يعود بنا المدرب المساعد السابق ل “الخضر” جلول زهير في هذا الحوار إلى المباراة التي جمعت الجزائر بمنتخب كوت ديفوار خلال نهائيات كأس إفريقيا 2010 بأنغولا، ويكشف لنا كيف حتى تمكن وسعدان من إيجاد الطريقة الملائمة للإطاحة بالمدرب الحالي للمنتخب وحيد حليلوزيتش، كما يعطي رأيه في هذا الأخير، ويتحدث عن إبعاد بن شيخة ومشكل الهجوم الذي يؤرق البوسني اليوم. في البداية، ما هي أخبارك، وهل من اتصالات وعروض تحسبا للموسم المقبل؟ أنا في الوقت الحالي أستفيد من الراحة لأني متعب بعض الشيء، وبخصوص الاتصالات فقد تلقيت عروضا من خارج البلاد، درستها وبعد ذلك توصلت إلى قناعة وهي عدم الإشراف على أي فريق إلى غاية شهر أكتوبر المقبل، أفضل أن أقضي العطلة وشهر رمضان رفقة عائلتي الصغيرة على أن أعود إلى مجال التدريب الموسم المقبل. تلقيت عروضا لوحدك أم مع الشيخ سعدان؟ منها عروض لوحدي وعروض أخرى كي أكون رفقة الشيخ سعدان، لا يخفى عليك أنني وطيلة أربع سنوات لم أستفد من الراحة بسبب ارتباطاتي مع المنتخب الوطني، لكنني الآن أستمتع مع الأولاد والعائلة، الحياة لا تبنى على الأموال وفقط، فهناك الحياة الشخصية للإنسان، هناك أبناؤه، لذلك أنا أعطيهم اليوم وقتي، وإن شاء الله بعد شهر رمضان سأفصل في مستقبلي. نريد أن نعود بك قليلا إلى الخلف، ما تعليقك على استقالة بن شيخة ومجيء البوسني وحيد حليلوزيتش؟ بن شيخة صديق وزميل في المهنة، لا ولن أنتقد مسيرته مع المنتخب، لا سيما وأننا اشتغلنا سويا لفترة زمنية معينة، أعتقد أن أسباب رحيله واضحة، وهي متعلقة بالنتائج التي سجلها، وأعتقد أن خسارة المغرب في مراكش هي القطرة التي أفاضت الكأس وجعلته ينسحب، أنت تعرف أن مستقبل أي مدرب مرتبط بالنتائج، وبن شيخة لم يسعفه الحظ كما أن النتائج لم تكن في صالحه فرمى المنشفة، ومع ذلك فهو يبقى مدربا محترما في نظري، مدرب شاب قادر على التأكيد في محطات أخرى مستقبلا، مثله مثل أي مدرب محلي آخر، لأن الجزائر تزخر بالكفاءات في مجال التدريب، ومن الخطأ أن ندفن المدرب المحلي ونحكم عليه بالفشل، لأن مختلف إنجازات منتخبنا الوطني دوليا كانت بفضل المدرب المحلي، فمن أهل الجزائر ل “الكان” والمونديال؟ المدرب المحلي، من توج الجزائر بالكأس القارية الوحيدة؟ المدرب المحلي، وغيرها من الإنجازات العديدة التي حققها المدرب الجزائري، على المسؤولين أن يضعوا ثقتهم فينا، وأذهب معك بعيدا... تفضل. لا أريد أن أحصر حديثي على المدرب المحلي وفقط، بل حول الإطار الجزائري في جميع المجالات، شخصيا زرت جامعة “هارفارد” ببوستن ووجدت مدرسين جزائريين يشرفون على تدريس الأمريكيين وغيرهم، لدينا كفاءات في الطب، في الاقتصاد في التسيير وفي كل المجالات، أعود للرياضة، من كان يشرف على تدريب البطل العالمي نور الدين مرسلي؟ شقيقه، من كان يدرب منتخبات كرة اليد والسلة؟ مدربون محليون، لدينا في الكاراتي أبطال عالميون دربهم جزائريون أيضا، واليوم يريدون أن يدفنوننا وهذا خطأ كبير، لأننا أحببنا أم كرهنا فإن نجاح الجزائر مرتبط بالمدرب المحلي. إذن المدرب الأجنبي وحيد حليلوزيتش سيفشل لا محالة؟ لم أقل هذا، ولن أنتقد قرار تعيينه لكن بودي أن أؤكد أننا حققنا إنجازات خلال الموسمين الماضيين بفضل الكفاءات المحلية، تسيير من أعلى مستوى برئاسة روراوة، تنظيم محكم بإشراف جهيد زفزاف ووليد صادي، كفاءات عالية ضمها الطاقم الطبي، وطاقم فني مكون من أعضاء 100 من المائة محليين، واليوم لا أدري كيف يقال عنا إننا فشلنا، وإنهم منحونا آخر فرصة في عهد بن شيخة، وغير ذلك. لنعد للحديث عن البوسني، هل تراه قادرا على قيادة “الخضر” إلى بر الأمان؟ صراحة، وحيد حليلوزيتش مدرب كبير، كفء، لديه المستوى كي يقود منتخبا كبيرا من حجم الجزائر، أعتقد أن الوقت سيكون في صالحه، وأعتقد أيضا أنهم منحوه الثقة التامة منذ البداية، والآن فلننتظر النتائج، لأنها هي التي ستحكم عليه. تذكر جيدا، أنك أنت و”الشيخ” سعدان تسببتما في إقالته بعد 24 مباراة لم ينهزم فيها مع منتخب كوت ديفوار، لكن ما إن فزتما عليه مع المنتخب في “كان 2012” حتى أقيل من منصبه. بطبيعة الحال أذكر جيدا تلك المباراة التي حضرنا لها قبيل لقاء أنغولا الذي لعبناه بأقل مجهود، حيث ادخرنا طاقاتنا للمنتخب الإيفواري بعدما ضمنا التأهل للدور ربع النهائي، ولدى وصول موعد لقاء كوت ديفوار عاينا بعض أشرطته المتعلقة بالإقصائيات وبعض الأشرطة المتعلقة بنهائيات كأس إفريقيا 2010، ووفقا لما وقفنا عليه ضبطنا الخطة التي قررنا انتهاجها، أعترف أننا كنا ندرك صعوبة المهمة بما أننا كنا على موعد مع أكبر مرشح لنيل اللقب القاري، لكننا ومع ذلك عرفنا كيف نجنب لاعبينا أي ضغوط، وكيف نجد الوصفة المناسبة للإطاحة بالمنافس. وما هي هذه الوصفة؟ أنت تعلم أنهم استفادوا من راحة مدتها 9 أيام لم يلعبوا في أي مباراة، حينها “الشيخ” تيقن من أن المدرب حليلوزيتش سيركز على شحن بطاريات لاعبيه، وتكييف العمل البدني لتدارك ما فاتهم بسبب اكتفائهم بخوض مبارتين وفقط، وبسبب تلك الراحة الطويلة التي ركنوا لها، وأتذكر ما قاله لي الشيخ بالضبط يومها. ما الذي قاله لك؟ قال لي: “جلول إن صدق ما فكرت فيه، فإننا سنهزمهم بدنيا في هذه المباراة، أعتقد أن حليلوزيتش سيشحنهم بدنيا أكثر من اللازم، وتلك الكثافة سوف تنعكس سلبا على أدائهم يوم اللقاء”، وهذا ما حدث فعلا. عد بنا إلى سيناريو تلك المباراة، كيف عشتماها؟ البداية كانت صعبة لأنهم هم من سجلوا هدف السبق لكننا عدنا بقوة وعادلنا النتيجة، قبل أن يسجلوا علينا هدفا مباغتا في آخر دقيقة من عمر اللقاء، أعدنا الرد عليه في الوقت الإضافي، قبل أن نحسم الأمور لصالحنا في الوقت الإضافي الذي أنهكت فيه قوى المنافس، وتغلبنا عليه بدنيا وسجلنا الثالث وكان بوسعنا أن نضيف الرابع والخامس والسادس لو استغلينا الفرص العديدة التي أتيحت لنا، لقد أتعبناهم يومها باحتفاظنا بالكرة، وفزنا عليهم بدنيا مثلما قال “الشيخ”، نتيجة وأداء وعن جدارة واستحقاق، وخرجنا مرفوعي الرأس، وفي النهاية اختيرت تلك المباراة من أحسن مباريات “كان 2010” وصنفت في أحد مؤتمرات “الفيفا” من بين أحسن المباريات أيضا، وهذا فخر لنا ولكل الجزائريين. هل توقعتما أن تقيلا حليلوزيتش يومها وهو الذي لم ينهزم في 24 مباراة قبل مواجهة الجزائر؟ هل تعرف لماذا أقيل؟ لأنه لم يحقق الهدف المطلوب منه، حليلوزتيش لما عينوه على رأس المنتخب الإفواري، كان ذلك من أجل نيل لقب كأس إفريقيا، لا أن يكتفي بلعب 24 مباراة دون خسارة، ويوم فزنا عليه كان من المنطقي أن يقال من منصبه بما أنه لم يحقق الهدف المنشود. كيف تتوقع أن تكون مهمته مستقبلا، مع مجموعة تعرفها جيدا؟ صراحة ستكون صعبة للغاية، المنتخب غادر تصفيات كأس إفريقيا مؤخرا، أدرك أن المعنويات محبطة، ومن الصعب أن يبني المنتخب من جديد في ظرف وجيز، الجزائر في وقت مضى كان عليها أن تنتظر 24 سنة كي تعود للمشاركة في المونديال، والآن من الصعب جدا أن نعود سريعا للمشاركة فيه، لا بد للمدرب أن يعيد الثقة للاعبين الذين يعانون من مشكل نفسي، جعلهم اليوم لا يقوون على التسجيل، ولا على تحقيق الفوز ولا تسجيل الأهداف، من قبل كنا نواجه السنغال، مصر، زامبيا، مالي وكبار المنتخبات من أجل الفوز، لكن اليوم تغيرت المعطيات وصار اللاعبون يعانون من ضغط نفسي جعلهم غير قادرين على تحقيق ما حققوه في السابق. هل تعتقد أنهم تراخوا بعض الشيء بعدما شاركوا في المونديال الأخير؟ لا أعتقد ذلك، لكنهم في حاجة إلى وقت لتجاوز مرحلتهم العصيبة هذه، لابد من ضخ دماء جديدة في المنتخب (نقاطعه). بمعنى تغيير اللاعبين؟ كنت ولا زلت مع الاستقرار، لكن لابد من بعض التغييرات، أن نحتفظ بالركائز طبعا، ونضيف لها عناصر جديدة تكون قادرة على تقديم الإضافة، أنت تذكر أننا في “المونديال” الأخير دعمنا المنتخب ب 5 عناصر جديدة صارت اليوم من ضمن الركائز، في صورة لحسن، مبولحي، قادير، بودبوز، وأعيد وأكرر أنا مع الاستقرار، لأن المساس بالاستقرار هو الذي أدى بنا إلى ما نحن عليه اليوم. كيف ذلك؟ طاقم سعدان قام بعمل جبار، غادر كل أفراده فجيء بطاقم بن شيخة الذي غادر كله الآن، وها هو طاقم جديد بقيادة حليلوزيتش يعين الآن، ولا ندري كم سيعمر، هذا التغيير في كل موسم لن يجدي منتخبنا نفعا صراحة، علينا أن نحافظ على استقرار المنتخب حتى نجني نفس الثمار التي جنيناها موسمي 2009 و2010. حليلوزيتش في أول ندوة صحفية عقدها تحدث عن عيوب المنتخب، وغياب النجاعة الهجومية، وكثرة الأخطاء الدفاعية، فهل تعترف بأن المنتخب حقّا كان ولا يزال يعاني من الهجوم؟ على ما أعتقد أنّنا في السابق هزمناه بنفس العناصر الحالية بثلاثية. هو يقصد الفترة الأخيرة التي صار فيها المنتخب غير قادر على التهديف وغير قادر على الفوز. واجهنا نفس الحال لدى تولينا مهمة تدريب المنتخب أنا وسعدان، وجدنا المنتخب مهلهلا في كافة خطوطه، حوّلنا المنتخب إلى ورشة حقيقية، بدأنا بالخط الخلفي إلى أن وجدنا تركيبته المثلى، انتقلنا لخط الوسط بشقيه الدفاعي والهجومي، إلى أن وجدنا عناصره الملائمة، انتقلنا إلى الهجوم جربنا لاعبين محليين وآخرين محترفين، ونجحنا، وعليه الآن أن يقوم بنفس الشيء، بمعنى أن ينطلق من نقطة الصفر كي يعيد بناء التشكيلة من جديد. سلاحكم الفتاك كان الكرات الثابتة، أليس كذلك؟ هو حل من الحلول وفقط، سجلنا من وضعيات مختلفة، والكرات الثابتة حل من الحلول، لكنها للأسف الشديد في الفترة الأخيرة لم تعط ثمارها، بدليل أن منتخبنا لم يعد يسجل بها فأمام المغرب لم نفلح في التسجيل منها. في حال ما انطلق حليلوزيتش من نقطة الصفر، ما الذي عليه أن يقوم به؟ يجدد الدماء بجلب بعض اللاعبين الشبان، بشرط أن يحافظ على الركائز الأساسية، وأن يحول المنتخب إلى ورشة حقيقية مثلما قمنا به في عهد الشيخ سعدان، أعتقد أن هذا المدرب محظوظ بعض الشيء. كيف ذلك؟ محظوظ لأنه سيستفيد من وقت طويل كي يبني فيه المنتخب من جديد، لا يخفى عليك أننا أقصينا من تصفيات كأس إفريقيا 2012 تقريبا، وبالتالي فإن مبارتي تانزانيا وإفريقيا الوسطى ستكونان فرصة له كي يتحك باللاعبين، كي يقف على مستواهم عن قرب، كي يكتشف العيوب والنقائص، ويكتشف في آن واحد نقاط قوتهم، كي يجرب لاعبين جددا، على أن ينطلق بقوة في التصفيات المقبلة لسنة 2013 وتصفيات مونديال 2014، وهو مطالب بالنظر إلى ما سيتقاضاه بإيجاد الحلول سواء في الهجوم أو الدفاع. في الأخير بودنا أن تعلق على ما قاله جبور مؤخرا ل “الهداف”، عندما صرح قائلا: “سعدان لم يكن يحبني”. صراحة تفاجأت لمزاعمه هذه، مثلي مثل “الشيخ” الذي أشهد له أمامكم وأمام الله، بأنه لا يكره أي شخص في الدنيا ويحب كل الناس، هو شخص مسامح، مسالم وكريم، يحب لاعبيه، وحتى من تحدثوا عنه بالسوء يحبهم، يحب منصوري ويحب لموشية مهما حصل له معهما، ويحب جبور الذي ما كان عليه أن يقول هذا الكلام، لأنه كذب عليكم. في الأخير لك حرية الختام... أتمنى أن يخرج منتخبنا من محنته، وأتمنى أن يثق المسؤولون في الكفاءات المحلية وألا يدفنونا قبل الأوان، وأقول للشعب الجزائري إن سعدان كان يمشي في الطريق الصحيح، وكان يعمل من أجل خدمة المنتخب، والحمد لله خدمه وكان مستعدا لخدمته أكثر، وإنّ بعض من كانوا يقولون إن منتخبنا هذا سيمشي لوحده دون طاقم فني كان مخطئا، لأن منتخبنا اليوم تراجع خطوات إلى الخلف، ولا بد للمدرب الجديد أن يكون له وقت طويل كي يبنيه من جديد، وهذا ما نتمناه.