أنهت حركة مجتمع السلم الجدل حول مشاركتها في الحكومة من عدمها بعد تصويت مجلس شوراها بالإغلبية على خيار المقاطعة، وأفرز ذلك الاجتماع الذي عقد أول مس بمعقل الحركة غير بعيد عن المقر الذي أتت منه الدعوة للمشاركة، على تبني مقاربة رئيس الحركة الذي بدى أمس في ندوة صحفية منتشيا بالنصر الذي حققه على غريمه رئيس الحركة السابق أبو جرة الذي انسحب من اجتماع مجلس الشورى غاضبا بسبب ما قيل إنها إهانات تلقاها من المتدخلين تعدت حدود اللباقة، في الجهة المقابلة تمسك الوافد القديم الجديد إلى الحركة عبد المجيد مناصرة بالوحدة مع حمس مضحيا بدخول الحكومة.
* حمس لا تتخوف من العقاب بعد رفضها عرض الرئاسة ظهر رئيس حركة مجتمع السلم، خلال الندوة الصحفية التي عقدها، أمس، بمقر حزبه الوطني بالعاصمة، بعد قرار مجلسه الشوري بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، منتشيا، كيف لا وهو الذي استطاع اقناع الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس بجدوى رفض عرض الرئاسة، وتمكن كذلك من إلحاق "هزيمة نكراء" بغريمه أبو جرة سلطاني الذي خرج من هذه "المعركة"، "خاوي الوفاض" بعد أن سايره في طرحه المشارك ثمانية أعضاء فقط. وبعد أن عرض عبد الرزاق مقري ما خلص إليه المجلس الشوري، حول قرار المشاركة الذي أفضى إلى تصويت 189 عضو لصالح عدم المشاركة، 09 لصالح المشاركة وامتناع 13 عضوا عن التصويت، والحديث مطولا عن الأسباب الحقيقية التي دفعت الحركة إلى تبني هذا الخيار، في مقدمتها الظروف التي جرت فيها تشريعيات الرابع من ماي، وعدم لمس الجدية الحقيقية من السلطة في إشراك الحركة في صناعة القرار داخل الحكومة المقبلة، أبدى الرجل الأول في حمس عدم تخوف حركته من العقاب، حيث رد على السؤال قائلا: "تصوروا أن الحركة اتخذت قرار المشاركة خوفا من العقاب، أين مصداقيتها أمام الشعب، الحركات التي تتخذ موقفها تحت طائلة الخوف او الطمع آيلة للاندثار، حمس لا تخاف، الذي يضر ويمنع هو الله، ثم لماذا نخاف؟ نحن لم نسرق بنوكا أو شركات كبرى، أو سرقنا أصوات المواطنين، ولم نتورط في الإرهاب، أيادينا بيضاء، ثم من يزايد علينا بمكافحة الإرهاب، فإن حمس قدمت 400 شهيد من خيرة أبنائها، ومن يزايد علينا بالوطنية نحن أبناء عوائل العائلات الكبرى من المجاهدين، ثم أين نحن هل في قانون الغاب، أأوقع بنا الشعور السياسي إلى هذه الدرجة؟! نحن في دولة مؤسسات وديمقراطية، وبيننا وبينهم القانون، نحن لسنا طماعين ولا خوافين، بل أكثر من ذلك فمرحبا إذا جاء الأجل من أجل الجزائر". وفي سياق آخر، نفى عبد الرزاق مقري أن يكون هنالك تيارين داخل الحركة، وما يبين ذلك هو نتائج التصويت التي كانت بالأغلبية الساحقة، لصالح قرار عدم دخول حمس للحكومة: "لا يوجد تيارات داخل حركة مجتمع السلم، هل يمكن أن نعتبر 09 أشخاص ونحن نحترمهم ونقدرهم، بالجناح، ما حدث امس في المجلس أغلبية ساحقة، لا يوجد أي تيار، هذا المجلس الشوري التاسع أو العاشر وقراراته دائما كانت متناسقة مع المكتب التنفيذي".
* إذا قرر التغيير المشاركة في الحكومة فهو شأنه.. وقرار مجلسه الشوري سيد وعن شريكهم في التحالف -التغيير-، وإمكانية مشاركته في الحكومة المقبلة، وتقاطع هذا القرار بقرار مجلس شورى حمس، قال مقري: "إذا قررت حركة التغيير المشاركة فهذا شأنها وقرار مجلسها الشوري سيد، والأمر غير مطروح للنقاش"، مضيفا "نواصل مساعي الاندماج مع حركة أخرى وهي حريصة على أن تدخل الحكومة بعدد من قياداتها، فوجب أن تعلق على صدورنا النياشين". وكشف مقري عن تلقيه ثلاثة اتصالات من طرف عبد المالك سلال، وهذا منذ بداية الحملة الانتخابية للتشريعيات الماضية، لإخطاره بدعوة الرئاسة، المتمثل في دخول الحكومة، الدعوة التي رفضتها حمس، قال بشأنها ذات المتحدث بأنها جاءت في وقت لم تتوفر فيه الشروط اللازمة التي وضعتها الحركة من أجل الولوج في الحكومة، مؤكدا أنه شخصيا رفض دعوة الوزير الأول منذ أن أخطره بذلك، ولكنه كان لزاما عليه أن يعرض الفكرة على مجلس شورى الحركة الذي رفض المشاركة بالأغلبية الساحقة، نافيا أن يكون دخل "لا من قريب ولا من بعيد في مفاوضات مع السلطة.. لا عدد الوزارء ولا نوعهم". من جهة أخرى، أوضح رئيس حركة مجتمع السلم بأن "التزوير" منع حمس من أن تكون القوة السياسية الأولى في البلاد، لكون جل الأحزاب النشطة بالجزائر ضعيفة، وغير قادرة على مجابهة برنامج حركة مجتمع السلم على كافة الأصعدة. وحول الحديث عن تقديم أبو جرة سلطاني استقالة شفهية من الحركة، أكد مقري بأنه لا يعلم صحة هذه الأخبار قائلا.. "لا علم لي بهذا الخبر"، مشيرا إلى أن "حمس ليس لها عداوة مع أي حزب أو أي جهة سياسية في البلد، وما يهمها الآن هو استكمال مسار الوحدة بينها وبين جبهة التغيير، والتي يعمل الحزبان على تقويتها أكثر وأكثر".
* القيادي بحركة مجتمع السلم عبد الرحمن سعيدي ل"الحوار": أبو جرة شعر بالإهانة.. وقرار مجلس الشورى كان واضحا منذ البداية بعد قرار حركة مجتمع السلم بعدم المشاركة في الحكومة بدعوى أن الانتخابات التشريعية كانت مزورة والتزوير فيها كان مفضوحا، وبعد كل ما أثير حول اجتماع مجلس الشورى بالحركة وغضب أبو جرة سلطاني وتلويحه بالاستقالة، اتصلت "الحوار" بالعضو القيادي بحركة حمس الأستاذ عبد الرحمن سعيدي حيث أكد أن الحركة تناقش دائما الأمور وتخرج بقرارات كالعادة، وقد التقى مجلس الشورى لدراسة دعوة السيد رئيس الجمهورية للدخول للحكومة حيث كانت الدعوة عن طريق الوزير الأول عبد المالك سلال، وخلص اجتماع مجلس الشورى برفض الدخول للأسباب سالفة الذكر. وفي سؤال حول ما حدث بالضبط خلال الاجتماع وغضب أبو جرة وتلويحه بالاستقالة، قال سعيدي "إن أبو جرة شعر بالإهانة فانسحب قبل أن نصوت على المشاركة من عدمها، ولم يحضر معنا إلى نهاية الاجتماع"، وأضاف سعيدي أنه وخلال الاجتماع رأى أبو جرة سلطاني أن الحديث والنقاش أخذ منحى آخر وصل إلى درجة المساس بالكرامة وخرج النقاش عن أدبه، فرأى في الأمر الانسحاب من الاجتماع بدل الأخذ والرد، ولوح بالاستقالة من الحركة، إلا أنني شخصيا أرجو أن لا يحدث ذلك، لأنني أثق في شخص الرجل وحكمة ورزانة الشيخ سلطاني، أما عن قرار الحركة فهو قرار نهائي لا رجعة فيه، وكان واضحا منذ البداية في تصريحات رئيس الحركة الدكتور عبد الرزاق مقري، الذي أكد في عديد من المحطات التي تحدث فيها أن الحركة متجهة إلى مقاطعة المشاركة في الحكومة المقبلة نظرا للتزوير المفضوح في الانتخابات التشريعية".
* رئيس المجلس الشوري ل"حمس" أبو بكر قدودة ل"الحوار": عدم المشاركة لا يعني القطيعة مع سياسة الراحل نحناح أكد رئيس المجلس الشوري لحركة مجتمع السلم، أبو بكر قدودة، أن قرار المجلس الشوري بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، جاء نتيجة لعدة اعتبارات، كاشفا أن أعضاء مجلسه اتخذوا قرارهم بكل حرية: "الأعضاء في كل الولايات والبلديات والخارج ينادون بالتغيير في الجزائر، يعني هؤلاء المناضلون الذين يضحون من أجل هذه الآراء والبرنامج البديل، والذين يحمون صندوق الديمقراطية ولا يعرفون ماذا فيه، المناضل الذي يحمي الصندوق من أجل الحفاظ على أمانة صوت المواطن هو الذي ترك حمس حزبا حقيقيا وحزب ميدان"، وفسر قدودة الاهتمام الوطني وحتى الدولي بقرار الحركة قائلا: "حمس الحزب الثالث في البلاد والأول في المعارضة، وبالتالي فإن هناك رغبة في إشراك الحركة في الحكومة، لأنها قوة سياسية ونحن تدارسنا بكل موضوعية ووجدنا أن الغالبية الساحقة لمجلس الشورى ترى أن الظروف غير مواتية، لذلك وضعنا شروطا أهمها دخول الحكومة لنعمل ونغير ليس مجرد الجلوس في كرسي الوزارة، نحن لسنا ديكورا". وعن مستقبل الحركة بعد قرار مجلسها الشوري، ذكر قدودة: "مستقبل الحركة أكيد سيكون أقوى، سنواصل طرح أفكارنا وننبه الحكومة والسلطة، وننصحهم كيف يخرجون من هذه الأزمة، الحياة النضالية في حمس لا تعرف التوقف، والحركة بخير حتى داخلها"، مشددا على أن قرار مجلسه الشوري لا يعد قطيعة حمس مع رؤية الراحل محفوظ نحناح الذي كان يدعو دائما إلى المشاركة.
* رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة ل"الحوار": الحكومة القادمة ستكون منقوصة من دون "حمس" أكد رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة، ل"الحوار"، ان مجلسه الشوري كان مع قرار المشاركة في الحكومة المقبلة، ولكن مشروطا بضرورة أن يوافق قرار المجلس الشوري لحركة مجتمع السلم: "لأننا وضعنا مشروع الوحدة كأولوية، وبالتالي لما رأينا قرار المجلس الشوري لحمس القاضي بعدم المشاركة بالأغلبية الساحقة تنازلنا عن رأينا من اجل استكمال مشروع الوحدة". وعن ما بعد قرار حركة مجتمع السلم القاضي بعدم المشاركة في الحكومة، رد محدثنا: "أكيد ستكون موجودة في البرلمان كمعارضة قوية، والدستور الجديد أعطى حقوقا للمعارضة، وستحاول أن تقوم بكل ما يخدم الجزائر، والمعارضة لا تعني الصدام والعداوة، ولكن الدفاع عن المصلحة العامة". ورد عبد المجيد مناصرة عن القائلين بأن قرار حمس يعد "خطرا" عليها قائلا: "الحركة قدم لها عرض للمشاركة في الحكومة، وبقرار شوري رفضت ذلك، وهي ليست ضد المصلحة الوطنية، لكن قدرت أنها في حاجة لأن تكون خارج الحكومة ويجب احترام هذا الخيار". وعن نظرته للحكومة القادمة من غير حركة مجتمع السلم، شدد مناصرة قائلا: "ستكون حكومة تملك أغلبية برلمانية مريحة وتكون مفتوحة على بعض الأحزاب، ولكن ستكون منقوصة من إضافة حمس، لو كانت حمس في الحكومة القادمة لكانت إضافة لمصداقية الحكومة، لكن هذا لن يؤثر على التوازنات الكبرى"، مستبعدا أن يشارك أشخاص مستقلون من الحركة بصفة شخصية: "أستبعد أن تكون مشاركة لشخصيات من حمس لأنني لا أرى جدوى من ذلك".
* مسؤول الشؤون السياسية في "حمس" فاروق طيفور، ل"الحوار": شروطنا لم تتوفر.. و"حمس" حققت العتبة السياسية بالجزائر أكد مسؤول الشؤون السياسية في "حمس" فاروق طيفور "أبو سراج الذهب" ل"الحوار"، أن الدورة الاستثنائية الخامسة لمجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم: "عقدت لمنافشة موضوع رئيسي جدا جذب إليه الرأي العام الوطني والدولي لاعتبار الأهمية والحيوية التي تمثلها الحركة في الجزائر وكأنها هي الحزب الفائز في تشريعيات الرابع من ماي وهو من يشكل الحكومة"، مردفا أن هذه الدورة: "كان إثراء كبير جدا لمشروع الحركة، وكانت أفكار بناءة وإيجابية وحوار جاد ومسؤول لأن الوضع الذي نقدر فيه، كان وضعا خطيرا، حيث تقرر بعد هذا النقاش بالأغلبية الساحقة أن لا تدخل الحركة في الحكومة لاعتبار عدم وجود فرصة لمعالجة الأزمة وعدم وجود رؤية مستقبلية يمكن أن نشترك فيها كفاعلين لإخراج البلد من الأزمة، ولهذا قررنا في هذه اللحظة وليس مبدئيا ولكن هو قرار سياسي يتعلق بالظرف الحالي، على أن المشاركة في الحكومة في هذا الظرف شروطها لم تتوفر حسب البرنامج السياسي لحركة مجتمع السلم، وحسب الرؤية السياسية التي قدمناها وشرحناها للمواطنين في 48 ولاية، ولذلك قررنا بكل سيادة وبكل ديمقراطية وبأغلبية ساحقة عدم المشاركة في هذه الحكومة". وعن توقعه لمستقبل الحركة بعد قرار المجلس الشوري، رد محدثنا قائلا: "أعتقد أن العتبة السياسية حققناها في الجزائر وأصبحنا في موقع سياسي جد مهم ووسيط حقيقي لتمثيل الرأي العام في الرتبة الثالثة، وسنفعّل المعارضة البرلمانية الدستورية وسنشارك في الانتخابات المحلية". نورالدين علواش | م. بخوش