المرافعة الغريبة لصالح مشاركة الجزائر في الاتحاد من أجل المتوسط التي تبنتها بعض الأوساط السياسية، لا يمكن تصنيفها إلا في باب المزايدة التي تتخذ من اللون المغاير شعارا وغذاء لتبيان الفارق أو التخندق في حفرة من الحفر. هذا التخندق المبني على المضادة من أجل المضادة لا غير، دون اعتبار للمعايير السياسية الموضوعية. ومن هذا الباب صعدت إلى السطح أصوات حاثة على المشاركة في قمة باريس رغم مشاركة ممثل عن دولة الكيان الصهيوني. وأخرى داعية إلى المقاطعة بسبب تلك المشاركة، تضامنا مع الفلسطينيين وحق العرب المغتصب. والمجمع عليه في الأوساط الإعلامية أن الجزائر عضو في كثير من الهيئات، دولة الكيان الصهيوني عضو فيها دون أن يؤثر ذلك في مواقف الجزائر من القضايا الدولية والإقليمية. وفي هذا الإطار لا يمكن استغراب الموقف الجزائري من المشاركة في قمة دول المتوسط المزمع عقدها في باريس الأسبوع المقبل، لأن العلاقات التاريخية والاقتصادية والسياسية التي تربط البلدين فضلا عن عدد من السياقات الإقليمية جعلت من المرجحين لمشاركة الجزائر في القمة بأعلى تمثيل أقرب إلى الواقعية وهو ما حدث فعلا، وبالتالي مشاركة الجزائر كانت محسومة إلى حد كبير. وخلاصة القول أن كثيرا من التحليلات والمواقف التي كانت تتبناها بعض الأطراف تنبئ عن اعتقاد بأن الجزائر عبارة عن دولة عظمى لا يرفض لها طلب، ولا يخيب لها مسعى. ويبقى للجزائر دورها في إطار حجمها وإمكانياتها وهو ما صرح به عديد المسؤولين الجزائريين كذا مرة.