/ باحث في الإسلاميات الشيخ قاهر : السلفيون طائشون وخانوا القضية الفلسطينية لقد جمعتني بالمرحوم الشيخ محمد الشريف قاهر ذكريات لا يمكن ان تنسى وهذا حين ترددي عليه بمكتبه الذي كان يرأس فيه لجنة الفتوى بالمجلس الإسلامي الاعلى (ترى من هو الخلف؟)، كما و ان عضويته باللجنة الوطنية للأهلة التي غادرها الى جواره قبل عقد من الزمن الشيخ عبد الرحمن الجيلالي الذي ترك فراغا كبيرا على مستوى الفتوى الإذاعية، قلت جعلتني أتقرب منه اكثر وأستوضح منه بعض القضايا التي تشغل الرأي العام مثل القروض الاستثمارية للشباب وزراعة الأعضاء واللحوم المستوردة وغيرها وكان رحمه الله وكعادته متواضعا يجيبك بكل وقار وسكينة ودائم الابتسامة، وما أحزنني بحق حين وفاته ليس موته الاكلنيكي والبيولوجي لأن هذه هي سنة الحياة وإنما الذي أحزنني هو قتله المعنوي حين وفاته وعلى عدة مستويات، أولتها وهو انه ورغم مرور عدة ايام من وفاته لم تتحرك وزارة الشؤون الدينية ولا المجلس الاسلامي الاعلى من أجل إصدار بيان ينعي وفاة الشيخ قاهر او يشير ولو بشكل مختصر لسيرته الذاتية العلمية والجهادية وهذا من وجهة نظري كمستشار إعلامي سابق بوزارة الشؤون الدينية تقصير مهني لا يغتفر على مستوى الإعلام الديني من أكبر مؤسستين ترعيان الشأن الديني، من العجب أن يجد من يخرج ليبرر هذا الخلل على ان وفاة الشيخ قاهر تصادفت مع العطلة الاسبوعية (الجمعة والسبت) والوزارة أبوابها مغلقة وهذا لعمري عذر أقبح من ذنب لأن الدوام على مستوى المؤسسات الرسمية للدولة لابد ان يكون قائما حتى يمكن ان يواجه ويتعامل مع الحالات الطارئة كما وان تكنولوجيا الاتصالات في العصر الحديث لم تعد مسجونة في المكاتب الادارية الرسمية وفقط ولا يمكن ان تتوقف عن أداء مهامها مهما كانت الظروف والأحوال..كما أنه لا يجب التذرع بأن وكالة الانباء الجزائرية قد وزعت نبأ وفاة الشيخ وتناولت القنوات التلفزيونية تغطية ذلك لدرجة ان المواطن أينما كان موقعه في البلاد اطلع على الخبر ومن أن وزير الشؤون الدينية ورئيس المجلس الاسلامي الاعلى قد أديا الواجب من خلال حضورهما الشخصي لتأبينية المرحوم هذا أمور لها سياقاته الاخرى وقد تحدث مع شخصيات قد لا ترتقي لمستوى ومقام الشيخ قاهر… لقد اصيب الشيخ قاهر بمقتل يوم وفاته حينما اعتلى الأئمة السلفيون المنابر يوم الجمعة للتجريح في المراجع الدينية الوطنية وقد كان في ذلك إشارة ضمنية للشيخ قاهر وامثاله لدرجة انهم لم يترحموا على روحه الزكية وتفسير ذلك انه رحمه الله وقف طوال حياته مقاوما للتيار السلفي الذي وصفه بأنه تيار تكفيري متعصب كيف لا وهو الذي تورط في الفتنة بغرداية مستغلا الورقة المذهبية طاعنا في عقيدة إخواننا الإباضية على أساس حسب فتاويه أنهم خالفوا أهل السنة والجماعة وبالتالي هم أصحاب بدعة وضلالة ويجب مقاومتهم كما أفتى بذلك كبيرهم الشيخ فركوس بموقع الكتروني ولمن أراد التأكد من ذلك فما عليه سوى تصفح موقعه الذي كثيرا ما يطعن ويتعارض مع المرجعية الدينية الوطنية وهذا الذي دفع بالشيخ قاهر ليقول عن "السلفيين بأنهم طائشون" والسؤال اين الأمن الالكتروني الذي تتغنى به السلطات الدينية..؟، كما وان الشيخ قاهر سبق وان حمل المرجعية السلفية سبب ضياع فلسطين وقال بكل جرأة ومسؤولية دون خوف او تردد: "السلفيون خانوا القضية الفلسطينية" بمعنى ان اشغالهم بقضايا ثانوية وتكفيرهم للمسلم الآخر قد أشعل حروبا هلكت الحرث والنسل وشغلت الامة عن القضية المركزية والهامة والمهمة وهي قضية فلسطين وبالتالي لا نستغرب ما دام الامر كذلك موقف الأئمة السلفيين الذين خطفوا المساجد حتى بالعاصمة تحت سمع ومرأى المسوؤلين، حينما لا يتجاهلون وفاة الشيخ قاهر ولا يترحمون عليه وهو الذي جاهد من أجل أن تكون الجزائر جزائرية.. هل صحيح أن المرجعية الدينية الوطنية محصنة كما يدعي كما يدعي وزير الشؤون الدينية ذلك واعاد علينا هذه الاسطوانة المشروخة كما يقال ؟ الجواب بكل بساطة: اعتقد ذلك ولا يمكن ان اشاطره هذا الرأي الزائف والمزيف الذي أعاده على مسامعنا يوم وفاة الشيخ قاهر الذي تم قتله معنويا كمرجعية كما قلت وحتى بيد تلاميذه، كيف لا ووزير الشؤون الدينية يعيد تمديد الترخيص لبعض الأئمة السلفيين لمزاولة نشاطهم ببعض المساجد بما فيها تلك المتواجدة بالجزائر العاصمة، ألا يعد ذلك خيانة لروح المرجعية الدينية الوطنية المتمثلة في شخص الشيخ قاهر وغيره من الشيوخ مثل الشيخ الجليل اطال الله في عمره الطاهر آيت علجت؟، ألا يعتبر ذلك تهديدا للأمن الديني الذي آجلا او عاجلا له تأثير وتأثير سلبي على امننا القومي الذي تضرر كثيرا من المرجعيات التي لها ارتباطات خارجية..؟ بالتأكيد الأمر هو كذلك وتخوفنا مشروع وفي محله ولهذا قلت ولازلت أؤكد بأن خدمة المرجعية الدينية الوطنية ليس بالتكريمات وتقبيل الرأس الأيدي والتمسح بجلابيب الشيوخ او بتسفيرهم من اجل اداء مناسك الحج والعمرة او بتطبيبهم والتكفل بعلاجهم فهذا كله واجب دون منة او مزية من أحد وإنما الخدمة الحقيقية هي عندما نعمل على جمع تراثهم وطبعه وتوزيعه حتى يكون في متناول كل أبناء الوطن الذي أضحوا يعرفون عن غيرهم أكثر مما يعرفون اعلامهم وبالتالي تمنيت ونحن نودع الشيخ قاهر الى مثواه الاخير وبمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لو أن وزير الشؤون الدينية والاوقاف وعد بطبع وتوزيع الدراسة القيمة التي قام بها الشيخ قاهر والتي استغرقت منه عشر سنوات من عمره وهو الكتاب الذي خلفه لنا العلامة الشيخ عبد الرحمن الثعالبي بعنوان "الأنوار في آيات النبي المختار" لما للكتاب من علاقة بسيرة وشمائل الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام ولكن للأسف لم يحدث ذلك ومع ذلك نتغنى بخدمة المرجعية الدينية الوطنية التي تحولت الى شعار كبير وفقط.. الجزائر 25 ديسمبر 2016