أبدى عدد من الفلاحين من منتجي الذرة بأدرار، المقبلين على حملة حصاد محصولهم هذا الموسم، قلقهم الكبير من هاجس تسويق منتوجهم الذي لم يتخذ بشأنه أي إجراء إداري لحد الآن، حسبما أكده عدد من المزارعين بالمحيط الفلاحي " سطح عزي " بدائرة زاوية كنته جنوب ولاية أدرار، مطالبين والي الولاية، عبد القادر ليماني، بالتعجيل في التدخل قبل أن تحدث كارثة ويتلف محصولهم، سيما وأنه لم يبق على موعد بدء الحصاد إلا أياما معدودات. وحسب الفلاحين وأغلبهم شباب، فإنه رغم مرور عدّة شهور على انطلاق حملة الحرث شهر أوت الماضي، إلا أنه لحد اليوم، لم تتخذ أي إجراءات إدارية مثل السابق، أين يتم اتخاذ التدابير اللازمة لأجل اقتناء الذرة، وذلك على غرار إمضاء الاتفاقيات بين الفلاحين وديوان تغذية الأنعام ببوقطب في ولاية البيض، التي يتم بموجبها اقتناء محصول الذرة من الفلاحين من قبل الديوان، مثلما اعتاد عليه الفلاحون في المواسم السابقة.
أيام قليلة تفصلنا عن موسم الحصاد وبدوره دعا المستثمر الفلاحي، برماتي عبد الرحمن، الذي يعد من أحد منتجي الذرة بمنطقة زاوية كنته، الجهات الوصية إلى اتخاذ خطوات استعجالية لإنقاذ المحصول الذي أصبح الشغل الشاغل لمنتجي الذرة بالولاية، وأصبح لا ينام لهم جفن خاصة بعد أن بلغ مراحل متقدمة من النضج ولم تبق تفصل عن حصاده سوى أياما قليلة عن طريق تنفيذ الإجراءات الإدارية المتعلقة باقتناء محصول الذرة. وأكد المتحدث ذاته، على ضرورة العمل لإيجاد حل نهائي لهذا المشكل، الذي يتكرر للمرة الثانية مع الفلاحين خلال موسمين متتاليين، من خلال تنفيذ قرارات الوزارة الوصية التي اتخذت في هذا الشأن خلال السنة الماضية، والمتعلقة بإنشاء وحدة محلية بأدرار لتجميع محصول الذرة وضمان نقله من المزارع إلى هذه الوحدة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء من شأنه تعزيز الطمأنينة لدى الفلاحين وتحفيزهم على الاستمرار في إنتاج محصول الذرة بأدرار، الذي يمتاز بجودة عالية بشهادة المربين والموالين.
مطالب بتذليل هذه العقبات البيروقراطية وفي هذا الجانب، أشار المستثمر الفلاحي الشاب بن حمادي محمد، إلى أن مشكل تسويق منتوج الذرة بات يشكل أكبر هاجس مقلق للفلاحين، سيما مع قرب الشروع في حصاد المنتوج للدخول بعدها في حملة حرث القمح، مضيفا أن الفلاحين الذين انخرطوا في المساعي الرامية لترقية منتوج الذرة متخوفين بشدة على مصير محصول الذرة هذا الموسم بسبب تأخر هذه الإجراءات نظرا للأعباء المالية للفلاحين فيما يخص القروض البنكية وفواتير الكهرباء والوقود والأسمدة ومصاريف العمال. وأكد هذا المستثمر أن الفلاحين بولاية أدرار كلهم عزم و إصرار على رفع التحدي الذي تسعى السلطات العليا للبلاد إلى تحقيقه بجعل القطاع الفلاحي قاطرة لإقلاع اقتصادي حقيقي بديلا عن البترول، موضحا أن " تحقيق هذا الهدف لن يجسد إلا بتعزيز مرافقة الشباب الطموح لخوض غمار الاستثمار الفلاحي "، مشيرا إلى ضرورة تذليل هذه العقبات البيروقراطية التي قد تنعكس سلبا على عزيمة الفلاحين بالمنطقة، خاصة بعد أن أثبتت تجربة إنتاج الذرة بأدرار نجاحا باهرا بكل المقاييس.
مخاوف من تكبد خسائر مالية ضخمة أما المستثمر الفلاحي، رقادي محمد، فقد أشار إلى أن تأخر إمضاء الاتفاقية المتعلقة باقتناء منتوج الذرة من قبل ديوان تغذية الأنعام وعدم توفير شاحنات مهيأة لضمان نقل هذا المحصول من مزارع ولاية أدرار نحو الديوان ببوقطب ولاية البيض، كما أكدت عليه الوزارة الوصية في توجيهات سابقة، خلف قلقا كبيرا لدى الفلاحين الذين عانوا كثيرا بسبب تحملهم لمصاريف نقل المحصول عبر شاحنات غير مخصصة لهذا الغرض، مما كبدهم خسائر مادية نتيجة ضياع كميات معتبرة عبر هذا المسار. من جانبه، أعرب الشاب كنزاح عبد الكريم، الذي يشرف على متابعة مزرعة والده بزاوية كنتة، عن القلق والهاجس الذي بات يساوره بسبب " الغموض" الذي بات يكتنف مصير محصوله من منتوج الذرة الذي بلغ مرحلة الحصاد، مشيرا إلى الانشغال المطروح أمامه للوفاء بالالتزامات لمختلف هيئات الدعم والمرافقة والتكاليف التي تطلبتها هذه الدورة الإنتاجية. وأضاف كنزاح، أن إمكانياتهم المحدودة لم تثن من عزيمتهم في العمل على إنجاح موسم إنتاج الذرة وتحقيق مردودية معتبرة في المحصول نظرا للنجاح الكبير الذي تحققه هذه الزراعة الواعدة بالمنطقة، مطالبا بتعزيز المرافقة من قبل الجهات الوصية على القطاع من خلال التكفل بمختلف الانشغالات المطروحة في هذا الشأن، سيما تلك المتعلقة بضمان استقبال منتوج الذرة من قبل الهيئات المتخصصة.
* ممثل اتحاد الفلاحين عبد القادر عوماري عدد منتجي الذرة انخفض إلى 43 فلاحا والمساحة إلى 900 هكتار وعلى الرغم من كل تلك الصعوبات التي تواجه الفلاحين منتجي الذرة بأدرار، إلا أن العزيمة تبقى قائمة لديهم لرفع التحدي وتحقيق الهدف المنشود في جعل هذه المنطقة الصحراوية مصدر عطاء وفير في منتوج الذرة ومختلف الشعب الفلاحية، سيما مع توفر الإرادة لدى الشباب الطموح في خوض معركة الاستثمار الفلاحي الواعد برؤية عصرية، مثلما أشار إليه ممثل الاتحاد الوطني للفلاحين بأدرار، عوماري عبد القادر. وأشار السيد عوماري، إلى أن التكفل بهذا الانشغال أصبح ضرورة ملحة واستعجالية تفاديا لإحباط عزيمة الفلاحين خاصة منهم الشباب الذين يطمحون لمستقبل زاهر وواعد في مجال الفلاحة بالمنطقة، داعيا إلى تجسيد بعض الإجراءات التي تمت الإشارة إليها خلال الزيارات الوزارية السابقة والمتعلقة أساسا باستحداث وحدة لتجميع وتخزين محصول الذرة بأدرار بدل نقله نحو ديوان تغذية الأنعام ببوقطب على مسافات بعيدة وفي وسائل نقل غير متخصصة. وأضاف المتحدث ذاته إلى أن عدد منتجي الذرة بوحدات الرش المحوري لهذا الموسم قدر ب36 مزارعا، حيث عرف تراجعا مقارنة بالموسم السابق الذي وصل فيه عدد المزارعين إلى 43 فلاحا، في حين بلغت المساحة المزروعة خلال هذا زهاء 900 هكتار مسجلة انخفاضا عن المساحة المزروعة خلال الموسم السابق، التي بلغت أكثر من 1.400 هكتار، مشيرا إلى أن هذه الوضعية كانت نتيجة مباشرة للمشاكل التي واجهت الفلاحين في إنتاج الذرة.
* رئيس لجنة الفلاحة والسياحة بالمجلس الولائي عبد الله أم الغيث: باشرنا اتصالاتنا لاحتواء مطالب الفلاحين من جهته، أكد رئيس لجنة الفلاحة والسياحة بالمجلس الشعبي الولائي، أم الغيث عبد الله، أن هيئته باشرت عدة اتصالات مع مختلف الهيئات والمصالح المعنية للتكفل بانشغالات الفلاحين المطروحة بخصوص استقبال محصول الذرة، مذكرا بضرورة تجسيد توجيهات الوزارة الوصية في الشأن من خلال التكفل باقتناء محصول الذرة ونقله من مقر الديوان كخطوة أولى، على أن يتم استحداث وحدة محلية بأدرار لتجميع المحصول. وأضاف المتحدث ذاته، أن العزيمة والإرادة تحذو كل فلاحي المنطقة لرفع التحدي وتحقيق منتوج أوفر من محصول الذرة ومختلف محاصيل شعبة الحبوب، خاصة وأن منتوج الذرة بأدرار يتميز بجودة عالية ومردودية معتبرة، مما يمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلي عن الاستيراد بالعملة الصعبة لمنتوج الذرة الذي لا يرقى بأي شكل إلى مستوى الجودة والمردودية للذرة التي تنتج محليا، مشيرا إلى أن مرافقة هذا النشاط ستضمن تغطية الاحتياج الوطني من الذرة في المدى القريب نظرا لتوفر كل العوامل الطبيعية المساعدة على إنتاج الذرة سيما بمناطق الجنوب.