إعداد: حنان بن قسمي المتجول بين أروقة مواقع التواصل الاجتماعي سيجدها بنكهة رمضانية خالصة، أجواء الصيام والفطور حاضرة بقوة، صفحات مزيّنة ببطاقات للتهنئة، وأخرى تتضمن تعليقات حول القدرة على تحمل صعوبة الصيام، في مشاهد تعكس دور مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفايسبوك على رسم أجواء رمضان بالجزائر. يعتبر شهر رمضان الحدث الأبرز لدى الأمة الإسلامية والعربية ، فالجزائر تتميز على باقي الدول الإسلامية بأجوائها الرمضانية الخاصة، هذه الأجواء استطاعت أن تنتقل من الشوارع والبيوت والمقاهي إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويعد الفايسبوك أبرز هذه المواقع والأكثر استخداما من قبل الجزائريين، عكس الحالة التي يعيشها الجزائريون في هذا الشهر الفضيل. أدعية ومواعظ تزين صفحات الفايسبوك أكثر ما يلفت الانتباه باقتراب شهر التوبة والغفران نشر مستخدمي موقع الفايسبوك لملصقات تذكر بفضائل شهر شعبان، وتحضّر الأنفس لصيام شهر رمضان الكريم، بحيث تتحول جل صفحات المستخدمين إلى صفحات للذكر، فأغلب المستخدمين يتسارعون إلى تنزيل أدعية يومية، منها ما تدعو للتوبة والاستغفار، في حين يذكر الآخرون بأهمية الصلاة ، صفحات أخرى تدعو إلى احترام كلا الجنسين لشعائر الصيام، فنجدها تدعو النساء إلى الاحتشام، في حين تكثر الدعوات للرجال من أجل غض البصر وتهدئة النفوس للتقليل من الاشتباكات العنيفة بحجة الصيام، فيما لا تخلو صفحات من الدعوة إلى التكافل والتضامن في هذا الشهر وتذكّر الفئات المحرومة، وتقدم صفحات أخرى نصائح دينية حول صحية الصيام، مستدلة بآيات من الذكر الحكيم، وأحاديث لنبينا محمد عليه السلام، مشايخ وأهل الدين اعتبروا أن موقع الفايسبوك من شأنه أن يساعد على نشر تعاليم الدين الإسلامي في رمضان، وأن يساهم في التوعية بمحاسن الصيام. الشيخ ناصر إمام بمسجد بالعاصمة، أكد أن للفايسبوك إيجابيات كثيرة خلال رمضان بين أواسط الشباب، فالكثير منهم استفاد من معلومات دينية وحفظ العديد من الأدعية، غير أنه أكد أن الفايسبوك، مثلما له من إيجابيات له العديد من السلبيات، واعتبره ملهاة عن الذكر والصلاة أحيانا أخرى لشبابنا. مواعظ وإرشادات بالصورة والصوت تنتشر عبر موقع الفايبسوك مع دخول شهر رمضان صفحات تقدم نصائح وإرشادات طبية وصحية إلى الصائمين بالصورة والصوت، وأيضا من خلال تحميل الكتب والمنشورات الدينية أوالطبية، وتتمثل هذه النصائح في التعريف بأهمية بعض المأكولات خلال السحور والإفطار والتي من شأنها أن تزيد من السعرات الحرارية للمواطنين بما يساعدهم على تجاوز نهارهم بطريقة عادية، كما تقدم هذه الصفحات نصائح للمرضى وإرشادات حول كيفية انتقاء مأكولاتهم، خاصة وأن المائدة الجزائرية سخية في رمضان، وذلك من أجل تفادي أي مضاعفات صحية، ومن دون حرمان أنفسهم من متعة المائدة، أخذنا رأي سعاد عمراوي طبيبة عامة حول بعض صفحات النصائح عبر الموقع، فأوضحت أنها إضافة جيدة تساعد الشباب على معرفة بعض الحلول للصعوبات التي قد يواجهوننا خلال الصيام، خاصة وأننا في فترة الصيف، فدرجة الحرارة مرتفعة واليوم طويل نوعا ما، لكنها دعت إلى ضرورة تحري مصداقية المعلومة الطبية، فبعض النصائح أحيانا تكون مغلوطة. من سالفي الذكريات إلى سالفي الأكلات لا يتوانى الفايسبوكيون الجزائريون في نشر صور لمختلف الأصناف والأكلات الرمضانية التقليدية منها والحديثة، وتعتبر الفتيات الأكثر اهتماما بتحضير الموائد، فخلال هذا الشهر تقبل العديد من النساء على صفحات الأكل لجلب وصفات جديدة، تتمكن من خلالها من تنويع موائدهن طلية الشهر الكريم، في الوقت نفسه تنشر العديد من الفتيات صور المأكولات التي قمن بإعدادها في شكل من أشكال التباهي، والملاحظ أن صور الأكلات الجديدة هي الأكثر انتشارا في الصفحات بديكورات جديدة وأفكار مغايرة مما قد يعطي نكهة مميزة وعصرية للموائد الرمضانية في الجزائر، سألنا بعض السيدات عبر الفايسبوك عن رأيهن في أجواء رمضان عبر الموقع. مليكة سيدة تبلغ من العمر 32 سنة، أكدت لنا أنها من بين المتتبعات لجديد الطبخ عبر الموقع، وأنها منذ سنتين وهي تستمد وصفات جديدة منه، وأنها تتبادل مع العديد من النسوة وصفاتها، أما صفية فتاة تبلغ من العمر 25 سنة، أكدت لنا أن أكثر ما يثيرها في هذه الصفحات هي اللمسات الجديدة المتعلقة بإعداد الطاولة، أما حياة سيدة تبلغ من العمر 45 سنة، فقد أخبرتنا أنها من متتبعات الصفحات، ولكنها تفضل الأكلات التقليدية باللمسات التي اعتدناها، فحسبها هي من تعطي نكهة رمضان الخاصة. الجزائريون لا "يفضفضون" إلا للفايسبوك استطاع موقع الفايسبوك أن يكون منبرا لصوت الكثير من الجزائريين خلال هذا الشهر الفضيل، بحيث يعبر المستخدمون عن آرائهم ومواقفهم وتذمرهم أحيانا من التهاب أسعار السلع والخدمات، والتي تعرف غلاء كبيرا في كل مرة قبيل دخول رمضان، البعض الآخر ينتقد تعطيل الإدارة العمومية لمصالحهم، نتيجة غياب الموظفين والذين غالبا ما يختارون شهر رمضان للعطلة أو الهرب من العمل عن طريق "العطل المرضية"، أوالهرب في أوقات مبكرة مما يجعل المواطن مضطرا إلى تأجيل قضاء مصالحه في الكثير من الأحيان إلى ما بعد رمضان. المستخدمون اعتبروا أن الفايسبوك هو وسيلة هامة لتبليغ رسائلهم، خاصة وأن بعض الوزراء والمسؤولين يختارون عطلتهم في رمضان، وهو ما يرجح إمكانية رؤيتهم المنشورات وقراءة تعليقات المستخدمين عليها خاصة في الصفحات الكبرى، ويعتبر الجزائريون من أكثر الشعوب فضفضة لمعاناتهم وأفراحهم على صفحات الفايسبوك، وهي فضفضة قد لا نجدها عند الجزائريين في واقعهم اليومي. الفيديوهات .. هي الأكثر طلبا يزداد خلال شهر رمضان تتبع الجزائريين للأعمال التلفزيونية الدرامية منها والفكاهية وحتى الدروس الدينية والتي تبثها القنوات الجزائرية والعربية هذه السنة، والملاحظ عبر موقع الفايسبوك انتشار العديد من الفيديوهات في صفحات المستخدمين، وذلك لإعادة رؤيتها بالنسبة للذين فاتتهم فرصة المشاهدة عبر القنوات. وتعتبر "الكاميرا الخفية" من أكثر الفيديوهات انتشارا عبر الموقع، وذلك لطرافتها، بحيث تشكل ردود أفعال الفنانين والسياسيين الذين تم التوقيع بهم محل جذب الفايسبوكيين، والتي أثارت غضب الكثير منهم للجوء بعض القنوات إلى الرعب والمبالغة في ترويع المشاهدين بتلك "المقالب"، فيما يتراجع الطلب على الأخبار السياسية خلال رمضان، وتعتبر الكاميرا الخفية للممثل المصري رامز جلال في"رامز واكل الجو"، من أكثر الفيديوهات انتشارا هذه السنة، وذلك لحجم المغامرة والتشويق التي تتميز بها، وحجم الانتقادات التي وجهت له والدعوات القضائية التي رفعت ضده بتهمة ترويع الضيوف والمشاهدين. طرائف الجزائريين خلال رمضان تثير التعليقات لا تخلو صفحات الفايسبوك من التعليقات حول بعض التصرفات والسلوكات الطريفة للمواطنين خلال رمضان، بحيث لا يفوّت الجزائريين تسجيل أي سلوكات غريبة ليقوموا بتنزيلها على صفحاتهم، على غرار لهفة الجزائريين على بعض المحلات، أو تصرفات بعضهم في المساجد، وتعتبر سلوكات الجزائريين من أكثر المنشورات التي تثير تعليقات الجزائريين سواء بالتهكم أو الاستياء، وهو ما من شأنه أن ينبه المستخدمين لعدم تكرار مثل هذه السلوكات. أجواء رمضان الجزائرية تثير إعجاب الأصدقاء الأجانب يملك العديد من الفايسبوكيين الجزائريين أصدقاء افتراضيين من مختلف الدول العربية والغربية، فقد أثار نشرهم لصور وفيديوهات عن الأكلات الجزائرية التقليدية والتحليات على غرار "قلب لوز والزلابية " وحتى الحلويات التقليدية إعجاب أصدقائهم الأجانب عبر الفايسبوك، بحيث تساءل العديد عن أسرار إعداد بعض المؤكلات، كما أثار انتشار " البوقالات" الجزائرية بين الفتيات إعجاب الكثير من الأصدقاء من الدول العربية خاصة المقيمين هنا بالجزائر، وهو ما ساهم في نشر عادات وتقاليد الجزائريين خلال رمضان والتعريف بثقافتنا المميزة.