الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية تخلق عادة معارضة نقيضها تطالب بالحرية والكرامة الإنسانية. كما أن الأنظمة الرأسمالية خلقت معارضة نقيضها تطالب بالعدالة الاجتماعية بينما الأنظمة الطائفية وهي من سمات المجتمعات المتخلفة تخلق معارضة أكثر تطرفا منها وأكثر طائفية منها أعلم ان هذا الكلام قد لا يقبله البعض، لكن لابأس لنصبر ونتحمل بعضنا بعض الوقت لكي يتسنى لنا شرح وجهة النظر . الأنظمة الاستبدادية أو الرأسمالية تتوقف عند الراهن فهي تقمع البشر من خلال قوانين راهنة تخلقها هي عن طريق مؤسسات تشريعية وتسخر لها الحزب للتعبئة السياسية وتحميها بواسطة مؤسسات قمعية مثل الجيش أو البوليس، وهذه كلها وسائل عصرية ما يجعل المعارضة تلجأ هي الأخرى إلى منظومة تشريعية أخرى مغايرة لكنها عصرية مثل المطالبة بحقوق الإنسان أو خلق نقابات او الحق في التجمع والإضراب. بينما النظام الطائفي الذي يعتمد بدون شك على الأجهزة القمعية غير أنه على المستوى السياسي لا يلجأ إلى التعبئة السياسية إنما يلجأ إلى تعبئة التاريخ وتجنيده وزجه في المعركة ويحوله إلى قوة مادية كفاحية عجيبة . وهو ما يسمى ب "الأساطير المؤسِّسة " لهذا يجب إلا نستغرب لما نسمع البعض قد مات دفاعا عن المراقد والأضرحة والمقابر ويصنف بطلا وشهيدا ويتحول هو الآخر إلى رمز تاريخي هذا الوضع يخلق معارضة هي الأخرى تحتكم إلى التاريخ وتسعى لتجنيده وتعبئته في معركة المصير، كما تسعى إلى خلق أساطير مؤسسة أكثر فاعلية وأكثر " أقدميه" في التاريخ لكي تكون لها صدقية تاريخية . في المحصلة المجتمعات الطائفية وهي بالضرورة مجتمعات متخلفة ولا تاريخية، الأحياء يكتسبون شرعيتهم من الأموات والأشباح أي من التاريخ الميت. ومن يحتكم إلى التاريخ الميت ويجعل هداه وهواه الأموات فهذه مجتمعات ميتة حتى إذا شاهدنا النساء يتزين بأحمر الشفاه "ماجيك" والرجال يرشون شرشا عطر" بيير كردان" فهؤلاء ليسوا أكثر من دمى والدمى يلهو بها التاريخ ولا تصنع التاريخ.