لم يكن ينتظر جمال مصباح، اللاعب الجديد في صفوف المنتخب الوطني، أن تكون زيارته القصيرة الى زيغود يوسف (قسنطينة) مسقط رأس عائلته محاطة بكل ذلك التهافت من قبل محبيه الذين تسرب بسرعة إليهم خبر تواجده هناك، ما أحدث هيستيريا حقيقية، وعلى الرغم من التعب الشديد الذي كان يعاني منه لاعب ليتشي إلا أنه كان متواضعا للغاية ولبى طلبات الجميع على كثرتها. نزل إلى مقهى “منيڤر” وخبر تواجده تسرّب بسرعة بمجرد أن وصل الى زيغود يوسف صباحا وارتاح لبعض الوقت، حتى خرج مصباح في المساء بطلب من أصدقائه إلى المدينة، الأمر الذي استغله للمرور إلى مقهى منيڤر (الرياضي) بالشارع الكبير، لكن المعني لم يستمتع بالجلوس سوى لحظات لأن كل من كانوا متواجدين هناك هبوا إليه لإلتقاط صور معه والحديث إليه، وحتى من كانوا في الشارع شعروا بشيء ما فدفعهم الفضول إلى الدخول وهنا أغلقت المقهى كليا طالما أنها صارت لا تقوى على استقبال أكثر من مئات الفضوليين الذين كانوا بداخلها. الشارع أغلق وخرج بصعوبة إلى سيارة إبن خاله وبما أن بقاءه في المقهى صار مستحيلا، فإن البعض من أفراد عائلته طلبوا منه الخروج للإلتحاق ب”الدغرة“ وهي إحدى القرى القريبة لزيارة عمته هناك. وبمجرد خروجه، فإن الشارع أغلق كليا أمام السيارات من طرف محبيه الذين التفوا حوله وتجاذبوا أطراف الحديث وسؤاله عن جديده، وقد أجاب على طلبات الجميع وبصعوبة توجه الى سيارة ابن خاله علي دربال لكنه نزل منها في العديد من المرات لإلتقاط صور للذكرى. “تخلع”، بقي مندهشا ولم يتصوّر هذا الإستقبال لأنه حلّ في سرية وقد كان مصباح متفاجئا للغاية من هذا التهافت القوي عليه حتى أنه بقي مندهشا و”مخلوع” وعلامات الاستغراب ظاهرة على وجهه، لا سيما أنه لم يتصوّر كل هذا الإستقبال لأنه وصل الى زيغود يوسف في سرية تامه ولم يشأ لفت الأنظار إليه، كما أنه لم يتصوّر كل هذه الطلبات من أبناء بلديته الذين يعتزون به، في وقت أنه لم يلعب كثيرا في المونديال واكتفى بدقائق قليلة أمام إنجلترا وصفها اللاعب بأنها “تاريخية” وأنه “سيحتفظ بها في ذاكرته 10 أو 15 سنة قادمة”. لم نتمكن من محاورته في زيغود ونزل في طريقه عدة مرات وأمام التفاهت القوي على مصباح، لم نتمكن من محاورته في زيغود يوسف وطلب منا بحكم احترامه الشديد ل “الهدّاف” أن نتبع سيارة ابن خالته، وهو ما فعلناه لكن المعني في طريقه الى الدغرة توقف عدة مرات في الطريق بطلب من الكثيرين الذين تعرفوا عليه، فنزل والتقطوا معه صورا. وقد كانت بذلة المنتخب الوطني التي يلبسها، على ما يبدو، سبب في تعرّف الجميع عليه... علما أنه لم يتمكن من مواصلة المسيرة الى مقصده أين توقف قبل عدة كيلومترات منها، وهو ما استغللناه للاقتراب منه. حاورناه على أرض زراعية وبحضور المئات من الأنصار هنا انفردنا باللاعب لمحاورته، والغريب في الأمر أن ذلك كان على أرض زراعية أمام مئات من الأنصار ومحبيه الذين كانوا ينتظرون الفرصة للقائه والحديث إليه بمجرد أن ننهي عملنا معه، وأخذ صور تذكارية معه، ولم يتضايق المعني رغم أننا أطلنا البقاء معه، وفي الوقت الذي واصلنا -بعد أن حاورناه هو- مع والده الحديث عن أمور تخص ابنه، كان المعني لا زال بصدد تلبية طلبات الجميع في الوقت الذي أغلقت الطريق بالسيارات حيث تعرف عليه الجميع بسرعة وصار من يصل مطالبا بالتوقف والنزول. لم ينم منذ يومين، كاد يسقط من شدة التعب ولن يرتاح كثيرا واعترف مصباح أنه لم ينم منذ يومين، ويشعر بتعب شديد إلى درجة أنه خلال حوارنا معه فقد توازنه واضطر الى الإمساك بحافة السيارة حتى لا يسقط، وحتى ملامح وجهه كانت تدل على ذلك. ورغم الإرهاق الشديد ومتاعب السفر، إلا أن لاعب ليتشي كان متواضعا للغاية وكريما مع الجميع رغم الطلبات الكثيرة والملحة عليه... ويبدو أن مصباح لن يرتاح طويلا لأن زيارات كثيرة عائلية في إنتظاره، قبل ان يتحوّل الى عائلته الصغيرة في جنيف (سويسرا)، ومنها مباشرة الى إيطاليا لبدء التدريبات مع فريقه ليتشي.