نحن في “المونديال“ نلعب مع الكبار، نفوز ونخسر مثلما تعوّدنا كل مرّة ولكننا لا ننكسر ولا نستسلم، ونعود في كل مرّة لنرفع تحدّيا جديدا دون عقدة أو مركّب نقص، ودون تأثر بالخسارة، ودون غرور بعد الفوز. هذا هو حالنا اليوم وغدا وإلى الأبد، نعرف كيف نفرح ونستمتع، ولا نحزن ولا ننكسر لمجرّد الخسارة في معركة لأننا سنواصل الحرب دون استسلام، وبنفس الروح سنلعب مع إنجلترا والولايات المتحدة وقد نفوز أو نخسر بشرف، ويكفينا أننا لم نفقد الأمل مهما كانت قوة المنافس. أمام سلوفينيا كان الكثير يعتقد بأن الجزائر ستكون خارج الإطار كلية ولكنها لم تكن كذالك، وصمدت ولعبت وخسرت مثلما يخسر الرجال، وكانت حسرتنا وأسفنا على النتيجة وليس على الأداء. وأمام إنجلترا لا أحد يتصوّر بأننا سنلعب برجولة وشرف وقد نحدث المفاجأة، مثلما قد نخسر مجدّدا دون أن يزيد ذلك أو ينقص من قيمة الجزائر وقيمة ماحققناه بفضل المنتخب إلى حدّ الآن. لقد خسرنا عديد المرّات في حياتنا وفي كل المجالات، وجماهيرنا أيضا تعوّدت على التعامل مع كل الظروف وتعوّدت على المصاعب والمتاعب وفي كل مرّة كنا نخرج رجالا سالمين غانمين. وبعد مباراة سلوفينيا عاد الجميع إلى ممارسة طقوسه وحياته بشجاعة وشهامة والأمل يحدوهم في يوم جديد وفوز كبير أمام الانجليز سيكون انتصارا لأنفسنا وعلى من يحسدنا، وإذا خسرنا مجدّدا ستكون خسارة في مباراة فقط وليست خسارة لأنفسنا أو بلدنا وشعبنا، لأنهم أكبر من مباراة في كرة القدم حتى ولو كانت نهائي كأس العالم. أبناؤنا في المنتخب وفي الجزائر والمهجر، وكل من يقف معنا ويحترمنا يدركون كم نحن أكبر من نتيجة مباراة في كرة القدم، ويدركون قدرتنا على رفع التحدّيات في أكبر المواعيد وصنع المعجزات مثل التي حققتها سويسرا أمام إسبانيا، وكانت أكبر المفاجآت التي ستفتح الطريق أمام منتخبنا لتحقيق مفاجأة من العيار نفسه. الكل يدرك أيضا كم مرّت علينا من محنٍ وصعوبات وكم خسرنا في كل المجالات، ولكننا كنا ننهض في كل مرة، وهذه المرة سنعود بقوة لأن تجربتنا كانت جدّ مفيدة، والكل يدرك بأن هذا المنتخب كان ينهض في كل مرة يسقط ، وكان في الموعد عندما يزداد الضغط عليه وفي المواعيد الكبرى. كلّ هذا الكلام لن ينسينا استخلاص الدروس مجدّدا مما فعله المنتخب السويسري، والوقوف عند كل النقائص التي لازلنا نعاني منها في منتخب يضمّ سبعة لاعبين جُدد، ويضمّ لاعبين يشاركون لأول مرة في “المونديال“، ولاعبين عانوا طيلة موسم من الإصابات، ونقص المباريات والضغوطات، ومن كل التغيرات التي طرأت على التشكيلة وطريقة لعبها. وكل هذا الكلام لن ينسينا ما حققناه وما فعلناه في ظرف زمني قصير وفي ظروف أصعب ما كنا نتصوّر، ولن يقودنا لنكران جميل هذا المنتخب وما فعله بنا.. أما الرّوح الاستسلامية والانهزامية التي نقرؤها ونسمعها عند البعض فهي ليست بريئة ولن تؤثر في معنويات جماهيرنا ولاعبينا لأنها نغمة يغنيها أصحابها في كل مرّة، في محاولة منهم للتأثير في معنوياتنا، وفي محاولة للعودة إلى الواجهة على أنقاد الآلام مستغلين عواطف الجماهير الوفية التي تتحكم فيها مشاعرها وتعلقها بمنتخبها، ولكنها لن تستجيب لدُعاة العودة إلى الصفر ودُعاة الاستسلام والكلام من أجل الكلام. بعد “المونديال“ مهما كانت النتائج ستستمرّ الحياة في الجزائر، ويرتاح الجزائريون من ضغط شديد عاشوه منذ أشهر، وبعده سيستعدّون لرفع تحديات أخرى فردية وجماعية، رياضية واقتصادية واجتماعية وثقافية بنفس الروح والعزيمة والمزيد من الإصرار، وسيأتي رمضان والدخول الاجتماعي والمدرسي وستبدأ تصفيات كأس أمم إفريقيا بنفس الروح والعزيمة، وبآمال وطموحات أكبر، ونقلب صفحة جديدة من صفحات جزائر تخسر وتفوز، ولكنها لا تنهزم ولا تنكسر ولا تستسلم..