يعيش المجتمع الجزائري تصدعا قويا في بنيته، لأنّ ظاهرة العنف في تصاعد مستمر على مختلف الأصعدة، ولعل الأطفال هم الأكثر عرضة لأعمال العنف والجريمة في ظل تنصل مسؤولية الأسرة والمدرسة والمجتمع والدولة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" داعبوا أبناءكم لسبع، وأدّبوهم لسبع، وصاحبوهم لسبع، ثم أطلقوا الحبل على الغارب"، وإذا تمعنا في هذا الحديث نتساءل: هل نحن نطبّق وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في تربية أبنائنا، أم نتهرب ونتصل من مسؤوليتناو ثم نتوقع منهم أن يكونوا أفراد صالحين في المستقبل؟. فمع انتشار أعمال العنف والتصرفات اللامسؤولة للأولياء، تتخلى هذه الشريحة الحساسة الأطفال- عن طفولتها البريئة وتدخل في دوامة من الحرمان تجعلها تلجأ إلى الشارع أين يصبح كل ممنوع مباح، ويكون في الاتجاه الآخر ضحية ممارسات عنف ترتكب ضده بدون أي حق ولا ذنب، الذنب الوحيد الذي اقترفه هو العيش دون حماية قانونية فعلية غير مكرّسة في الواقع، وأمثلة ذلك عدّة: اختطافات واعتداءات على أطفال جزائريين من مواطنين جزائريين في دولة الحقوق والحريات، فأين هي كرامة الطفل البريء الذي ينظر إلى الحياة نظرة صفاء وتفاؤل ليصطدم بواقع مر كله وحشية تنفذه أنامل وحوش بشرية إمّا بغرض الحصول على فدية أو تصفية حسابات أو سرقة وبيع أعضائهم أو اعتداءات جنسية… ومن زاوية أخرى، فإنّ عمالة الأطفال تعد انتهاكا خطيرا في حقوق الإنسان، تختلف أسبابه ودوافعه، منها الوضعية المزرية لعائلاتهم التي تدفعهم نحو العمل إمّا بمحض إرادتهم أو بإجبارهم على ذلك من طرف أوليائهم، ومن ثمّ تخليهم عن دراستهم بغرض توفير مستلزمات العيش. وبالرغم من المصادقة على عدّة اتفاقيات وقوانين تتعلق بحماية الطفولة في الجزائر، إلاّ أنّ الواقع لا يوحي بذلك، لذلك حان الوقت لإيجاد وتفعيل الميكانيزمات لمعاقبة منتهكي حقوق الطفل والتكفل بالأطفال المحرومين من دفء العائلة، بتجنيد كل الطاقات البشرية والمادية للقيام بحملات تحسيسية وتوعوية لحماية الطفولة من الاعتداءات الجنسية والاختطاف والتشغيل وسوء المعاملة لإعادة إدماجهم في المجتمع واستحداث مراكز للتكفل النفسي بهؤلاء الأطفال وإعادة الاعتبار لهم. وبما أنّه قد عُرض مشروع القانون المتعلق بحماية الطفل على نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الاثنين الماضي، في جلسة علنية، وبعد امتناع نواب جبهة القوى الاشتراكية بحجة عدم اكتمال النصاب وانسحاب نواب تكتل الجزائر الخضراء، تمت المصادقة على النص بعد تعديل مادتين من المشروع وإعادة صياغة عشرة مواد، يبقى الآن ترقب الواقع للوقوف عند إمكانية تطبيقه ليكون بمثابة مكسبا لحماية الطفل اجتماعيا ونفسيا وقضائيا بفرض عقوبات مشددة على مرتكبي جرائم العنف ضد الأطفال، عن طريق الآليات المنتظر استحداثها لتفعيل حماية وترقية الطفولة مع مراعاة خاصية البراءة التي تتمتع بها هذه الشريحة من المجتمع.