تم إحصاء ما يزيد عن 7000 حالة عنف ضد المرأة بالجزائر منذ بداية 2016، ويتعلق الأمر بشتى أنواع العنف والاعتداء، حسبما كشفت عنه الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات نورية حفصي بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي أكدت أن الرقم لا يعبر عن الحقيقة بسبب امتناع الكثير من المعنفات عن تقديم شكوى لدى مصالح الأمن. أثبتت التحقيقات أن العنف المرتكب ضد المرأة الجزائرية يأتي من المحيط، أو بالأحرى من داخل الأسرة سواء من طرف الزوج أو الأب أو الأخ أو حتى الجار. وتمر الكثير من حالات العنف بسلام بالنسبة لمرتكبيها الذين نشأوا في الغالب على فكرة سماح المجتمع لهم والمرأة نفسها بممارسة الاضطهاد عليها حسب عرف المجتمع الذي ترعرعوا عليه. فالمرأة نفسها التي تشتكي اضطهاد الأخ اليوم والزوج مستقبلا ستسمح بدورها لابنها أن يمارس نفس الاضطهاد على شقيقته ثم زوجته, وهكذا دواليك استمرت ممارسات العنف بتواطؤ من أطراف المجتمع. وفي ظل صمت النساء بدعوى الحفاظ على بيوتهن لو كن متزوجات وبدعوى طاعة الشقيق والأب إن كن عازبات، وخاصة حينما يتعلق الأمر بالقربى فإنك غالبا لا تسمع الشكوى، بل وكان يعتبر الأمر في الماضي سرا من الأسرار الزوجية الذي لا يجب أن تفشي به الزوجة حتى لوالديها فمن حق زوجها تأديبها ولو كانت أما فعليها تحمل كل أنواع الإساءة في سبيل الحفاظ على بيتها وأسرتها وعدم شتاتها. أما فكرة التقدم بشكاوي إلى المصالح الصحية أو القضائية فالأمر لم يكن مطروحا البتة في السابق. ولعل الإحصائيّات التّي تعكس عدد النّساء اللواتي تعرضن أنفسهن على القضاء وعلى مصالح الطب الشرعي حسب الأخصائي النفساني، إما أنهن زوجات وصلن إلى قرار الطلاق بعد رحلة عذاب مريرة. وإلاّ فهن من اللواتي تحصلن على شهادات من الطب الشرعي لإثبات واقعة الضرب فقط لتهديد الزوج العاصي بأن تشتكي به وتستعملها كورقة ضغط عند اللزوم. أما العازبات، فأغلبية المتقدمات بشكاوي مستقلات ماديا ومتعلمات، وذلك لأن شهادة المرأة واستقلاليتها المادية تلعب دورا في تركيبتها النفسية ونظرتها لنفسها ككائن كامل لا ناقص أو تابع.
* أغلب الضحايا يسحبن الشكاوى بعد إيداعها لأسباب اجتماعية أكدت نورية حفصي لدى افتتاحها لندوة حول "مكافحة العنف الممارس ضد المرأة" تزامنا مع إحياء اليوم العالمي للتصدي للظاهرة أن عدد المعنفات اللواتي تم إحصاؤهن منذ بداية 2016 هو "7.400 امرأة"، ملحة على أن هذا الرقم لن يعكس واقع العنف الممارس ضد المرأة في الجزائر لكون العائلات الجزائرية محافظة ونسائها لا ترفعن شكاوي ضد أحد من الأقارب. كما أشارت المتحدثة إلى أن العنف الذي يمس كل فئات النساء سواء كانت المثقفة منها أم الماكثة في البيت, سببه الأول هو زوال بعض الخصلات في المجتمع "كالتربية والأخلاق", حيث أصبحت المرأة في بعض العائلات تعنف وتعاني بصمت بدلا من أن تقدم شكوى، ومن بين الأسباب أيضا عدم معاقبة المعتدين نتيجة جهل المرأة للقوانين التي سنت من أجل حمايتها، وعليه دعت نورية حفصي أمينات المنظمة للتقرب من النساء خاصة اللواتي تعرضن للعنف من أجل توعيتهن وإقناعهن بتقديم شكوى وعدم الصفح على المعتدي, داعية كذلك السلطات المعنية إلى توفير الأطر التي تحميهن وتحمي أطفالهن، وبلغة الأرقام كشفت رئيسة فرقة حماية الأحداث قسم وسط, دراري سليمة أنه تم تسجيل هذه السنة إلى غاية شهر أكتوبر, 1.371 امرأة بالجزائر الوسطى تقدمت بشكوى من بينها 890 حالة عنف جسدي و 19 حالة عنف جنسي و 9 حالات قتل و 14 حالة تحرش جنسي، وتأسفت ممثلة الأمن الوطني لسحب الكثير من النساء الشكاوي بعد تقديمها للمحافظة على أسرتها. * حملة تحسيسية ونشاطات تربوية لمكافحة العنف ضد المرأة وفي إطار مكافحة العنف ضد المرأة، أطلقت مديرية النشاط الاجتماعي والتضامن لولاية الجزائر الطبعة الرابعة للحملة التحسيسية حول مكافحة العنف ضد المرأة، حيث أكدت رئيسة مكتب الحركة الجمعوية بالمديرية, أنيسة علالو أن هذه الحملة التحسيسية التي تنشطها جمعيات محلية توجه هذه السنة للأطفال بالدرجة الأولى لتوعيتهم حول أهمية السلام وترسيخ لديهم ثقافة الأخوة ومحبة الغير تحت شعار "نحن وما نصنع-سلوكنا مستقبلهم"، وأضافت السيدة علالو أنه سيتم خلال هذه الحملة التي تمتد إلى غاية يوم 10 ديسمبر المقبل تنظيم هذه النشاطات بالساحات والمرافق العمومية لولاية الجزائر, بمشاركة تربويين اجتماعيين وأخصائيين في علم النفس والاجتماع ومنشطين تابعين لقطاع التضامن الوطني، وأوضحت مديرة النشاط الاجتماعي والتضامن لولاية الجزائر صليحة معيوش خلال لقاء بمناسبة الإطلاق الرسمي لهذه الحملة, أن المبادرة تدخل في إطار برنامج وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة المخصص لهذه التظاهرة السنوية بتنظيم عدة برامج توعوية ونشاطات تربوية وترفيهية وثقافية تتناول محور مكافحة العنف ضد المرأة. وتتمحور هذه النشاطات أيضا حول عمل خلايا الإصغاء الجوارية التي تستقبل نساء وأطفال بغية الاستماع إلى انشغالاتهم حول مسألة العنف علاوة على تنظيم حفل تكريم الأطفال الفائزين في إنجاز أحسن الرسومات المعبرة عن مكافحة العنف، كما سيتم خلال نفس الفترة, تنظيم مباريات رياضية ودية رمزية بين الأطفال بالمركب الرياضي الجواري بوروبة "الجزائر", علاوة على إنجاز ما سمي ب "الكتاب الأبيض" الذي سيشمل رسومات ونصوص قام بها أطفال تبرز نظرة هذه الشريحة لمسألة العنف بغية دراستها. آمنة/ب