خيرة بوعمرة في الوقت الذي تؤكد فيه وزيرة الثقافة نادية لعبيدي و المحافظ سامي بن شيخ الحسين على البعد الثقافي العربي الإسلامي الأمازيغي لتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، يسجل اسمان من ألمع نجوم الأغنية الأمازيغية ( إيدير و آيت منقلات) رفضهما المشاركة ضمن فعاليات تظاهرة لا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن الثقافة الأمازيغية، التي تمثل جزءا من الهوية الجزائرية بعيدا عن كل التوجهات السياسية و الأفكار الإيديولوجية، التي قد يصل بها البعض إلى حد العنصرية الهدامة التي من شأنها ضرب الوحدة الوطنية في الصميم و هو ربما ما لا يلقي له هؤلاء بالا. و يأتي رفض الفنان آيت منقلات المشاركة ضمن فعاليات أكبر تظاهرة عربية ضمن سياقات سياسية قد تكون مبررة بالنسبة له بل و مقنعة أيضا، إلا أنها تشكل رسالة فنية ثقيلة الوزن بالنسبة للجزائر التي لا تزال و بعد خمسين سنة من الاستقلال تصارع تلك الأفكار الإيديولوجية العنصرية التي خلفتها فرنسا الاستدمارية قبل خروجها من الجزائر لتضمن اهتزاز أركان الوحدة الوطنية. و قد أثار موقف شيخ الأغنية الأمازيغية لونيس آيت منقلات من تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وجها مناقضا تماما لوقفته التاريخية إلى جانب مشروع الوئام الوطني و المصالحة الوطنية خلال العشرية السوداء على رغم الانتقادات التي وجهت إليه وقتها من قبل الأمازيغ نفسهم، إلا أن التاريخ لا يزال يشهد لآيت منقلات موقفه و حرصه على تثبيت أركان الوحدة الوطنية التي ها هو اليوم يوجه إليها سهمه في الصميم مخلفا بهذا تبعات إيديولوجية لن تتوقف عن حدوده الشخصية، بل من شأنها أن تؤثر إلى حد كبير على موقف كل الأمازيغ الذين يولون الكثير من الولاء لاسم آيت منقلات، الذي حمل منذ أيام قليلة شعار السلام و الوحدة العالمية إلى باريس خلال وقوفه إلى جانب صحفيي "شارلي إيبدو" و الذي هو اليوم في حد ذاته يحمل رسالة التفرقة بين أبناء الجلدة الواحدة. و هنا نتوقف لنتساءل عن تعهد محافظ تظاهرة قسنطينة سامي بن شيخ بإقناع آيت منقلات بالمشاركة ضمن سهرات قسنطينة على رغم رفضه للموضوع منذ البداية، إلا أن بن شيخ الذي لم يوجه لحد الساعة دعوته لعديد الأسماء المهمة في الساحة الغنائية الجزائرية العربية الأمازيغية، لا يجد حرجا من الخروج علنا و التصريح بأنه سيقنع آيت منقلات بالمشاركة و هو الذي يهب في كل مناسبة فرنسية أو أوروبية للمشاركة دون أي شروط. لأن رسالة الفن بالنسبة لآيت منقلات ربما تغلب فيها المصلحة الخاصة و الضيقة على المصلحة العامة التي من شأنها خدمة الثقافة الجزائرية التي يعتبر من الفاعلين فيها منذ سنوات.