أعاب بعض أنصار المنتخب الوطني الجزائري على المدرب رابح سعدان في الآونة الأخيرة تهميشه للاعب المحلي وتفضيله لسياسة الاعتماد على الناشطين في الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، لكن إعلان مدربي المنتخبات المونديالية عن قوائم ال23 لاعبا أكد أن ما فعله “الشيخ” أمر عادٍ، ذلك أن الإحصائيات تؤكد أن 12 منتخبا من أصل 32 يضم كل واحد منها في تعداده ثلاثة لاعبين محليين على الأكثر، وأكبر من نصف المنتخبات لا يزيد عدد محلييها عن السبعة خاصة تلك التي تملك قاعدة كبيرة من اللاعبين الممارسين في بطولات القارة العجوز الكبرى... “الخضر“ يحتلون المركز 21 في ترتيب عدد المحليين وبناء على تشكيلة ال23 لاعبا لجميع المنتخبات المشاركة في كأس العالم، فإن المنتخب الوطني الجزائري يأتي في المرتبة 21 من حيث عدد اللاعبين المحليين وهم ثلاثة : فوزي شاوشي وعبد القادر العيفاوي من وفاق سطيف إضافة للوناس ڤاواوي من أولمبي الشلف، ويتقاسم الخضر هذا الترتيب مع كل من غانا والبرازيل والولاياتالمتحدةالأمريكية، فيما يتقدمون على نيجيريا التي لا تملك أي محلي، كوت ديفوار والكاميرون اللتان تضمان مواطنا وحيدا، والأوروغواي وسلوفينيا وأستراليا وصربيا وسلوفاكيا تضم لاعبين اثنين في تعدادهم. تشكيلة محلية خالصة لإنجلترا، ألمانيا وإيطاليا تأتي كل من إيطاليا وإنجلتراوألمانيا في مقدمة الدول التي تعتمد على مواهب بطولاتها المحلية حيث أن تعدادها لا يضم أي عنصر ينشط خارج البلد، وإذا ما كان هذا الأمر متوقعا بالنسبة للأزوري، فإن العكس بالنسبة للفريقين الأخيرين بما أن المانشافت تشهد غياب نجم تشيلزي الإنجليزي مايكل بالاك، بينما يفتقد فريق “الأسود الثلاثة” لخدمات القائد الملهم دافيد بيكام الذي لعب النصف الثاني من الموسم المنقضي مع ميلان الإيطالي معارا من لوس أنجلوس غالاكسي الأمريكي. نيجيريا دون محليين والكاميرون وكوت ديفوار بلاعب “ثانوي” في المقابل فإن أقل المنتخبات استعمالا لأبناء البطولة الوطنية هم الأفارقة، ويتعلق الأمر بكل من الثلاثي نيجيريا بدون أي محلي، والكامرون وكوت ديفوار بلاعب واحد ذي دور ثانوي : المهاجم الشاب فينسون أوبكر من جانب الأسود الجموحة والحارس الاحتياطي دانيال ييبوا من جهة الفيلة، دون نسيان الجزائر وغانا الممثلتين بثلاثة محليين فقط، وكما يعلم الجميع فأسباب هذا التهميش الإفريقي للاعب المحلي تعود لضعف بطولات القارة السمراء على جميع المستويات الفنية والتنظيمية دون نسيان التسيير السيء وسوء البنى التحتية، وهو ما جعل الاتحادات الوطنية تلجأ للحل السريع وتعتمد كليا على المواهب الناشطة في الخارج خاصة أن عددها كبير جدا، لأن قيمة اللاعب الإفريقي في السوق منخفضة مقارنة بالإمكانات التي يملكها، دون نسيان الروابط التاريخية مع أوروبا. منتخبات آسيا، جنوب إفريقيا، نيوزيلندا والهوندوراس تعتمد على المحليين مرغمة ومن جهة أخرى يُلاحظ على تشكيلات المنتخبات الآسيوية اعتمادها شبه الكلي على لاعبي بطولاتها المحلية، لكن ذلك يعود إلى عدم امتلاكها للاعبين ناشطين خارج البلد أكثر من كون ذلك قناعة بمستوى التعداد المتوفر، حيث أن بُلدانا كاليابان وكوريا الجنوبية تمتلك بطولات محترفة ومعروفة برواتبها المرتفعة ما يجعل اللاعب المحلي “يتردد” في خوض التجارب الخارجية والمغامرة باللعب في بلد بعيد مختلف الثقافة، وبلغة الأرقام فإن لكوريا الشمالية 20 لاعبا محليا، مقابل 19 لليابان و10 لكوريا الجنوبية، علما أن نفس الحال ينطبق على جنوب إفريقيا ب16 محليا، ونيوزيلندا ب15 وهندوراس ب14. البرازيل والأرجنتين استدعيا المحليين رغم وجود بدائل أوروبية قوية أما الفئة الرابعة من المنتخبات المونديالية فهي تلك التي وضعت ثقتها في بعض لاعبي البطولة المحلية رغم المواهب الكثيرة الناشطة في القارة العجوز، وينطبق هذا الأمر خاصة على كل من البرازيل والأرجنتين، حيث وضع كارلوس دونغا مدرب السيليساو ثقته في ثلاثة محليين هم مدافع كروزيرو “بيلو أوريزونتي جيلبيرتو ميلو” ومتوسط ميدان فلامينغو “كليبيرسون” ومهاجم سانطوس “روبينيو”، مفضّلا إياهم على الليوني كريس ولاعب مانشستر يونايتد أوندرسون ومهاجم بورتو “هولك”، أما دييغو أرماندو مارادونا فاستدعاؤه ستة محليين يعتبر امتدادا لسياسة إتاحة الفرصة للاعب الأندية الأرجنتينية التي انتهجها منذ مجيئه سنة 2008، علما أن الإعلام الأرجنتيني يدعم هذا التوجه بحجة أن المواطنين يلعبون بحرارة أكبر من النجوم الناشطين في أوروبا حسبهم. حصيلة متوقعة لمحليّينا وعمل قاعدي كبير ينتظر بطولتنا وبالحديث عن المنتخب الجزائري، يتضح جليا أن اعتماد الشيخ رابح سعدان على اللاعبين الناشطين في أوروبا بصفة شبه كلية لم يأت من فراغ، والدليل هو أن معظم المنتخبات ذات البطولات المتواضعة فنيا تجلب لاعبين قدر المستطاع من بطولات القارة العجوز الكبيرة، لكن الاتحادية الجزائرية تبقى مطالبة بالعمل مستقبلا من أجل فك هذه التبعية المفرطة نحو بطولات ما وراء البحار، وذلك يتطلب عملا قاعديا جبّارا سواء من حيث تجديد البنى التحتية، دعم مراكز التكوين وتنظيم المسابقات الكروية بشكل احترافي، دون نسيان ضرورة تطوير النقل التلفزيوني للبطولة المحلية لأنه أساس الاحتراف إذ يعتبر مصدر الدخل الأكبر لمعظم الأندية الأوروبية. عدد اللاعبين المحليين في تشكيلة منتخبات المونديال: صفر لاعب محلي : نيجيريا محلي واحد: كوت ديفوار، الكاميرون محليين: الأوروغواي، سلوفينيا، أستراليا، صربيا، سلوفاكيا. ثلاثة محليين: الجزائر، الولاياتالمتحدةالأمريكية، البرازيل، غانا. من أربعة إلى عشرة محليين: الباراغواي (4)، الأرجنتين (6)، سويسرا والدانمارك والشيلي (7)، البرتغال وهولندا (9)، كوريا الجنوبية (10). ما بين 11 و15 محليا: فرنسا (11)، المكسيك واليونان وهندوراس (14)، نيوزيلندا (15). ما بين 16 و20 محليا: جنوب إفريقيا (16)، اليابان (19)، إسبانيا وكوريا الشمالية (20). 23 محليا: إنجلترا، ألمانيا، إيطاليا.