رغم أن مباراة السوبر بين أولمبيك مرسيليا وباريس سان جرمان تهم الفرنسيين أكثر من غيرهم ورغم أن المباراة جرت على الأراضي التونسي والضبط بملعب “رادس” لأول مرة إلا أن الجزائريين الذين تعوّدوا على صنع الفرجة والمتعة أينما حلوا كانوا أبطال سهرة أول أمس دون منازع، حيث أبهروا التوانسة وتركوا الفرنسيين حائرين فالبعض ظن أن السوبر يلعب في الجزائر وليس تونس والبعض الآخر فهم أن العلاقة بين تونسوالجزائر أكبر من مجرد علاقة بين بلدين يجمعهما أكثر من عامل مشترك، المهم أن الجماهير الجزائرية أعطت صورة جميلة جدا عن درجة الوعي التي وصلت إليها وتغير الذهنيات بعد تأهل “الخضر” إلى المونديال حيث لم يصدق البعض أن الجزائريين الذين ظلوا يناصرون مرسيليا بطريقة حضارية لم يتسببوا في أي مشاكل وهم الذين عجزت حتى قوات الأمن الفرنسية عن السيطرة عليهم عندما اقتحموا أرضية الميدان في مباراة الجزائر – فرنسا منذ 8 سنوات. أكثر من 10 آلاف جزائري في الموعد، وسيارات بترقيم كل الولايات ولم يكن من الصعب أن تتعرف على الجماهير الجزائرية العريضة التي إكتضت بها مدرجات “رادس” رغم أن الكلاسيكو شهد حضور العديد من أنصار الفريقين والفضوليين من مختلف الجنسيات دون الحديث عن التوانسة والفرنسيين، لأن الجزائريين كانت نواياهم واضحة منذ البداية وكان هدفهم الأول تدوين اسم بلدهم بأحرف من ذهب فقد اختاروا لأنفسهم المدرجات السفلى المحاذية للمنعرج المخصصة لجمهور أولمبيك مرسيليا وجلسوا معهم جنبا إلى جنب وهو ما جعل الكل يتعرف عليهم، وقدّر عدد الجمهور الجزائري في رادس بأكثر من 10 آلاف متفرج وكانت توحي أرقام سياراتهم بأنهم جاءوا من كل ولايات الوطن، جماهير أكدت عشقها غير المحدود لكرة القدم الجميلة وهذا دون الحديث عن الجزائريين المغتربين والمقيمين بفرنسا الذين تنقلوا مباشرة من فرنسا إلى تونس من أجل ربح الوقت والمال أيضا لكنهم عبّروا أيضا عن انتمائهم وجلسوا مع إخوانهم جنبا إلى جنب. أكدوا مرة أخرى وفاءهم لمرسيليا وقليلون من ناصروا “بي. أس. جي“ صحيح أن الجزائريين معروفون بتعلقهم بالكرة الجميلة وتجد أن أغلبهم يتعصبون للأندية الإسبانية العملاقة مثل البارصا وريال مدريد أو أقطاب الكرة الإيطالية ميلان، الإنتير واليوفي وينقسمون أيضا بين من يناصر مانشستر، تشيلزي وليفربول أو حتى أرسنال، لكن إذا تحدثت عن الكرة الفرنسية وعلاقة الجماهير الجزائرية بها فقل إن الأغلبية الساحقة لا تهتف إلا لأولمبيك مرسيليا المدينة التي يعتبرها البعض ولاية جزائرية بحكم التاريخ الطويل لهذه المدينة مع الجزائريين منذ سنوات والعدد المعتبر من الجزائريين الذين يعيشون هناك، الجماهير الجزائرية التي كانت حاضرة في السهرة التاريخية أول أمس في “رادس” بقيت وفية لتقاليدها وأكدت مرة أخرى وفاءها للفريق الأزرق حيث كان معظم الجزائريين يهتفون باسم “لوام” وقليلون من ناصروا باريس سان جرمان الذي لم تكن صوت جماهيره مسموعة في هذه المباراة. العلم الوطني يرفرف في “رادس“، ورايات المولودية، الحراش، عنابة، سطيف، القبائل وحتى سكيكدة إلى جانبه أصبح العلم الجزائري جزءا من حياة الجمهور الجزائري منذ ملحمة أم درمان والتأهل إلى نهائيات كأس العالم، حيث تأكدنا من ذلك خلال تواجدنا هنا في تونس لتغطية تربص شبيبة بجاية وكذلك الكلاسيكو الفرنسي بين الغريمين التقليدين باريس سان جرمان ومرسيليا، حيث تجد الجمهور الجزائري يطوف شوارع العاصمة تونس، الحمامات، سوسة وهو يحمل العلم الوطني، كما أن الراية الوطنية كانت حاضرة بقوة بملعب “رادس” والأعلام كانت ترفرف من مختلف الأحجام في مختلف أرجاء الملعب إلى درجة أنها طغت على العلم التونسي، كما سجلنا وجود رايات بعض الأندية الجزائرية العريقة إلى جانبها مثل راية مولودية الجزائر، عنابة، سطيف، القبائل، الحراش وحتى راية شبيبة سكيكدة التي أكدت وفاء جمهورها لها حتى في المحافل الدولية الكبرى. كل لاعبي “الخضر“ حضروا “الكلاسيكو“ إلا مبولحي كما لاحظنا أيضا قبل، أثناء وبعد نهاية مباراة الكلاسيكو بين أولمبيك مرسيليا وباريس سان جرمان أن لاعبي “الخضر” كانوا حاضرين كلهم في هذا العرس الفرنسي على الأراضي التونسية، ليس في شخص كل لاعب بحكم أنهم مرتبطون أكثر بأنديتهم لكن من خلال تعلق الجماهير الجزائرية بهم وتأكيد عشقها لأبطالهم، لاعبو المنتخب الوطني كانوا حاضرين من خلال أقمصتهم التي طغت على المدرجات التي احتلها الجزائريون، قمصان بأرقام وأسماء كل اللاعبين دون استثناء ولو أن زياني، بوڤرة، مطمور ويبدة هم من فرضوا منطقهم أكثر وتفاجأنا حتى لما شاهدنا بالقرب من “رادس” مناصرا يرتدي قميص شاوشي وهو ما جعل أحد الجزائريين يعلق بأنه لا ينقص في “رادس” إلا مبولحي ويكتمل تعداد المنتخب الوطني. أنصار الترجي هتفوا لفريقهم فانفجر الملعب “وان، تو، ثري ... فيفا لالجيري” وجاءت (د73) من عمر المباراة وفي ظل المستوى الهزيل الذي قدمه فريقان جاءا يبحثان عن المال أكثر من إمتاع الجماهير الغفيرة التي إكتضت بها المدرجات، فلم يجد أنصار الترجي التونسي وسيلة أخرى سوى الهتاف لفريقهم والتأكيد مرة أخرى أنه الفريق الأكثر شعبية في تونس، وكان أنصار الترجي ينتظرون أن يأتي الرد سريعا من أنصار الإفريقي عدوهم الأزلي لكنهم تفاجأوا بنهوض الجماهير الجزائرية كرجل واحد لتردد “وان، تو، ثري ... فيفا لالجيري” وكأن الجزائريين أرادوا أن يعطوا التوانسة درسا في الوطنية والتأكيد على أنهم ينسون كل شيء في المحافل الدولية لتشريف رايتهم ووطنهم أمام الأجانب. التوانسة لم يفهموا شيئا وحالة طوارئ في شوارع “رادس“ وإذا كان الجزائريون قد صنعوا الحدث في مدرجات “رادس” أول أمس بتنقلهم القياسي إلى تونس من أجل مباراة ليسوا طرفا فيها وبالطريقة الحضارية التي عبروا من خلالها عن تعلقهم ببلدهم ومنتخبهم رغم خروجه من الدور الأول في المونديال، فإن مفاجآت التوانسة مع الجزائريين تواصلت خارج الملعب من خلال روح التضامن بينهم، وقد أحدثت الجماهير الجزائرية حالة طوارئ وهي تجوب شوارع “رادس” وأغاني “الخضر” تنبعث من سياراتها إلى درجة أنه لا يتصور لك أنك في بلد أجنبي، وقد تساءل أحد التوانسة كيف سيكون عليه الحال لو يقع المنتخبان الجزائريوالتونسي في مجموعة واحدة أو تفوز تونس مرة أخرى بشرف تنظيم كأس إفريقيا للأمم؟ الصحافة الفرنسية انبهرت وأكدت أن اللاعبين عاشوا نفس أجواء “الفيلودروم” ومن أجل معرفة رد فعل الفرنسيين من الصور الرائعة التي صنعتها الجماهير الجزائرية بملعب “رادس” اقتربنا من بعض الصحفيين الفرنسيين الذين إكتضت بهم المنصة المخصصة لرجال الإعلام وقدموا خصيصا لتغطية هذا الحدث، وجاءت تصريحاتهم مشابهة لما قاله لنا بعض لاعبي مرسيليا والمدرب ديشان حيث أكدوا أن الجماهير الجزائرية التي فاجأت الجميع بحضورها المكثف هي التي رجحت كفة أولمبيك مرسيليا وجعلت لاعبيه يشعرون وكأنهم يخوضون نهائي السوبر في “فيلوردوم”، ومع ذلك فإن الغيابات الكثيرة التي شهدها الفريق الأزرق كانت مؤثرة كثيرا وخاصة النجم السنغالي مامادو نيانغ لذلك فقد كان على عشاق الفريق انتظار ركلات الترجيح التي تلاعبت بأعصابهم لكنها أهدتهم في الأخير لقبا مستحقا وغاليا. الجزائريون صفقوا ل بن عرفة الذي صفّر عليه التوانسة لحظات مؤثرة جدا عاشها اللاعب الفرانكو – تونسي حاتم بن عرفة لحظة دخوله مع زملائه إلى أرضية ملعب “رادس” لأول مرة، حيث استقبلته الجماهير التونسية بصافرات الاستهجان وتأكدنا أنها لم تغفر له لحد الىن رفضه الالتحاق بالمنتخب التونسي مفضلا تلبية دعوة “دومينيك “ الذي استدعاه في أكثر من مناسبة لكنه حرمه من المشاركة في كأس العالم، لكن الجماهير الجزائرية التي لم يكن يهمها سوى فوز مرسيليا صفقت كثيرا ل بن عرفة وهتفت باسمه خاصة أن دخوله حرّك هجوم مرسيليا كثيرا وأعطاه حيوية أكثر. حتى القنوات العربية كانت في الموعد كما زاد إجراء السوبر الفرنسي في بلد مغاربي لأول مرة درجة اهتمام وسائل الإعلام العربية به، فبالإضافة إلى قناة “نسمة” التي احتكرت حقوق البث المباشر والحصري للمباراة وكامل الكواليس والأحداث الجانبية كان هناك مراسلو قنوات “دبي الرياضية”، “الحرة”، “العربية”، “تونس 7”، “تونس 21”، “حنبعل” وذلك من أجل تقديم ربورتاجات أو تقارير إخبارية ابتداء من الأمس. الصحافة الفرنسية كانت حاضرة بقوة مثلما كان منتظرا حظي نهائي الكأس الممتازة الفرنسية بين أولمبيك مرسيليا وباريس سان جرمان بتغطية إعلامية واسعة خاصة من الصحافة الفرنسية التي تعاملت مع الحدث بأهمية بالغة، حيث حضر إلى تونس ممثلو مختلف القنوات الشهيرة مثل “فرانس 2”، “أم 6”، “تي. أف. 1” وقناتي باريس سان جرمان ومرسيليا الخاصتين، وهذا دون الحديث عن الصحافة المكتوبة التي ملأ ممثلوها المنصة المخصصة للصحفيين. “الهدّاف“ الوحيدة التي مثلت الصحافة الجزائرية أكدت يومية “الهداف” مرة أخرى أنها الجريدة الرياضية رقم 1 في الجزائر وذلك ليس من خلال نقلها للخبر من مصدره الرئيسي والحوارات التي تجريها مع نجوم عالميين بل من خلال حرصها على التواجد في قلب الحدث دائما حتى في المنافسات التي لا تكون الأندية والمنتخبات الجزائرية طرفا فيها، حيث وجدنا أنفسنا نمثل الصحافة الجزائرية لوحدنا باستنثاء بعض المصورين وإكتشفنا أن “الهداف” والزميلة “لوبيتور” تحظيان باهتمام واسع لدى الصحافة التونسية والفرنسية. رجال الإعلام يختارون مانداندا أحسن لاعب في المباراة قام المنظمون قبل انطلاق المباراة بتوزيع قسيمة على كل الصحفيين الموجودين برادس لتغطية الكلاسيكو من أجل اختيار أحسن لاعب في المباراة وسارعوا لجمع القسيمات دقائق قليلة قبل نهاية المباراة، ليتضح في الأخير أن رجال الإعلام اختاروا حارس أولمبيك مرسيليا “ستيف مانداندا” كأحسن لاعب في المباراة، وهو الاختيار الذي لم يعجب البعض خاصة أن هناك عدة لاعبين تألقوا في هذه المباراة مثل فالبوينا وسيسي من جانب مرسيليا أو البنيني سيسينهو الذي أدى مباراة في القمة رغم خروجه في الدقائق الأخيرة. تعزيزات أمنية مشددة في “رادس“ شهد السوبر الفرنسي تعزيزات أمنية مشددة وتلقى رجال الأمن تعليمات صارمة من أجل ضمان السير الحسن للمباراة وإنجاح العرس حتى يعود إلى تونس الموسم القادم خاصة في ظل العائدات المالية الضخمة التي حققتها الاتحادية التونسية لكرة القدم وكل شركائهما من هذه المباراة، وقد تعرض أنصار الفريقين إلى عملية تفتيش دقيقة قبل دخولهم إلى الملعب إلى درجة أن البعض تضايق من ذلك، كما تم منع إدخال الألعاب النارية ومع ذلك فإنها كانت حاضرة في جهة أنصار أولمبيك مرسيليا وتم إشعالها أكثر من مرة. تخوفات شديدة من إقتحام الأنصار لأرضية الميدان كما تمت إحاطة مضمار ألعاب القوى المحاذي للأرضية بتعزيزات أمنية مشددة وتم وضع طوق من رجال الأمن من أجل إفشال محاولات أي مناصر الدخول لأرضية الميدان، والأكيد أن التوانسة أخذوا حذرهم جيدا بعدما تذكروا ما حدث في مباراة الجزائر – فرنسا بملعب فرنسا سنة 2002 وتكررت سنة 2008 بالملعب نفسه بمناسبة المباراة الودية بين تونس ومنتخب الديوك. لوران بلان ورئيس بلدية باريس كانا في الموعد جلبت مباراة كأس السوبر بين أولمبيك مرسيليا وباريس سان جرمان إليها إهتمام العديد من الشخصيات السياسية والرياضية البارزة في تونس وفي فرنسا، فإضافة إلى رئيسي الاتحاديتين التونسية والفرنسية لكرة القدم كان هناك أيضا المدرب الجديد للمنتخب الفرنسي لوران بلان الذي فضل معاينة اللاعبين جيدا قبل الإعلان عن القائمة الجديدة لمنتخب الديوك يوم 5 أوت، بالإضافة إلى رئيس بلدية باريس “برتو دو لانوي” الذي تلقى دعوة من رئيس “بي. أس. جي” ويريد أن يستغل الفرصة أيضا لزيارة قبر والده الذي تم دفنه أيام الاستعمار الفرنسي لتونس في ضواحي مدينة بنزرت. “الفوفوزيلا“ حاضرة في تونس يبدو أن استعمال “الفوفوزيلا” في التشجيع لم يعد حكرا على الجماهير الجنوب إفريقية عند بداية المونديال الأخير بل أصبح لهذه الآلة صدى واسع حسب ما وقفنا عليه بأنفسنا أول أمس بملعب “رادس”، حيث كانت صوت “الفوفوزيلا” ينبعث من مدرجات مرسيليا التي كانت تغص بالأعلام الجزائرية والأكيد أن من كانوا يستعملون هذه الوسيلة في التشجيع هم من كانوا حاضرين في جنوب إفريقيا واقتنوا “الفوفوزيلا” للذكرى. غياب نيونغ، هاينز ومبيا كان مؤثرا إعترف المدرب ديدي ديشان في الندوة الصحفية التي عقدها بعد نهاية المباراة بأن الغيابات الكثيرة التي شهدها فريقه في مباراة السوبر أثرت بشكل سلبي على الأداء الجماعي وأنه وجد صعوبات لتعويض الغائبين خاصة الهداف مامادو نيانغ الذي غاب بداعي الإصابة وترك فراغا رهيبا في هجوم الفريق الأزرق رغم أن مواطنه “ساماسا” حاول أن يعوضه وأدى مباراة مقبولة، كما أن غياب الأرجنتيني ڤابريال هاينز المعاقب أثّر على توازن الخط الخلفي خاصة أن خروج سليمان دياوارا بعد إصاباته زاد متاعب ديشان كثيرا، وهذا دون نسيان غياب نجم المنتخب الكاميروني ستيفان مبيا. التوانسة يعلنون عن حضور 57 ألف متفرج أعلن المنظمون بملعب “رادس” دقائق قليلة قبل نهاية المباراة عن حضور 57 ألف متفرج وذلك وفقا لعدد التذاكر التي تم بيعها، وهو العدد الذي وصفه البعض بالمبالغ فيه نوعا ما لأن المنظمين أعلنوا عند نهاية الشوط الأول عن حضور 44 ألف مناصر ثم اكتظ الملعب فجأة بعدما فتحت أبواب الملعب مجانا أمام من لم يتسن لهم الحصول على التذاكر.