قويدر شيشي توفيق لأول مرة يتعرض الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى ازمة حقيقية مع الجيش في اول عهدته، وخاصة مع قائد الاركان الجنرال بيار فيلي صاحب الثاني وستين سنة، وثلاثة وأربعون سنة خدمة في الجيش الفرنسي، هذه الأزمة التي أسالت الكثير من الحبر في الصحف الفرنسية والقنوات التلفزيونية، حيث بادر وفِي قرار مفاجى قائد الاركان تقديم استقالته قبل يوم الجمعة المقبل الذي حدده ماكرون في الإليزي. وقد برر بيار فيليار عدم رضاه عن مبلغ ميزانية الجيش، وتقليص مبلغ ثمانية مائة وخمسين مليون اورو، وتجميد مليارين ونصف المليار التي كانت مقررة ان تضخ الى الجيش الفرنسي، والتي صادق عليها البرلمان في السابق وجمدت من طرف حكومة ادوار فليب، وهذا اثار غضب الجنرال المستقيل من سياسة ماكرون تجاه الجيش، حيث صرح هذا الاخير انه من المستحيل ان يتواجد جنودنا في جبهات القتال، وخاصة في الساحل وليبيا وإفريقيا والعراق والشرق الاوسط بعتداد مهترئ ويحتاج الى صيانة وجنود الى راحة وإمكانات مادية تسمح لهم بأداء مهمتهم بدقة، خاصة في عملية السرفال والبرخام في الساحل، حيت يتواجد حوالى ثلاثة آلاف وخمس مائة جندي وهم يتعرضون الى عمليات "ارهابية" سواء بالسيارات المفخخة او الاشتباكات مع "الارهابيين" كما طالب بتدعيم عناصر DGSE الاستعلامات الخارجية بامكانيات مالية إضافية لاستعمالهم للطائرات والدرون وصرح انه من الخطا الجسيم ان نرمي بجنودنا في حروب بعيدة عن فرنسا دون دعم مالي معتبر بالمقارنة مع زيادة الخطر الارهابي وطول المدة. وقد تلقى بيار فيليار مساندة كبيرة من طرف العسكر، منهم وزير الدفاع السابق جرّار لوغي، وعدد من الساسة الفرنسيين، وعلى رئسهم زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان، والتي وصفت قرار ماكرون بقبول استقالة الجنرال بيار فيليار وتعيين فرنسوا لوكوانتر، بالإهانة والتقليل من قيمته، وأنه رمى به في الوحل، وصفت الرجل بالشريف بتقديم استقالته بدل الرضوخ لسياسة ماكرون، وسار على دربها السيد جون لوك ميلونشو من أقصى اليسار، والمترشح السابق للرئاسيات وزعيم حركة فرنسا لا تخضع بوصفه قرار ماكرون بالخطأ الكبير وخلق ازمة بين الشعب وجيشه، واتهم البعض السيد ايمانويل ماكرون بأنه رجل لا يفقه في الشؤون العسكرية رغم الاستشارات القوية التي يقدمها له السيد جون ايف لودريون الملقب بالدولة داخل الدولة لخبرته الكبيرة في امور الجيش والارهاب، كما تعزى نقص خبرة ماكرون في الشؤون العسكرية الى انه الرئيس الفرنسي الوحيد الذي لم يؤدي واجب الخدمة العسكرية. من جهة اخرى، السيد ماكرون دافع عن قرار تعيين الجنرال فرنسوا لوكوانتر والبالغ خمسة وخمسين سنة والقادم من القوات البرية، وقبول استقالة بيار فيليار، بقوله ان الجمهورية الى الامام ليست كباقي الأحزاب التقليدية الفرنسية، وهي رسالة مشفرة الى قائد أركانه المستقيل ان يلتزم بسياسة ماكرون او ينسحب، كما رافع رئيس حكومة ماكرون ادوار فليب بقوله انه سجل عجزا في الميزانية بنسبة 3٪ خلال السنة الجارية، وبالتالي اللجوء الى تحكيم وزاري لتلبية طلب زيادة ميزانية الدفاع بعد استشارة وزير الحسابات المالية، والتي تحتاج الى مبلغ 5 الى 6 مليار، وذلك لاحترام ميزانية الاتحاد الاوروبي، كما طرح ادوار فليب سندا قانونيا وهو مبدأ المسؤولية التضامنية للوزراء في تحمل الاعباء، وأكد على عدم تفضيل وزارة على اخرى، فالتقشف يطبق على كل الوزارات دون تفضيل، وتجنب الإنفاق العشوائي. وفِي نفس السياق وفِي اطار مكافحة الإرهاب، صرح ماكرون ان الرهان على تحقيق امن الفرنسيين يسبق مبدأ استقرار الميزانية الأوروبية. إلا ان الأسباب الحقيقية حسب تحليلى وتتبعي للأحداث في فرنسا لهذه الأزمة بين ماكرون والجيش هي سياسية اكثر منها مالية، فسبب استقالة قائد الاركان بيار فيليار عدم اقتناعه بسياسة الجمهورية الى الامام ولونه السياسي اليميني، كما ان السيد ماكرون أراد ان يتخلص من الوجوه القديمة التي تعيق تطبق برنامجه، وتشبيب الجيش من خلال تعيين الجنرال فرنسوا لوكوانتر البالغ من العمر خمسة وخمسين سنة، ويصيح ماكرون بأنه يقول ويفعل ويفعل ما يقول، هذا النوع من العنفوان من طرف ماكرون أكده السيد ترامب من خلال زيارته الى فرنسا حيث صرح ان ماكرون رئيس جيد ولا يستسلم ومقاوم، اذن السبب السياسي هو الأقوى في هذه الأزمة، إلا أن الجانب المالي لا يستهان به لأن فرنسا تعاني من ازمة مالية، وأكدها ماكرون واتخذ عدة قرارات منها الدعوة الى تقليص عدد النواب في الجمعية الوطني ومجلس الأمة، والمنتخبين المحليين، وأخلقة الحياة السياسة من اجل توفير المال لأن سياسة ماكرون في توفير المال لا يجلبها من الخارج بطرق ملتوية عكس سابقيه ساركوزي وهولندا الى حد الآن، فقط تجدر الإشارة الى ان الخطأ الذي وقع فيه ماكرون هو طريقة معالجة الأزمة، كان من المفروض أن تعالج في جلسات سرية وغرف مغلقة لحساسية الموضوع، باعتباره يمس مؤسسة عسكرية، ومن شأنه ان يحدث شرخا بين الشعب الفرنسي والجيش، وحتى لا يتهم ماكرون المتأثر بالفيلسوف بول ريكو بالتسلط والغرور بالأغلبية البرلمانية المطلقة التي تحصل عليها في تشريعيات 18جوان الفارط. المختص في الشأن الاوروبي باريس /فرنسا