يرى مدرب نادي ليون الفرنسي ، كلود بويال، في حديث جمعنا به صبيحة أمس، أن كلّ المنتخب الجزائري سيكون مستفيدا من مشاركته في “المونديال“ أكثر من أي أمر آخر... “المنتخب الجزائري كانت تنقصه الثقة بالنفس، لكن بعد 24سنة من الغياب لا يُمكن مُطالبته بأكثر من الذي حققه” “المسؤولون الفرنسيون سيُحاولون إبعاد طافار وبلفوضيل قدر المستطاع عما يعيشه المنتخب الفرنسي” “قدوم بلفوضيل وطافار متوقف على أهداف المنتخب الجزائري في التحدّيات القادمة“ “المنتخبات الإفريقية لا تريد التخلّص من عقدة النقص وغانا أقصت نفسها بنفسها” بحكم إحتكاكه بالمستوى العالي ومعرفة اللاعبين الجيّدة الآن بقيمة ومعنى المشاركة في حدث عالمي مثل ذلك الذي احتضنه بلد “نيلسون مانديلا“. كما كانت الفرصة مواتية كي نستفسرّ “بويال“ عن رأيه في المشاكل الكثيرة التي عصفت بمشاركة المنتخب الفرنسي في كأس العالم، ومدى تأثيرها على بعض من ليزالو ن متردّدين في الالتحاق بالمنتخب الجزائري، خاصة طافار وبلفوضيل بما أنه يعرفهما جيّدا.. كيف هي أحوالك سيد “بويال“؟ في البداية يسعدني اتصالكم من جديد ويشرّفني كثيرا الحديث معكم. وأنا أكلمكم الآن من مقرّ تربص النادي بما أننا شرعنا في التحضيرات الخاصة بالموسم الجديد، وصدقوني أنكم اخترتم الوقت المناسب للاتصال لأني بعدها سأنقطع عن العالم الخارجي وسأركز على العمل فقط. لكن هذا لا يمنع أن نطرح عليك بعض الأسئلة؟ هذا أكيد، أنا تحت تصرّفكم وكما قلت لكم سابقا سيكون من الصعب على أيّ شخص يحتاجني أن يتمكن من الاتصال بي لأني مُنهمك في تطبيق البرنامج الذي سطرته رفقة مساعدي تحضيرا للموسم الجديد، كما سبقت أن أشرت إليه. “المونديال“ يُشرف على نهايته، ولا نشكّ مطلقا أنك تابعت مجرياته، نودّ أن نعرف رأيك في المشاركة الجزائرية.. أعتقد أن مشاركة الجزائر في “المونديال“ ستكون مفيدة بكل المقاييس، حيث شاهدنا مجموعة منظمة في كامل خطوطها، لكن ما أعيبه عليها هو غياب الفعالية في الهجوم، ولهذا لا أعتقد أنه في غياب لاعبين يصنعون الفارق في الخط الأمامي يمكن أن نحلم بأشياء عديدة، بما أن بعض المنتخبات بمهاجمين أقوياء جدا لم يتمكنوا من فعل أيّ شيء، فما بالك بالجزائر التي لم يقدر لاعبوها على قلب الأوضاع لصالحهم في دورة كروية مثل “المونديال“، والتي يعلم الجميع حاجة المنتخبات فيها إلى مهاجمين مميّزين. الأكيد أنك لست الوحيد الذي يقول مثل هذا الكلام، والهجوم كان النقطة السوداء بكل المقاييس ل الجزائر، أليس كذلك؟ هذا صحيح، لكن بالمقابل عندما تعلم أن الجزائر غابت عن “المونديال“ لمدة 24 سنة كاملة لا يمكن أن تطلب من لاعبيها الكثير أو فوق الشيء الذي قدّموه إلى حد الآن، فلو كان الأمر يتعلق بمنتخب يشارك بصفة دورية في “المونديال“ على غرار إيطاليا وفرنسا كان الأمر سيختلف، والدليل على ذلك هو أن الانتقادات اللاذعة التي يتعرّض لها لاعبو هذين المنتخبين حاليا. لكن بالنسبة للجزائر لا أشك مطلقا في أن هناك اتفاقا على أن ما حققه منتخب بلادكم هو أقصى ما يمكن أن نطالب به لاعبيكم بعد طول غياب عن كأس العالم. كتقني ومدرب، هل أنت راضٍ عن مردود الجزائريين في مبارياتهم الثلاث؟ الأكيد هو أن مستوى المنتخب الجزائري سيعرف تطوّرا كبيرا ويبشر بمستقبل جيد إن حافظ لاعبوكم على تماسكهم والروح التي تميّزهم في الآونة الأخيرة وبقوا على الوتيرة نفسها التي لعبوا بها مباريات “المونديال“، بالرغم من غياب النتائج للأسباب التي ذكرتها آنفا. ومع الاستمرارية في العمل أظن أن النتائج ستكون أحسن مما كانت عليه والمنتخب الجزائري سيحصد نتائج جيّدة من مشاركاته المقبلة. ما هو رأيك في المشاركة الإفريقية في “المونديال“ في أول كأس عالمية تُقام في القارة السمراء؟ لم تقنعني إطلاقا، فعندما تشاهد اللاعبين الذين يحوزهم المنتخب الإيفواري أو النيجيري والكاميروني، فإنك تجزم بأنهم قادرون على الوصول إلى أدوار متقدّمة، لكن على أرضية الميدان تشاهد وجها مغايرا وكأنهم ليس اللاعبين أنفسهم الذين يصنعون أمجاد العديد من الأندية الأوروبية، وهذا ما يدعو فعلا إلى التساؤل والإجابة ستكون عند اللاعبين أنفسهم. غانا هي المنتخب الوحيد التي يمكن أن يشملها الإستثناء، ما رأيك في وصولها إلى الدور ربع النهائي وخروجها من المنافسة بعامل الحظ؟ أعتقد أن الأمر يتعلق بأحد المنتخبات الإفريقية التي أحترمها كثيرا وتعجبني طريقة لعبها، كما أني لم أتفاجأ بوصول المنتخب الغاني إلى ذلك الدور، لكن لا أشاطرك الرأي عندما قلت لي إن غانا خرجت بسبب سوء الحظ، لأني أعتقد أنها أكدت لي ما كنت أفكر فيه اتجاه المنتخبات الإفريقية بشكل عام. ما هو؟ لا أعرف متى سيتخلص الأفارقة من عقدة النقص التي تلازمهم، فعندما تشاهد غانا تتأكد أنها أقصت نفسها بنفسها عندما قدّمت خدمة “معنوية” كبيرة للأوروغواي لما ضيّع لاعبها ركلة الجزاء، ولا أعتقد أن الغانيين كانوا سيدخلون ركلات الترجيح بنفس معنويات نظرائهم من الأوروغواي، الذين أصبحوا أكثر ثقة على أنهم قادرون على ترجيح الكفة لصالحهم، وهذا ما يأتي ليبيّن أن عملا كبيرا يحتاجه الأفارقة للتخلص من عقدة النقص. لنعد إلى المنتخب الجزائري، كثُر الحديث على مستقبل العارضة الفنية بين مؤيّد لبقاء سعدان ومن يقول إنه آن الأوان لمنح فرصة لمدرب آخر، ما هو رأيك في هذا الموضوع باعتبارك تقنيا؟ صدقوني أنه لا يمكن في أيّ حال من الأحوال أن أقدّم أي رأي في هذا الموضوع، لأن هذا الموضوع لديه أشخاص هم المخوّلون لإبداء رأيهم فيه، لكن باعتباري تقنيا فسأتحدّث عما يشعر به بعض اللاعبين الذين قد يكون لهم رأي معيّن في الموضوع. كيف ذلك؟ على حدّ علمي فإن المدرب الحالي للمنتخب الجزائري كان وراء منح الفرصة للعديد من اللاعبين الذين ينشطون في الدوريات الأوروبية، وعندما حضروا أول مرّة إلى الجزائر وجدوا هناك مدربا اسمه سعدان يشرف على العارضة الفنية، ولذا فإن تعوّد البعض على طريقة عمله إضافة إلى نوع العلاقة التي كانت تربطهم قد يجعلهم لا يتقبّلون فكرة قدوم مدرب آخر إلى المنتخب الجزائري. لكن البعض يرى أن التغيير أضحى ضروريا لتحسين طريقة لعب المنتخب.. من فضلك، لا أريد الإطالة في هذه النقطة ويا حبذا لو نتنقل إلى نقطة أخرى (يضحك)... ما رأيك فيما يعيشه المنتخب الفرنسي حاليا؟ هذا يحدث في أغلب المنتخبات، كما كان الفريق الفرنسي محلّ ثناء من الطبيعي جدا أن يصبح في فترة من الفترات محلّ انتقاد، وهذا أمر طبيعي. لكن الأمور تجاوزت الجانب الرياضي.. على كلّ حال لا دخل لي بأمور ليست رياضية. ما نريد الوصول إليه هو الحديث عن الثنائي الذي تشرف عليه في ليون طافار- بلفوضيل... (يقاطع)... سبق لي أن صرحت في جريدتكم المحترمة مرارا وتكرارا أنهما لاعبان شابان والمستقبل أمامهما حتى يبرهنا على إمكاناتهما الحقيقية، وإذا كان هناك اختيار يجب عليهما القيام به، فهما الوحيدان الذي يقرّران في هذا الشأن. ليس هذا ما نريد معرفته، ولكن نريد أن نعرف إن كان ما يعيشه بعض اللاعبين الفرنسيين من أصول أخرى قد يحفزهما على اختيار المنتخب الجزائري الذي يبقى وطنهم الأم؟ في هذه النقطة العديد من المعطيات ستتحكم في اختيارهما، أولها الأهداف التي سيلعب من أجلها المنتخب الجزائري مستقبلا، ثانيا هو ردّ فعل المسؤولين الفرنسيين والذي لا أظنهم سيدعون لاعبين تلقوا تكوينا عالي المستوى في “كلير فونتان“ يغادرون نحو منتخبات أخرى، وسيقومون بكل شيء حتى يُبعدا طافار وبلفوضيل وأمثالهما عما يعيشه المنتخب الأول، إضافة إلى أن هناك مواعيد قريبة تنتظر المنتخب الفرنسي لأقلّ من 20 سنة، ولاعبان مثل بلفوضيل وطافار سيفيدانه كثيرا. هل يمكن القول إنك ستعتمد على هذا الثنائي كثيرا هذا الموسم؟ هما ورقتان رابحتان بالنسبة لي، سأتركهما يعملان في هدوء وبعيدا عن كل أشكال الضغط والمنافسة هي من ستبرهن إن كانا يستحقان فعلا التواجد مع الأساسيين أو لا . قبل أن نختم، ماذا لو تمّ عرض عليك منصب مدرب المنتخب الجزائري؟ (يضحك)... أعتقد أن هذا الأمر سابق لأوانه، لكني حاليا مع “ليون“ وتفكيري منصب فقط على تحقيق الأهداف التي تنتظرنا مستقبلا . بماذا تريد أن تختم؟ أشكركم على اتصالكم وسأكون سعيد كثيرا بالحديث معكم في الفترات القادمة، وأتمنى فقط أن تسير الأمور كما يتمناه الجزائريون بخصوص منتخب بلادهم، والذين أرى أنه يملك لاعبين موهوبين بإمكانهم تقديم الكثير في المواعيد القادمة بشرط أن يبقوا محافظين على تماسكهم.