الحلقة المفقودة بقلم: محمد يعقوبي سواء كان على صواب أو على خطأ ومهما تكن دوافعه، لا أعتقد أن الجزائريين عرفوا مسؤولا في النظام منذ الاستقلال يمتلك شجاعة عمار سعداني بغض النظر عن القناعات التي يدافع عنها ويتحدى من خلالها خصومه جهارا نهارا، فالرجل لا يتردد في قول رأيه في الأفكار والأشخاص في الوقت الذي يشاء وبالطريقة التي يريد، عكس الكثير من السياسيين المنافقين عندنا الذين يتحدثون إليك في السر ما يخشون قوله في العلن، ويقولون في المقاهي ما يخافون قوله للإعلام، بل تجد الندوات الصحفية لبعضهم تغرق في جزئيات تافهة وحسابات ضيقة وتلميحات غبية .. لقد كان أحمد أويحيى هو محل الإبهار الأول وأحيانا الوحيد في الساحة السياسية، عندما يتحدث تظل المقاهي السياسية والعامة تتكلم عنه لأكثر من أسبوع، لكن الطريقة التي يتحدث بها سعداني والسقف الذي فرضه على الجميع، غير كل معادلات التعاطي السياسي. كل من يكره عمار سعداني أو يحبه لا يستطيع أن ينكر قدرته على قول رأيه بصراحة دون حواجز أو تلميحات لمن يشاء وبالطريقة التي يشاء، بغض النظر عن الفحوى والمضمون، وأكثر من ذلك فإن "نيران" الرجل تصيب من في السلطة ومن في المعارضة ومن في الموالاة عكس الذين يركزون ضرباتهم على حدبة واحدة خدمة لحدبة أخرى. في الحقيقة لم نتعود على الأفلان بهذه الصورة المخيفة للبعض ربما يتعلق الأمر بتحول جذري يشهده النظام أو ربما هي مجرد زوبعة في فنجان ستنتهي بتوافقات مؤقتة على أجندات معينة، ولكن المدى الذي وصله سعداني في انتقاداته وهجوماته على عدة أطراف يوحي بأن شيئا يشبه عاصفة الحزم يحدث داخل النظام، الله أعلم كيف ستنتهي وكيف ستكون نتائجها .. لم يحدث أن سمع الجزائريون مسؤولا ينتقد مسؤولين في الدولة ويجلد ممارسات خاطئة في السلطة، تعودنا فقط على سماع "الشيتة" المتبادلة بين المسؤولين، لكن سعداني مهما تكن دوافعه كسر هذه القاعدة وزلزل قاعدة التعامل مع المسؤولين، وجعلنا تارة نضحك على سذاجتنا وتارة نبكي على خيبتنا ..