لا شك أن متتبعي القنوات الفضائية خلال الأيام الأخيرة لمسلسل الحرب الدائرة على تخوم روسيا بين الدببة والجورجيين، يكتشف العجب العجاب، وكيف تخندق الغرب صفا واحدا مساندين سياسة الرئيس ساشكفيلي وهو يستعرض عضلاته، التي ما برحت أن ضمرت نتوءاتها بعد التدخل العسكري الروسي في المنطقة. حرب دعائية وإعلامية قوية قادتها إمبراطوريات مردوخ ومن هم على شاكلة مردوخ بتصوير إبادة جماعية بطلها ''الرواسة'. وضحاياها الجورجيون، حرب أقوى وأضخم من زئير الدبابات وطنين الطائرات الحربية وهي تخرق جدار الصوت في السماء القوقازية. حرب ناهزت في حجم تغطيتها الإعلامية ما يسميه اللبنانيون حرب تموز قبل سنتين، واكبت فيه الآلة الدعائية الغربية مسار جحافل الجيوش المتلاحمة بأغلى وأغنى أراضي الطاقة في العالم، منتصرة لسياسات جورجيا، ورئيسها الموالي للغرب. وفي المقابل رفعت بضع قنوات روسية التحدي بحرب دعائية مضادة لتسويق نظرة مغايرة للأحداث تصب في مصب السياسة الروسية وأهدافها في المنطقة، رغم الصعوبة الموضوعية في هذا الباب. وما شد انتباهي وأنا أتابع بعض القنوات الروسية باللغات العالمية مصطلحات مألوفة في القاموس العربي، دخلته مرغمة خلال حرب دولة الكيان الصهيوني على لبنان قبل حولين كاملين، فخلال مدة العرض وأثناءه لا تخلو نشرة من النشرات الإخبارية لتلك القنوات من وصف الخطوة الجورجية بمحاولة الاستيلاء بالقوة على اوسيتيا الجنوبية بأنها مغامرة غير محسوبة، وهذا من فضل روسيا بوتين ومدفيدف على العرب، بأن باعوا لنا السلاح والتكنولوجية العسكرية، واستوردوا من بعض ساستنا تعليقاتهم على خطوة حزب الله آنذاك بأسر الجنديين الصهيونيين على أنها مغامرة غير محسوبة، لكن مع الوضع الروسي قياس مع الفارق. فمن قال إن العرب شعب مستهلك، مصدر للإرهاب والتخلف فقد كذب .. فروسيا وإعلام موسكو قد استورد تقنية كلامية عربية تضاهي في قوتها التدميرية، صواريخ ستينغر الأمريكية، وفي ضجيجها خرق طائرات الميغ لجدار الصوت في رابعة النهار.