فيروز زياني وعبد القادر عياض نموذج مشرّف للإعلامي الجزائري حاوره: محمد. ح يتحدث المذيع محمد مزيد في هذا الحوار عن تجربته الإعلامية التي بدأها، خلال دراسته الجامعية، مع الإذاعة الثقافية قبل أن ينتقل إلى تقديم البرامج والأخبار في الإذاعة الدولية، وأيضاً عن تجربته القصيرة في التلفزيون الجزائري، ويقول مزيد إن رهان العمل الإذاعي هو الأصعب لأنه يتطلب مخاطبة المستمع بالصوت فقط، مؤكدا أنه يتمنى أن تتاح له فرص للإبداع في الجزائر، أكثر مما يفكر في الهجرة إلى الخارج للعمل في الفضائيات العربية. أنت خريج لغة إنجليزية، كيف ذهبت إلى العمل الإعلامي؟ فعلا، أنا خريج لغة إنجليزية. لكن الإعلام كان حلم الطفولة. بالموازاة كنت أعشق اللغة الإنجليزية والأدبين الإنجليزي والأمريكي، وكانت لي محاولات عديدة للاتحاق بالإذاعة والتلفزيون اللذين طالما كنت أرى نفسي فيهما، وقد حالفني الحظ وأنا في السنة الثانية من دراستي الجامعية بالالتحاق بهذه المؤسسة، وحدث ذلك حين نزلت ضيفا على إحدى البرامج للإذاعة الثقافية، وبعد ستة أشهر التحقت بها رسميا حيث كنت أشتغل بالقطعة، مثل غالبية الملتحقين الجدد بها. ما الذي تعلمته خلال تجربة الإذاعة الثقافية؟ العمل في الإذاعة الثقافية كان بمثابة ضوء عرف الآخرين بي، وعرفني أكثر بموهبتي، حيث وجدت نفسي من خلال تقديمي لعدد من البرامج والفقرات الإذاعية أنتقل من قراءة النص الأدبي إلى العلمي والسياسي، فضلا عن الفترات التنشيطية التي أكسبتني مهارة الارتجال. كما سمحت لي الإذاعة الثقافية بالتغلغل في الأوساط الثقافية خاصة المجال السينمائي الذي كان الأقرب إليّ، إذ كنت أقدم برنامجا سينمائيا أسبوعيا، حاورت من خلاله فنانين كبارا على المستوى العربي، أذكر منهم الفنانة السورية منى واصف التي أحترمها كثيرا. محطتك القادمة هي الإذاعة الدولية، كيف ولماذا انتقلت إليها؟ قضيت في الإذاعة الثقافية حوالي أربع سنوات، أحسست بعدها أني بحاجة إلى التغيير، حتى لا أقع في التكرار، الذي أعتقد أنه من أسوأ السلبيات التي يمكن أن يقع فيها أي صحفي، مهما كانت الوسيلة التي يعمل فيها، سواء إذاعة أو جريدة أو تلفزيون. قررت أن أخوض تجربة الإعلام السياسي الدولي، فالتحقت بالإذاعة الدولية، حيث استفدت كثيرا بخوض أولى تجارب تقديم الأخبار والبرامج السياسية. هنا اكتشفت تجربة مثيرة ومختلفة تماما عن التجربة السابقة. ما هي ملامح الاختلاف والتشابه بين التجربتين؟ الأولى كانت ثقافية بحتة، تهتم بالمشهد الثقافي الجزائري والعالمي على اختلاف مشاربه وتياراته ومجالاته، أما الثانية فهي ذات طابع سياسي، حتى إن كان الخبر الثقافي والرياضي والاقتصادي حاضراً أيضا، لكن هناك عاملا مشتركا طبعا، هو الميكروفون الذي تربطني به علاقة صداقة تجعل من العمل الإذاعي عملا ساحرا، حيث تؤثر في المستمع بالصوت فقط دون الصورة، أو "رسم صورة بالصوت" كما يقول المختصون، وهنا أعتقد أن الصدق ضروري جدا في أداء أي مذيع ليستطيع تحقيق هذا الهدف، فالمستمع لن يتقبلك إلا إذا نجحت في الدخول إلى قلبه، بغض النظر عن طبيعة المجال الذي تقدمه. من هم الإعلاميون الجزائريون والعرب الذين تعجبك تجاربهم؟ تأثرت بكل إعلامي شق طريقه ولمع نجمه، وأذكر من الجزائريين فيروز زياني وعبد القادر عياض الذين أعتبرهما مثالا للكفاءة الإعلامية الجزائرية وللعمل الدؤوب والنجاح ونموذجا مشرفا للإعلامي الجزائري في الخارج، أما من العرب فيعجبني أسلوب المذيع الفلسطيني في قناة "الجزيرة" جمال ريان في تقديم الأخبار، والإعلامية السورية في قناة "سكاي نيوز عربية" زينة يازجي التي تتميز بحضور قوي أمام الكاميرا وتحكم كبير في محاورة الضيف وتوجيه الأسئلة التي يطرحها عامة الجمهور بشكل دقيق. خضت بعض التجارب التلفزيونية، فهل لك أن تحدثنا عنها ولماذا توقفت؟ تجربة العمل التلفزيوني كانت قصيرة، حيث أعددت وقدمت الأخبار الثقافية ببرنامج "صياح الخير" في التلفزيون الجزائري قبل سنوات قليلة، بالإضافة إلى برنامج "حدث في رمضان"، وهو برنامج، كما يوضحه اسمه، يُعنى بأبرز الأحداث التي حدثت خلال هذا الشهر الكريم. أما لماذا لم تدم، فالحقيقة أنني لا أملك إجابة محددة لهذا السؤال. الأمر خارج عن نطاقي. يسعدني أن الناس يتذكرونني رغم قصر فترة مروري بالتلفزيون. لكنني أعدت التجربة مؤخرا مع شركة إنتاج خاصة. كيف تنظر للقنوات الخاصة وهل تغريك بالعمل معها؟ تجربة القنوات الخاصة لاتزال في المهد، هي تحتاج وقتا لتنضج، ومن المجحف أن نصدر أحكاماً عليها الآن، لأن الوقت لا يكفي لنتحدث عنها بشكل موضوعي، وشخصيا لا أفكر في خوض مغامرة في الوقت الحالي. هل تفكر في الهجرة؟ لست ضد الهجرة، لكنني ضد الهجرة من أجل الهجرة وفقط، فإذا كانت ثمة فرصة تستحق أن يخوض المرء من أجلها هذه المغامرة، فالمؤكّد أنني سأفعل. لكن ما أتمناه حقا، وربما هي أمنية كثير من الصحفيين في الجزائر، أن نبدع على أرضنا ونرفع علم وطننا، وهنا لا يسعني إلا أن أتمنى أن تتاح الفرصة لكل المواهب الإعلامية الشابة، وهي كثيرة ولا شك، من أجل تفجير مواهبها وتحقيق طموحاتها في المجال الإعلامي.