ح/سامية أدمنت أغلب الجزائريات على مشاهدة قنوات الطبخ الفضائية بشكل دائم، بحيث صارت هذه الأخيرة جزءا لا يتجزأ من البرنامج اليومي، خاصة للمتزوجات حديثا، حيث حلت محل كتب الطبخ والمدارس المتخصصة وألغت تعليمات الأمهات والحموات أيضا. لم يعد الطبخ مجرد واجبا ثقيلا تؤديه النساء مجبرات لا مخيرات، بل صار فنا له قنواته المتخصصة وأصوله التي تختلف من منطقة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى، يتنوع من القديم التقليدي إلى الجديد العصري. وبعدما احتلت مدارس الطبخ خلال السنوات الأخيرة مكانة مهمة بين الجزائريات اللواتي التحقن بها من كل الأعمار، تراجع هذا الإقبال الجماهيري مؤخرا، بعد أن فتحت قنوات الطبخ استوديوهاتها أمام المشاهدات تعرض كل الوصفات والكيفيات بالمجان، وعلى رأسها قناة سميرة التي صار انتشارها في البيوت الجزائرية ظاهرة غير مسبوقة وقناة الهقار وفتافيت وغيرها من القنوات، إلى درجة أن بعض الأزواج باتوا يشتكون إدمان زوجاتهم لبرامج الطبخ وجلوسهن بالساعات أمامها يتنقلن من قناة إلى قناة ومن برنامج لآخر، يقول سيدعلي " لقد تحولت معدتي إلى حقل تجارب لطبخات زوجتي اليومية، حسبما شاهدت من برامج، وغالبا ما أضطر للمجاملة أيا كانت النتيجة احتراما لجهودها وسعيها للتنويع وإرضاء العائلة، لكن في أحيان كثيرة توفق في الوصفات، لكن أكثر ما يتأثر هو ميزانية البيت، فالطعام في بيتنا صار وجبة متكاملة تتنوع ما بين المقبلات والسلطات والطبق الرئيسي وطبق الحلو أيضا"، في حين يؤكد خالد الذي يسمي نفسه بعاشق الطبخ التقليدي، بأن قنوات الطبخ تتجه أكثر نحو العصرنة وهو ما لايحبذه كثيرا، مشيرا إلى أن وصفات الجدات لا يعلى عليها لأنها تعكس نمط معيشتنا كجزائريين، وأنا شخصيا يشدني الحنين إلى طبخ أمي وجدتي كلما أكثرت زوجتي من الأطباق العصرية، وأكثر من ذلك صرنا نتناول ببيتنا الأكل الإيطالي، الفرنسي والصيني والهندي، ونضطر لشراء الكثير من مستلزمات هذا المطبخ من توابل آسيوية وهندية ومعجنات إيطالية وحتى مغربية، فالطبخ له أصوله كما تقول زوجتي، ولكنها تتناسى أن ضبط الميزانية أمر مهم أيضا يفوق أهمية التنويع في الحلويات والأكلات. أما (محمد.ع) فقال"لقد تشاجرت مع زوجتي أكثر من مرة بسبب قنوات الطبخ وتعلقها الشديد بها، بحيث أنها تجلس بالساعات أمام التلفزيون وأخيرا اتفقنا أن تشاهد برامجا بعينها، وأن تحدد يوم فقط في الأسبوع لتجربة الوصفات التي تشاهدها، حتى لا نعاني يوميا من التلبكات المعوية جراء ما تطهوه لنا".
* أزواج يتذمرون وآخرون يشجعون التغيير
تعاني الجزائريات من مشكلة ماذا نطبخ اليوم؟، فكل يوم مطلوب أكلات جديدة ترضي أفراد الأسرة والأزواج بالدرجة الأولى، ويعاني الزوج والأولاد من الملل من الأكلات التقليدية، لذلك قالت (زهية.ب) " أشاهد قنوات الطبخ، وأحاول تعلم وصفات جديدة للتجديد على مائدتي اليومية، لكن زوجي لا يعجب دائما بتجديدي، وهذا لأنه لا يحب أن يجرب طعاما لا يعرفه ويفضل الأكلات المعروفة، كما ينتقدني بأنني أضيع الوقت والجهد والمال، ويقول أنه ليس صعب الإرضاء ويكفيه طبق الكسكسى أوالشوربة أوأي شيء مما تعودنا عليه، وللأسف أبنائي لا يفضلون مثل هذه الوصفات الجزائرية التقليدية، لذا أنا أغير لهم في الوصفات وأعد لهم المقبلات والمعجنات وغيرها من الأطباق المغرية التي أستطيع أن أعلمها وأنا جالسة في أوقات الراحة، وهناك أزواج على النقيض يكرهون الروتين ويبحثون عن التجديد سواء في الطعام أو حتى في ديكور المائدة والمطبخ. وتشكو أيضا (سامية. م) محاسبة من زوجها، وتقول: نتشاجر أنا وزوجي بشكل شبه يومي، بسبب متابعتي اليومية للعديد من برامج الطبخ، وتنفيذي للكثير منها، ولكني مصممة على التغيير في طريقة طهيي للتجديد، لأنني أطبخ يوميا، فلابد أن أستعين بأكلات جديدة، وبدأ زوجي بالفعل يرضخ لإصراري. تقول حياة موظفة "زوجي لا يعجبه العجب، فهو يمل من الأكلات التقليدية، ويبحث عن التجديد، مما يجعلنا نتشاجر كثيرا لهذا السبب، لذا تجدني في متابعة دائمة لقنوات الطبخ، على الرغم من أنني تعلمت منها الكثير والكثير، إلا أنني لا أعلم كيف أرضيه، وأرضي معدته وتتابع "زوجي يبحث عن التجديد حتى في طريقة تقديم الأكل وتزيينه على طريقة المطاعم نظرا لتنقله الكثير وتعوده على أكل المطاعم الفخمة. ويهتم بديكور المطبخ والأواني وكل شيء، وهذا شيء إعجازي بالنسبة لي، لكن الحق يقال مشاهدتي لقنوات الطبخ ساعدني كثيرا في مسألة التجديد. أتذكر أنني كنت أبحث عن مدرسة لتعليم الطبخ حتى أسجل فيها، فإذا بي أجد كل شيفات الطبخ مجتمعين في قناة سميرة".
* الطبخ الشرقي..التركي والخليجي على موائد الجزائريين
لم يعد أحد يستغرب وجود أطباق كالكبسة والأرز البرياني وحتى الكبة بنوعيها المشوية والمقلية والفتوش والفلافل والتبولة على موائد الجزائريين، بعد أن أدخلت القنوات المذكورة برامج للطبخ الشرقي والخليجي والتركي، فلطالما جذب هذا النوع من الطبخ الجزائريين من خلال المسلسلات العربية التي تستعرض أسماء الأكلات والتي صار من الممكن تجريبها لشرحها على الطريقة الجزائرية من طرف الشيفات مما يقربها للأذهان والفهم أكثر. تقول (سعاد. ك) ربة بيت " برامج الطبخ الشرقي والتركي على قناة سميرة الفضائية أعطتني دفعا لأجرب الأكلات التي طالما استهوتني وعلى رأسها الكبة السورية والبقلاوة التركية و"التيراميسو" الإيطالية التي صرت أتقنها على أصولها، وهذا كله بفضل القنوات الفضائية وبرامج الطبخ، صحيح أن المشاهدة تأخذني من أشغالي وغالبا ما صرت أؤجل أعمال المنزل إذا ما قدمت وصفات جديرة بالمشاهدة، لكن الفائدة موجودة والنتيحة صارت ظاهرة في أطباقي ووصفاتي.
* أقرب طريق إلى قلوب العرسان.. معدتهم
أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته، وفق ما تقول هدى متزوجة حديثا، والتي تضيف قائلة "لكي تصل العروس الجديدة إلى إرضاء معدة زوجها، عليها أن تتقن فن الطهي وإعداد معظم الأصناف، وخصوصا تلك التي يشتهيها الرجل مع بقية أفراد الأسرة، والعروس الجديدة في مجتمعنا مطالبة بإثبات مهاراتها دائما بالتجديد، وهذا لا يتم إلا من خلال برامج وقنوات الطبخ، التي تشرح طريقة إعداد ومقادير الطبق، وتضيف أنها من خلال الشرح صوتا وصورة تستطيع أن تتابع طرق إعداد الأكلات الشرقية والغربية، وتكتسب خبرة في طريقة إعداد الأطباق، وتحاول أن تنوع في الأكلات، فالتكرار يولد لدى الأسرة نوعاً من الملل. وتقول راضية، متزوجة منذ 8 أشهر " أنا لا أجيد أنواعا كثيرة من الطبخ، لذا لم أجد خيرا من برامج الطبخ حتى لا أسمع تعليقات زوجي الساخرة، خاصة في رمضان المنصرم الذي كان أول شهر صيام أمضيه مع زوجي وعائلته، وبذلك استطعت إنجاز عدد لا بأس به من الوصفات التي تنوعت ما بين الحلويات والأطباق الرئيسية والشوربة، ولم أسمع من زوجي أي تعليق حتى الآن. وتنصح راضية المتزوجات حديثا ،وتقول" كل من لا تملك خبرة ومهارة كافية في إعداد الأكلات لابد لها أن تستعين بقنوات الطبخ ففيها الفائدة والمعلومة التي تزيل حيرتها حين تريد إعداد بعض أصناف الطعام.ّ