حدثنا الصحفي بيومية "الحياة" ومراسل جريدة "العربي الجديد" القطرية بالجزائر، حسام الدين فضيل، عن أولى خطواته في مهنة المتاعب، كما تطرق في هذا الحوار الذي خصنا به إلى عدم بقائه في مجمع "الشروق" الذي يعتبر ملكا لأقاربه، وسعيه لشق طريقه وحفر اسمه في عالم الإعلام الذي يضع الموهبة والإبداع في المقام الأول، ورغم حداثة سنه الإعلامي إلا أن حسام الدين فضيل، استطاع أن يثبت أن الإرادة وحب العمل تأخذ بيد صاحبها إلى تحقيق أحلامه خطوة خطوة. *في البداية دعنا نتعرف على أهمّ المحطات التي مررت بها من خلال مهنة المتاعب؟ – بدايتي مع عالم الصحافة كانت في جريدة "الشروق اليومي" كمتربص في القسم المحلي سنة 2013، التحقت بعدها بموقع "الشروق أون لاين" التابع لمجمع "الشروق"، حيث عملت حينها بالقسم الرياضي لمدة عام ونصف، لأغادره بعد نيلي شهادة الماستر في علوم الإعلام والاتصال تخصص إذاعة وتلفزيون، ومنذ جانفي 2016 وأنا أعمل مراسلا في قسم تحقيقات جريدة "العربي الجديد" القطرية التي يملكها الكاتب السياسي الفلسطيني، عزمي بشارة، إلى جانب عملي كصحفي في يومية ومجلة "الحياة" الجزائرية، كما أداوم على نشر مقالات وتدوينات في موقعي "الجزيرة" و"هافينغتون بوست". *عائلتك تملك أكبر مجمع إعلامي في الجزائر، بصراحة لماذا لا يعمل حسام الدين فضيل في مؤسسة "الشروق" حاليا؟ – لست الفتى الذي يقول كان أبي وكان عمّي وخالي ووو..، ولكنّي الفتى الذي يقول ها أنا ذا، دائما ما يطرح علي هذا السؤال، حقيقة يمكن أن يملك والدك أو عمّك مؤسسة إعلامية ولا تعمل فيها أنت مع أنك صحفي، لأنها ببساطة ليست قاعدة (الأرزاق بيد الله)، اخترت أن أشقّ طريقي لوحدي حتى أصنع لنفسي اسما في الصحافة، مثلما صنعه الأوّلون من قبلي، وبصراحة أقولها بكل تواضع، طموحي أكبر من العمل في جريدة أو قناة جزائرية، وتبقى "الشروق" مدرسة في الإعلام تخرج منها خيرة الإعلاميين الجزائريين. *هل يمكن أن نقول أن المراسل في الجزائر يمتلك حرية نقل الخبر، أم أنه خاضع لمطالب الجهة التي يعمل معها؟ – هو حرّ وخاضع في الوقت نفسه، حرّ مقارنة بالصحفيين الذي يعملون في وسائل الإعلام الوطنية، بحيث يملك مساحة من الحرية يمكنه من خلالها أن يعالج مواضيع لا تنشر أو تبث في صحافتنا وقنواتنا بحجة المصالح الشخصية التي تربط المؤسسات الإعلامية مع مسؤولين أو جهات معينة في البلاد، وهو خاضع بالطبع للخط الافتتاحي الخاص بالجهة التي يعمل بها من دون تعريض نفسه للخطر أو المساس بالأمن القومي للوطن. *بصفتك محققا في جريدة "العربي الجديد" القطرية، كيف ترى مستقبل الصحافة المكتوبة في الجزائر ؟ -الصحافة المكتوبة في الجزائر لها مورد مالي واحد هو الإشهار، مقارنة بالصحف الخليجية التي يمولها رجال أعمال وأمراء، كما هو معروف مع ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، انخفضت نسبة المبيعات بشكل كبير بالنسبة للصحف الوطنية خصوصا مع الأزمة المالية التي تعاني منها أغلب العناوين، أعتقد أن الجرائد الورقية ذاهبة إلى زوال وستتحول إلى مواقع إلكترونية، ليس اليوم أو غدا أو العام المقبل، ولكن بعد سنين، وصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية العريقة مثال على ذلك. *ماذا عن مستقبل الصحافة الإلكترونية التي عرفت النور منذ فترة قصيرة جدا؟ -المواقع الإلكترونية أضحت تنافس الصحافة الورقية في الوقت الحالي، في ظل تميزها بالآنية وخاصية التفاعل والصورة المتحركة والفيديو وجعلت المواطن صحفيا، وهي مستقبل الإعلام الجزائري، خاصة إذا تم تنظيم القطاع بصدور قانون النشر الإلكتروني واعتمادها بصفة قانونية ومنحها إشهار "لاناب". *كيف ترى الإعلام الجزائري خاصة بعد التعددية السمعية البصرية؟ -قطاع السمعي البصري في الجزائر يعيش فوضى منذ فتحه أمام الخواص، وأصبح من هبّ ودبّ يمكنه تأسيس قناة تلفزيونية من أصحاب الشكارة و"البقارة" الذين يتاجرون بالإعلام، إلى جانب تسجيل كثرة قنوات الأعشاب والعقاقير و"الزعبطة" التي لا يُعرف ساسها من راسها، والصحفي المسكين هو الضحية، نتمنى أن تحل هذه الأزمة ويُنظم سوق الإشهار وتُعتمد القنوات الخاصة بشكل قانوني مع مراقبة وضبط مضامينها. *كيف ترى مستوى برامج التلفزيون الجزائري مقارنة بالقنوات الخاصة؟ كنا نصف التلفزيون الجزائري ب "اليتيمة"، لكن مع ظهور القنوات الخاصة تبين أنها أكثر يُتما منه (ليس كلها بالطبع) في ظل الرداءة التي نشاهدها يوميا، رغم أن هذه الأخيرة منحت للمواطن متنفسا يعبر من خلاله عن مشاكله وهمومه، ومنحت كذلك للشباب فرصة العمل في قطاع السمعي البصري وتقديم البرامج والنشرات بعد أن كان العمل في "اليتيمة" منذ سنوات مجرد حلم فقط بالنسبة لهواة التقديم التلفزيوني. * *رغم صغر سنك إلا أن لك عمودا يوميا نقديا في جريدة "الحياة" حول ما يعرض في الإعلام الجزائري…كيف ترى هذه التجربة خاصة أن العمود اليومي غالبا ما يكتبه صحفيون من ذوي الخبرة الطويلة؟ -هي تجربة فريدة من نوعها بالنسبة لي، عمود "فكرة" جاء صدفة ولم أكن أتوقع أني سأكتب عمودا يوميا عند التحاقي ب"الحياة" وعمري لا يتجاوز 24 سنة، ولكن مع مرور الوقت أصبح القراء يتفاعلون أكثر مع مقالات النقد الإعلامي "المتواضعة" التي أنشرها، من خلال اتصالاتهم ورسائلهم وكذا من زملاء إعلاميين في جرائد وقنوات تلفزيونية داخل الوطن وخارجه، يشجعونني فيها على مواصلة الكتابة، وهذا ما لم أكن أنتظره وأنا في بداية مشواري المهني، يعني بإمكان الصحفي الشاب أن يكتب عمودا يبدي فيه رأيه بلغة بسيطة دون سب أو شتم، وليس كاتب العمود مقتصرا على الصحفيين الذين اشتعل رأسهم شيبا، وبالمناسبة أشكر الأستاذ هابت حناشي، المدير العام ليومية "الحياة"، الذي منحني الفرصة ووضع في الثقة الكاملة. * *بخصوص التحقيقات، ماهي الصعوبات التي عادة ما تلاقيها خلال إنجازك لتحقيق ما؟ – أول شيء اسم تحقيق يخيف أصلا المسؤولين، لأن الإنسان بطبيعته يخاف من الحقيقة، يعني لو تقترب مثلا من أي مسؤول وتخبره بأنك تريد إنجاز تحقيق " enquête" عن موضوع ما، سيهرب منك وكأنك ستحقق في جريمة قتل أو اغتيال، والله مشاكل كثيرة يواجهها المحقق على غرار صعوبة الوصول إلى المعلومة وبيروقراطية الإدارات في منح التراخيص، وكما تعرف التحقيق الاستقصائي هو أصعب الأنواع الصحفية، نظرا لما يتطلبه من وقت كثير وصبر واجتهاد وبحث عن الحقيقة إلى حين إنجاز المهمة بنجاح. *ألا تفكر في خوض تجربة مع قناة تلفزيونية؟ -نعم أكيد إن شاء الله، عندما تسمح لي الفرصة، حاليا لازلت أتعلم من الصحافة المكتوبة التي تعد مدرسة في الإعلام، وكما تعرف أكبر وأشهر الإعلاميين ومقدمي البرامج في الوطن العربي هم من خريجي الصحافة المكتوبة. *ما هو أفضل حوار أنجزته في مشوارك؟ -أعتقد أن حواري مع رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الدب الكاميروني، عيسى حياتو، هو الأفضل بالنسبة لي خلال مشواري المتواضع، أتذكر أني اصطدت حياتو في فندق الشيراتون بالعاصمة وهو ذاهب إلى المطعم، وأخذت منه تصريحا حصريا، شهرين قبل الكشف عن منظم "كان" 2017، لكنه خدعنا في الأخير ومنح شرف استضافة العرس الإفريقي إلى الغابون، التي ودّعها رفقاء محرز مبكرا من الدور الأول. *بالحديث عن كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، ما تقييمك لتغطية القنوات الخاصة لمشاركة "الخضر" في هذه المنافسة؟ -والله كارثة، غالبية التلفزيونات الخاصة والعامة منها والإخبارية تحولت إلى قنوات رياضية "خضراء" مناسباتية، والمشكل أنها حاولت أن تجعل من إقصاء منتخب وطني لكرة القدم من بطولة قارية قضية وطنية ومصير أمة وشعب بأكمله، وخرجت في بعض الأحيان عن الإطار المهني في معالجتها لقضية رئيس "الفاف" محمد روراوة، حيث وصل النقاش إلى حد السب والشتم والتخوين والعراك و"العياط" بين الأطراف، وهنا نتساءل: أين هي سلطة السمعي البصري من هذه التجاوزات ؟؟، هو سيناريو مكرر لما حدث في مصر في تصفيات مونديال 2010، والحملة الإعلامية التي قادتها القنوات المصرية من أجل إلهاء شعبها بمباراة في كرة قدم لتجسيد مشروع التوريث. *بحكم أنك خريج كلية الإعلام والاتصال بالجزائر العاصمة، بماذا تنصح طلبة هذا التخصص حاليا؟ -هي نصيحة طالب وصحفي، على الطالب الجامعي تكوين نفسه بنفسه، وعدم الاكتفاء بدروس ومناهج الجامعة، لأنه سيفاجأ بعد تخرجه بأنه لا علاقة بين الجانب الأكاديمي الذي درسه في الكلية وبين الميدان المهني في المؤسسة الإعلامية، إلى جانب إثراء رصيده اللغوي وتدعيمه باللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية، وعدم تضييع الوقت بالمشاركة في الدورات التكوينية التي تعمل بشعار "كيف تصبح صحفيا ناجحا في 3 أيام"، لأنها مجرد مؤسسات "بزنسة" للاحتيال على جيوب الطلبة فقط. *كلمة أخيرة في ختام هذا الحوار.. -نتمنى أن يتحسن وضع الصحفيين في الجزائر والإعلام بصفة عامة، لأننا بحق نمتلك مواهب وكفاءات بإمكانها أن تصنع المعجزات لو تمنح لها الفرصة، كما أشكرك جزيل الشكر على هذه المقابلة الصحفية، وأتمنى لك ولجريدة "الحوار" مزيدا من التوفيق والنجاح إن شاء الله. حاوره: فاروق حركات