غريب ما يحدث خلال بداية تربص المنتخب الوطني التحضيري للقاءي تونس والكامرون، ففي الوقت الذي كانت كل المؤشرات توحي بأنّ هذا التربص الذي سيمكث فيه لاعبونا لأسبوع مع بعضهم، وسيخوضون مبارتين وديتين في ظرف قصير وهو ما لم يحدث منذ فترة، حدث ما لم يضع له البوسني وحيد حليلوزيتش حسابا، بعدما التحق بتعداده ما لا يقل عن ستة لاعبين مصابين (مصباح، غزال، جبور، زياني، جابو، يبدة العائد من الإصابة)، بالإضافة إلى الغائب ميكائيل فابر الذي يدعي الإصابة من فرنسا دون إثبات ذلك بأدلة مقنعة. وما عدا فابر فإننا لسنا بصدد التشكيك في إصابة السداسي الأول، لأن الفحوص التي خضعوا لها حتى الآن تحت إشراف الطاقم الطبي ل"الخضر" قطعت الشك باليقين وأثبتت أنهم حقا يعانون جميعهم من الإصابات، غير أننا استغربنا لذلك لأن متابعتنا لكافة المباريات التي خاضها هؤلاء مع فرقهم في الفترة الأخيرة التي سبقت انطلاق التربص جعلتنا نتأكد أن مصباح وغزال فقط من كانا مصابين، وليس كل هذا الكم الهائل. البداية ببودبوز في "ماركوسي" حكاية إصابة غزال وجبور ليست وليدة اليوم، وبدايتها كانت في أول تربص للمدرب حليلوزيتش على رأس المنتخب، عندما غاب الجناح الأيسر الطائر رياض بودبوز عن التربص بسبب الإصابة، وهو الأمر الذي أحدث خلافا بين الرجلين منذ البداية، فاضطر البوسني إلى معاقبة لاعبه بحرمانه من المشاركة في لقاءي تانزانيا وإفريقيا الوسطى، قبل أن يجتمع به في العاصمة باريس لوضع النقاط على الحروف معه، مؤنبا إياه على عدم حضوره إلى التربص وتبرير غيابه وتأكيد إصابته التي بدت أياما قليلة منذ أن ادعاها أنها كانت وهمية بدليل أنّه شارك في مباريات سوشو وسجل بطريقة جميلة في مرمى أحد الفرق الفرنسية، وهو ما جعل البوسني يصر على معاقبته في لقاءي تانزانيا وإفريقيا الوسطى. جبور التحق مصابا قبل إفريقيا الوسطى وكاد يغادر التربص تواصلت حكاية الإصابات، فالتحق جبور بالتربص الذي سبق لقاء الجزائر أمام إفريقيا الوسطى وهو مصاب في ركبته، رغم أنه كان في تلك الأيام في عز عطائه وتألقه في البطولة اليونانية مع "أولمبياكوس"، فخضع للفحص الطبي الذي أثبت حقا إصابته، وكان قاب قوسين أو أدنى من مغادرة المعسكر بسبب تلك الإصابة التي أجبرت البوسني على الإستنجاد بالحراشي بونجاح، قبل أن يتماثل للشفاء قبل يوم عن اللقاء الذي دخله بديلا في المرحلة الثانية دون أن يقدم الكثير منذ دخوله. هذه المرة ستة ركائز التحقت مصابة أيضا وتكرر المشهد مرة أخرى، لكن ليس بوصول لاعب أو لاعبين مصابين، بل بوصول ستة لاعبين مصابين وإحجام آخر عن الحضور لتبرير إصابته، فوصول مصباح وغزال مصابان وغادرا سريعا، ووصل زياني مصابا هو الآخر دون أن يغادر حتى اللحظة (قد يغادر في أي لحظة) ووصل جابو مصابا ووصل يبدة وهو عائد من إصابة، وجبور مصابا وغادر، وفابر لم يصل واكتفى بالتبرير أنه مصاب، ووضع الجميع المنتخب في ورطة قبيل مبارتين كان من المفترض أن يكونا فرصة للجميع سواء القدامى أو الجدد لإقناع البوسني على الإحتفاظ بهم ضمن تعداده. جبور "السفاح... جبور الإرهابي... جبور الهدّاف" في اليونان هي الكلمات والعبارات التي يستعملها اليونانيون في الثناء على اللاعب الجزائري خلال كل مباراة يتألق فيها ويسجل، سواء كان ذلك في مباريات البطولة اليونانية أو مباريات رابطة الأبطال الأوروبية، إذ أن الأشهر الأخيرة عرفت تألقا لافتا من الجزائري جبور الذي سجل أهدافا كثيرة جعلت الإعلاميين والجماهير هناك يطلقون عليه العديد من الألقاب منها: "السفاح... الإرهابي... الهداف الحقيقي... القوّة الضاربة لأولمبياكوس"، لكن الغريب أننا في الجزائر لم نر شيئا من هذا السفاح ولا من هذا الإرهابي مثلما يلقب هناك من طرف اليونانيين، ما يجعلنا نكرر في كل مرة مصطلحات مغايرة تماما لتلك التي يستعملها اليونانيون في وصف تألق جبور، ففي كل مرة نكتب: جبور مصاب... جبور صائم عن التهديف... جبور يواصل العقم... جبور يعاني من سوء الطالع... جبور يضيع ما لا يضيع... إلى غير ذلك من العبارات التي انتقدنا فيها صيامه وإصاباته المتكررة. فابر يثبت ولاءه ل "لانس" لا للجزائر آخر حكايات اللاعبين المصابين، غريبة عن كل الذين تطرقنا إليهم، لأن زياني، جبور، غزال ومصباح والآخرين على الأقل حضروا وأثبتوا حسن نيتهم بأنهم حقا مصابون وخضعوا لفحص طبي معمق أثبت إصاباتهم، عكس الحارس الجديد ميكائيل فابر الذي اكتفى بمكالمة هاتفية قصيرة مع الطاقم الفني أكد لهم فيها أنه أصيب خلال لقاء "لانس" أمام "سدان" وانتهى بفوز فريقه برباعية مقابل هدفين، بل وتألق وساهم في فوز فريقه رغم العودة القوية للمنافس، ولم يكتف فابر بمكالمته القصيرة، بل ادعى أنه أرسل "فاكسا" يثبت حقا إصابته في وقت لم تتلق الإتحادية أي مراسلة تثبت ذلك، ناهيك عن أنه لم يحضر لتبرير غيابه وصار في اليومين الأخيرين لا يرد حتى على مكالمات المدرب الوطني، مثبتا ولاءه لفريقه "لانس" مرة أخرى على حساب المنتخب الوطني الذي لا ندري في نهاية المطاف لماذا اختار اللعب له ما دام غير مقتنع بذلك. من غاب ضيع فرصة لا تعوض لأن البوسني سيغربل تشكيلته قبل غامبيا ومهما يكن، فإنّ القطار لا يمكنه أن يتوقف في منتصف الطريق حتى يركبه فابر وغيره ممن ضيعوا فرصة إقناع المدرب في مبارتيّ تونس والكامرون القادمتين، لأن البوسني وحيد حليلوزيتش منح فرصة أخيرة لكافة تعداد الموسع الذي استدعاه حتى يجربهم جميعا أمام تونس والكامرون، على أن يغربل التشكيلة بعدها بداية من لقاء غامبيا التصفوي تحسبا لنهائيات كأس إفريقيا 2013، ومن يدري فقد تصب هذه المصائب في صالح الجدد أمثال عودية، فغولي وبوشوك، وفي صالح غيرهم من القدامى في صورة سوداني وغيلاس لفرض أنفسهم والحفاظ على أماكنهم ضمن التعداد الذي سيتقلص في المستقبل ليضم 21 لاعبا وثلاثة حراس مرمى فقط.