مرت أمس 49 سنة على تفجير يرابيع رقان بعدما تجردت فرنسا من كل قيمتها الإنسانية تاركة وراءها شهادات حية للأجيال المتعاقبة تثبت وتؤكد جرائمها وعنصريتها وكذا وحشيتها، يعتبر يوم 13 فبراير 1960 مأساة للرقانيين بصفة خاصة والجزائريين بصفة عامة ووصمة عار على جبين المستعمر الفرنسي عند إقدامه على التفجير النووي في الصحراء الجزائرية وتحديدا بمنطقة حمودية التي تبعد عن مدينة رقان ب 62 كلم بأدرار، هذا التفجير لا تزال آثاره قائمة إلى يومنا هذا والذي خلف عدة أمراض جلدية وبصرية وإجهاض مع ولادات مشوهة يضاف إليها عدة أمراض مزمنة أخرى كأمراض القلب وأمراض الكلى وغيرها من الأمراض المزمنة الأخرى. مع كل تاريخ 13 فبراير يحدد سكان منطقة رقان مطالبهم في الحصول على تعويضات عن ضحاياهم وكذا مطالبة الدولة الفرنسية بالتعويض عن كل الجرائم المقترفة في حق الضحايا، لاسيما وأن برلمانيين فرنسيين أثاروا مؤخرا تفجيرات الصحراء الجزائرية واعترف العديد من الجنود الفرنسيين الذين كانوا شهود عيان على جرائم فرنسا بالمنطقة والذين استعملوا يومها كفئران تجارب إلى جانب المواطنين الجزائريين. 13 فبراير 1960 - 13 فبراير 2009 رقان تستحضر الذكرى الجماعية إن فرنسا الاستعمارية في مثل هذا اليوم استباحت حرمة الأرض الجزائرية والإنسان الجزائري الذي ذهب ضحية هذه التفجيرات النووية ممثلا في أبناء المنطقة رقان وبعض الأسرى المجاهدين الذين استخدموا كفئران تجارب مخبرية وذلك لقياس مدى تأثير الإشعاع الضوئي المنبعث منها، إذ بلغ التفجير النووي الأول بمنطقة حمودية برقان 60كليو/ طن بمعدل ثلاثة أضعاف قنبلة هوريشما اليابانية، إذ أن مراحل وأطوار وتحضيرات التفجير بعد 12 ساعة من التفجير فقط سجلت على شريط فيديو ونقل على جناح السرعة للاطلاع عليه من قبل ديغول.. ورافق ذلك ندوة صحفية حضرها يومها أكثر من 100 صحفي بمقر ''أواقو'' ونشطها كل من غيوما ومسمر وجانب من المسؤولين في محافظة الطاقة النووية أعطيت خلالها كل التفاصيل الدقيقة لمراحل صنع القنبلة الذرية وتفجيرها، بعد هذا التفجير أتبعت فرنسا ذلك بتفجيرات أخرى بلغت 16 تفجيرا بالمنطقة رقان وكذا بتمنراست، وكانت التفجيرات عبارة عن ثلاثة منها فوق الأرض والبقية تحتها وكل هذه التفجيرات كانت عسكرية أما التفجيرات العلمية فكانت 03 قدرت قوة تفجيرها بين 13 ك/ طن و27ك / طن. وقفة مع ساعات التفجير النووي برقان لما دخلت فرنسا إلى رقان سنة 1957 بقيادة جنرالاتها وضباطها السامين المتخصصين في المجال النووي تم إدخال القنبلة النووية إلى القاعدة العسكرية وتم التحضير للعملية جيدا، بعد ذلك تم منع الدخول إلى منطقة التفجير على كل شخص حتى الجنود الفرنسيين، ومع نهاية الأشغال الاستعدادية أعطيت إشارة التفجير سنة 60 من يوم 13 فبراير بحضور الجنرال إيبري وتحت إشراف الجنرال ديغول، وقبل التفجير مر مسؤولو المراكز الإدارية بالأهالي وقالوا لهم إن الانفجار سيصطحبه ضوء شديد وأمروهم بأن لا يفتحوا أعينهم وهذا حسب شهود عيان وطالبوهم بمغادرة منازلهم، وعند الانفجار تصاعد دخان على شكل قطر غطى كل المنطقة وكأن الأرض زلزلت تحت أقدام السكان، وكل من حضر التفجير اليوم وبعد مرور 49 سنة على أول تفجير نووي فرنسي بمنطقة رقان لا يزال قطر المنطقة التي شهدت التفجير والمقدرة بحوالي 30كلم منطقة عالية المستوى الإشعاعي ولا يمكن الدخول إليها، التفجيرات هذه يومها لم تمر مرور الكرام بل أتبعت بصيحات منددة بالتفجير كتلك المنبعثة من جميع الشعوب الإفريقية والآسيوية وحتى الأوروبية وحتى بأمريكا لكن لا حياة لمن تنادي. لكن وبعد مرور كل هذه السنوات على جرائم فرنسا يكون قد حان الوقت لإنصاف سكان رقان وكذا المناطق المتضررة من الجزائر وذلك بعد تحرك العديد من الجمعيات النشطة بفرنسا وكذا العديد من السياسيين والمعارضين للسلطة بفرنسا قصد اعترافها بجرائمها وتعويض الجزائر عن كل ذلك، خاصة وأن إشعاعات هذه التفجيرات أثرت سلبا على الحجر والشجر فما بالك بالإنسان، إذ أن الكثير من المواطنين الذين عايشوا تلك التفجيرات يشكون اليوم من عدة أمراض مختلفة يجهل الكثير منهم أنواعها، وتتمثل في آلام تصيب الظهر والأكتاف والأطراف الشيء الذي جعل العديد من هؤلاء لا يبالون بهذه الأمراض بعد أن عجزوا عن البحث عن العلاج والتأثيرات الإشعاعية للتفجير الذي لم يمس فقط الإنسان بل مس كذلك حتى الشجر والحجر، إذ أن الأرض القريبة من الإشعاع النووي أصبحت لا تصلح للزراعة ولا لشيء، ما يعني أنها أصبحت أرضا ميتة، وبعد مرور سنة على هذه التفجيرات يجدد سكان وأهالي رقان وكل من عايش الحدث الإجرامي في حق الصحراء الجزائرية مطالبتهم باعتراف فرنسا بجرائمها مع ضرورة تعويض الأهالي والجزائر بصفة خاصة عن كل الأضرار الناجمة عن ذلك.