لم يكن أحد من سكان أو مسؤولي مدينة "نالسبروت" الصغيرة الواقعة بولاية "مبولميلا" شمال شرق جنوب إفريقيا يظن أن الأحداث الرياضية الكبيرة ستعود يوماً إلى بلدتهم. فإثر لعب عدد من مباريات مونديال 2010 بها، ظن الجميع أن المسؤولين عن ملف "كان 2013".... لن يغامروا باختيارها ضمن المدن الأربع الرئيسة لاحتضان الحدث القاري لعدة اعتبارات. بعثة "الهدّاف" لتغطية كأس أمم إفريقيا حطت الرحال قبل يومين بمدينة يصفها الجنوب أفارقة ب رئة بلدهم وجنتها الطبيعية. ومع أن الصورة الأولى التي تشكلت لدينا كانت سوداء عن مكان حذّرنا سائقو الأجرة من خطورته على الأجانب، إلا أن الأكيد هو مثاليتها بالنسبة لمنتخبات المجموعة الثالثة لنهائيات كأس أمم إفريقيا، وحتى بالنسبة للمنتخب الوطني، الذي قد يترك "روستنبورغ" ويحل ب "نالسبروت"، في حال تأهله إلى الدور ربع النهائي باحتلاله المركز الثاني في المجموعة الرابعة. سكان "نالسبروت" أغرموا ب"الخضر" ويأملون حلولهم بالمدينة في الدور الثاني ارتفعت حمى كأس أمم إفريقيا في ربوع بلاد مانديلا مقارنة بالأوقات الماضية. فقبل أيام قليلة من صافرة بداية اللقاء الافتتاحي بين جنوب إفريقيا وجزر الرأس الأخضر، بات الكل ينتظر ضربة الانطلاقة، خاصة بالنسبة لمباريات الدولة المضيفة. إذ وجدنا أنه وبمجرد ذكر جنسيتك وقدومك من أجل "الكان" في مطار "جوهانسبورغ"، إلا وتستقبل بابتسامة عريضة، خاصة مع الجزائريين عقب المباراة الودية التي لعبها "الخضر" أمام "بافانا بافانا". كما أن كل من قابلنا في طريقنا صوب "نالسبروت" يؤكد لنا قوة رفقاء فغولي، بخلاف رفقاء "شابالالا" الذين لم يقنعوا تماما. علما أن الرسالة الأخيرة كانت من شرطي حدود جنوب إفريقي طلب منا نقلها. موظف بمطار جوهانسبورغ: "من الجزائر؟... إذا من بلد موسى صايب" ويبدو أن عمال مطار "جوهانسبورغ" الدولي تلقوا تعليمات دقيقة بأن يعامل كل من يحط الرحال بالبلاد من أجل كأس إفريقيا بطريقة خاصة. فإضافة إلى التسهيلات التي وجدناها من شرطة الحدود بجنوب إفريقيا، كان أحد موظفي المطار ملما بشؤون كرة القدم قد أصر على سؤالنا حول لاعب جزائري يذكره منذ سنوات، حتى قبل أن يعلم بأننا صحفيون قدمتا لتغطية الدورة. والأمر يتعلق ب موسى صايب الذي أكد هذا الموظف حبه الشديد لطريقة لعبه، خاصة خلال دورة كأس أمم إفريقيا 1996. سكان "نالسبروت" أحبوا احترافية "الخضر" وأكدوا أنهم سيناصرونهم أما في مدينة "نالسبروت"، التي وجدناها خلال اليومين الماضيين ملبدة بالغيوم الكثيفة والأمطار التي لم تؤثر، على غزارتها، في حالة الطرقات أو الشوارع، فقد قابلنا أشخاصا أشادوا كثيرا بمستوى "الخضر" واحترافية اللاعبين الجزائريين. وقد كان سائق الأجرة الذي أقلنا من المطار (كان يرتدي قميص نادي "كايزر شيفس" الجنوب إفريقي) صريحا لما أخبرنا بأنه وكثير من أصدقائه قرروا مناصرة "الخضر" في حال تأهلهم كثاني المجموعة ولعبهم الدورين ربع النهائي ونصف النهائي بالمدينة، خاصة وأن أصول هذا الشخص من "ليزوطو" وهو غير مهتم بمنتخبات المجموعة الثالثة التي تلعب الدور الأول ب "نالسبروت". كثر أكدوا لنا أن "الخضر" يمتلكون مقومات البطل ويبدو أن الجنوب أفارقة قد أخذوا فكرة إيجابية جدا عن المنتخب الجزائري عقب التعادل السلبي الذي انتهت عليه مواجهتهم ل "بافانا بافانا". إذ قالوا لنا إن الجزائر لعبت لقاءا تحضيريا استفادت منه ورفضت إظهار أوراقها، بخلاف لاعبيهم الذين حاولوا جاهدين الفوز بكل الطرق لكسب ثقة الأنصار، ما جعلهم يرشحون كتيبة "حليلوزيتش" للذهاب بعيدا بما أنها تمتلك، حسبهم، مقومات المنتخب المتوج. ----------------------- سائح روماني سألنا عن سعيدة ووهران تواجد في الرحلة الجوية التي أقلتنا من "جوهانسبورغ" إلى "نالسبروت" عدد كبير من السياح الأوروبيين بالدرجة الأولى. عرفنا بعضهم وهم من جنسيات إيطالية، بلغارية ورومانية، غير أن شخصا واحدا فقط تمكنا من الحديث معه وهو عجوز روماني الجنسية. وسبب ذلك إتقانه للغة الفرنسية التي كشف لنا أنه تعلمها بالجزائر. إذ عمل سنوات الثمانينيات بمدينة سعيدة رفقة مؤسسة رومانية تشتغل في مجال الزراعية. وقد سألنا هذا الشخص عن أحوال سعيدة ووهران، خاصة وأنه يحمل ذكريات وصفها بالرائعة عن المدينتين. --------------------------- "الهدّاف" زارت المنتخب البوركينابي.... دغانو يستقبلنا ب "وان تو ثري"، اللاعبون متفائلون عكس مدربهم ويبحثون عن إعادة سيناريو الزامبيين كانت لنا يوم أمس زيارة لفندق "ماركور" الجميل الواقع في الضاحية الغربية لمدينة "نالسبروت" غير بعيد عن ملعب "مبومبيلا" مسرح مباريات المجموعة الثالثة لنهائيات كأس أمم إفريقيا. إذ بات هذا الفندق منذ أول أمس محل إقامة المنتخب البوركينابي الذي كان قد أقام معسكرا قبل أسبوع بمنتجع سياحي يبعد ب 20 كلم عن مدينة "نالسبروت". كتيبة البلجيكي "بول بوت" بدت جاهزة للموعد القاري الكبير، إذ وجدنا معنويات المجموعة مرتفعة واللاعبين في تمام الجاهزية، خاصة مع هدوء "نالسبروت" ومثاليتها لاحتضان "الكان" بالنسبة لهم، غير أن الاستثناء وجدناه لدى المدرب. الإعلام البوركينابي لم يؤثر في "بوت" وتواجده في الفندق لا حدث صادف وجودنا في قاعة الاستقبال بفندق "ماركور" تواجد عدد من الصحفيين البوركينابيين، لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين وفيهم المصورون والطاقم الخاص بالتلفزيون البوركينابي. وقد كان المدرب "بول بوت" جالسا لأوقات مع بعضهم في حديث ودي بينهم، وبدا أنهم لم يؤثروا تماما في تركيزه أو تركيز أشباله الذين تناولوا الغداء وغادر بعضهم صوب عمارة منفصلة تابعة للفندق متواجدة بجانب بركة السباحة. لكن، وبالتزامن مع ذلك، كانت لنا جلسة مع "موموني داغانو" أحد أكثر لاعبي بوركينافاسو خبرة، الناشط حاليا في البطولة القطرية. علما أنه سبق ولعب بجانب زياني في البطولة الفرنسية مع نادي "سوشو". الجميع متفائل والمدرب فقط صنع الاستثناء وقد كانت لنا دردشة جانبية مع عدد من أعضاء بعثة منتخب بوركينافاسو، سواء "مناجير" المنتخب أو حتى أعضاء الاتحادية. وأكد الجميع مدى تفاؤلهم بإمكانية المرور إلى الدور الثاني. فذلك يبقى هدفهم، خاصة وأن البوركينابيين لم يمروا إلى هذا الدور منذ سنة 1998 يوم كانت بلدهم هي التي استضافت الحدث. لكن يبقى الاستثناء هو المدرب "بوت" الذي رفض التوسع في تفاؤله واكتفى بالقول: "المهمة صعبة ونحن أيضا نقع في مجموعة الموت مع نيجيريا وحاملة اللقب زامبيا. فريقي غير جاهز بعد للدورة، ولكن لن نتخلى عن حلم التأهل إلى الدور الثاني". داغانو استقبلنا ب: "وان تو ثري فيفا لالجيري" التواصل مع موموني داغانو تم عقب أخذ الإذن من "مناجير" منتخب بلاده، ووسط ثلة من لاعبي بوركينافاسو وجدنا "داغانو" منشغلا بمكالمة هاتفية. وفور فراغه منها توجهنا للحديث معه وطلبنا منه إجراء حوار عقب تقديمنا لأنفسنا. لكن الهدّاف المتميز لنادي "الريان" في قطر وزميل مجيد بوڤرة السابق مع لخويا رد علينا بابتسامة تعتلي وجهه: "آه أنتم جزائريون، إذا وان تو ثري فيفا لالجيري".