهم الفضول بخصوص سبب هذه الاحتفالات ورفع الرايتين الجزائرية والمغربية سويا في شاكلة انتصار للبلدين، وبعدما علموا بأن هناك مباراة في كرة القدم بين المنتخبين على الأبواب فإنهم فرحوا، وعلّقت سيدة فرنسية على ذلك قائلة: "من الرائع أن نرى الشباب من مختلف البلدان يتقاسمون الفرحة بسبب كرة القدم التي لمت الشمل، إنه حقا لأمر رائع". محمد(تاجر مغربي) عاشق ل مبولحي (يرجى استعمال الصورة) وتنقلنا بعدها إلى محل تجاري آخر، وما لفت انتباهنا أكثر هو أن البائع كان يرتدي قميصا للمنتخب الوطني باللون البنفسجي ويحمل اسم الحارس مبولحي، فأثارنا الفضول واقتربنا من البائع وسألناه عما إذا كان جزائريا فوجدنا بأنه مغربي الجنسية والأصول وليس له أي علاقة بالجزائر، وبعدما استفسرنا عن السبب الذي جعله يرتدي قميص المنتخب الوطني وبالخصوص الحارس مبولحي، فرد علينا بأنه عاشق للجزائر وللحارس مبولحي الذي يعتبره مغربيا على حد قوله. محمد: "أحب مبولحي لأنه يشبه كثيرا المغاربة" وواصلنا الحديث مع هذا البائع الذي فرح كثيرا بملاقاتنا واعتقد أننا مناصران جزائريان لكننا أخبرناه أننا صحافيان جزائريان فأبى إلا أن يدلي لنا بتصريح عن اللقاء وعن حارسه المفضل في العالم رايس مبولحي الذي قال عنه: "لا أدري لماذا أحب مبولحي، فمن أول لقاء شاهدته فيه أمام إنجلترا أعجبني كثيرا وأشعرني بالفخر وأنا أشبهه كثيرا للمغاربة في خفته ولون بشرته وأتمنى من صميم قلبي أن تسنح لي الفرصة للالتقاء به وأخذ صورة تذكارية معه وسأحتفظ بها إلى الأبد". "بعد تأهلكم إلى المونديال حققت أرباحا قياسية" وفي نقطة أخرى تطرقنا فيها للحديث مع محمد البائع في المحل تعلقت بالعمل الذي يقوم به ببيع الملابس الرياضية، فأكد لنا بأنه حقق أرباحا كبيرة العام الماضي ببيعه لأقمصة المنتخب الوطني الجزائري خاصة بعد التأهل إلى كأس أمم إفريقيا وكأس العالم وقال أيضا: "لقد حققت أرباحا قياسية بفضل مبيعات الألبسة المتعلقة بالمنتخب الجزائري، فزبائني العام الماضي كانوا يطلبون مني بكثرة جلب كل ما يتعلق بالجزائر وهم من المغرب وبذلك فحتى في حال فاز المنتخب الجزائري أمام المغرب فلن أكون حزينا لأنني سأفكر مثل التجار وأكون المستفيد مقارنة بالبقية (يضحك)". فريد (مناصر جزائري من مستغانم): "لا نشعر في مراكش بأننا خارج الجزائر" وعن المناصرين الجزائريين فريد ونبيل القادمين من مدينة مستغانم، فإنهما تحدثا عن اللقاء وفرحا كثيرا للأجواء السائدة هنا في مراكش، وهما اللذان يقضيان بعض العطلة والتي سيكون ختامها التنقل إلى ملعب مراكش الكبير، فقال فريد: "صراحة لا نشعر هنا في مراكش بأننا خارج أرض الوطن، فنحن نتجول بالراية الوطنية بكل حرية ولا أحد اعترض طريقنا بل بالعكس الترحاب كبير وهذا يشرفنا كجزائريين ويشرف المغاربة أكثر على ترحابهم"، ونفس الانطباع تقريبا كان لصديقه نبيل. جمال (تاجر من غرداية): "مناصرة المنتخب الوطني خارج البلاد لها طعم خاص" أما عن التاجر الجزائري الذي أراد ضرب عصفورين بحجر واحد ويتعلق الأمر ب جمال الذي يوجد هنا في مراكش لأجل إبرام بعض الصفقات التجارية من جهة ولمناصرة المنتخب الوطني يوم 4 جوان، فقد قال لنا:"أنا متعوّد على التنقل إلى المغرب ولديّ عدة علاقات في مراكش، وفرحت كثيرا لما تمّ تعيين الملعب الجديد لاحتضان اللقاء، لأنني سأحضر يوم 4 جوان وأناصر "الخضر" ولا يمكنك أن تتصوّر كم هو رائع مناصرة "الخضر" خارج البلاد والطعم الخاص الذي لديه". عمال مطعم "سناك عمر" أصرّوا على أخذ صورة بالراية الوطنية بعد أن انتهينا من جولتنا في شارع الأمراء وساحة جامع الفنا هنا بمراكش، أردنا أخذ قسط من الراحة وتوجّهنا إلى المطعم الأول الذي وجدناه في طريقنا وهو مطعم "سناك عمر" المتخصّص في طبخ السمك، وبعدما تعرّف علينا عمال المطعم لم يشأوا مفارقتنا، ولمسنا عندهم طيبة أذهلتنا بحيث عاملونا مثل الأمراء وكانوا يستفسرون كثيرا عن الأوضاع في الجزائر والطريقة التي يفكر بها الشباب هنا، وهم الذين لا يعرفون الكثير عنا. وبعد انتهائنا من تناول الوجبة ألحوا على أخذ صورة تذكارية بالراية الجزائرية وهو ما كان لهم. (02:00 صباحا) ... وسكان مراكش لا ينامون عندما تناولنا وجبة العشاء لم نشأ مغادرة ساحة جامع الفنا باتجاه الفندق الذي نقيم فيه وهو الذي يتواجد في قلب مدينة مراكش، وبالنظر إلى الحركة الكبيرة في الشوارع سالفة الذكر (ساحة جامع الفنا، شارع الأمراء)، فإنه كان من الصعب المغادرة بحكم تواجد عدّة فرق فلكلوية، الحماس، السياح من كلّ أنحاء العالم، الكاليش، الثعبان، القردة وكلّ ما يخطر في ذهنك تجده هناك، ودون أن نشعر وجدنا عقارب الساعة تشير إلى الثانية صباحا، لكن الحركة كانت هي نفسها وسكان مراكش لا ينامون إلى غاية ساعة متأخّرة من الليل، فيما يخلدون للنوم في النهار. واضطررنا إلى مغادرة المكان باتجاه الفندق لأجل الخلود للنوم، لأن عملا كبيرا كان في انتظارنا باليوم الموالي. إجماع على إنجاح العرس مهما كانت النتيجة ومن خلال "الروبورتاج" الذي أنجزناه في مدينة مراكش التي ستحتضن لقاء منتخبنا الوطني مع نظيره المغربي يوم 4 جوان، فإن سكان هذه المدينة وحتى السلطات المحلية تسعى جاهدة لإنجاح هذا "الداربي" ليكون عرسا كبيرا بين المغرب والجزائر يسمح من خلاله المغاربة وبالخصوص هنا في مراكش، لإعطاء صورة طيبة عن مدينتهم التي تتنفس بالسياحة التي تعتبر مصدر رزقهم الوحيد، ويردّون بذلك عن الانفجارات التي ضربت إحدى مقاهي المدينة منذ شهر.