بعد الأداء المشرّف الذي قدّمه المنتخب الوطني على مدار سنتين من العمل المتواصل والذي قاد “الخضر” إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا بعد غياب أربع سنوات، إضافة إلى حضوره في نهائيات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب إفريقيا بعد غياب 24 سنة، كل هذا جعل الجمهور الجزائري شغوفا برؤية منتخبه يلعب أمام أقوى وأحسن الفرق العالمية، ما جعل حضوره في الملاعب الجزائرية يصل أرقاما قياسية، إضافة إلى انتقال أعداد هائلة منه إلى السودان ثم إلى أنغولا وجنوب إفريقيا رغم بعد المسافة، وهذا لمساندة رفاق القائد عنتر يحيى رفع راية الجزائر عاليا أمام أكبر المنتخبات العالمية. الجزائريون جنبا إلى جنب مع “الهوليڤانز“ منافسة كأس العالم التي لعبها المنتخب الجزائري مؤخرا بجنوب إفريقيا والتي جاءت بعد جهد جهيد بذل في سبيل التأهل إلى “المونديال“ بعد 24 سنة من الغياب، سمح لعدد كبير من الجمهور الجزائري بالتنقل إلى بلد “نيلسون منديلا“ لمساندة العناصر الوطنية وحثها على تقديم أداء مشرّف أمام كل المنتخبات التي لعبت أمامها، إضافة إلى المهمة الأولى التي أسندت لهم وهي تقديم صورة مشرّفة للجزائريين في بلد التقت فيه أكثر من 32 جنسية جاءت من مختلف أنحاء العالم لمساندة منتخباتها. وبعد أن أوقعت القرعة المنتخبين الجزائري والإنجليزي في مجموعة واحدة، جعل الكلّ يفكر أن الأنصار الجزائريين سيتواجهون مع “الهوليڤانز“ المعروفين بعنفهم أينما حلوا وارتحلوا، ومع هذا شاهدنا الجمهور الجزائري بجانبهم على مدرجات الملعب الذي احتضن المباراة ولم يحدثوا أي مشاكل، كما شاهدناهم يتبادلون الصور فيما بينهم بكل روح رياضية رغم أهمية نتيجة المباراة لكلا المنتخبين. حتى السلوفان والأمريكان لم يجدوا مشاكل مع الجزائريين إذا كان “الهوليڤانز“ لم يجدوا صعوبات ومشاكل مع الجمهور الجزائري الذي حضر لمشاهدة وتشجيع “الخضر“ في كل مبارياتهم، فإن المشجعين السلوفانيين والأمريكيين هم كذلك لم يجدوا إلا الترحاب من الجمهور الجزائري الذي أبان مرّة أخرى أنه جمهور يحبّ منتخب بلاده ويعشق كرة القدم حتى النخاع، كما أن الجمهور الذي يضحي ببيع سياراته وذهب زوجاته وأمهاته ذهب إلى جنوب إفريقيا للتمتع بفنيات لاعبي كرة القدم دون أن ينسى رفع العلم الفلسطيني ورفع شعارات لمساندة الشعب الفلسطيني خاصة في مباراته أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية، ليمرّر رسالة قوية للرئيس الأمريكي الأسبق “بيل كلينتون“ وإلى كل من حضر لمتابعة المباراة، وليس للقيام بأعمال الشغب كما توقع البعض الذين ذهبوا إلى حد قولهم إنه “شعب بلطجي وهمجي“. وبذلك يثبت مرة أخرى الجمهور الجزائري أنه جمهور يحبّ منتخب بلاده ويحب كرة القدم فقط لا غير، وليس عيبا أن يساند منتخبه “ظالما كان أو مظلوما“. المنتخب الوطني يغيّر العقليات النتائج التي حققها المنتخب الجزائري في مختلف المنافسات التي شارك فيها وبعد أداءه الجيّد الذي أصبح يقدّمه فوق الميدان، جعل الجمهور الجزائري يساند منتخب بلاده حتى الدقائق الأخيرة من المباراة، خاصة أن المنتخب الوطني عوّدنا على العودة في أي وقت من المقابلة، كما فعلها في كأس إفريقيا الأخيرة أمام كوت ديفوار حيث عادل النتيجة في آخر دقيقة من عمر اللقاء، وكلّ هذا ساهم في تغيير عقلية المشجّع الجزائري الذي كان سابقا يصفر على منتخب بلاده بمجرّد تضييعه الكرة الأولى في المباراة. والآن سلوكيات الجمهور الجزائري تغيّرت وأصبح يساند منتخبه حتى إن كان متخلفا بنتيجة ثقيلة مثلما حدث في مباراة صربيا التي لعبت بالجزائر، وهذا إن دل على شيء فإنه يدلّ على الثقة الكبيرة التي أصبح يضعها الجمهور في لاعبي المنتخب الوطني الذين أخرجوا مختلف شرائح الشعب الجزائري للاحتفال في الشوارع ليلة ال 18 من نوفمبر من السنة الماضية. حمّى المنتخب الوطني تجتاح النساء الجزائريات التغييرات التي أحدثها لاعبو المنتخب الوطني في عقلية الجمهور الجزائري لم تقتصر على الرجال فقط، بل وصل الأمر إلى مسّ حتى سلوكيات العنصر النسوي الذي لم نتعوّد على وجوده في الملاعب، حدث هذا في عدة مناسبات والبداية كانت مع تخصيص أماكن للعائلات بملعب 5 جويلية لحضور المباراة الودية للجزائر أمام الأوروغواي، ثم شاهدنا العنصر النسوي حاضرا مرّة أخرى لكن هذه المرة ليس بالجزائر، ولكن في القاهرة المصرية رغم الخطر الذي كان موجودا عليهن خاصة بعد الاعتداء السافر على حافلة اللاعبين الجزائريين، وبعدها كنّ حاضرات في أم درمان السودانية حيث انتقل العنصر النسوي إلى السودان وشجّع منتخب بلاده رغم بعد المسافة، ليعودوا مرّة أخرى ويثبتوا أن المرأة الجزائرية كانت ولازالت حاضرة بجانب زوجها وابنها ووالدها وأخيها في كلّ مكان حتى وإن تعلق الأمر بالذهاب إلى أنغولا وجنوب إفريقيا. الجزائر تكسب جمهورا كبيرا حتى إن خرجت الجزائر من الدور الأول لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا، وحتى إن لم تسجل في أي مباراة، إلا أننا كسبنا جمهورا من ذهب، جمهور اعتبره الكثيرون أحسن جمهور عربي، وبشهادة العديد من إخواننا العرب الذين اعتبروا الجمهور الجزائري جمهورا ذواقا ويحب اللعب الجميل، وليس كما اعتبره البعض “بلطجيا وإرهابيا”.