من الطبيعي أن يكون لدينا أفكارا ولدينا خواطر و مخيلة بحجم الكون و امتداد النجوم في فسيح باحاته، كل المجرات و الكواكب تعمل على توقيت صراع الخير و الشر، وإن كان منجمونا اليوم مصابون بالعقم قي قراءة طالع الأمم ومصير الشعوب وفهم دواليب حركة التاريخ إلا أننا نكتفي في كثير من الأحيان، بل في كل الأحيان، إلى حبة مهدئ، وإن راودتنا الرغبة في التكاثر نلجأ لحبة الفياغرا العظيمة، هكذا ندخل السجل المدني وبرامج الإحصاء، ليتسنى لنا بعدها لعب دورا خياليا في صراع الخير و الشر، هذا الصراع قديم جداً من عهد غريندايزر وسلاحف النينجا إلى جورج بوش الابن والشرق الأسود بالحقد الطائفي، سنهبط درجة عن دور البطولة بل سنبدأ من الصفر، فالبطل يبدأ ضعيفا وطيبا وأبلها، حتى يتذوق كل أنواع الألم والقهر والاستصغار، هنا مربط الخيبة والهزيمة، لأننا نكتفي بالوقوف على عتبة الحياة، ونغوص في أعماق الغيبوبة، حتى نتلذذ بطعم الخيال، نكتفي بواجهة ديمقراطية مكتوبة على الورق و منقولة على الشفاه من صفحات دستور مثلج، نكتفي بشراء أحدث السيارات والهواتف الذكية والأجهزة كهرومنزلية، هي أيضاً غنيمة الحرب بين الخير والشر، حيث أن دورنا الخيالي يتجاوز كل الأمواج العالية ويسقط أعلى الأبراج التي تناطح السحاب، أم دورنا في أتون صراع هو المشاهدة والوقوف طويلا و بدون تعب على العتبة، لأننا لو تقدمنا بقليل بعد العتبة سنفقد متعة السباحة في بحر الخيال، سنفقد الاتصال بمركبتنا التي خرجت ذات صباح لتكتشف الحياة على كوكب المريخ، وستتعطل أقمارنا الاصطناعية وتتيه في الفضاء إلى أن يبتلعها ثقبٌ أسود، ونفقد السيطرة على جهازنا العصبي، لذلك علينا أن نبقى واقفين على الدوام كصخور الشواطئ، حاولت أن أتخلص من كلمة (نحن) لكن وجدت الباب موصودا أمام (هم) فعدت إليها مرغما، نحن دمقراطيين حتى النخاع في عالمنا الافتراضي، وأصحاب قوة إقليمية وبلدنا يستطيع أن ينظم : (زوج تاع الكوب دومند)، كما قال رئيس الجمهورية ذات حلم، و إننا استطعنا أن نحمي وطننا العظيم من هزات الربيع العربي، واخترعنا أول سيارة جزائرية، واستطعنا أن نذلل السهول والجبال ونبسط طريقا يربط غرب البلاد بشرقها، الطريق الذي أسمته مواطنة حكيمة : بطريق (خ رط مرط)، لهذا من الطبيعي أن نفقد السيطرة على ملفنا الثقيل جداً، وينحرف بوزنه إلى تحت خط الإستواء فيستقر في جمهورية الغابون الشقيقة، لأننا تجاوزنا العتبة وسقط القناع وتهاوت صورة البطل ووقفنا أمام الخيبة وجها لوجه، ليست المرة الأولى التي نقف فيها أمامها، ولكن هي المرة الأولى التي نطالب باستقالة رسل الهزائم ومحاسبتهم، كأن طعم الخيبة قد يختلف بتغير الأسماء المستعارة!!!، علينا الرجوع بسرعة إلى ما وراء عتبة الواقع، حيث يكون باستطاعتنا تلافي الخسارة بصرف أربع مليار سنتيم لتغطية مصاريف زيارة نانسي عجرم على سبيل العبث، بدل من استضافة كأس إفريقيا بعد سنتين بخمسين مليون دولار …