سلط الدكتور عبد المالك مرتاض، الرئيس الأسبق للمجلس الاعلى للغة العربية، امس في المنتدى المشترك بين "الحوار" وجمعية "الكلمة" الضوء على واقع اللّغة العربية في الجزائر والعالم، واختار التحدث عن اللّغة العربية وارتباطها الوثيق باللّهجة الجزائرية، مؤكدا انه لن يكون شوفينيا إذا صرح بأن لهجتنا مستمدة بصورة كبيرة من اللغة الأم "العربية" معتبرا أنها أفصح اللهجات وأكثرها قربا من اللغة العربية. ودافع عميد النقاد الجزائريين بشدة عن اللّغة العربية ككنز ثقافي وحضاري، مطالبا شباب اليوم بالحفاظ عليها وتعلم قواعدها والعمل بها، مخاطبا مسؤولي الثقافة في بلادنا بالالتفات للشخصيات الفكرية والأدبية وتقديمهم للجيل الجديد كقدوة ومثال يحتذى به. وكان اللقاء فرصة للحضور للإدلاء بشهاداتهم حول الرجل، حيث اجمعوا ان الدكتور عبد المالك مرتاض يعد من ابرز الاسماء الجزائرية التي خدمت الفكر والثقافة الجزائرية، وساهم في الدفاع عنها من خلال مواقفه الجريئة ومؤلفاته التي تجاوزت 70 مؤلفا، ومقالاته وتدخلاته عبر مختلف المنابر الثقافية العربية.
_____________________ * الدكتور عبد المالك مرتاض: أكثر ما يؤلمني تكريم المبدعين بعد وفاتهم وزارة الثقافة مطالبة بأخذ المبادرة وتكريم الشخصيات الأدبية الجزائرية طلب الدكتور عبد المالك مرتاض وزارة الثقافة إعادة الاعتبار لكبار الأدباء والمثقفين الجزائريين، مؤكدا ان التكريم لن يكون حدثا إذا انتقل المثقف إلى القبر، داعيا مسؤولي الثقافة إلى تذكر العظماء وهم على قيد الحياة وتكريمهم وتقديمهم في صورة المثقف الحاضر بيننا. ورغم استحسان الدكتور مرتاض ظاهرة التكريمات التي ساهمت في رد الاعتبار لكبار الشخصيات الوطنية، خاصة الأدبية منها، إلا انه أكد ان أكثر ما يؤلمه هو تكريم مثقف بعد وفاته، معتبرا ان الجزائر بحاجة كبيرة لأن تقدم الجيل القديم للجيل الجديد كقدوة ومثال ينبغي السير على خطاه، معتبرا ان التكريم لفتة حضارية لم يكن معمولا بها من قبل، وانطلقت كبادرة جيدة في الأعوام العشرين السابقة، معتبرا أن الظاهرة بادرة طيبة تحتاج للتشجيع كي تتواصل، مؤكدا ان أكثر ما يسعده أن يرى أديبا يكرم مهيبا بالمسؤولين عن الثقافة في بلادنا ان يراعوا هؤلاء الأدباء الكبار. وذكر الدكتور حادثة وقعت معه في السنوات الماضية التقى فيها بالشيخ الراحل السائح الكبير، واستاء من عدم تكريمه، وقدم انتقادا شديد اللهجة للثلاث وزراء الذين كانوا حاضرين، طلب منهم ان يوفوا الأديب الكبير السائح، وان نصنع نماذج راقية لرجالاتنا في المجال الثقافي حتى يصبحوا مثالا للشباب. ________________________ * عبدالمالك مرتاض يؤكد بعيدا عن الشوفينية العامية الجزائرية أفصح اللهجات وأقربها إلى اللغة العربية تحدث الدكتور عبد المالك مرتاض عن العلاقة بين اللغة العربية والعامية الجزائرية مؤكدا انه تناول ذلك في كتابه "العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى" مبرزا عبر مداخلته انه وتبعا للنماذج التي تابعها وصل إلى ان العامية الجزائرية ربما هي أفصح اللهجات العامية على الاطلاق، وإن لم تكن كذلك فهي الثانية وأقربها الى اللغة العربية، كاشفا في ذات السياق عن قرب انتهاء مشروعه معجم المصطلحات الانثربولوجية الذي يقدم فيه مقاربة بين اللغة العربية واللهجة الجزائرية، وأعطى امثلة كبيرة عن ذلك من يوميات الفلاح الجزائري الى العامل وربة البيت، واكتشف من خلال بحثه مدى قرب اللهجة الجزائرية من العربية، مضيفا انه اصبح يشعر بالخجل من نتائجه المبهرة حتى لا يوصف بالشوفينية. مؤكدا ان اللهجة العامية الجزائرية حافظت على قربها وعربيتها وفصاحتها، وحتى ان الواحد ليعجب كيف ان هذه العربية تعمقت في الجبال والبوادي القاحلة البعيدة، وعند رجال التصوف الذين يعقدون جلساتهم ويقرؤون أشعارا للشيخ سيدي بومدين ومجموعة من الشعراء الصوفية الكبار، ويستمع إليها الفلاحون وينهضون الى الحضرة انطلاقا من المسمع. وأضاف الدكتور مرتاض أنه يتمنى ان تزدهر اللغة العربية، وأن تعود لمكانتها الطبيعية، فهي اجمل اللغات على وجه الارض وأوسعها، فهي لغة سماوية وليست لغة عادية، ولذلك ظلت هذه اللغة حيه رغم الحروب التي شنت ضدها من كل النحل، وظلت شامخة، وهي تتطور، وستتحول الى اللغة الاولى في العالم قبل الانجليزية، فهي لغة الروح والجمال والشعر، ولا شي يمنعها من ان تكون لغة العلم والتكنولوجيا، فقط تريد هذه اللغة من اهلها ان يحبوها وأن يخدموها. وأرجع الدكتور عبد المالك مرتاض سبب تقهقر اللغة العربية الى المدرسة التي باتت مقصرة جدا في تطوير وتقريب اللغة العربية من الطفل، "يجب ان تكون لقاءات متكررة بين المختصين والبيداغوجيين والبحث عن حلول ونضع خططا لما بعد 30 او 40 سنة، وإعادة النظر في برامج المدرسة وتكوين المعلمين والوسائل المستخدمة في مدارسنا، وأعتقد ان مدارسنا لا توجد فيها مكتبات، من المفروض ان تتدخل وزارة الثقافة لتضع في كل مدرسة مكتبة".
_________________ * قالو عن الرجل محمد صغير بلعلام: مرتاض الجزائري الوحيد الذي خدم العربية دون خوف بعد مولود بلقاسم قال المجاهد محمد صغير بلعلام ان الدكتور عبد المالك مرتاض الجزائري الوحيد الذي تجرأ وخدم اللغة العربية دون خوف بعد مولود قاسم، مبرزا خلال حديثه مواقف الرجل وجرأته في طرح المواضيع التي لها علاقة بلغة الضاد وهو على رأس المجلس الاعلى للغة العربية، والتي امتدت الى مؤلفاته التي تجاوزت 70 مؤلفا، وكذا تدخلاته في مختلف المنابر الاعلامية والثقافية عبر العالم. وتأسف بلعلام لواقع اللغة العربية في الجزائر، وعلق قائلا "بكل اسف لا نحتقر شيئا في الجزائر اكثر مما نحتقر اللغة العربية"، مضيفا "طلبت من وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي، وكذا الوزير الحالي عز الدين ميهوبي وهو صديق عزيز، تحديد مفهوم الثقافة في الجزائر.. من يتذكر مولود قاسم، ابو العيد دودو وغيرهما من الاسماء؟ نحن لا نحدد معنى الثقافة". ______________ * الإعلامي سليمان بخليلي: نجاح شاعر الجزائر يرجع للدكتور عبد المالك مرتاض ارجع الاعلامي سليمان بخليلي نجاح برنامج "شاعر الجزائر" الى الدكتور عبد المالك مرتاض، وعلق على الامر بالقول "نجاح البرنامج كله على عاتق الدكتور عبد المالك مرتاض، ولم يكن لي صوت في لجنة التحكيم، وهي سيدة في قراراتها"، مضيفا "عبد المالك مرتاض قامة من قامات اللغة العربية، وأحد اعلامها، ولو كان في بلد اخر لخصص له ناد اسبوعي يقدم فيه خلاصة تجاربه". وذكر بخليلي خلال حديثه انه عرف الدكتور عبد المالك مرتاض مرتين: الاولى حين كان في الجامعة وقال "كنت طالبا في الجامعة، وكانت تصلنا جريدة عكاظ، وذات مرة طلبت عددا منها فاستدعيت من قبل الامن العسكري وسألوني عن سبب اقتنائي الجريدة، فذكرت لهم انني اتابع عمودا للدكتور عبد المالك مرتاض لأنه كان الجزائري الوحيد الذي يكتب في منبر مشرقي ويحرص على نقل مختلف الفعاليات الثقافية في الجزائر"، مضيفا "اما المرة الثانية فكانت من خلال برنامج شاعر الجزائر، وكنت اريد ان يكون ضمن طاقم لجنة التحكيم، لكنني لم اجرؤ على الاتصال به، وقلت ان هذا الرجل عملاق وعنده هيبة كبيرة، كيف يمكن ان يكون محكما في برنامج "شاعر الجزائر" وكانت الشاعرة ربيعة جلطي وسيطة بيننا، واتصلت به، وفي ظرف اسبوع كان معنا، وأضاف الكثير للبرنامج، وكان سببا في نجاحه، بل الفضل كله يعود له". وأثنى الاعلامي سليمان بخليلي على المجهودات التي تبذلها جريدة "الحوار" من خلال تسليط الضوء على المثقفين والمبدعين والفاعلين في مختلف المجالات، واعتبره من المنابر القليلة في الجزائر التي استضافت كل الاطياف بمختلف توجهاتها وآرائها، ووجود الدكتور عبد الملك مرتاض حسبه دليل على حيادية هذا المنبر ووقوفه الى جانب الجميع". ________________
* كواليس: طلبة جمعية الكلمة يجددون الوفاء مرة اخرى يصنع طلبة جمعية الكلمة للثقافة والاعلام الحدث بتواجدهم الكبير خلال منتدى "الحوار" ومحاولة التقرب من ضيوفها ومعرفة حيثيات العمل الاعلامي.
* الدكتور مرتاض يكتب ل "الحوار" وعد الدكتور عبد المالك مرتاض بالتواجد مع طاقم جريدة "الحوار" في كتابة مقالة شهرية لقراء جريدة "الحوار"
* العلامة الكاملة ل "الحوار" جمعية الكلمة شكرت جريدة "الحوار" وعلى رأسها المدير العام محمد يعقوبي على فتح المجال لجمعية الكلمة لمشاركة الجريدة.
* وسام خادم اللغة العربية من الشباب إلى العظماء قدم مجموعة من شباب جمعية الكلمة وسام خادم اللغة العربية للدكتور عبد المالك مرتاض، في لفتة طيبة جمعت بين جيل اليوم وكبار رجالات الادب والثقافة في الجزائر. وللإشارة فقد تم تقديم وسام خادم اللغة العربية في السنوات الماضية لكل من الدكتور علي بن محمد، مرزاق بقاطش، زهور لونيسي، محمد العربي ولد خليفة، والاستاذ صغير بلعلام، وأخيرا وليس اخر الدكتور عبدالمالك مرتاض.
* مطلوب مدقق لغوي انتقد الدكتور عبد المالك مرتاض ما يقدم من حصص وبرامج وأشرطة عبر التلفزيون الوطني وما تحمله من أخطاء لغوية ونحوية، مطالبا مسؤولي التلفزة ان يحترموا القلة القليلة التي تعرف النحو في الجزائر، مطالبا بالاستعانة بمدقق لغوي.
بورتري: الدكتور عبد المالك مرتاض في سطور الدكتور عبد المالك مرتاض من مواليد 10 جانفي 1935 بمسيردة بولاية تلمسان، حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ الفقه والنحو في كتاب والده الشيخ عبد القادر بن احمد، التحق في أكتوبر 1954 بمعهد ابن باديس بقسنطينة، ثم واصل دراسته بكل من جامعة القرويين بفاس عام 1955 وبجامعة الرباط حيث تخرج في جوان 1963 في كلية الآداب، ثم نال درجة دكتوراه الطور الثالث في الأدب من جامعة الجزائر في مارس 1970، وتحصل سنة 1983 على درجة دكتوراه الدولة في الآداب بمرتبة الشرف من جامعة السربون بباريس. تولى عدة مناصب في سلك التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي، وقد عين سنة 1974 مديرا لمعهد اللغة العربية وآدابها بجامعة وهران، انتخب سنة 1981 عضوا في الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب الجزائريين، ونصب مديرا للثقافة والإعلام لولاية وهران من 1983 إلى 1986، كما عينه رئيس الجمهورية في منصب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية من 1998 إلى 2001. نال عدة شهادات تقديرية وفخرية، وكرَّمته هيئات علمية وثقافية، عُين سنة 1999 عضواً في المجمع الثقافي العربي ببيروت، سُجل اسمه في موسوعة لاروس بباريس مصنفاً في النقَّاد، كما سُجِل في موسوعات عربية وأجنبية أخرى، قُدِّمت وتُقدَّم حول كتاباته النقدية والإبداعية رسائل ماجستير ودكتوراه. تجاوزت كتبه المطبوعة سبعين كتابا، وكان أول كتاب صدر له سنة 1968 بعنوان القصة في الأدب العربي القديم، لتتوالى بقية العناوين، ومن أبرزها: نهضة الأدب العربي المعاصر في الجزائر، فن المقامات في الأدب العربي، الأمثال الشعبية الجزائرية، النص الأدبي من أين وإلى أين، معجم موسوعي لمصطلحات الثورة الجزائرية، فنون النثر الأدبي في الجزائر، القصة الجزائرية المعاصرة، الكتابة من موقع العدم، أدب المقاومة الوطنية، معجم الشعراء الجزائريّين في القرن العشرين.. إلى جانب إبداعاته القصصية والروائية، ومن أهمها: نار ونور، الخنازير، صوت الكهف، هشيم الزمن، الحفر في تجاعيد الذاكرة. تغطية: سهام حواس / حنان حملاوي