أكد الدكتور عبد العزيز فيلالي، رئيس مؤسسة الشيخ عبد الحميد بن باديس، بأن مؤسسته لازالت بدون مقر منذ أن تم وضع مدرسة العلامة ابن باديس تحت الترميم، فيما ينتظر طاقم المؤسسة تحويله إلى المقر القديم لجريدة النصر بعدما رفضوا النشاط في المقر الذي خصص لهم والذي يقول محدثنا بأنه يقع في مكان هو في الأساس وكر للمنحرفين. من جهة أخرى وفي سياق حديثه للحوار عن فكر العلامة ابن باديس قال عبد العزيز فيلالي بأن ابن باديس سبق عصره بفكره التنويري الذي كان سيجنب الجزائر العشرية الدموية لو لم يتم تغييبه. * بعدما وضعت مدرسة العلامة ابن باديس تحت أشغال الترميم أين تنشطون؟ – الجمعية لا مقر لها بعدما وضعت المدرسة تحت الترميم، منذ 2014 وأنا أسير المؤسسة من بيتي، بعدما وجهنا نحو مقر لا يليق برسالة المؤسسة وروح الشيخ بن باديس لأنه يقع في مكان هو في الأصل وكر للمنحرفين. وهو ما دفعنا إلى الخروج منه، لكننا حسب الوعود سنتحصل قريبا على مقر وهو مقر جريدة النصر القديمة وستكون بعد الترميم مقرا جيدا لنباشر بتنظيم ندوات ومحاضرات ومعارض تتناول الشيخ بن باديس. نعمل حاليا على إنشاء متحف لإبن باديس يضم مقتنياته وكتبه ومخطوطاته وترميم مدرسته، كما أننا بصدد جمع رسائله ومقالاته الهادفة التي تعالج قضايا المجتمع في الدين والثقافة واللغة العربية والاقتصاد. * حدثنا عن نشاط مؤسسة الشيخ عبد الحميد بن باديس ؟ – أصدرت المؤسسة 31 كتابا حول الشيخ عبد الحميد بن باديس وجمعية العلماء، ونحاول طبع كل مداخلات الملتقيات لأن الكتاب وثيقة تحمي الذاكرة، وسنعمل على إصدار موسوعة حول الشيخ بن باديس، تعلمون أن نشاط المؤسسة بدأ منذ 2000 إلى غاية 2010 تداول عليها رئيسان ثم توليت أنا في المرحة الثالثة منذ 2010، وفي الفترة السابقة كان تاريخ 16 أفريل احتفالا ليوم واحد فقط ثم يتوقف الحديث عن الشيخ العلامة بن باديس طيلة السنة ويضعوه تحت الدرج من جديد، ولما جاء الطاقم الجديد للمؤسسة حاولنا أن نحيي مناقبه طيلة أيام السنة من خلال سلسلة من اللقاءات والمداخلات والندوات عبر مختلف الوطن وإيصال رسالته الإصلاحية للجيل الجديد وأيضا من خلال إصدار الكتب. نشاطنا لا يكتفي ولا يقتصر على إحياء ذكرى وفاة الإمام عبد الحميد بن باديس يوم 16 أفريل المصادف ليوم العلم بل نخصص على مدار السنة برنامجا ثريا من النشاطات الثقافية لاسترجاع ذاكرة الإمام المصلح الشيخ عبد الحميد بن باديس من أجل غرس تجربته لدى الشباب والجيل الجديد لاستحضار الدور الريادي والجوهري للمصلح التربوي والمفكر زعيم الحركة الإصلاحية بالجزائر وإبراز غيرها من جوانب النبوغ. * ماذا عن حضور المؤسسة ضمن برنامج قسنطينة عاصمة الثقافة العربية التي يقال إنها أقصت الكثيرين ؟ – قمنا بتنظيم ملتقيين دوليين في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية بالشراكة مع وزارة الشؤون الدينية بعنوان "الشيخ بن باديس والثقافة العربية" شهر أفريل، وملتقى "جمعية العلماء المسلمين ودورها في الحفاظ على اللغة العربية" بالتعاون مع المجلس الأعلى للغة العربية، إلى جانب نخبة من النشاطات الجوارية في ذكرى تأسيس الجمعية يوم 5 ماي في كل من ميلة والمسلية، كما استضاف نادي العلامة بن باديس للفكر والثقافة والتاريخ أساتدة مختصين لتناول شخصية الشيخ العلامة وذلك شهريا. * هل كان الشيخ بن باديس متصوفا أو قريبا من التصوف؟ – الشيخ عبد الحميد بن باديس كان زاهدا في الدنيا خاصة بعد وفاة ابنه إسماعيل بطريقة مأساوية وهو في ريعان شبابه، فقد قال الشيخ عبد الحميد بن باديس: "شغلني تأليف الرجال عن تأليف الكتب ولم يقطع الدرس وقد توفي أقرب الناس وهو أخوه إليه حتى انتهى". تم تغييب الشيخ عبد الحميد بن باديس بعد الاستقلال، بداية من تأسيس الدولة الوطنية حيث عرفت صراعا بين التيار العروبي والفرانكفوني. * هل مازال فكر بن باديس صالحا إلى اليوم أمام التطورات الحاصلة ؟ – أكيد لأنه مصلح وسطي، رغم أنني منذ عدة سنوات قليلة بدأت الغوص في الفكر الإصلاحي وفكر العلامة بن باديس ووجدت أنه غير مدروس ولم يلم تراثه الفكري، صحيح كتب عنه تلامذته لكن بطريقة تقليدية، لكن اليوم هناك أرشيف ووثائق جديدة تستدعي إعادة كتابة مساره من جديد بناء على معطيات ومعلومات جديدة، وبالتالي فيه تصحيحات وإضافات جديدة، نحن بحاجة لدراسة عقلية الرجل وليس دراسة عاطفية واستعمال المنهج والمنطق لإظهار فكره. * هل فكر الشيخ بن باديس متواصل وهل أوفينا الرجل حقه ؟ – نعم فكره الإصلاحي مازال متغلغلا في الجزائريين، وبالمقابل أشير أن هذا الرجل الكبير في مواقفه وفكره الموسوعي لم نوفه حقه ومكانته الحقيقة وتم تغييبه وأفكاره المضيئة وربما لو درس فكره الإصلاحي لما مرت الجزائر بالمرحلة السوداء والتطرف والعنف، لأنه يدعو للحوار والسلام وعلينا كمختصين من مختلف الحقول أن نبحث ونغوص في فكره فهو متعدد المواهب والجوانب ونابغة يحتاج لدراسة متخصصة لأن فكره متعدد، فهو صحفي متمرس، رجل دين، فقيه، مفتي، مفسر، مربي ومعلم، وقد تجاوز عصره في الفترة التي درس واستخدم مناهج تربوية حديثة حيث كان يتعامل مع طلبته بكل بساطة، ومن الجوانب المهمة التي تميز بها الرجل أنه كان أديبا شاعرا، كان يقرأ الأدب العربي والفرنسي بنهم وهذا جانب جديد فيه وقليل يعرف أنه كان جد مطلع على كل القضايا الأدبية والثقافية والسياسية والاجتماعية في العالم من خلال اشتراكه في أكبر عناوين المجلات الفرنسية والأوروبية والأمريكية وتأتيه أيضا مجلات من الشرق الأوسط، كما أنه تعرف على الكاتب الفرنسي اندري مالرو، ويختلف عن علماء الإصلاح كالكواكبي ومحمد عبدو والأفغاني في تعامله مع الطلبة. حاورته: خيرة بوعمرة