لا يعرف كثيرون أن الحارس مبولحي رايس وهاب الذي أدى مبارتين قويتين أمام منتخبي إنجلترا وأمريكا، كان من الممكن جدا أن لا يكون حاضرا في كأس العالم لولا المصادفة التي لعبت دورا فعّالا في استدعائه من خلال استخراج جواز سفره بمساعدة سفير الجزائر في بلغاريا، أين استدعي يوم 4 ماي وكان آخر من يعلم بالإستدعاء لأن لا أحد اتصل به من مسؤولي الإتحادية قبل ذلك، عكس كل اللاعبين الآخرين القدامى والجدد. ومثلما يعرف الجميع، لعبت المصادفة دورا في مشاركته في مباراة إنجلترا، حتى لا نقول تواجده قبل ذلك حارسا ثانيا بعد أن نجح في إزاحة ڤاواوي بفضل ما أظهره من قدرات في التدريبات، لتأتيه الفرصة التي استغلها أحسن إستغلال. شهر مارس يُؤكد ل “الهدّاف” أنه جزائري ومن حقه أن يحلم ب“الخضر” علاقتنا بالحارس مبولحي بدأت في شهر مارس الماضي حين كنا ثاني وسيلة إعلامية جزائرية تتصل به عبر رقم هاتفه في بلغاريا، وصراحة تفاجأ المعني كثيرا ولو أنه أكد أنه كان ينتظر إتصالات من الجزائر، ولم يتوان مبولحي إبن ال 24 سنة في الحوار الذي أجريناه معه في التأكيد أنه يحلم بتقمص ألوان “الخضر”، مشيرا إلى أنه جزائري 100 من المائة ولا داعي إلى التشكيك في ذلك، بحكم أن أصول والده كونغولية. قال صراحة إنه لم يزر موطن والدته مغنية، لكنه يحلم بفعل ذلك في أقرب وقت، وأكثر من ذلك أكدها حتى يقطع الشك باليقين أنه لا مجال للتشكيك في وطنيته: “لو يتم إستدعائي من طرف دومينيك وسعدان في وقت واحد فسأختار الجزائر”، باعتبار أنه كما هو معلوم يملك الجنسية وجواز السفر الفرنسيين. سفير الجزائر في بلغاريا ساعده على استخراج جواز السفر ورغم هذه التصريحات، ومتابعتنا الدقيقة لمردوده المستقر في فريقه “صلافيا صوفيا“ أين كان يؤدي مقابلات قوية، إلا أن ذلك لم يدفع أحدا من مسؤولي الإتحادية على الأقل الى الإهتمام به مثلما حدث مع لاعبين آخرين تم إستدعاؤهم مثل بودبوز وڤديورة، وحتى آخرين لم يتسن إلتحاقهم مثل شرفة وشاقوري، لكن هذا الأمر لم يثن سفير الجزائر في بلغاريا أحمد بوتاش وبعد كل ما أصبح يسمعه من أصداء طيبة عن هذا الحارس عن أن يطلب من مبولحي التحوّل إلى مقر السفارة، أين طلب منه وثائقه وفي أول فرصة عاد مبولحي الى مقر إقامته بباريس لإستخراجها وعاد بها إلى السفير الذي استخرج له جواز سفر “بيومتري“ في ظرف وجيز وهو ما حصل يوم 18 أفريل الماضي. ليلة إعلان القائمة يؤكد لنا: “موعدنا بعد المونديال والمهم أن يُشرّفوا الجزائر“ ورغم هذا الأمر، إلا أن مبولحي وبعد كل ما أصبح يقرؤه في الصحافة الجزائرية عن أسماء جديدة تتلقى إتصالات من المدرب الوطني، لم يتوان نهاية شهر أفريل في التأكيد أن أمله خاب، ولكنه لن ييأس مستقبلا حتى أنه ضرب لنا موعدا بعد كأس العالم مشيرا إلى أنه سيقبل الدعوة بالحماس نفسه حتى يثبت أن الأمر لا يتعلق برغبته في لعب المونديال فقط. ليلة إعلان قائمة ال 25 وبالتحديد في الساعة الحادية عشرة ليلا اتصل بنا رايس مبولحي يسأل عن الجديد، ولما تأكد أنه سيكون من الصعب أن يكون في القائمة إن لم نقل من الإستحالة، أكد لنا أنه يتمنى حظا موفقا للفريق الجزائري وطلب منا أن ننقل ذلك الى اللاعبين “لأن المهم هو تشريف الجزائر، بوجودي أو دونه” - على حد تعبيره. استدعي دون أن يتكلّم معه أحد من الجزائر وظن أن الأمر يتعلق بخطأ يوم 4 ماي، قبل إعلان سعدان أسماء المستدعين، تحدثنا إلى مبولحي عبر صفحته على “الفايس بوك”، حيث سأل عن القائمة إن تم إعلانها أم ليس بعد، وبعد لحظات أخرى أطلعناه بسرعة أنه موجود فيها رسميا وأنه المفاجأة التي تحدث عنها سعدان، وهوما قال إنه علمه اللحظة من مكالمة هاتفية وصلته من أحد أصدقائه من باريس. مبولحي صراحة لم يصدق وبقي يؤكد أن الأمر قد يكون خطأ ارتكبه سعدان في قراءة القائمة حتى أنه وصل به الأمر إلى حد القول: “ربما اختلطت على سعدان الأمور، فكيف يستدعيني ولا أحد كلمني، لا بد أن هناك مشكلا هنا”. بقي غير مُصدق وسعدان استدعاه بقصاصات الجرائد وصور الفيديو وكان الإستدعاء مفاجأة ل مبولحي الذي طلب منا تزويده ب “فيديو” للندوة الصحفية التي أعلن فيها المدرب رابح سعدان القائمة إن أمكن حتى يسمع إسمه جيدا، وهو ما حصل من نشرة الواحدة زوالا... والحقيقة أن المدرب سعدان تلعثم في قراءة إسمه وهو ما جعله يمزح معنا بالقول: “ألم أقل لكم أنه أخطأ”. وعلى الرغم من الإستدعاء، إلا أنه يومين من بعد لم يتكلم معه أحد لا المدرب ولا رئيس الإتحادية ولا أي عضو آخر من “الفاف” وهو ما جعلنا نتأكد أنه تم استدعاؤه عن طريق قصاصات الجرائد وخاصة “الهدّاف” التي واكبت بالتفاصيل مشواره في بلغاريا وبقية أخباره الأخرى على غرار خبر إستخراجه جواز سفر، كما أنه استدعي أيضا بفضل صور “الفيديو” التي تم مشاهدتها عبر الأنترنيت بما أن الحارس لم يعاين حيث كان من المرتقب أن يتنقل مدرب الحراس بلحاجي الى بلغاريا للوقوف على مستواه في “داربي“ العاصمة صوفيا بين ليفسكي وصلافيا، لكن ذلك لم يحصل. سعدان قرّر إستدعاءه بضغط من جلول وبلحاجي منتصف ليلة 3 ماي وكان المدرب سعدان قبل إعلانه القائمة بأيام، كشف في تصريحات إلى قناة “العربية” أن الحراس الذين سيكونون في القائمة محليون، والحقيقة أن سعدان لم يكن يراوغ ولكنه كان جادا فيما يقول، لأن مصادرمؤكدة كشفت لنا أنه الى غاية يوم 3 ماي مساء لم يكن مبولحي في الحسابات، وبإلحاح من بلحاجي الذي يتابعه منذ عامين، بالإضافة إلى زهير جلول الذي أصرّ على أن يتم ضمه “على ضمانته” الشخصية، الأمر الذي دفع سعدان عند منتصف الليل إلى تغيير قناعاته ووضعه مع ال 25، رغم أنه كان يُعارض ذلك هو و حتى روراوة حسب مصادرنا لم يتحمّس له كثيرا. ومعلوم أن سعدان قال في الندوة الصحفية التي أعلن فيها أسماء اللاعبين الذين سيتنقلون الى تربص سويسرا أن هناك اسما دخل القائمة منتصف ليلة أمس وكان يقصد مبولحي. تلقى أول إتصال من الإتحادية 3 أيام من بعد وكان آخر من أرسل وثائقه لم يتم الإتصال بمبولحي إلا 3 أيام عقب إستدعائه حيث طلب منه من كلمه وهو أحد مساعدي روراوة الإسراع في إرسال وثائقه لتأهيله في المنتخب وهو ما تم بسهولة بما أن المعني لم يكن في حاجة الى ملف بما أنه لم يلعب لقاءات رسمية مع منتخب فرنسا الذي شارك معه في فئة أقل من 16 و17 سنة في مناسبات قليلة كانت ودية، وكان بالتالي آخر من أرسلت وثائقه الى الإتحادية الدولية لكنه أُهّل قبل أغلب اللاعبين على غرار مجاني الذي كان آخر من تم قبول ملفه من طرف “الفيفا” لتعقيدات إدارية كما هو معلوم. يوم 4 ماي الأسعد في حياته، أصبح دوليا وجرّب حظه في مانشستر ولم يتردد مبولحي في التأكيد أن يوم 4 ماي كان أحد أسعد أيام حياته لأنه حقق أمنية والدته التي كانت تتمنى أن تراه في المنتخب الجزائري، بعد أن جاهد سنوات طويلة وكافح لبلوغ هذا المستوى، ولم يكن 4 ماي عاديا لهذا السبب، لأن المعني كان مطالبا بالإلتحاق مساء اليوم نفسه بلندن لإجراء التجارب في مانشستر يونايتد، وهو ما حصل أين تدرب يومين وغادر في الثالث، وهو أمر كان كافيا للتأكيد على مستواه لأنه لا يمكن لأيّ كان أن يجرّب في فريق بهذا الحجم في أيام المنافسة الرسمية وقبل أيام قليلة عن اختتام الدوري حيث كان مانشستر يصارع تشيلزي للحصول على لقب البطولة. هادئ، دمه بارد، كلامه مختصر ويُفضّل الحديث على الميدان من السهل أن تفهم شخصية مبولحي، فهو هادئ جدا الى درجة لا يمكن تصوّرها، وهو الإنطباع نفسه عندما يكون على أرضية الميدان، كما يمتلك برودة دم غير طبيعية، وبالإضافة إلى ذلك إكتشفنا خلال معرفتنا به أنه لا يتكلم كثيرا ولا يحب أن يتنبّأ، ويترك كل شيء للّه سبحانه وتعالى. قلة كلامه أرجعها إلى أنه يحب أن يتكلم على أرضية الميدان، وهي أمور أخرى ساعدته على التألق. مبولحي من جهة أخرى لم ينس أن يشكر “الهدّاف” التي قال إن لها الفضل في استدعائه بعد اللّه سبحانه وتعالى بما أنها عرّفت به وقدمته للجمهور الجزائري، مشيرا إلى أن أمرا مثل هذا لا يُمكن أن ينساه. هكذا إذن كان إلتحاق مبولحي ب “الخضر”مصادفة وحصوله على جواز السفر كذلك بفضل إصرار السفير الجزائري في بلغاريا، كما أنه لعب مصادفة أمام إنجلترا دون التقليل من إمكاناته بعد أن فرض نفسه قبل ڤاواوي، لكنه كان في 1000 ميعاد والأحسن وأدى مباراتين في القمّة سرق بهما قلوب الجزائريين بعد أن كان نكرة في بلغاريا لا يسمع به أحد.