يتطرق رئيس حزب جبهة الحكم الراشد بلهادي عيسى، في لقاء جمعه ب "الحوار" إلى العديد من القضايا التي تهم المسار الانتخابي المزمع تنظيمه 4 ماي القادم، كما أبدى أسفه عن المادة 94 من القانون المتعلقة بانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني المثيرة للجدل في أوساط الأحزاب السياسية الناشئة، هذا وتحدث ضيف "الحوار" عن مسائل أخرى تخص مجريات تحضير الراشد والاستحقاقات القادمة. * هل حزب جبهة الحكم الراشد سيخوض سباق التشريعيات 2017؟ – نعم؛ لقد قررنا المشاركة في انتخابات يوم: 4 ماي القادم، وذلك لسببين اثنين، أولا من أجل تقوية هياكل ومؤسسات الحزب، وثانيا تسويق مشروع الحكم الراشد ونشر مبادئه وقيمه، والذي يعد عنوانا للبرنامج السياسي الذي يتبناه الحزب في مساره النضالي نحو بلوغ دولة القانون والمؤسسات وكذا الانتقال للجمهورية الثانية التي ترتكز على الشرعية الدستورية بدل الشرعية الثورية في ممارسة الحكم.
* في حال فوزكم، ما هي الاستراتيجية التي سيتبناها الحزب للقيام بسياسة التغيير؟ – لو نتمكن من دخول المعترك الانتخابي، ونحظى بثقة الشعب، خاصة إذا كانت لدينا كتلة برلمانية، وقتها سنعطي الأولوية لرد الاعتبار للمهمة النيابية ثم للسلطة التشريعية، وبذلك تكون للنائب البرلماني قيمة مضافة، من حيث حق المبادرة بالتشريع، وحق الرقابة على أداء الجهاز التنفيذي في مدى تنفيذ القوانين والبرامج التي تمت المصادقة عليها في المجلس التشريعي، وكذا مرافقة المواطن في رفع انشغالاته وتلبية حاجاته في إطار المصلحة العامة، ومن ثم مساهمة النائب البرلماني في تفعيل وتيرة التنمية المحلية وأيضا في تعزيز التنمية الديمقراطية، وهذا ما يجعلنا نطمح للمشاركة في الانتخابات القادمة للعضوية في المجلس الشعبي الوطني بأسماء قد ترقى حقيقة إلى مستوى الكفاءة والمصداقية والفعالية، وهذا شعارنا في الحزب.
* هل حزبكم متواجد عبر كل ولايات القطر؟ – بالنسبة لمسألة مدى تواجدنا عبر ولايات الوطن تبقى مسألة بين المد والجزر، ففي سنة التأسيس 2012 والتي فيها تحصلنا فيها على اعتماد الحزب، كنا ممثلين في 41 ولاية، وشاركنا وقتها في الانتخابات التشريعية بقوائم على مستوى 36 ولاية، وها نحن اليوم من عام 2017 ولله الحمد والشكر، نتواجد هيكليا بأكثر من 35 ولاية رغم عزوف نسبة كبيرة من المواطنين عن العمل السياسي ومن ثم عزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية سواء بالترشح أو بالانتخاب.
* وكم يبلغ عدد الولايات التي سحبت استمارات الترشح؟ – تقريبا 27 ولاية، وقد تصل إلى 35 ولاية، وهذا رغم العزوف المسجل في الميدان، وهذا الرقم مهم جدا بالنظر إلى المعوقات والصعوبات التي تضمنتها أحكام المادة 94 المتعلقة بانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني. وبالتالي، وبالنظر إلى الساحة السياسية والعزوف المسجل، نجد أننا في جبهة الحكم الراشد نسير نحو اكتساح بعض الدوائر الانتخابية، بينما نجد تقلص عند بعض الأحزاب السياسية الأخرى، منها حتى بعض الأحزاب التي سبقتنا في الوجود، وهو مؤشر ينبئ بالخير إن شاء الله.
* ينوي الكثير من الناخبين مقاطعة الانتخابات، أو ما يسمى بالعزوف الانتخابي، برأيك كيف السبيل لإعادة الثقة للمواطن وجعله يشارك في الحياة السياسية؟ – في نظرنا يرجع العزوف عن المشاركة في العمل السياسي بالترشح وبالانتخاب، لأسباب عدة أهمها انعدام الثقة بين المواطن والإدارة، وبين الناخب والمنتخب، لأن أثناء الحملة الانتخابية يقوم المرشح بجملة من الوعود، لكن وبمجرد أن يحظى بثقة المواطن ويفوز بالمقعد الانتخابي تجده يغفل ويتناسى ما وعد به الناخب، وهو ما شكل تراكما في ذهنية الناخب مما يجعله ينأى جانبا عن العملية الانتخابية، ويفقد الثقة في أي كان في المواعيد الانتخابية الموالية، وهنا ينطبق المثل الشعبي القائل: "المحرم دَّا معاه المجرم". والعامل الثاني الذي أراه مهما جدا، أن كثيرا من الأحزاب السياسية لا تحمل مشروع مجتمع، ولا حتى برنامج سياسي حقيقي وواقعي، فضلا عن أنهم لا يملكون القدرة على التأثير في الهيئة الناخبة، وقضية التأثير والتأثر مهمة في صناعة الرأي العام، من جميع النواحي. وهناك عامل لا بد من التنويه به، وهو قطاع الإعلام الذي يعد من حيث المبدأ راعيا للتعددية الديمقراطية، وعينا لاستكشاف النخب السياسية الناشئة، ويمكن إسقاط مقولة "اعطني مسرحا، أعطيك شعبا عظيما"، على أهمية الإعلام بالنسبة للمجتمع، وأقول: اعطني إعلاما أعطيك شعبا عظيما، والإعلام ينأى جانبا عن مبدأ تكريس المساواة وتكافؤ الفرص بين الأحزاب السياسية، وتجده في كثير من الأحوال يركز على نوعين من النخب السياسية، منها المؤجج إلى درجة يكون فيها شاهد زور، بالمبالغة في وصف ونقل الواقع وليس كما هو عليه في أرض الواقع، ومنها المهرج الذي يمارس التهريج السياسي، وهذه العوامل وغيرها تؤثر سلبا، وبكل صراحة، في الحكم على المشهد السياسي في الجزائر. وكنخب سياسية، وقبل أن نكون أحزابا سياسية، يجب علينا أن نعطي من اهتماماتنا ما يجعلنا في مستوى الحركية الحاصلة على الصعدين الوطني والعالمي، ويجب أن نكون في مستوى تطلعات الإرادة الشعبية، وطموحات الطبقة السياسية، وبالتالي لو كنا في مستوى الثقة في علاقة الحاكم بالمحكوم، وبين المواطن والإدارة، والناخب بالمنتخب وكذا في مستوى تكافؤ الفرص على صعيد الاستكشاف الإعلامي، ولو كنا في مستوى التأثير على الهيئة الناخبة لبلغنا مبلغ الاحترام والتقدير في خدمة المواطن وحب الوطن، فنحن بصدد صناعة عقل ومواطن صالح يكون قادرا على تحمل المسؤولية ومتشبعا بالقيم الوطنية، وهذا ما نحتاجه في هذه المرحلة، وبالتالي نعول كثيرا على أن تكون السلطة القائمة والهيئة العليا لمراقبة الانتخابات في مستوى نزاهة العملية الانتخابية وإعطاء لكل ذي حق حقه، لأن في النهاية كلنا أبناء الجزائر، نتقاسم حبها ونحمل همها، المهم ألاَّ تصادر أصوات الناخبين، وتمنح للذي اختاره الشعب.
* ما تعليقك على شرط ال 4 بالمائة وعملية جمع التوقيعات؟ – قبل الحديث عن مسألة 4 بالمائة، لا بد من الإشارة إلى انعدام التأسيس القانوني والدستوري لهذه المادة، وكنا قد سجلنا من حيث المبدأ لا غير، وفي وقت سابق عشية إعلان مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات وإيداعه بالمجلس الشعبي الوطني، وقبل أن يستنفد باقي إجراءات المناقشة والمصادقة وأيضا الرقابة الدستورية، وقبل أن يوقع عليه السيد رئيس الجمهورية، ملاحظتين أساسيتين، تتعلق الأولى بالمساس بمبدأ عدم رجعية القانون، وهو من المبادئ العامة التي ينبني عليها القانون، حيث وجدنا أن المشرع في الغرفتين وحتى على مستوى المجلس الدستوري قد كرسوا مخالفة هذا المبدأ، بمعنى أن نص المادة 94 المتعلقة بانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني، جعلت الأحزاب السياسية في نفس المستوى مع قوائم الأحرار، وهذا خطأ تقني، قانوني وسياسي، لأن القانون العضوي لسنة 2016 يجسد ويترجم مبادئ وأحكام الدستور المعدل في 2016 والذي يعزز مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الأحزاب السياسية، فكيف للمشرع أن يشترط تحقيق نسبة 4% أو عشرة منتخبين محليين بالدائرة الانتخابية الواحدة كنتيجة لآخر انتخابات تم إجراؤها بموجب القانون العضوي 2012 لعام وفي ظل دستور 2008، وهو أي المشرع يعلم بأن هاته النتائج المحصل عليها قد تمت في وقت سابق لإعلان دستور 2016 سابق أيضا لصدور قانون الانتخابات 2016 وبالتالي يطبق القانون الجديد بأثر فوري أو بعدي وليس بأثر رجعي، ولا يمكنه أن يجعل منها أساسا للمشاركة في انتخابات 2017 بصيغة الموقوف على شرط، ناهيك أن هذه الأحزاب السياسية في جلها، لم يكن بوسعها تشكيل رأي عام حولها يتعاطى ويتفاعل معها إيجابيا في فترة وجيزة، كونها اعتمدت عشية انتخابات 2012، وبالتالي من الصعب أن تجعل لنفسها مكانة في الخريطة السياسية في ظرف سنة أو خمس سنوات من عمرها السياسي. لكن، وبالرغم من هذه السلبيات، إلا أننا لا نغفل عن بعض ايجابيات هذا القانون الساري، خاصة ما تلعق منه بالوجه الايجابي لعملية جمع التوقيعات، بالنظر إلى كونها مهمة جدا، بحيث يمكننا في هاته المرحلة جس نبض الهيئة الناخبة، ومدى تجاوب المواطن الناخب مع الحزب بالقبول أو بالرفض، وتعتبر هذه المسألة بمثابة حملة انتخابية مسبقة، وتعطي لمرشحي الحزب مصداقية مضاعفة، ولو وفقنا الله بتحقيق النصاب القانوني والعددي للتوقيعات وفقا للقاعدة 250 توقيع عن كل مقعد، فإننا سندخل المعترك الانتخابي ويكون لنا حظ الدخول إلى البرلمان عن جدارة واستحقاق، وهنا نلفت انتباه مرشحينا توخي الحيطة والحذر والتأكد من صحة وسلامة المعلومات المسجلة على استمارة التوقيع.
* وماذا عن قائمة العاصمة؟ – أولا أعلمكم أنني لن أترشح لهذه الانتخابات، لأنها ليست طموحي، وأعكف فقط عن تأطير نشاطات الحزب حتى أعطي دفعا قويا لمؤسسات الحزب ومرشحيه، وقد زكينا الدكتور حوري يوسف، أستاذا بكلية الحقوق، على رأس قائمة العاصم،ة رفقة نخبة أخرى من المواطنين، وممكن أن تشمل قائمة العاصمة أسماء أخرى، وعلى رأسهم النائب طاهر ميسوم المعروف بسبيسيفيك، وبعض الشخصيات المعروفة كالنائبة نعيمة ماجر التي نحن في تفاوض معها على لسان أحد المتعاطفين، لأنه لم يتم الحسم في التحاقها بالحزب، بمعنى لم نفصل بعد في القائمة بشكل نهائي.
* وماذا عن الشروط التي وضعتها المجموعة ال20؟ – كنا قد التمسنا في البيان الصادر عن المبادرة الوطنية للأحزاب السياسية، من السيد رئيس الجمهورية إعفاء الأحزاب الناشئة من شرط التصديق على التوقيع وكذا إعفائنا من العينة، والعينة ملغاة والتصديق باق، والقانون ساري، وبالتالي إلغاء التوقيع هو إلغاء بند من بنود القانون، وهذا يتطلب تعديل القانون، ويبدو أن المسألة يكتسيها طابع المانع السياسي والقانوني والإجرائي، لأن العهدة البرلمانية في نهايتها، واستدعاء الهيئة الناخبة قد تم، والعملية الانتخابية سارية، وعليه فهو ضرب من المستحيل، وعليه فقد قمنا بتكييف حزبنا مع مقتضيات القانون العضوي الحالي.
* هل تؤمن بحكم الصندوق؟ – نعم، أؤمن بأن الصندوق هو الفيصل في أي منافسة انتخابية كانت.
* كلمة أخيرة – منبر جريدة "الحوار" التي أكن لها كل الاحترام والتقدير، أتمنى لها أن تكون إحدى لبنات استكمال بناء الصرح الإعلامي في الجزائر، وعليه أغتنم تواجدي في هذه الجريدة لأرفع نداء إلى المواطنين الناخبين أولا وإلى المواطنين الذين هم في سن الانتخاب ولم يسجلوا أنفسهم في قائمة الناخبين، أن الأمر بأيديهم لصناعة القرار السياسي، فالمواطن المسجل في القائمة الانتخابية والحامل لبطاقة الناخب والذي يمارس حقه الانتخابي، إنما هو مواطن ايجابي ويحمل في يده ذخيرة سلمية سياسية حية تساهم في عملية تغيير الواقع وإصلاحه، ونحن ننشد إصلاحا سياسيا، واقتصاديا تأسيسا لتنمية وطنية تزيد في ترقية الجزائر ومجدها. حاورته: نصيرة سيد علي