ارتبط بالريشة منذ صغره كرسام قضى جلّ وقته يحاول استنطاق ما يراه ، وتحول حبه إلى رغبة في التعبير عما يجول بخاطره ونقله للآخرين، فاختار فن الكاريكاتير كمتنفس جديد دخل به عالم الاحتراف عبر نقل واقع المجتمع الجزائري في صفحات جرائد وطنية كثيرة، عالج فيها الأحداث الآنية بمهارة عالية، مطوعا ريشته الكاريكاتورية التي تملك القدرة على النقد بما يفوق المقالات والتقارير الصحفية أحيانا. * في البداية حدثنا عن بداية العلاقة بين المبدع عبد الغاني بن حريزة والريشة؟ – بدايتي كانت مع الرسم بشكل عام، أي كنت ارسم بكل التقنيات، وهذا لما كان عمري 14 سنة بتشجيع من طرف أستاذ التربية الفنية بمرحلة المتوسط، انطلقت في مداعبة الريشة، اما الرسم الكاريكاتوري فالبداية كانت عام 1992، وهذا لما اكتشفت انني املك شخصية تحب التنكيت، وأنامل تستطيع الابداع بالريشة، ففي بداية المطاف لا اعلم ان هذين العنصرين لو تجمعهما سوف تصبح رساما كاريكاتوريا، لكن مع مرور الزمن استخلصت انني املك موهبة فريدة من نوعها، الا وهي موهبة رسم الكاريكاتير.
* مَن مِن الكاريكاتوريين الذين أثروا فيك في بداية حياتك الفنية؟ – بالطبع لكل فنان مدرسة ينتمي إليها او فنان يتأثر بأعماله فتجعل من التأثر نقطة الانطلاقة، وهو بالفعل ما حصل لي، وكما أسلفت الذكر شخصيتي الفضولية والتي تحب التنكيت ذات يوم وأنا رفقة بقرتي في احد حقول سهل يلزمه تصادفت مع قصاصة لجريدة المساء على ما اظن قديمة مرتطمة بالشوك، فأخذت التصفح في تلك القصاصة وإذا بي اعثر على ما كنت ابحث عنه وهو فن الكاريكاتير والرسم، يعود للفنان فاتح بارة، والذي حاليا يرسم في مجلة "الشروق العربي" فما كان مني إلا ان اخذ الرسم وإعادته بالبيت بالابيض والاسود طبعا، وكانت نقطة الانطلاقة في عالم الكاريكاتير.
* ألا يزال الرابط بين الكاركاتير والصحافة قويا في ظل التطور الكبير الذي يشهده قطاع الإعلام؟ بالفعل هناك رابط قوي يربط بين الصحافة والكاريكاتير لأن الرسام الكاريكاتوري بصفته هو ايضا صحفيا وخير دليل على ذلك هو ان معظم الجرائد الوطنية تقريبا لا يخلو منها الرسم الكاريكاتوري، رغم ان هناك ندرة في عدد رسامي الكاريكاتير بالجزائر حيث يمكن عدهم على أصابع اليد ، أضف الى ذلك عند تأسيس جريدة مثلا تجد صاحب الجريدة يركز في بادئ الامر على البحث عن رسام لإثراء الجريدة.. وكل هذه الاشياء تصب في الرابط القوي الموجود بين الصحافة والكاريكاتير.
* هل يمكننا إدراج فن الكاريكاتير في العالم العربي كأحد الأعمدة الأكثر حرية؟ – نعم يمكننا ادراج فن الكاريكاتير من بين الاعمدة الاكثر حرية عربيا، وهذا لأن فن الكاريكاتير كما أسلفت الذكر فن نادر، والساهرون عليه يعدون على الاصابع في كل دولة، وهذا ما يدفعهم للعمل وهم في نقطة قوة امام المسؤول، وهذا في اي منبر اعلامي كان… لكن هذا لا يعني ان تتجاوز الخطوط الحمراء، كما اننا لم نشهد ان عوقب رسام كاريكاتوري بالسجنو الا نادراو وأنا بدوري عملت لأكثر من 25 سنة في مجال الكاريكاتير.. التمس هذه الحرية، فرغم طول مشواري الفني لم اصادف اي دعوة قضائية، لكن هذا لا يعني انها توجد حرية مائة بالمائة، فمرات يمكن ان يخطئ الرسام ويجد نفسه امام عقوبات لا يحمد عقباها، وعلى سبيل المثال الرسام علي فرزات بسوريا وصل الى ان كسرت انامله وعوقب بقسوة كبيرة.
* هل تُخضع نفسك وأفكارك إلى مقص الرقابة الذاتية أثناء عملك على أحد الرسومات؟ – كما قلت، ان مشواري الفني تعدى ال 25 سنة تقريبا بنسبة 75 بالمائة من رسوماتي كان ينشر خاصة في اليوميات الخاصة، الا انه مثلا في احدى الجرائد الخاصة تعرضت للعديد من المرات للمقص لأنني كنت مرات اتهجم على بعض الوزراء وهم يحسبون على خط الجريدة، لأنها كانت جريدة حزبية… ضف الى ذلك أنني اكتسبت خبرة في مجال الكاريكاتير، وهو ما ساعدني على معرفة خط الجريدة أولا، ومن بعدها ارسم ما يناسب خط الجريدة، وهو الشيء الذي يجعلني بعيدا عن مقص الرقابة، ولعلمك أنني تجولت عبر العديد من اليوميات والأسبوعيات الجزائرية فكنت رساما متنقلا، رسمت ل "النصر"، "اخر ساعة"، "صوت الاحرار"، "الشروق اليومي"، وحاليا "الاخبارية" وجريدة محلية "الاوراس نيوز" واسبوعيات مثل "الوسيط المغاربي"، "الموعد"، "الساخر"، "الخبر الاسبوعي" و"رسالة الاطلس"… الخ.
* يقال إن الكاريكاتير هو المقال الذي يحكي كل شيء.. ما تعليقك على ذلك؟ – صحيح ان الكاريكاتير هو مقال يلم ما يكتب ربما في عدة صفحات ويختصر في خطوط جميلة متجانسة وبفكرة ساخرة، مرات تضحك ومرات تبكي القارئ، اي بمعنى الكاريكاتير مقال صحفي مختزل في صورة لا تتعدى اذين الجريدة، ومرات يتفوق حتى على المقالات والتقارير الصحفية أحيانا. * ما تقييمكم لما تقدمه جريدة "الحوار" اليوم لقرائها؟ – في الحقيقة جريدة "الحوار" رغم انها جريدة فتية، الا انها تنافس الجرائد القديمة، والشيء الجميل الذي التمسه من معدي الجريدة هو التنويع في محتويات الجريدة، ولها لوك خاص، وأنا بدوري ابارك بمستقبل زاهر للجريدة، ونقطة اود ان اقترحها على الجريدة هو البحث عن رسام كاريكاتير ليزيد من هامش التعبير الحر للجريدة. حاورته: سهام حواس