ظهور سريع لقنوات تلفزيونية خاصة قبل دخول القانون المنظم للقطاع حيز التنفيذ شهدت الجزائر مباشرة بعد خطاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في 15 أفريل 2011 الذي أعلن فيه عن فتح مجال السمعي البصري للخواص تسابقا كبيرا لفتح قنوات تلفزيونية خاصة لا تزال تبث من الخارج أغلبها من فرنسا ، الأردن ، سلطنة عمان ، البحرين، تونس وسويسرا وتعامل من طرف السلطات الجزائرية على أنها قنوات أجنبية و إن تمكن معظمها من الحصول على اعتماد فتح مكاتب لها في الجزائر من طرف وزارة الاتصال مثل الشروق ، النهار ، الجزائرية والهقار ، في حين لا تزال قنوات أخرى تعمل بدون اعتماد مكاتبها، وقد ظهرت هذه القنوات الخاصة في الجزائر كالفطريات رغم أن القانون المنظم للمهنة لا يزال لم يدخل حيز التنفيذ وتم تأجيل النظر فيه أمام البرلمان إلى دورة أخرى بعد عرضه أمام مجلس الوزراء الأخير ووصل عدد هذه القنوات حاليا إلى 12 قناة خاصة كلها تبث من الخارج . كم أن قنوات خاصة أخرى قيد الإنشاء. وتجدر الإشارة إلى أن أول قناة تلفزيونية جزائرية خاصة هي القناة الإشهارية المسماة دزاير شوب والتي أطلقت من الأردن في أواخر سنة 2012 و وهذه القناة خاصة بنشر الإشهارات والإعلانات دون غيرها، ثم ظهرت بعدها قنوات ذات طابع إخباري وكانت أول قناة هي النهار وتلتها قناة الشروق ثم نوميديا وجاءت بعدها قنوات أخرى ظهرت في الأشهر الأخيرة منها «الأطلس»، «لندكس»، «دزاير». كما تميزت قنوات أخرى بالطابع الفني مثل «الجزائرية» التي استقطبت نسبة مشاهدة كبيرة في شهر رمضان الماضي بفضل أعمال فكاهية كانت تقدمها إلى جانب قناة «الهقار» التي تركز كثيرا على نقل أفلام غربية ، إلى جانب قناة «بربر موسيقى» التي تهتم بالموسيقى والفن الأمازيغي كما أنشأت قناة واحدة موجهة للأطفال وهي قناة «جرجرة» وقناة أخرى موجهة للمرأة وتهتم بالطبخ والموضة وهي قناة «سميرة». كما يعمل النائب في البرلمان السابق والصحفي بالتلفزيون الجزائري مراد بوطاجين على التحضير لإنشاء قناة تلفزيونية رياضية تحمل اسم «كواليس» ، وفي الوقت ذاته فإن أغلب هذه القنوات التي ظهرت في ظرف قصير تعمل بإمكانيات بسيطة ولا تتوفر على تجهيزات كبيرة ، إلى جانب ذلك فإن صحفييها غير مؤهلين للعمل في السمعي البصري وتم نقل أغلبهم من قاعات التحرير بالصحف إلى استوديوهات القنوات التلفزيونية بدون تكوين رغم الاختلافات الجوهرية في العمل بين السمعي البصري والصحافة المكتوبة تسابق بين مسؤولي الصحف الخاصة على إنشاء قنوات تلفزيونية المميز بالنسبة للقنوات الخاصة التي ظهرت في الجزائر هو تسابق مسؤولي الصحف الخاصة على إنشاء قنوات تلفزيونية، والتي حملت في أغلبها نفس أسماء الصحف وكانت البداية مع جريدة «النهار» التي أطلقت أول قناة تلفزيونية إخبارية خاصة حملت نفس تسمية الجريدة ثم أطلقت جريدة «الشروق اليومي» قناة تلفزيونية باسم نفس الصحيفة وأطلقت لاحقا قناة «لندكس» التي تتبع لصحيفة «المؤشر» . وفي السياق ذاته توجد قناة «الخبر» قيد التحضير وهي الأخرى تتبع لجريدة الخبر ، كما تحضر جريدة «الأجواء» لإطلاق قناة تلفزيونية بنفس التسمية والأمر ذاته بالنسبة لصحيفتي «السلام» و»الديار» بحيث تحضران لإنشاء قناتين خاصتين ،ورغم الاختلافات الموجودة بين العمل الصحفي في الصحف والقنوات التلفزيونية إلا أن أغلب هذه القنوات التي شرعت في البث اعتمدت على صحفييها في الصحافة المكتوبة لإطلاق هذه القنوات وتوفير المادة الإعلامية خاصة بالنسبة للمراسلين الصحفيين. وفي هذا الإطار يؤكد العديد من الصحفيين الذين تحدثت معهم النصر أنهم يقومون بعمل مزدوج بحيث تنشر المادة الإعلامية في الصحيفة والقناة و لا يتلقى الصحفي راتبه من العمل الثاني الذي ينشر في القناة وذلك على أساس أنه يعمل في مؤسسة واحدة تضم صحيفة وقناة تلفزيونية. مراسلون يعملون مصورين وتقنيين في القنوات الخاصة الانطلاقة السريعة التي ميزت هذه القنوات الخاصة في ظل غياب التحضير اللازم لإطلاقها جعلها تعمل بإمكانيات مادية بسيطة بحيث يتوفر بعضها على استوديوهات في فيلات وشقق، وأخرى تعمل في أقبية،إلى جانب غياب كاميرات التصوير ووسائل البث المتطورة و نقص التكوين لدى صحفييها. كل هذا جعلها تفتقد في الكثير من الحالات إلى الاحترافية والمهنية في بث برامجها، ما جعلها محل انتقاد الكثيرين خاصة المختصين منهم في ميدان السمعي البصري ، وفي الوقت ذاته استندت هذه القنوات على مراسليها في الصحف لجمع المادة الإعلامية خاصة فيما يتعلق ببث نشرات الأخبار أو بعض الحصص الأخرى ذات الطابع المحلي، كما أن هذا الظروف وخاصة غياب الوسائل المادية والبشرية لدى هذه القنوات فرض على المراسلين الصحفيين العمل مصورين وتقنيين في نفس الوقت بحيث يؤكد بعض المراسلين العاملين في هذه القنوات بأن قنواتهم زودتهم بكاميرات تصوير صغيرة الحجم يستعملونها في تصوير الأحداث، وتسجيل المداخلات ثم يقومون بكتابة التقرير ويرسل هذا العمل كله عبر الانترنت إلى الإدارة المركزية التي تقوم بعملية التركيب وبثه عبر القناة ، بحيث يؤكد أحد المراسلين العاملين في قناة خاصة أن العمل الصحفي في قناة يختلف كثيرا عن العمل في الصحافة المكتوبة بحيث لا يحتاج الصحفي في هذه الأخيرة لإمكانيات سوى الانترنت والهاتف أما في القناة الخاصة، فالأمر يتعلق بطاقم كامل يبدأ من السائق ثم الصحفي والمصور وتقني الصوت، لكن هذا غير موجود حسبه و المراسل يقوم بكل المهام بنفسه، ويضيف محدثنا بأنه لا يتلقى علاوات على هذا العمل الإضافي بحجة عمله في مؤسسة واحدة تملك صحيفة وقناة تلفزيونية، ومع توجه العديد من مسؤولي الصحافة المكتوبة نحو القنوات الخاصة حاول البعض منهم تطبيق نفس التجربة عليها، ويؤكد في هذا الإطار أحد الصحفيين العاملين في قناة تلفزيونية خاصة أن مسؤول في هذه القناة طلب منه إجراء روبورتاج تلفزيوني لمدة 50 دقيقة خلال يوم واحد، ولم يكن يعلم بأن الأمر يتطلب وقتا طويلا و إمكانيات كبيرة، على عكس الصحافة المكتوبة التي يمكن اجراء روبورتاج خلال يوم أو يومين. ويؤكد نفس المتحدث بأن نجاح القنوات الخاصة بالجزائر مرهون بطريقة عملها وكذا الاهتمام بالعنصر البشري وتكوين الصحفيين، مشيرا في الوقت ذاته إلى ظهور صراع بين مسيري هذه القنوات الذين يبقى بعضهم بعيدا عن القطاع والصحفيين العاملين فيها بحيث يفتقد هؤلاء المسيرون للمهنية ولهذا كثيرا ما يحدث التباين بين عمل الصحفي وما يريده مسير القناة. رجال أعمال يدخلون على الخط وتخوف من تكرار سيناريو الصحافة المكتوبة لم يتأخر رجال الأعمال بالجزائر عن ركوب قطاع السمعي البصري بعد تحريره، و رغم أن القانون الجديد للسمعي البصري لم تتحدد معالمه بالكامل لكن العديد من رجال المال قرروا إنشاء قنوات خاصة ويتقدمهم رجل الأعمال حداد الذي انشأ قناة باسم «دزاير» ، كما تحصل رجل الأعمال يسعد ربراب على أغلب أسهم القناة التلفزيونية الموسيقية التي تحمل اسم «بربر موسيقى» والمهتمة بنشر الفن والموسيقى الأمازيغية، وفي نفس السياق تحدثت بعض المصادر عن شروع رجل الأعمال المذكور في التحضير لإنشاء قناة تلفزيونية أخرى متنوعة وكلف أحد المخرجين بتحضير المشروع. كما ينوي رجل الأعمال مهري هو الآخر الاستثمار في هذا القطاع وفتح قناة خاصة، ومع هذه الموجة الجديدة لرجال الأعمال و اقتحامهم لقطاع السمعي البصري يتخوف الكثيرون من تكرار سيناريو الصحافة المكتوبة بعد تحريرها للخواص في بداية التسعينات و تحولت العديد من الصحف إلى قبضة رجال المال وغابت الاحترافية والمهنية عن بعضها، وأصبحت تخدم أجندة رجال المال الذين سيطروا عليها، لكن مع القانون الجديد للسمعي البصري يبدو أنه سيكبح الطموحات اللامحدودة لرجال الأعمال من خلال اشتراطه في أحد بنوده مساهمة الصحفيين المحترفين في رأسمال هذه القنوات الخاصة، وهو ما قد يعيد الاعتبار ولو جزئيا للصحفيين المحترفين ويجعل لهم مكانة في أعلى هرم هذه القنوات الخاصة، على عكس ما شهدته الصحافة المكتوبة بعد تحريرها للخواص مع بداية الانفتاح السياسي والإعلامي مع بداية التسعينات الإشهار الخاص حاضر في هذه القنوات رغم التجربة القصيرة لهذه القنوات الخاصة بحيث بعضها ظهر منذ أشهر فقط لكن الإشهار الخاص كان حاضرا في عدد من هذه القنوات خاصة التي استقطبت المشاهدين الجزائريين من حيث البرامج الإخبارية أو الحصص السياسية التي تبثها أو البرامج الفكاهية والدرامية، بحيث أغلب الشركات الوطنية الكبري المعروفة في الساحة الوطنية تبث ومضات إشهارية عبر عدد من القنوات الخاصة، ولعل هذه السرعة في استقطاب الإشهار الخاص جعلت أصحاب هذه القنوات يتحررون ماليا ولو جزئيا ، كما فتح ذلك المجال للعديد ممن يهتمون بالقطاع إلى التسابق نحو فتح قنوات جديدة الأستاذ علي قسايسية :هذه القنوات نشاطها لا يختلف عن " الطرابنديست " تهجم أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر في اتصال هاتفي بالنصر على هذه القنوات، وقال بأن نشاطها لا يختلف عن نشاط « الطرابنديست « الذي يقوم به التجار غير الشرعيين، وأضاف بأن هذه القنوات ليس لها أي سند قانوني و تعمل بطريقة غير شرعية بالجزائر، مضيفا بأنها عبارة عن وحدات طرابنديست مثلها مثل باقي القطاعات التي تمارس فيها هذا النوع من التجارة ، وعن مسودة قانون السمعي البصري المنتظر تقديمه أمام غرفتي البرلمان، قال المتحدث ذاته أن هذا القانون هو الآخر يهدف إلى تحكم السلطة في القنوات الخاصة، مضيفا بأن تحرير السمعي البصري و استحداث قانون خاص ما هو إلا صيغة قانونية للتحكم أكثر في وسائل الإعلام في ظل هذا التطور الذي تعرفه وسائل الإعلام. نور الدين -ع