يجدّد منتخبنا الوطني مساء اليوم في حدود الساعة السادسة بتوقيت الجزائر السابعة بتوقيت جنوب إفريقيا، العهد مع مباريات كأس إفريقيا للأمم 2013، بلعب مباراته الثالثة من المجموعة الرّابعة أمام منتخب كوت ديفوار وكانت كل المؤشرات توحي قبيل انطلاق الدورة أنها ستكون حاسمة للمنتخبين من أجل اقتطاع تأشيرة التأهل، أو على الأقل حاسمة لهما كي يتنافسا على المركز، فإذا بها تتحوّل إلى مباراة شكلية للمنتخبين، لأن منتخب كوت ديفوار ضمن تأهله في الريادة مهما كانت نتيجة مباراة اليوم، فضلا على أن منتخبنا الوطني غادر الدورة قبيل موعدها بعد تلقيه خسارتين متتاليتين ومفاجئتين أمام كل من تونس وطوغو. للمباراة ثلاثة أهداف: فوز، تسجيل وخروج بشرف وصف المباراة بأنّها شكلية ولا أهمية لها في تحديد مصير المتأهلين إلى الدور ربع النهائي، ما دام كوت ديفوار متأهلا قبل الأوان ومنتخبنا مقصى من الدورة بصفة رسمية، لا يعني أنّ "الخضر" سيدخلون اللقاء من أجل اللعب وفقط قبل أن يحزموا أمتعتهم للعودة إلى أرض الوطن صبيحة الغد، بالعكس فهم مطالبون بحفظ ماء وجه كرة القدم الجزائرية التي تشوهت سمعتها بعدما كان منتخبنا أوّل من أقصي من هذه الدورة، وبالتالي فإن لأشبال حليلوزيتش ثلاثة أهداف لا بد من تحقيقها اليوم مهما كلفهم الأمر، الفوز لتفادي الخروج بثلاث هزائم متتالية أو لتفادي الخروج من الدورة دون انتصار، التسجيل في مرمى المنافس وإنهاء الصيام الذي دام في المباريات الرسمية منذ مباراة العودة أمام ليبيا، والخروج من كأس أمم إفريقيا بشرف، تحقيق أول فوز وشرف الفوز على منتخب كوت ديفوار صاحب الريادة في المجموعة. الفوز على نجوم كوت ديفوار قد يخفف وطأة الصدمة ولن تقتصر أهمية الفوز على الخروج بشرف من هذه الدّورة فقط، بل إنّ الفوز على كوت ديفوار سيخفف وطأة الصدمة لدى البوسني حليلوزيتش ولاعبيه ولدى كل الجزائريين، لأن الغيبوبة التي يعيشها الناخب منذ الإقصاء والمرارة التي يشعر بها اللاعبون منذ خسارة طوغو وتأكد الخروج الرسمي من المنافسة، لن تزولا إلا بعدما ينجح زملاء فغولي في الإطاحة بمنتخب كوت ديفوار، المدجج بالنجوم والعازم على نيل اللقب الإفريقي هذه المرة. الدفاع في مهمة عسيرة والهجوم عليه أن يستفيق وإن كان منتخبنا قد أثبت علو كعبه في لقاءي تونس وطوغو، عندما سيطر طولا وعرضا على مجرياتهما قبل أن يسقط في نهاية المطاف سقوطا حرا أدى به للخروج من المنافسة، فإن مهمته هذه المرة ستكون أصعب بكثير أمام منتخب مرشح للتتويج باللقب، منتخب يضم في صفوف خيرة اللاعبين الذين ينشطون في أكبر البطولات الأوروبية ويضم في صفوفه نجوما كبارا، ما يجعل مهمة الدفاع صعبة أمام "جيرفينهو" و"دروڤبا" و"كالو" وغيرهم، ومهمة المهاجمين أصعب لاختراق الدفاع الإيفواري الذي يقوده المخضرم "كولو توري"، لكن هذا لا يمنع من المطالبة بضرورة استفاقة هذا الهجوم الذي سيقع من يشكلونه في حرج أكبر من الذي وقعوا فيه حتى الآن، بعدما صاموا عن التهديف في مبارتين متتاليتين. الإيفواريون يريدون الثأر من 2010 وعلى لاعبينا ألا يسمحوا بذلك ومن المؤكّد أن المنتخب الإيفواري سيدخل المباراة بنيّة الثأر من منتخبنا الوطني، عقب الإقصاء الذي تكبده على يده سنة 2010 بأنغولا، فيومها يتذكر الجميع أن أشبال سعدان أخرجوا كوت ديفوار من الدور ربع النهائي، بعد فوزهم عليها بثلاثية مقابل هدفين رغم أنها كانت أكبر مرشح للتتويج باللقب، وها هما المنتخبان يلتقيان اليوم في ظروف مختلفة بما أن المنافس يوجد في موقع قوة بعد تأهله في وقت لم يتمكن لاعبونا من جمع قواهم بعد الإقصاء المبكر، لكنهم من المؤكد أنهم سيلعبون بقوة حتى لا يتركوا الفرصة مواتية للإيفواريين من أجل الأخذ بثأرهم. الجزائر كبيرة مع الكبار وستفوز على كوت ديفوار ولعلّ ما قد يبعث ولو بقليل من التفاؤل قبيل هذه المباراة، هي القوة التي يبديها منتخبنا في المواجهات الكبيرة أمام العمالقة، فالأمر يتعلق هذه المرة بمواجهة المنتخب الأوّل قاريا من حيث ترتيب "الفيفا" الشهري، وغالبا ما يتحفز اللاعبون لدى مواجهة العمالقة بحجم نجوم كوت ديفوار، ما يجعلنا نتوقع مسبقا أننا سنحضر مباراة مثيرة، صحيح أننا حتى إن كنا سنفوز بها لن يتغير شيئ، إلا أن ذلك مهم من الناحية المعنوية. المصالحة مع 40 مليون جزائري تمرّ عبر الفوز وإن كان الفوز والتسجيل ومغادرة الدورة بشرف يحفظ ماء وجه كرتنا ومنتخبنا من بين أبرز الأهداف في مباراة اليوم، إلا أن ثمّ هدف أكبر من كل هذا ألا وهو الفوز من أجل المصالحة مع ما يقارب 40 مليونا جزائريا صدموا كثيرا من هذا الإقصاء المر ولم يتمكنوا من تجرعه حتى الآن، وهم الذين كانوا يعلقون آمالا كبيرة على الناخب حليلوزيتش وأشباله كي يصلوا إلى أبعد دور ممكن في كأس أمم إفريقيا، لذلك ما على حليلوزيتش وأبنائه إن أرادوا مصالحة حقيقية مع الجماهير الجزائرية، إلا أن يحققوا الفوز وثم الفوز وثمّ الفوز...